مناهج الكلية الإكليريكية مادة تاريخ كنسى (للسنة الاولى)

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 
المجموعة: مناهج الإكليريكية - التاريخ الكنسى الزيارات: 5218

أحوال مصر السياسيــة والاجتمــــــــــــاعية
والاقتصادية والثقافية والدينية قبل وأثنا ء وبعد فتح العرب لمصر
 
حال مصرمسيرعمرواليها 

 كانت مصر وقتئذ فى طاعة هرقل بعد جلاء الفرس عنها وعامة أهلها من القبط اليعقبة " يعقوب البردعى

 وكانت الروم أهل الدولة من جند هرقل يخالفون القبط فى العقيدة 0 ومذهبهم الملكسة 0

وكانت لهم السلطة على القبط وبلغ العداء بين الفريقين الى حد منع الزواج فيما بينهم وقتل بعضهم 000

 وكانت الروم تسئ معاملة القبط حتى اضطر بطريرهم بنيامين واسمه اليعقوبى للفرار 00

 فانتقم الروم منه فى أخيه مينا واحرق بالنار 0

 من كتاب " مصر فى عهد الإسلام "

 الكاتب " محمود غلوش "

الطبعة " دار الكتب المصرية 3 / 1940 / 1000 "

من كتاب" مصر فى فجر الإسلام "الكاتب" سيدة إسماعيل كاشف "
الطبعة" دار الكتب المصرية "

 مقدمــــــة

 كانت مصر ولاية رومانية .. ثم بيزنطية منذ انتصار اغسطس قيصر على كليوباترا فى موقعة اكتيوم سنة 31 ق. م واستيلائه على مصر سنة 30 ق0 م وقضائه نهائيا على دولة البطالمة فيها .... ولا يهمنا فى هذه المرحلة من تاريخها الطويل الا انها كانت اخذه فى الضعف والانحلال كما ان الاصلاحات التى ادخلت فيها لم تكن اترمى الا الى غرض واحد .... يدع الرومان وسيلة الا ابتكروها لاستغلال موارد البلاد الى أقصى حد ممكن ولم تختلف مصر فى هذه الناحية فى العهد البيزنطى [ 384 – 640 ] عما كانت عليه فى العهد الرومانى [ 31 ق . م – 284 م ] بل ازدادت الأعباء المالية تعقيدا ولم يجد اغلب المصريين مخرجا من هذه الحالة السيئة سوى الفرار الى المعابد والأديرة وهجر مزارعهم وقرارهم فانتشرت الفوضى فى البلاد وعم الاضطراب جميع المرافق الاقتصادية ولا أدل على ذلك من قمح مصر الذى كانت روما تعتمد عليه لاطعام أهلها لم يعد يكفى .. وكانت لابد لها من استيراد قمح أفريقية مضافا الى قمح مصر منذ أوائل القرن الثانى وأوائل الثالث الميلاددى

كذلك كانت الشعب المصرى محروما من الاشتراك فى حكم بلادة وكان يعامل معاملة المغلوب على أمره

ونعرف ان الامبراطور Septimius Severus[ 193 – 211 م ] منح الاسكندرية

وعواصم المديريات مجالس " للسناتو " أثناء زيارته لمصر ولكن اصلاحه هذا لم يعد على المصريين بالنفع .. فضلا عن انه لم يكن لهم حق الاشتراك فى مثل هذه المجالس

وكان الامبراطور يرمى من وراء هذا الى تعزيز الوسائل التى تضمن له الحصول على اكثر ما يمكن من الضرائب .. وكان عبؤها يقع على كاهل المصريين الوطنيين ........... ونعرف أيضا الامبراطور caracalla[ سنة 211 – 217 م ] بمقضى دستور انطونيتسCanstitutis Antsniniananaفى سنة 212 م اكمل اصلاحات سفروس بمنحه الحقوق المدنية الرومانيةCivitas ramana التى كانت تكسب اصحابها امتيازات كثيرة مادية وأدبية لجميع رعايا الامبراطورية ماعدا طبقةDediticu وهذه الطبقة فى مصر كانت تتمثل فى السكان الوطنيين وفضلا عن ذلك فان اللغة الرسمية للحكومة منذ عهد البطالمة حتى الفتح العربى كانت اللغة اليونانية كذلك حرم المصريون من الاشتراك فى جيش بلادهم وقد استسلم المصريون فى معظم هذه الفترة .ز وثاروا أحيانا أخرى وكان من أخطر الثورات تلك التى حدثت فى عهد الامبراطور ماركوس اورليوسMARCUSAURELIUS [ 161 – 180 م ] وتعرف بحرب لبذراع ، أو الحرب البوكولية نسبة الى المنطقة التى تعرف باسم BOUCSLIAفى شمال لادلتا ولكن كان يقضى على هذه الثورات دون هو اده ولم يلبث ان ظهر عامل جديد فى الأفق حول الشعب المصرى من شعب وديع مسالم الى شعب عنيد مقاوم ، ذلك العامل هو ظهور المسيحية فى مصر وانتشاره فيها

فقد كانت مصر فى طليعة البلاد التى تسربت اليها المسيحية فى القرن الأول الميلادى وأخذت فى الانتشار تدريجيا فى جميع أنحاء مصر منذ القرن الثانى الميلادى ، الا ان الأباطرة الوثنين ناصبوا المسيحية العداء وكان بدء اضطهاد الحكومة لمسيحى مصر اضطهادا منظما خلال حكم الامبراطورSEPTILNIUS SEVERUS

[ 193 – 211 م ] وظلت المسيحية فى مصر تلقى اضطهادا كثيرا وتسامحا قليلا الى ان ولى عرش الامبراطورية دقلديانوس [ 284 – 305 م ] فبلغ اضطهاد المسيحيين اقصاه 0 وقابل المصريين ذلك الاضطهاد من جانبهم بكل ما أتوا من قوة وعناد 0 وقد تولدت من تلك المقاومةحركة قومية آخذات فى النمو فيما بعد 0 وليس ادل على ذلك من ان الكنيسة القبطية بدأت تقويمات الذى سمته تقويم الشهداء من السنة الأول من حكم دقلديانوس [ 284 م ] نتيجة لما ترك هذا الاضطهاد من اثر عظيم قسطنطين الأول ولم تلبث المسيحية ان احرزت نصرا مبينان لاعتراف الامبراطور قسطنطين الأول [ 323 – 337 م ] بها دنيا مسموحا به ضمن الدينات الأخرى فى الدولة الرومانية وذلك فى عهد الامبراطور قيودسيوس الأول [ 379- 395 م ] الذى اصدر مرسوما بذلك فى سنة 380 م

ولم يلبث ان حرم العبادات لاوثنية فى مرسومين أحدهم سنتى 392 و394 م على ان مصر المسيحية لم تنعم بهذا النصر الذى احرزه الدين المسيحى اذ ثار النزاع والجدل فى ايام قسطنطين ومن أتى بعده من الأباطرة فى هذه المنازعات الدينية البحتة وعقدوا من اجل ذلك المجامع الدينية 0

الا ان اغلب الأباطرة اتخذوا سياية دينية ومناونة لمعتقدات المسيحيين فى مصر فاحتدم النزع بين الفرقين ، وبلغ ذلم النزاع الدينى بين كنيستى الاسكندرية والقسطنطينية اقصاه منذ حوالى منتصف القرن الخامس الميلادى حينما اختلف الكنيستان حوالى طبيعة السيد المسيح 0 فذاهبات الكنيسة المصرية الى القول بأن للسيد المسيح طبيعة واحدةMansphysiteأما كنيسة القسطنطينية فقالت بأن السيد المسيح طبيعتان 0

