الصلاة هي رؤية العالم بعينيّ الله

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 
المجموعة: أقوال الأم تريزا الزيارات: 4155

mother-teresaالصلاة هي رؤية العالم بعينيّ الله.

الحبّ يقتضي قلباً طاهراً، وسيكون قلبُنا طاهراً عندما نصلّي. فالصّلاة اتّصالٌ جيّد، وعلاقةٌ طيّبة بالله. إننا نسمعُ الله في قلوبنا، ونكلِّمه في داخلنا. ولكن من أينَ ينبع ذلك ؟ من الأسرة. الأسرةُ التي تجتمع لتُصلّي تظلُّ متحدة، وطالما كان أعضاء الأسرة، متَّحدين، فسيحبُّ بعضهم بعضاً، كما يُحبّهم الله فردياً.

كرِّسوا، على الأقل ساعةً، كلّ يومٍ للصّلاة، فتتطهَّر قلوبكم، وفي آنٍ واحد، ستنالونَ النور، ووسائل للتّعامل مع الجميع بحبٍّ واحترام، فالحبُّ العميق، والسَّخاء السَّمح هما، أبداً، ثمرة الصّلاة التي تقرِّبنا بعضنا من بعض.

علينا أن نستعيدَ عادةً تلاوة المسبحة داخل الأسرة، فقد ينجمُ عن ذلك مزيدٌ من الحبّ والوحدة.

إن دخَلت الصّلاة إلى حياتنا، وإن صلَّينا حقاً، حينئذٍ سنعرف الفقراء، الَّذينَ قد يكونونَ من أفراد أسرتنا؛ وإن نحن عرفنا الفقراء أحببناهم، وعمِلنا من أجلهم، فالخدمة هي ثمرة الحبّ.

الفقراء هم صلاتنا، فالله فيهم وفينا، ونحن نلقاه فيهم. الصّلاة هي عمل شيءٍ من أجل المسيح. الصّلاة كامنةٌ في كلّ شيء؛ الصّلاة هي العمل.

أُهيب بكم أن تصلّوا، فبفضل الصّلاة ستشرعونَ تعرفون، قبلَ كلّ شيءٍ، مَن يعانونَ العَوز داخلَ أسرتكم، وهذه المعرفة ستمكّنكم من تحويل بيوتكم إلى موائلِ حبٍّ، وسلام، وفرَح.

الصلاة، في نظري، هي المكوث أربعاً وعشرينَ ساعةً، يومياً، في اتّحادٍ مع وصيّة يسوع بالعيش من أجله، ومعه، وفيه.

قد لا تستطيعونَ تلاوةَ صلواتٍ طويلةٍ، ومع ذلك صلّوا قائلين للربّ: "اللَّهمَّ أُحبّك".

يريدنا الله قريبين منه، والقدّيس يوحنا يقول: إنّ الله يفتح لنا قلبه. أصبحوا صغاراً تَلِجوه. صلاتنا هي دعاءُ طفلٍ مليءٍ ورَعاً رقيقاً، واحتراماً، وتواضعاً، وسكوناً، وبساطة.

تكفي التفاتةٌ فكريّة نحو الله: "يا ربّ أُحبّك، وأثقُ بك، وأومن بكَ، وأحتاجُ إليك". إنّ عباراتٍ موجزةً مثل هذه، لهي صلواتٌ رائعة.

عندما ننتهي إلى فتراتٍ تتعذّر علينا فيها الصلاة، فلندع، بكلّ بساطةٍ، يسوع يتلو "أبانا" في صمت قلبنا. فلئن عجزنا عن الكلام، تكلّمَ هو، وإن عجزنا عن الصّلاة، صلّى هو؛ فلنُعطِه، إذن، عجزَنا وعَدَمنا.

لكي تكونَ الصّلاةُ خصبةً يجب أن تنبعَ من القلب، وتكون قادرةً على مسّ قلب الله. جميع ألفاظنا ستكون نافلةً ما لم تنبع من الدّاخل. والكلمات التي لا تشيع نور المسيح، تزيد الظلمةُ إدلهماماً.

ليست الصلاة الكاملة في كثرة الكلام، بل في حرارة الرّغبة التي ترتقي بالقلب إلى يسوع.

أحبّوا الصلاة، ولْتُساوركم، غالباً، أثناءَ النّهار، الرّغبةُ فيها. وحينئذٍ لا تتقاعسوا عنها، فهي توسّع آفاق القلب، بحيثُ يتأهلَ لاحتواء الربّ الذي يهبُ ذاته. اطلبوا وابحثوا، وسيُصبحُ قلبكم من السّعة، بحيثُ يتقبَّل الربّ، ويحتفظ به احتفاظه بملكٍ خاصّ.

الأيدي المتشابكة للصّلاة، الأيدي التي تكرُّ حبّات المسبحة، قادرةً على بثّ حرارة الله.

سألني أحدهم: "أيُّ نصحٍ تسدينه للسياسيين ؟" وأنا لا أهتمّ بالسياسة، غيرَ أنّ إجابةً قد بادرتني عفواً، فقلتُ: "أظنُّ أنّهم لا يفطنونَ للصلاة بالقدْر الكافي. وإنني واثقةٌ من أنّهم سينهضونَ بمهامِّهم على وجهٍ أمثل إن هم استعانوا بالصّلاة..". وهذا ما نحتاج إليه، عندما نضطرُّ إلى اتخاذ قراراتٍ بشأن الآخرين.

الناس جياعٌ إلى كلام الله الذي يؤتي السّلامَ، والوحدةَ والفرحَ. ولكن لا يسعكَ أن تُعطي ما لا تملِك. ولذلك يتحتَّمُ عليكَ أن تعمِّقَ فيكَ حياةَ الصّلاة. كن صادقاً في صلواتك، والصِّدقُ كامنٌ في التواضع؛ ولن تظفرَ بالتواضع إلاّ بقبول الإهانات.

كلّ ما يُقال في التواضع غير كافٍ لتعليمكَ إيّاه، وكلُّ ما تقرأ عن التواضع غير قادرٍ على تلقينكَ إيَّاه. ولن تتعلَّم التواضعَ إلاّ بتقبّلك الإهانات، والإهانات ستصادفكَ على مدى حياتك؛ غيرَ أنّ أعظمها هي معرفة أنّك لا شيء، وهذا ما ستتعلَّمه عندما ستجِد نفسك في مواجهة الربّ، في الصلاة.