الأرشيدياكون حبيب جرجس معلم الأجيال

تقييم المستخدم: 5 / 5

تفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجوم
 
المجموعة: قصة من تاريخ الكنيسة الزيارات: 21216

thumb-habeb_1إن التعليم ثاني حاجة للشعوب بعد الخبز" هكذا كان يقول الأرشيدياكون حبيب جرجس معلم الأجيال ورائد النهضة في الكنيسة القبطية، فلقد كان مؤمنًا بأهمية دور التعليم داخل الكنيسة وفي سبيل ذلك انشأ مدارس الأحد رغم ما تعرض له من انتقادات من بعض القيادات الدينية آنذاك. كما نجح حبيب جرجس في استصدار قرار من وزارة المعارف –وزارة التربية و التعليم حاليًا– بتدريس مادة الدين المسيحي بالمدارس الحكومية.

ولد حبيب جرجس بالقاهرة في عام 1876م، تنيح والده في عام 1882 م وكان حبيب لا يزال في السادسة من عمره، وبعد إنهاءه دراسته بمدرسه الأقباط الثانوية في عام 1892م التحق بالكلية الإكليركية  -وأصبح حبيب‏ ‏جرجس مربيًا‏ ‏ومخططًا‏ ‏ومعلمًا‏ ‏للأجيال‏ ‏القبطية علي‏ ‏امتداد‏ ‏نصف‏ ‏قرن‏ ‏منذ‏ ‏عام‏ 1900‏م‏ - وقد وقع عليه اختيار البابا كيرلس الخامس لمهمة صعبه وهى إنشاء مدرسة إكليريكية.
لأن حبيب جرجس كان يدرك أهمية التعليم  فلقد تولى رئاسة المدرسة الإكليريكية منذ عام 1918 ولمدة 33 عامًا واستطاع بجهود غير عادية أن ينقلها من غياهب القرون الوسطي إلى مستوى يليق بكنيسة الإسكندرية ومدرستها القديمة.. ووضع لها مناهجها أكثر من 18 مادة مابين دين ولغات وعلوم وأدب وفلسفة، وأسس القسم الجامعي بالكلية الإكليريكية عام 1945.

لم يترك حبيب جرجس أيضًا تعليم الأطفال الصغار الذين هم مستقبل الكنيسة وسر وجودها فأسس مدارس الأحد القبطية عام 1900 كامتداد لتراث التعليم في الكنيسة القبطية.. وليس نقلاً عن الغرب كما يردد البعض، فرغم الجهل المنتشر وقتها إلا أن القبطي كان دومًا يعلم أولاده على قدر المستطاع وكان من أهم أهداف مدراس الأحد إلى جانب تعليم الأطفال دينهم هو بث الروح القومية في الأطفال وتأصيل حب الوطن والولاء له.
ولم تكن رسالة مدارس الأحد سهلة في ذلك الوقت فقد هاجمها المتمسكين بالقديم ومن يعارض التحديث وكان منهم الأنبا غبريال أسقف دير الأنبا أنطونيوس وبوش حيث كتب عن مدارس الأحد ونشأتها فقال: "إنها جماعة مدسوسة على الكنيسة، استغلت بعض السذج من الشعب في صورة حملة المشاعل بين أبناء الكنيسة، وتمكنوا بالخديعة والمكر أن يلفتوا إليهم أنظار الناس ويكسبوا إعجابهم، تلك هي مدارس الأحد المرفق الذي أخذوا ينفقون عليه بلا وعى وذلك في سبيل نشر المبادئ التي تصبو إليها أنفسهم، فأي تعليم هذا الذي يسمح باختلاط الشبان والشابات في مكان واحد " واتهم الأنبا غبريال مدارس الأحد أنها تتجاهل القيادات الكنسية ورجال الدين وتستأجر الأقلام القبطية في الدعوة إليهم!! وقال عن مجلة مدارس الأحد أنها طفحت بمساعيهم في الطعن على المطارنة والقسوس!!

ولازمت مدارس الأحد عدة حروب وصراعات حتى بزغت للنور من خلال صدق رسالتها وسمو أهدافها، حتى كتب عنها البابا كيرلس الخامس في نوفمبر 1907مقالاً قال فيه: "من ترونهم اليوم أحداثًا هم رجال المستقبل، رجال الكنيسة، فعلموهم واعتنوا بهم وربوهم على الحق والفضيلة وازرعوا في نفوسهم أغراس البر والنعمة، اجذبوا الشبان إلى الكنيسة وعلموهم أن يذكروا خالقهم في أيام شبابهم".
جاهد حبيب جرجس لمدة تزيد على ربع قرن ليدخل تعليم الدين المسيحي ضمن مقررات المدارس الأميرية –الحكومية- ونجح في ذلك بمساعده الزعيم سعد زغلول حينما تولى إدارة المعارف في عام 1907 وقرر تدريس الدين المسيحي في المدارس وعندما ظهرت مشكلة المناهج، وضع حبيب جرجس المناهج المطلوبة واعتمدتها مديرية المعارف.

انجازات هامة في حياته:
* أصدر حبيب جرجس سلسلة كتب بعنوان "خلاصة الأصول الإيمانية في معتقدات الكنيسة القبطية" في ثلاثة أجزاء بطريقة السؤال والجواب، وناقشت السلسلة موضوعات عدة كالتجسد والفداء وأسرار الكنيسة والصلاة وقانون الإيمان وحياة السيد المسيح وموته وقيامته، كما تقرر تدريس الكتاب بأجزائه الثلاثة بالمدارس القبطية والأميرية فيما بعد.
أنشأ الإكليركية في 29 نوفمبر 1893 والتحق بها، وصار الواعظ الأول ومدرس اللاهوت بالكلية في الربع الأول من القرن العشرين. وتسلم نظارتها سنة 1918 إلى نياحته سنة 1951. وأنشأ كذلك القسم الليلي الجامعي سنة 1946م. وكان أول أستاذ لعلم اللاهوت في الكلية الإكليريكية، وتولى تدريس زملائه وهو طالب.

* أصدر حبيب جرجس مجله الكرمة والتي استمرت 17 سنة، كما أصدر 30 كتابًا لشرح العقيدة والإيمان الأرثوذكسي.
* انشأ حبيب جرجس جمعيات للوعظ و التعليم، منها جمعيه أصدقاء الكتاب المقدس، جمعية الإيمان المركزية، وجمعية المحبة لتربية الأطفال، كما كان عضوا في جمعية النشاه بحارة الساقين، وفي الجمعية الخيرية القبطية.
وادخل الجمعيات في الإكليريكية فأنشأ جمعيه جنود الكنيسة، وجمعية الخريجين وجمعية كلمة الخلاص، وعملت هذه الجمعيات في 84 مركزا وأنشأ كنائس في الصف والقناطر وعين شمس وألماظة.
* اهتم بترجمة الأربعة بشائر إلى القبطية، كما استخدم شعره في وضع 3 كتب تراتيل حسب عقيدة الكنيسة الأرثوذكسية.

نياحته:
تنيح الأرشيدياكون عشيه عيد العذراء 21 أغسطس 1951م عن عمر يناهز 75 عامًا، بعد حياة عاشها في جهاد وعطاء مستمر في خدمة الكنيسة القبطية.
في ذكرى نياحة حبيب جرجس يوم 21 /8/1990م افتتح قداسه البابا شنودة متحف حبيب جرجس بكاتدرائية الأنبا رويس بالعباسية