وقد دعا الامبراطور مرقيان MARCIAN [ 450 – 457 م ] من اجل ذلك الى مجمع دينى فى خلقيدونية بىسيا الصغرى سنة ( 451 م ) فاقر ذلك المجمع مذهب الطبيعيتين وقرر ان مذهب الطبيعة الواحدة كفر وخروج عن الدين الصحيح ، كما قرار حرمان ديسقوروس بطريرك الاسكندرية من الكنيسة 0 الا ان المسالة لم تكن مسالة دينية فحسب ، اذ اتخذ الخلاف الدينى فى مصر شكلا قوميا 0 فلم يقبل ديسقوروسDIASCARUSولا مسيحيون مصر ما اقره مجمع خلقيدونية واطلقوا على أنفسهم " الأرثوذكسيين " ( أى اتباع الديانة الصحيحة ) ولا زالوا يعرفون بذلك الاسم الى اليوم ، أما اتبعا الكنيسة البيزنطية فقد عرفوا بعد الفتح العربى باسم الملكانيين لاتباعهم مذهب الامبراطور 0

ومنذ ذلك العهد تعرف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ، وتعرف أحيانا بالكنيسة اليعقوبية ، نسبة الى يعقوب البرادعىJACAB BARADAUD أسقف مدينة الرها المونوفيزيتى فى النصف الثانى من القرن السادس الميلادى ولكن يصعب ان نجد اسمه الحوليات المصرى لان الأقباط لم يقبلوا تدخل السوريين فى شؤونهم الكنيسة مثلما تدخلت كنيسة القسطنطينية من قبل 0 وقد فرح المصريون بثورة هرقل ضد الامبراطور فوقاس [602 – 610 ] وساعدوا قائدة نقتاسNICATASالذى وكلى اليه الاستيلاء على مصر لقطع الغلة عن القسطنطينية وفرح الشعب المصرى أيضا عندما تم تتويج هرقل امبراطور فى سنة 610 م ورحبوا بقدم جنود ....... وما لبث الفرس ان غزوا مصر 616 م فى عهد ملكهم كسرى الثانى وبقوا سادة البلاد الى ان اضطروا للجلا عنها عندما حارب هرقل الفرس نفسه سنة 629 م 0

 على ان هرقل بعد ان أنقذ الدول من الفرس رأى أن ينقذها من الخلاف الدينى فاصدر صورة توفيقMONO THALMAتقضى بان يمتنع الناس عن الكلام فى طبيعة السيد المسيح وصفته وان يعترفوا جميعا لان له ارادة واحدة 0 ولم يفطن هرقل الى ان مذهبه الذى حاول به التوفبق قد يأباه أهل مصر كما انه وقع فيما وقع فيه جستنيان 0

[ 527 – 565 م ] من اسناد الرئاسة الدينية والسياسية لشخص واحد وهو فيرس الذى يعرف عند مؤرخى العرب باسم المقوقس ..... وقد قاسى الأقباط جميع أنواع الشدائد من جراء اضطهاد فيرس الذى فاق كل اضطهاد ، حتى تحول كثير ممن لم يستطيعون الهرب الى المذهب الجديد ومنهم بعض الأساقفة ، وصمد كثيرون ضده ومن بينهم الأب مينا أخ البطريرك بنيامين رغم التعذيب والاضطهاد الذى ناله من جراء ذلك 0

بعد ان أزال العرب تقريبا ملك الاكاسرة فى فارس عقب انتصارهم فى موقعة القادسية واستلائهم على عصمتهم " المدائن " وبعد استلاء العرب على بلاد الشام وفلسطين كان لابد من التفكير فى غزو مصر 0

نظم الحكم

تحدد مركز مصر السياسى بمقتضى معاهدة بابليون الأولى التى عقدة عقب استلاء المسلمين على حصن بابليون سنة 20 ه ( 641 م ) وقد أورد الطبرى ومن نقل عنه من المؤرخين مثل ابن خلدون والقلقشندى وأبى المحاسن هذا الصلح 0

 وهناك نصه: " بسم الله الرحمن الرحيم " هذا ما اعطى عمرو بن العاصى أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملتهم وأموالهم وكنائسهم وصلبهم وبرهم وبحرهم لا يدخل عليهم شئ من ذلك ولا ينتقض ولا يساكنهم النوب 0 وعلى أهل مصر ان يعطوا الجزية اذا اجتمعوا على هذا الصلح وانتهت زيادة نهرهم خمسين آلف آلف وعليهم ما جنى لصوتهم 0

فان آبى أحد منهم ان يجيب رفع عنهم من الجزاء بقدرهم ، وذمتنا ممن آبى برانية وان نقص نهرهم من غايته اذا انتهى رفع عنهم بقدر ذلك ومن دخل فى صلحهم من الروم والنوب فله مثل ما لهم وعليه مثل ما عليهم ، ومن آبى وأختار الذهاب فهو آمن حتى يبلغ ما منه أو يخرج من سلطاننا 0 عليهم ما عليهم أثلاثا ، فى كل ثلث جباية ثلث ما عليهم على ما فى هذا الكتاب ، عهد الله وذمة رسوله وذمة الخليفة أمير المؤمنين وذمم المؤمنين 0

وعلى النوبة الذين استجابوا ان يعينوا بكذا وكذا رأسا وكذا وكذا فرسا ان لا يغزوا ولا يمنعوا من تجارة صادرة ولا واردات 0

" شهد الزبير وعبد الله ومحمد ابناه " وكتب وردان وحضر فدخل فى ذلك اهل مصدر كلهم وقبلوا الصلح

نرى من هذا الصلح ان المصريين صاروا أهل ذمة يؤدون الجزية ، وان قيمة الجزية كانت تتوقف على مقدار ارتفاع او انخفاض ماء النيل فى كل عام ، كما أنها كانت تدفع على ثلاثة أقساط فى السنة وفيما يختص بالروم فى هذا الصلح عرفنا فى المقدمة ان أمرهم كان معلقا بموافقة الامبراطور ، ولذا ترك لهم عمرو الخيار فى قبول هذا الصلح أما أهل النوبة فكانت مسألتهم تختلف عن مسألة الروم اذ كانت النوبة أثناء فتح العرب لمصر مملكة قوية مستقلة ولربما كانت الاشارة هنا الى من كان يقيم فى مصر من النوبيين

 النظام الادارى

لما فتح العرب مصر وجدوا بها نظما قامت منذ أقدام الأزمنة ونمت وترعرعت فى خلال العصور المختلفة ، فقضت عليهم الحنكة السياسية الا يمسوا تلك الأنظمة ، بل ابقوا عليها كما فعل الرومان من قبلهم عندما كانوا يحتلون بلاد راقية فى نظمها متقدمة فى حضارتها. واكتفى العرب بشغل بعض المناصب الرئيسية ، ليشرفوا على الادارة بوجه عام .كان الخليفة يعين فى مصر واليا يمثله . ويقال للوالى أيضا

" امير مصر " وللدار التى يقيم فيها والى مصر " دار الإمارة

ونجد فى أوراق البردى اليونانية اسم أخر للوالى هو سيمبولس وكان الوالى يوم المسلمين فى المسجد الجامع فى صلاة الجمع والأعياد بوصفه نائبا عن الخليفة ولذا يطلق عليه أمير الصلاة ، ويقال عن ولايته ولاية الصلاة ، واذ كان المسلمين يعتبرون ان امامة الصلاة مما يختص به الخلفاء ، ويطلقون على الخليفة لفظ الامام ، كانت امامة الوالى فى الصلاة نيابة عن الخليفة تدل على عظم سلطة الوالى وعلى رئاسته العليا السياسية فى الدولة 0 ولم يكن الوالى مسئولا امام احد عن عمله الا امام الخليفة 0

وكان يجمع أحيانا الى سلطته ادارة المالية المعبر عنها بالخراج مما يجعله مطلق التصرف فى الدولة ، وأحيانا يسند الخليفة عمل الخراج الى شخص أخر مسئولا أمام الخليفة مباشر لا امام الوالى ، وكان هذا يحد سلطة الوالى كثيرا اذ يصسح عاجزا عن التصرف فى الأمور المالية كما يشاء 0 ولذا كان لعامل الخراج أهمية كبيرة وكثيرا ما يكون منافسا للوالى مع ان الوالى هو رئيس الولاية بالنيابة عن الخليفة 0

