من أقوال الأم تريزا

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 
المجموعة: أقوال الأم تريزا الزيارات: 4273

25teresaتذكّر، قبل أن تتكلّم، ضرورة الإصغاء، وحينئذٍ فقط، من أغوارِ قلبكَ المزدهر يمكنكَ أن تتكلّم، وسيسمعكَ الله.

يسوع نفسه قضى أربعينَ يوماً في عزلةٍ تامّة، وأنفقَ ساعاتٍ طوالاً، قلباً لقلبٍ مع الآب، في صمت الليل.

ونحن مدعوّون للاعتكاف بين حينٍ وحين، في صمتٍ أشدّ عمقاً، وفي العزلة مع الله، فنكون بمفردنا معه، في منأى عن كتُبنا، وأفكارنا وذكرياتنا، بل في تجرُدٍ تام، مقيمينَ في حضوره، صامتينَ، فارغين، ساكنينَ، منتظرين.

ما هو التأمُّل ؟ إنه عيش عيشةِ يسوع، هكذا أفهمه؛ إنه محبّة يسوع، وعيش حياته في صميم حياتنا، وعيش حياتنا في صميم حياته.. لكي نرى، ونتأمّل، يلزمنا قلبٌ طاهر، منزّه من الحسد، والغضب، وروح الخصام، وخاصّة من غياب المحبّة. في رأيي ليس التأمّل احتباساً في حجرةٍ مظلمة، بل إتاحتُنا ليسوع أن يعيشَ آلامه، وحبّه، وتواضعه فينا، وأن يُصلّي معنا، ويقيم فينا، ويقدّس العالم من خلالنا.

لا نملكُ سوى صلاةٍ واحدةٍ، واضحة، أساسيّة: إنّها يسوع نفسه. والصّوت الوحيد الذي يرتفع من الأرض إلى السماء، هو صوت يسوع المسيح. الصلاة، إذن تعني قبل كلّ شيء الاتحاد بالمسيح. كثيرونَ هم الذين يفقدونَ طعمَ الحياة والعمل، ويغمرُ نفوسهم الغيظُ والفراغ، لمجرّد أنهم تنكَّبوا عن الصّلاة. إنني أؤكّد مرّةً أخرى، أمراً خطيراً: الصمت بما يشيعه من سلام، يهيّؤنا لسماع صوت المسيح. الصَّمت، شأنه شأن إغماض العينين، يتيح لنا رؤية الله. عينانا المغلقتان نافذتان يعبر منهما المسيح أو العالم، وعلينا غالباً أن نملك الجرأة والقدرة، بالرّوح، على إطباقهما.

الصلاة الفكريّة هي التي تنبع من الفكر والقلب معاً. ينبغي ألاّ يغربَ عن بالنا أبداً أننا مدعوُّون إلى الكمال، وأنّ علينا السعي إليه بلا هوادة. وممارسة الصلاة الفكريّة اليوميّة شرطٌ لا محيدَ عنه لبلوغ هذه الغاية، وفي معزلٍ عنها تغدو القداسة مستحيلة لأنها الهواء الذي تتنسَّمه النفس.

إنّ ملَكة الصلاة لا يمكن اكتسابها إلاّ بالدُّعاء الفكريّ، والتأمّل الروحي. والصلاة الفكريّة تنمو بمقدار ما تنمو البساطة أي إغفال الذات، وتجاوز الجسد والحواس، وتجدُّد التطلّعات التي تغذّي الصلاة. وهي تتمثّل، حسب قول القديس جان فيانيّه في "إطباق العينين، وإغلاق الفم، وفتح القلب". إننا، من خلال الصلاة الصوتيّة نتحدّث إلى الله، ومن خلال الصّلاة الفكريّة، الربُّ هو الذي يُحدِّثنا، وينساب فينا، عبر هذا الحديث.

يجب أن تُصاغ صلواتُنا من كلماتٍ حارقة تتفجّر من أتون قلوبنا المفعمةِ حبّاً. في صلواتكَ توجّه إلى الله بكثير من الإجلال والثقة. لا تتحامل ولا تستعجل، لا تهتف، ولا تتذرّع بالصّمت، ولكن في خشوع، وعذوبةٍ فائقة، وبكلّ بساطة، ومن غير أيِّ تصنّع، قدِّم لله تسبيحكَ من كلّ قلبكَ وكلّ نفسك.