وكان بيد الوالى ايضا الحرب أى الرئاسة على الجيش فى الولاية ...... فوالى مصر كان يشرف على شئون الحامية الموجودة فى مصر وكان يقود بنفسه الجيش فى الحملات التأمينية لمصر أو لصد الأعداء عنها أو يرسل من يقوده نيابة عنه

وللوالى ايضا الاشراف على الشرطة ، وكان مقرها مدينة الفسطاط التى بناها عمرو بن العاص ... وكان الوالى هو الذى يعين صاحب الشرطة كما ورد فى المصادر القديمة مثل كتاب القضاة للكندى وكتاب النجوم الزاهرة لآبى المحاسن وفى حالات نادرة جدا كان الخليفة هو الذى يعين صاحب الشرطة هذا كان بمثابة نائب للوالى يؤم الناس فى الصلاة اذا مرض الوالى ، ويحكم الولاية اذا خرج الوالى من مقر ولايته . ولذا نجد ان صاحب الشرطة كثيرا ما يعينه الخليفة واليا على البلاد اذ ما عزل الوالى أو مات أو تنحى عن أمور الولاية .... كان أصحاب الشرطة يهتمون بنشر الفضيلة والمحافظة على الأخلاق

ومن الوظائف الرئيسية الهامة فى تلك الفترة أيضا وظيفة صاحب البريد ولم تكن تلك الوظيفة قائمة فى عهد الخلفاء الراشدين ، انما بدأتها الدولة الأموية ثم تقدم نظام البريد فى عهد الدولة العباسية

كانت مصر بعد الفتح مباشرة مقسمة اداريا الى قسمين رئيسين مصر العليا ومصر السفلى .. وهذان القسمان الرئيسيان كانا مقسمين الىأقسام أو كور ، ويقال انه كان بها ثمانون كورة وهذه كانت مقسمة الى قرى . ولفظ كورة مشتق من الاسم اليونانى XWPA كورة التى لم تكن شيئا أخر سوى الأقاليم المعروفة فى العهد البيزنطى باسم بجارشىPAGARCHIE أى أن العرب احتفظوا بنظم البيزنطيين الادارية وكان على رأس الكورة " صاحب الكورة " وهذا اللقب ترجمة مظبوطة للفظ اليونانى بجاركوس TTAYAQNOS فنجد مثلا قرة بن شريك والى مصر زمن الوليد بن عبد الملك [ 90 – 96 هـ ] يرسل كتابا الى سبيل صاحب أشقوه

النظام المالى

الجزية والزكاة
الجزية هى الضرائب المفروضة على الرؤس أما الخراج فهو ضريبة الأرض ، ولكننا كثيرا ما نجد فى المراجع خلطا بين هاتين الضريبتين فلزى الجزية تعنى ضريبة الرؤس وضريبة الأراضى معا ويلاحظ VAB BERCHEMان كلمة خراج يقصد بها الضريبة العقارية وأيضا جزية الرؤس ، وأحيانا تطلق على ضرائب أخرى تختلف فى طبيعتها عن هاتين الضريبتين

بعد فتح العرب لمصر ، واعنى هنا بعد معاهدة بابليون الأولى فرض العرب على أهل مصر الجزية ، وهاك نص ما ذكرة المؤرخون " فاجتمعوا على عهد بينهم واصطلحوا على ان يفرض على جميع من بمصر أعلاها وأسفلها من القبط دينارين عن كل نفس شريفهم ووضيعهم ومن بلغ الحلم منهم ، ليس على الشيخ الفانى ولا على الصغير الذى لم يبلغ الحلم ولا على النساء شئ .. واحصوا عدد القبط يومئذ خاصة من بلغ منهم الجزية وفرض عليهم الديناران رفع ذلك عرفاؤهم بالايمان المؤكدة ، فكان جميع من أحصى يومئذ بصر أعلاها وأسفلها من جميع القبط فيما أحصوا وكتبوا ورفعوا اكثر من ستة آلف نفس وكانت فرياضتهم يومئذ اثنى عشر آلف دينار فى السنة "

 الملكية العقارية فى مصر وضريبة الأرض أو الخراج

ان مصر فتحت عنوة وفى الوقت نفسه قبل العرب ان يمنحوا المصريين عهدا فالعرب فى الواقع كانوا يعتبرون أنفسهم محاربين للروم لا المصريين ، كما انه عندما فتح العرب الاسكندرية سنة 25 ه عنوة كان فتحها انتصار على الروم ةعلى قائد الامبراطور قنسطنز الثانى ولم يؤثر ذلك فى عهد الصلح الذى أعطاه العرب للمصريين ويؤيد ذلك الرأى ما ذكر البلاذرى فى رواية له عن عبد الله بن عمرو بن العاص اذ قال

" اشتبه على الناس أمر مصر فقال قوم فتحت عنوة وقال آخرون فتحت صلحا والثلج فى أمرها ان آبى قدمها فقاتله أهلاليونة ففتحها قهرا وادخلها المسلمين ، وكان الزبير أول من علا حصنها ، فقال صاحبها لآبى انه قد بلغنا فعلكم بالشام ووضعكم الجزية على النصارى واليهود واقراركم الأرض فى ايدى اهلها يعمرونها ويؤدون خراجها فأن فعلتم بنا مثل ذلك أرد عليكم من قتلنا وسبينا واجلاننا قال . فانتشار آبى المسلمين فأشاروا عليه بان يفعل ذلك الا نفرا منهم سألوا أن يقسم الأرض بينهم ، فوضع على كل حالم دينار جزية الا ان يكون فقيرا والزم كل ذى ارض مع الدينارين ثلاثة أرادب حنطة وقسطى زيت وقسطى خل ، رزقا للمسلمين تجمع فى دار الرزق وتقسم بينهم وأحصى المسلمون فالزم جميع أهل مصر لكل رجل منهم جبة صوف وبرنسا أو عمامة وسراويل وخفين فى كل عام أو عدم الجبة الصوف ثوبا قبطيا وكتب عليهم كتابا وشرط لهم اذ أوفوا بذلك ان لا تباع نساؤهم وابنائهم ولا يسبوا وان تقر أموالهم وكنوزهم فى أيديهم فكتب بذلك الى أمير المؤمنين عمر فأجازه وصارت الأرض خراج ...ز ووضع الخراج على ارض مصر فجعل على كل ضريبة دينار وثلاثة أرداب طعاما وعلى رأس كل حالم دينارين وكتب بذلك الى عمر بن الخطاب رضى الله عنه

النقود الإسلامية فى مصر

كان بين البيزنطيين وبين الدولة الساسانية معاهدة خاصة بالعملة تقضى بان يضرب الساسانيون نقودا من الفضة فقط وبالا يتخذوا عملة ذهبية سوى العملة الرومية ، ولهذا كانت عملة بلاد الفرس الجارية هى الدراهم الفضية بينما شاعت العملة الذهبية فى بلاد الإسلام التى كانت تحت حكم الرومان من قبل

وكان العرب فى الجاهلية يتعلمون بالدراهم الفارسية وكانت من الفضة ، والدنانير البيزنطية وكانت من الذهب . فلما جاء الرسول ( ص ) اقرهم على ذلك ، وكذلك فعل من بعده خليفه أبو بكر الصديق وتذكر بعض المراجع أن أول من ضرب النقود من الخلفاء هو عبد الملك بن مروان ، على ان المقريزى يذكر ان عمر بن الخطاب اقر النقود على حالها الا انه فى سنة 518 ضرب الدراهم على نقش الفارسية وشكلها غير انه زاد فى بعضها : الحمد لله " وفى بعضها " محمد رسول الله " وفى بعضها

" لا اله إلا الله وحده " 0 ولما بويع عثمان بن عفان بالخلافة ضرب دراهم ونقش عليها " الله اكبر "

وقد سك معاوية فى خلافته أيضا دراهم ودنانير ، ولما قام عبد الله ابن الزبير بمكة ضرب مدورة ، ويقال انه أول من ضرب الدراهم المستديرة كذلك ضرب أخوه مصعب بن الزبير دراهم بالعراق ، ولما قدم الحجاج بن يوسف العراق من قبل أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان بطل يلك العملة وقال : " ما تبقى من سنى الفاسق أو المنافق شيئا ....... كذلك كان العرب يتعلمون بالنقود الأجنبية جنبا الى جنب مع النقود السلامية . الى ان ولى عبد الملك ابن مروان الخلافة وتمهيدت له الأمور فى الدولة بعد القضاء على منافسيه والخارجين عليه وفأراد ان يصلح النقود ويوحدها فى جميع المملكة الاسلامية ويستغنى عن النقود الأجنبية

تدل قطع " الاستراكا " على ان المعاملات بين الأهالى فى مصر قبل الفتح كان اساسها العمله الذهبية المعروفة بالدينار TREMISION DENARIUS SOLIDUSأى أن مصر كانت تتبع قاعدة الذهب ويذهب علماء الاقتصاد السياسى الى القول بان نظام المعدن الفردى الذهبى لا يمنع استعمال نقود أخرى غير الذهب ، وبخاصة الفضة . ويذكرSALLVAIRE , QVATREMEREان الكاتب القبطى بشندىPICENDIأسقف فقط الذى عاصر فتح العرب ، كتب كتاب الى أساقفة أمته يقول فيه " أ، العرب اخذوا النقود الذهبية المنقوش عليها الصليب المقدس وصور السيد المسيح ومسحوا الصليب وصورة السيد المسيح وكتبوا محلها اسم نبيهم محمد الذى يتبعون تعاليمة واسم خليفة نبيهم ونقشوا الاسمين معا على النقود الذهبية

 علاقة العرب بالأقباط

على ان هنالك أمور كان يجب على أهل الذمة اتباعها من حيث بناء الكنائس ومن حيث لباسهم وزيهم والدواب التى يركبونها وغير ذلك مما يميز بينهم وبين المسلمين من الناحية الاجتماعية والأدبية ولنستعرض الآن بعض أراء الفقهاء فيما يختص بذلك ثم نرى ما حدث فعلا فى مصر فيذكر أبو يوسف انه ينبغى ان تختم رقابهم فى وقت جباية جزية رؤسهم حتى يفرغ من عرضهم ثم تكسر الخواتم كما فعل بهم عثمان بن حنيف ان يسألوا كسرها وان يتقدم فى ان لا يترك احد منهميشتبه بالمسلمين فى لباسهم ولا فى مركبة ولا فى هيئته وان يجعل فى ان أوساطهم الزنارات مثل الخيط الغليظ يعقد فى وسطه كل واحد منهم ، وبان تكون قلانسهم مضربة وانم يجعلوا شراك نعالهم مثنية ولا يجذوا على حذو المسلمين ، وتمنع نسائهم من ركوب الرحائل ويمنعوا من ان يحدثوا بناء بيعة أو كنيسة فى المدينة إلا ما كانوا صولحوا عليه وصاروا ذمة وهى بيعة لهم أو كنيسة فما كان كذلك تركت لهم ولم تهدم ، وكذلك بيوت النيران ، ويتركوا يسكنون فى أمطار المسلمين وأسواقهم ، يبيعون ويشترون ولا يبيعون خمرا ولا خنزيرا ولا يظهرون الصلبان فى الامطار ولتكن قلانسهم طولا مضربة

ويذكر الماوردى انه يشترط على أهل الذمة فى عقد الجزية شرطان

مستحق ومستحب . أما المستحق فسته شروط أحدهما ان يذكروا كتاب الله تعالى بطعن فيه ولا تحريف له . والثانى ان يذكروا رسول الله ( ص ) بتكذيب له ولا ازدراء

والثالث أن لا يذمرون دين الإسلام بذم له ولا قدح فيه . والرابع أن يصيبوا مسلمة بزنا ولا باسم نكاح . والخامس ان لا يفتنوا مسلما عن دينه ولا يتعرضوا لماله ولا دينه . والسادس ان لا يعينوا أهل الحرب ولا يودوا أغنياءهم . فهذه الستة حقوق ملزمة فلتزمهم بغير شرط وانما تشرط اشعارا لهم وتأكيد لتغيظ العهد عليهم ويكون ارتكابها بعد الشرط نقضا لعهدهم وأما المستوجب فستة أشياء احدهما تغير هيأتهم بلبس الغيار وشد الزنا . والثانى ان لا يعلوا على المسلمين فى الأبنية ويكونون ان لم ينقصوا مساويين لهم . والثالث ان يسمعوهم أصواتهم نواقيسهم ولا تلاوة كتبهم ولا قولهم فى عزيز والسيد المسيح . والرابع ان لا يجاهروهم بشرب خمورهم ولا بإظهار صلبانهم وخنازيرهم . والخامس ان يخفوا دفن موتاهم ولا يجاهروا بندب عليهم ولا نياحة . والسادس ان يمنعوا من ركوب الخيل عتاقا وهجاها ولا يمنعوا من ركوب البغال والحمير . وهذه الستة المستحبة لا تلزم بعقد الذمة حتى تشرط فتصير بالشرط ملتزمة ولا يكون ارتكابهم بعد الشرط نقضا للعهد لكن يؤخذون بها إجباريا ويؤدبون عليها زجرا ولا يؤدبون ان لم يشترط ذلك عليهم

اسم الكتاب : أبحاث الندوة الدولية لتاريخ القاهرةمارس – أبريل 1969

 الموضوع : اثر الفنون التشكيلية بالوطنية القديمة على فن القاهرة فى العصر الفاطمى

 اسم الكاتب : د/ سعاد ماهر

العامل السياسى من غير شك أكثرها تأثيرا فى حياة الشعوب وتاريخ الدول إلا ان تأثير السياسة وفعالتها لا تأخذ شكلا ظاهرا أو مباشر فى التأثير على الفنون ، بل تنعكس عليها بطرق غير مباشرة عن طريق غير مباشر عن طريق القوانين والاحكام التى تصدرها الدولة أو نظم الحكم ومذهبها الدينى التى تدين به فالدولة الفاطمية مثلا كانت تدين المذهب الشيعى بينما خلفاء الدولة العباسية سينو المذهب

العباسيين تدين بالمذهب السنى ومن غير المعقول ان يسمح الخليفة الفاطمى لشعبه ان يدين بمذهب أخر فير مذهبة هذا من ناحية أخرى كيف يطمئن الى شعب سبق ان أعطى عهدا وذمة الى خليفة يدين هذا الشعب بمذهبه لذلك رأى خلفاء الدولة الفاطمية بثاقب فكرهم وبعد نظرهم على أهل الذمة من المصريين وخاصة الأقباط ومن ثم فقد اتخذوا منهم لوزراء وكبار رجال الدولة ، كما اسندوا اليهم شئون البلاد الادارية والمالية فقد فقد اسند المعز لدين الله الفاطمى الى يعقوب بن كلس اليهودى الأصل بعض دواوين دولته فتخير الى طائفته الدينية ةاخذ يعقوب يرتقى فى المناصب حتى اصبح وزيرا للعزيز بن المعز كذلك اسم عهد العزيز بالله التسامح مع لأقباط خاصة بعد ان تزوج من مسيحية كان لها اكبر الأثر فى انتهاج سياسة التسامح مع المسيحيين واعادة بناء بعض الكنائس ةرغبة فى النقود الروابط الروحية والمشاركة الوجدانية بين خلفاء الفاطميين وبين الأقباط جعل الاحتفال بأعياد المسيحيين ومواسمهما الدينية احتفالات رسمية ولم يقتصر الأمر على مصر فحسب بل شمل كذلك باقى أجزاء الدولة الفاطمية فقد عين العزيز بالله منثا بن ابراهيم الفرار اليهودى واليا على بلاد الشام اما مصرف تولى شئون الدواوين والكتابة فيها عيسى بن نسطورس القبطى

كان فى اتباع هذه السياسة حيال أقباط مصر أيزانان بطرق غير مباشرة بإحياء عاداتهم وتقاليدهم وفنونهم ولو أضفنا الى هذا لن الفن القبطى لم يكن قد اختفى أو قضى عليه بدخول العرب مصر بل ظل هو الأسس الذى قام عليه الفن الاسلامى فى مصر وذلك جبربا على السياسة الحميدة التى اتخذها العرب ارزاء البلاد التى فتحوها

فقد تركوا لأهالى مصر حرية ممارسة فنونهم وصناعتهم وادارة اعمالهم وزراعتهم على ان يكون للفتح العربى مجرد الاشراف وادارة شئون الدولة العليا وقيادة الجيوش ومن الأحداث السياسية التى كان لها شان بذكر لها فى تاريخ الفن القبطى بطريق غير مباشر ، اشترك عرب مصر فى النزاع الذى قام به الآمين والمأمون فى العصر العباسى فقد تحيزوا للامين ضد المأمون فلما انتصر المأمون تولى الخلافة حضر بنفسه الى مصر وقضى على الثائرين عليه وتأديبا لغيرهم قطع عنهم الأرزاق من ديوان العطاء فاصبحوا بدون عائل أو موارد رزق فاضطروا الى النزول الى ميدان الاعمال من زراعة وفلاحة وصناعة ومن هنا اندمج العرب بأهل مصر وتصاهروا معهم وتقلدوا بتقليدهم وفنونهم بطبيعة الحال

اسم الكتاب : تاريخ الجامع الأزهر

 اسم الكاتب : محمد عبد الله عنان

 علاقة العرب بالمسيحيين أثناء الحكم الإسلامى

كان الفتح الفاطمى لمصر فى عهد المعز لدين الله رابع الخلفاء العبدوين بالمغرب ودخلوا مدينة الفسطاط ( مصر ) بقيادة جوهر الصقلى فى السابع عشر من شعبان 5358 ( 7 يوليو سنة 967 )

 يعود الفضل فى تتويج الجامع الأزهر بهذه الصفة الجامعية الخالدة الى الوزير ابن كلس الذى اصبغ عليه لأول مرة صفة المعاهد الدراسية ورتب له أول فريق من الأساتذة الرسميين . ولقد كان ابن كلس وزيرا عظيما وعالما جليلا بل كان عبقريا سياسيا حقا

وهو أبو الفرج يعقوب بن يوسف بن كلس واسمه يدل على اصله الذمى ، ذلك ان ابن كلس كان يهوديا نشا ببغداد وغادرها فى شبابه الى الشام واشتغل هنالك بالتجارة وأثقلته ديون عجز من أدائها ففر الى مصر فى عهد كافور الاخشيدى واتصل به وقام له ببعض الاعمال والمهام المالية فابدى فى ادانها خبرة وبراعة وطاف بريف مصر يحصل الأموال ويعقد الصفقات حتى تمكنت منزلته لدى كافور واثرى وكثرت أمواله وأملاكه ثم ثابت له فكرة فى الآخذ بنصيب من السلطة والولاية ورأى الإسلام خير طريق لتحقيق هذه الغاية وكان قد بلغه ان كافوا قال فى حقه " لو كان هذا مسلما لصلح ان يكون وزيرا " فدرس قواعد الإسلام وشرائعها سرا فى شعبان سنة 5356 ودخل جامع مصر ( جامع عمرو ) وصلى به الصبح فى موكب حافل ثم ركب فى موكبه الى كافورا فخلع عليه واشتهر أمره وعلت منزلته فتوجس وزير مصر جعفر بن الفرات من تقدمه واخذ يدس له الدسائس فخشى ابن كلس العاقبة وفر الى المغرب ولحق بالمعز لدين الله الخليفة الفاطمى وهو يومئذ ينظم مشروعه لغز مصر وظل فى خدمته الى ان فتحت مصر على يد جوهر الصقلى .ولما قدم المعز الى مصر بأهله وأمواله وجيوشة فى رمضان 5362 قدم معه ابن كلس وقلده المعز شئون الخراج والأموال والحسبة والأحباس وسائر الشئون المالية الأخرى فابدى فى ادارتها وتنظيمها براعة وزاد الدخل زيادة واضحة ثم عهد اليه بشئون الخاصة ولما توفى المعز بعد ذلك بقليل فوض ولده العزيز بالله الى ابن كلس النظر فى سائر أموره ثم لقبه بالوزير بالقصر بضعة اشهر ثم أطلقة ورده الى مناصبه وتضاعقت منزلته لدى العزيز وغدا اقوى رجل فى الدولة وكان من اكبر بناة الدولية الفاطمية بمصر

وليس غريبا ان يحرز رجل مثل ابن كلس تلك المكانة الرفيعة فى ظل الدولة الفاطمية مع انه يهودى الأصل والنشأ فقد كانت الخلافة الفاطمية تصطنع الذميين والصقالية وتوليهم ثقتها وقد ولى وزارتها الرئيس بن فهد وعيسى بن نسطورس وبن عبدون وتولى وزارة الدولة بعدهم كثيرون منهم فى مختلف العهود

اسم الكتاب : تاريخ المصريين 36 المجتمع الإسلامى والغرب

تأليف : هاملتون جب وهارولد بودين

 ترجمة : د.أ/ احمد عبد الرحيم مصطفى

 الجزء الثانى

 علاقة المسلمين بالمسيحيين

 كان موقف الرسول الذى تميز بالعطف على أهل الكتاب يرتبط الى حد كبير بتفضيله آياهم على المشركين الذين كانوا ألد أعدائه ، ولكن قيض للمشركين ان يختفوا من المسرح الإسلامى نتيجة للقضاء عليهم أو لاعتناقهم الاسلام وبالتالى ما لبث الذميون ان فقدوا الوضع الخاص الذى ميزهم به الرسول واصبحوا فى نظر المسلمين الممثلين الوحيدين للكفر

حقيقة ان نطاق التسامح كان كان يتسع فى بعض البلدان بحيث شمل اشخاصا ليسوا بالفعل من أهل الكتاب بأى حال كما حدث فى فارس حيث فسرت الآية الغامضة لصالح الزردشتيين أو فى الهند حيث كان المشتركون من الكثرة بحيث تعذر تحويلهم الى الاسلام او القضاء عليهم الا ان الفريقين اصبحا يتمتعان بالتسامح وفقا لنفس المبادئ المطبقة على المسيحيين وواليهود ومن ثم لم يتحقق ما من شانه ان يعيد هاتين الجامعتين الى وضعهما السابق باعتبارهما تشغلان مكانه وسطا لهذا اصبح المجتمع فى شتى أنحاء العالم الاسلامى ينقسم الى مجرد مسلمين وكفار [ او ذميين ]وكانت شروط عقد الحاكم المسلم مع الذميين تضمن حياتهم والى حد ما أملاكهم وتسمح لهم بممارسة ديانتهم فى مقابل تعهدهم بدفع الجزية والخراج وموافقتهم على تحمل بعض القيود التى تجعلهم يشغلون وضعا ادنى من ذلك الذى كان يتمتع به المسلمون وهذه القيود متنوعة

اذا الذمى لا يرقى الى الوضع القانونى المخصص للمسلم . فلا تقبل شهادته ضد المسلم فى محمكة القاضى ولا يحكم بالإعدام على مسلم قتل ذميا وعلى حين كان لا يسمح للذمى بان يتزوج مسلمة فى حين كان يسمح للمسلم بان يتزوج ذمية ن وبالاضافة الى ذلك كان الذميون يرغبون على ارتداء ملابس تختلف عن ملابس المسلمين حتى يسهل التمييز بين الطائفتين كما حرم عليهم ركوب الخيل وحمل السلاح وأخيرا فعلى حين كان يمكن تحويل كناءسهم الى مساجد ، وهو ما تم فى حالات كثيرة كان يسمح لهم ببناء دور عبادة جديدة وكان أقصى ما يسمح لهم بعمله بهذا الصدد وهو ترميم ما تهدم من هذه الدور

وكانت حركة التوسع التى ادت الى قيام الامبراطورى العثمانى تشبه فى بعض نواحيها الحركة التى أدت الى قيام الخلافة التى أقامت أول دولة إسلامية عظمى وكلتا الحركتين آدتا الى ان ضمت دار الإسلام أراضى واسعة كانت مسيحية من قبل كما أدت إلى خضوع إعداد كبيرة من الرعايا الذميين للحكام المسلمين إلا أن كلا من العالمين الإسلامي والمسيحي قد تغير خلال الفترة الفاضلة بين عصر الخلافة وبين العصر العثمانى والعالم المسيحى قد انقسم ما بين أرثوذكس وكاثوليك فى حين أصاب التغيير العالم الإسلامي بفعل المؤثرات الصوفية

وفى الواقع أن هخذا الالانقسام الكبير الذى حل بالعالم المسيحي قد أوجد الأرثوذكس فى وضع يشبه المسيحيين الذين خضعوا من قبل للفاتحين المسلمين الأول وذلك لان معظمهم فى سوريا وبلاد ما بين النهرين ومصر ، كانوا مهرطقين من أنواع عدة نساطرة أو مونوفزيت وبالتالى خارجين على الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية [ وفى مصر على سبيل المثال ساعد الأقباط المونوفزيت العرب بالفعل أثناء الفتح ( الكاثوليك ) التى كانت لا تزال متحدة ، بالظبط كما كان الأرثوذكي فى العصور التالية معادين للكاثوليك ولهذا ففى كلتا الحالتين كان عدد كبير من المسيحيين الذين اصبحوا ذميين قد تحمسوا بشدة لوضعهم الجديد الذى مكنهم من تجنب سؤ أولئك الذين اعتبروهم مهرطقيين وحتى نهاية القرن الخامس عشر كانت حدود الفتوح العثمانية فى أوربا تتمشى الى أقصي حد مع حدود المذهب الأرثوذكس . وكانت الطائفة الأرثوذكسية الكبيرة الوحيدة التى بقيت خارج نطاق سلطتهم هى الجماعة المسكونية ورغم أن قياصرة موسكوا اعتبروا أنفسهم منذ البداية ورثة لبيزنطة فأن امارة موسكو لم تكن فى أوائل عهد الإمبراطورية من القوة بحيث تستدعى انتباه الأرثوذكس القاطنين داخل الدولة العثمانية . وكان موقف العثمانيين الأول من غير المسلمين الذين حاربوهم وانتصروا عليهم يختلف عن الموقف الإسلامي المعروف ولكنة كان من ناحية أخرى ينسبه الى حد ما موقف المسلمين الأول الذين فتحوا سوريا من غير المسلمين وهو الموقف الذى كان خيرا من موقف خلفائهم واكثر تحررا

وكان الفاتحون العثمانيون يشبهون العرب فى تأثيرهم بدوافع الطمع والأمل فى الاستحواذ على الأرض والغنائم بالاضافة الى الحماسة الدينية .

وكان العقائد الدينية الاكثر انتشارا لديهم هى عقائد الطرق الصوفية الباطنية وحينئذ كان التصوف أميل الى المساواة بين كل الأديان كما كانت الباطنية أميل الى ترويج مبادئ ذات لون شبيه بالمسيحية ولهذا فليس من العجب ان نجد العلاقات القائمة بين المسلمين والمسيحيين خلال القرون الأولى من الحكم العثمانى كانت أوثق منها فى عهد الأسر الحاكمة السابقة التى كانت تتمسك بالسنة أو فى عهد الأسر الحاكمة التى قيض لها أن تسير على هذا المنوال فيما بعد حين تحول السلاطين الى الأصولية السنية ولهذا ففى المعارك التى خاضها العثمانيون الأولى نجدهم يحظون بمساندة كبيرة من المسيحيين ، كما تزوج كثير من السلاطين الأول أميرات مسيحيات وبالإضافة الى ذلك فقد تحول كثير من المسيحيين الى الإسلام أثناء غزو البلقان ورغم ان ذلك قد لا يكون دليلا على حسن العلاقات بين المسلمين والمسحيين إلا انه انه قد حدث بالفعل لأنه يوضح الانتقال فقد كان إيلاما فى هذه الفترة مما اصبح عليه فيما بعد حين قضت السنية الإسلامية على أى حل وسط فيما يتعلق بالعقيدة . ويبدو لنا الواقع انه لولا هذه العودة الى السنية أو التمسك بها لكان بإمكان احترام اتباع الديانتيت للأضرحة المشتركة أن يقضى القضاء على الخلافات والى ظهور عقيدة مسيحية صوفية بإمكانها التوفيق بين النقيضين

ويبدوا ان التحول الى الأصولية الإسلامية قد بدا اعادة السلطة الى سابق وضعها فى عهد محمد الول وكان ذلك ناتجا عن قمع تمرد باطنى خاصة وان ازدياد سؤ علاقات السلاطين بأنصارهم الأصليين قد تمخض عن نتائج منها ادخال نظام الدفشرمة .

ولا شك ان هذا النظام الذى كان يقتضى جميع الأود والمسيحيين للقيام بالخدمة فى قصور السلاطين وجيوشهم قد جعل الأباء الذميين الذين حرموا من اولادهم يمقتون ساداتهم المسلمين . ورغم ذلك فقد كانت الدفشمة توفر فى الواقع مجالا للوصول الى أعلى مناصب الدولة

ففى خلال القرنين الخانس عشر والسادس كان يشغل كل هذه المناصب عبيد السلطان الذين تحولوا الى الاسلام وكان معظمهم قد جرى اقناصهم عن طريق الدفشرمة وفى كثير من الأحيان كان كبار الضباط الموظفين هؤلاء يسخرون سلطتهم لمصلحة أقاربهم الذميين . ولهذا ففى خلال هذه الفترة كان من المميزات كونهم قد ولدوا ذمييم صالحين للتجنيد ، ومن ثم اصبح من المعتاد ان نجد آباء يسعون الى اختيار أبنائهم حتى ولو كانوا غير صالحين ، مما ترتب عليه ان أصبح السكان الذين ولدوا مسلمين مستاءين من استعبادهم عن تولى شئون الدولة

وهكذا تلت الفترة الأولى التى كان فيها الابتعاد عن أصول الدين الاسلامى يسمح لمعشقيه بالإبقاء على علاقات حميمة مع المسيحيين فترة أخرى كان فيها نفوز المسلمين والذميين فى الامبراطورية متوازنا بصورة مرضية وذلك نتيجة لتخفيض المناصب العليا فى هذه الدولة الاسلامية لأشخاص ولدوا ذميين والى هنا نكون قد عرضنا للذميين ، على الأقل للذميين المسيحيين ، كما لو كانوا سيشكلون طائفة واحدة

إلا ان الأمر لم يكن كذلك فما ذكرناه بالفعل عن الفشرمة ، على سبيل المثال والدور الذى لعبة الذميون فى الدولة خلال ازهى عصورها الأعلى الطائفة الأرثوذكسية ، بل لا ينطبق عليها إلا ان الأغلبية العظمى من الذميين كانوا فى أوائ لعهد الدولة ينتسبون اليها ، وكان موقف المسلمين والحكومة من الذميين الآخرين حتى وقت لاحق يتوقف الى حد كبير على موقفهم من الأرثوذكس ولا يغرب عن بالنا ان العثمانيين استولوا على أهم الأراضى التى قامت عليها امبراطوريتهم على الوجه التالى تقريبا : الركن الشمالى الغربى من آسيا الصغرى ، معظم شبة جزيرة البلقان ما تبقى من آسيا الصغرى ، القسطنطينية ، أو وسط وجنوب بلاد اليونان ، الشام ومصر والحجاز ، وبمعنى أخر فعلى حين ان كل هذه الأراضى ، باستثناء الحجاز كانت مسيحية يوما ما فقد بدا حكمهم فى قسم كل منهما كان لا يزال مسيحيا ثم امتد الى قسم كان فى أيدى المسلمين لفترة تقرب من ثلاثة قرون وفى النهاية ضموا الجزء الباقى الذى كان كله ، باستثناء فترة الحكم الصلبى فى ايدى المسلمين منذ القرن السابع

وأخيرا فلان بعض سكان هذه الأراضى من المسيحيين ظلوا تحت السيطرة الإسلامية فترة أطور من تلك التى أمضاها غيرهم ولان الكنيسة الأولى فى الشرق كانت عرضة لنمو حركات الانشقاق فيها ولان المبشرين الأوائل كانوا أميل الى ان يمنحوا الكنائس المحلية طقوسا تختلف عن تلك التى أصبحت أرثوذكسية فقد كان يمكن العثور فى الامبراطورية العثمانية فى الوقت الذى وصلت فيه الى أقصى اتسلعها على كثير من تحدده الظروف التى خضعت فيها لسيطرتهم . ولما كانت هذه السياسات لم يتم تطورها بعد أن تحددت بحيث تؤدى الى التماثل فقد بدا فيها بعض لبتارض وحتى يتسنى لنا تتبع الأسباب الكامنة وراء ذلك نجد لزاما علينا ان نستعرض موقف الطوائف الذمية خلال ثلاث مراحل تختلف وفى البداية سوف نستعرض خلال المرحلة التى كانت فيها الامبراطورية تضم بالفعل الروميللى والأناضول ، ثم خللا المرحلة التى أصبحت فيها تضم البلدان " الناطقة بالعربية " وأخيرا خلال مرحلة اضمحلالها

على اننا قبل الخوض فى ذلك نفضل ان نتوقف لكى نؤكد ان الحكومة العثمانية كانت فى العادة تعامل الذميين على اختلاف أنواعهما باعتبارهم أعضاء فى طائفة لا باعتبارهم افرادا . ويرتبط هذا ليس فقط بالتنظيم العام للمجتمع العثمانى الذى سبق ان رأينا انه كان تعاونيا بالضرورة ، بل أيضا بطبيعة الشريعة التى رغم تنظيمها لعلاقات الذميين بكل من الافراد المسلمين والدولة الاسلامية إلا أنها باعتبارها قانونا مقدسا تكون التفرقة بين الذميين والمسلمين تقوم على اساس دينى ، لم تسع الى تحديد علاقات الذميين بعضهم البعض الأخر

فهم يقعون خارج نطاقها الذى يشمل المسلمين وحدهم إلا اذا اتصل هؤلاء بغير المسلمين أو اذا وافق الذمييون حين يحتكمون الى القانون على ان تطبق عليهم نصوصها . لهذا كانت تنظم علاقات الذميين ( داخلية ) حسب قوانين الأديان التى يتبعونها ، وهنا أيضا نجدها تعتبر معتنقى كل من هذه الأديان وكأنهم يشكلون طائفة يشرف عليها القائمون على تقاليدهم الدينية

الحاكم المسلم يرغم أفراد الذميين على التمشى مع القواعد التى سبق ان عرضناها ، ولكن فى مسائل اخرى كان الحاكم أميل الى التعامل مع كل طائفة ذمية ككل وفى مثل هذه الحالات كان يمثل الطائفة كبار رؤسائها الذميين . البطاركة أو الحاخامات ، وكان هؤلاء الرؤساء بدورهم يحصلون على مساندة الحاكم فى فرض الانضباط مع اتباعهم . وملخص القول فان وضع الفرد الذى كان يرتبط ارتباطا كليا بعضويته فى طائفة تتمتع بالحماية

وكان يطلق على هذه الطائفة فى المصطلح العثمانى اسم " مللت "

ويبدو ان كلمة ملى العربية مشتقاة من الكلكة السريانية ملتات ، وقد أشار اليها القران بمعنى دين وبخاصة فى فقرة " ملة ابراهيم " وقد احتفظت بنفس المعنى فى السياق العربى فيما بعد ولكن لما كان المصطلح المجرد " دين " لا ينفصل على الاطلاق بصورة ةاضحة عن مجموع معتنقيه فأنه يعنى كذلك " طائفة دينية " وفى المصطلح الإسلامى الوسيط ينطبق بوجه خاص على ديانة المسلمين وجماعتهم تمييزوا لهم عن أهل الذمة [ انظر دائرة المعارف الإسلامية ]

ولهذا كله يبدو لنا ان المعنى الذى أضافاه العثمانيون كان جديدا

واستعمال الأتراك لكلمة " مللت " فى الوقت الحاضر بمعنى " أمة " لم يحدث إلا فى القرن التاسع عشر لا قبل ذلك وكان الموظف المسئول امام الدولة عن ادارتها يعرف باسم " مللت بش ". ورغم ان بعض التفصيلات الادارية

[ وربما أيضا المعنى الخاص للمصطلح ]

كانت من ابتكار العثمانيين فان النظام ذاته لم يكن كذلك اذا كانت جذوره مشتقاة من الممارسات العامة التى طبقتها الامبراطورية الرومانية وامبراطوريات العصور الوسطى التى درجت على السماح للطوائف الخاضعة لحكمها بان تحافظ على قوانينها الخاصة وان تطبقها تحت الاشراف العام لسلطة معترف بها مسئولة امام السلطة الحاكمة

وكان جاثليق الكنيسة النسطورية فى عهد الملوك الساسانين الذين حكموا فارس قبل الاسلام يكلف رسميا بان يشرف على كل مسيحى الامبراطورية

ونحن نستدل على الاحتفاظ خلفائه بنفس الصلاحيات القانونية فى عهد الخلفاء بعدد كبير من الأولة الثانوية الوثيقة التى وصلت الى أيدينا وكانت تتعلق بتعين جاثليق نسطورى فى عام 1138 وبوجود عدد كبير من كتب القانون الخاصة بمختلف الطوائف المسيحية وكان يشرف على الطائفة اليهودية أو الطوائف اليهودية على اعتبار ان الربانيين كانوا يختلفون عن القرنين إكبار الحاخامات فى بغداد ثم بعد ذلك فى القاهرة وفى الدولة البيزنطية ذاتها كان للأرمن فى القسطنطينية تنظيم مماثل وكذلك الحال بالنسبة الى اليهود

اناستاسيوس491يوستينوس518ميوستنيانوس527م

ثورة الأقباط فى عهد موريس

يوستينس565مطيباريوس578م

موريس582م

 هرقل 610م

 فتح الفرس

عودة هرقل لفتح مصر

 المقوقس

الفتح الإسلامي639م

 عصبة بن عبد العزيز

 خلافة الوليد عبد الملك705م

 قرة شريك709م

 سليمان عبد الملك714م

 يزيد بن عبد الملك 720م

 الوليد بن يزيد 743م

عبد الملك بن مروان750م

مصر فى عهد الولة العباسية751م

جعفر المنصور 754م

 هارون الرشيد876م

المأمون813م24-المتوكل847م

 احمد بن طولون870م

اناستاسيوس

 تولى هذا الإمبراطور سنة 491 م . وكان واقفا على أحوال مصر وملما بكل ما فيهخا لأنه مكث بها منفيا من وجه سلفه وكان مقيما فى مركز منوف بمديرية المنوفية حيث كان له أصدقاء كثيرون ، وحدث أن أحد الأغنياء أشار عليه بزيارة راهب اشتهر بالتقوى يدعر ارميا فزاره بصحبة بعض أصحابه الذين طلبوا من الراهب ان يباركه ويباركهم جميعا ولم يبارك اناستاسيوس ببركة خاصة ، وبعد انصرافهم صرح اناستاسيوس بحزن لذلك ، واظهر خوفه من ان يكون الراهب قد عرف ان خفاياه سيئة فآبى ان يباركه فحول أصحابه ان يزيلوا هذا الظن منه ولكنهم لم يفلحوا فعادوا الى الراهب وأخبروه بالأمر فاستدعه اليه ولما اختلى به هو وثلاثة من أصحابه اخبره بأنه رأى يد الله مرفوعة فوق رأسه فلم يرما يجعله يباركه بعد الله ثم أوصاه قائلا

 أن الله الذى عينك لمنصب الملك يطلب منك ان تعيش صالحا بعيد عن الأفعال الرديئة غير موافق لا نصار مجمع خلقيدون لان من يصادق على ذلك المجمع يحل عليه غضب الله

وقد تمت نبوءات الأب ارميا فجلس اناستاسيوس على عرش الملك وطلب بعض وجوه الأقباط من هذا الأب ان يوفد اليه بعض تلاميذه لزيارته فأرسلهم تحت رئاسة راهب يدعى وريدنوس من أقارب ذلك الناسك وأوصاهم بان لا يقبلوا منه هبه او عطية إلا أن يكون بخورا وبعض أو ان تحتاج اليها الكنائس ولما كان هذا الإمبراطور منفيا بنى كنيسة أرسل إليها مع أولئك الرسل أوانى من الذهب والفضة وبخورا ونذورا عظيم المقدار ، كما انه هدى بعض أصحابه من المصريين هدايا فاخرة وعين بعضهم فى وظائف سامية فى الحكومة

وصفوة القول انه لم يقيم بين القياصرة من عمل مثله على إسعاد مصر وإرجاع السلام إليها وكلن نظير سلفه فى احترامه للمذهب القديم وإمداده لذويه بعمارة كنائسهم وأديرتهم وإحسانه الى رهبانهم ودفع مرتباتهم ، ولما رأى أن الانشقاقات الدينية هى التى تبدد السكينة نفى كل الأساقفة الغربيين

وفى أيام هذا القيصر هجم الفرس على مصر وانتشب القتال بينهم وبين الرومانيين مدة أصيب فيها البلاد بمجاعة قادحة . وفى أثناء اشتدادها تبرع أحد المسيحيين اليهود بتوزيع مقدار عظيم من الحنطة على المحتاجين فى يوم عيد القيامة فتزاحم الجياع على أبواب الكنائس حتى هلك منهم 300 آلف نفس فى ذلك اليوم

يوستينوس

تولى سنة 518 م . وكان رجلا عاميا أميا فتشبع للمجمع الخلقيدونى جهلا منه وصرف همه فى مقاومة الأرثوذكسيين، ومن دلائل الغطرسة التى درسها عن أسقف رومية أمره راس القديس ساويرس بطريرك إنطاكية ، ففر القديس من وجهه ولجا الى مصر فاخذ فى اضطهاد بطريرك الكنيسة القبطية وأمر بنفيه ، وبسبب ذلك جرت مذبحة هائلة فيها نحو مائتي آلف

 نفس

 يوستينانوس

 توالى سنة 527م . وكان فى أوائل ملكه مشغولا بتوطيد دعائهم عرشه وبعد ذلك اهتم بإجراء صلح بين الكنيستين اليونانية والرومانية فاضطهدهم بشدة قاصدا ان يرغمهم على الاعتراف بقرارات مجمع خلقيدون واضطهد الأب ثيودوسيوس وخلع الأساقفة الأرثوذكسيين فى القسطنطينية ، وأرغم كثيرون بعد التعذيب على الاعتراف بالطبيعيتين ، واضطهد الأرثوذكسيين وسلب كنائسهم حتى اضطر الأقباط الى تشييد خلافها وسموا أحدها الكنيسة الملائكية كناية عن الكنيسة القيصرية الكبرى التى اغتصبها منهم القيصر

وقد ساعد ولاة مصر بطاركة المصريين فتغصب الأقباط ضد اليونانيين وأبطلوا لغتهم من كنائسهم ومجتمعاتهم وصاروا يصلون بلغتهم الأصلية وترجموا كل الكتب الدينية إليها

وفى عهد هذا القيصر حدثت فتنة فى الإسكندرية بسبب بطريرك بسبب بطريرك الاروام فانتهزها اليهود وفتكوا بكثيرين من المسيحيين ولبث الخلقيدنيون يعشون فى الأرض فسادا واشتهد غيظ المصريين من القيصر عندما اصدر أمرا يحرم فيه اوريجانوس حتى لم يعد يطيق أي مصري أن يرى رومانيا أمامه فانفصلوا عنهم وصاروا قسمين واختص كل جماعة منهم بلون فاختار المصريين اللون الأخضر والرومانيون الأزرق

 يوستينس

 ثورة الأقباط فى عهد موريس

 وجاء يوستينوس سنة 565م وكان أشفق على العباد من سلفه ويظهر ذلك من تأثير زوجته ابنه أخت الملكة ثيؤذورة فترك الناس يدينون بما يشاءون فتمكنت الكنيسة القبطية من استرجاع مراكز من التى اغتصبت منها وتحسنت أحوال شعبها ورعيتها وخلف يوستينوس

 ( طيباريوس ) سنة 578م . الذى تنازل عن الملك ( لموريس ) سنة 582م . وفى أوائل حكمه حدثت فى مصر الوجه البحري تحت زعامة ثلاثة اخوة من الأقباط هم : اباسخريوس ، ومينا ، ويعقوب من بلدة عقلية وسببها ان حاكم قسم سمنود

( غريبة ) القى القبض على رجلين قبطيين من ذوى الوجاهة والاعتبتار أحدهما يسمى قسما بن صموئيل والأخر بانون بن أمونى فهجم الثاثرون على الرومانيين فى جهة بنا وآبى صبر وطردهم منها فأرسل واليها الى الإمبراطور يشكوه أمر الإمبراطور يوحنا والى الاسكندرية بقمع الثاثرون الذين كانوا قد وضعوا يدهم على أقاليم الوجه البحري وحولوا الاستيلاء على الاسكندرية فاغتصبوا الحنطة التى كانت مرسلة اليها

وحدث من جراء ذلك مجماعة اهتاج منها سخط القوم على الوالى وكادوا يفتكون به لولا بعض أعيان الأقباط الذين ردوا عنه اعتداء الغوعاعء

ومع ان يوحنا والى الاسكندرية كان صديقا للثلاثة الاخوة الا انهم استمروا فى مقاومتهم فعزله القيصر وعين بدله رجلا يسمى بولس وتمكن اسحق ابن اكبر الثلاثة الاخوة من الانتصار على الرومانيين فاستولى على كثير من مراكبهم وسعى خلفهم الى قبرص يكتسح امامه قوتهم الحربى حتى خاف الامبراطور من سوء النتيجة وطلب الى يولوجيوس بطريركة فى مصر ان يعقد صلحا مع الثلاثة الاخوة

وكان يوليوس البطريرك الرومانى على جانب عظيم من دماثة الأخلاق فاكتسب رضاء المصريين عنه واجتمع مع الثلاثة الاخوة لاجراء الصلح فى مسقط رأسهم فآبوا القبول إلا اذا أعاد الامبراطور صديقهم يوحنا الوالى فأجاب طلبهم ورجع الوالى الى منصبه وعين لقيادة الجيش رجلا يدعى ثيؤذورس

وحدث ان القائد الجديد اخذ القبطيين وثلاثة آخرين من عظماء المصريين كانوا قد سجنوا معهما وأوقفهم على شاطئ النيل المقابل للشاطئ الذى احتشد عليه ثائرون وأمرهم بطرح السلاح وإلا يقضى على الخمسة الرجزال فتوسل المأسورون الى الثائرين ان يكفوا عن القتال شفقة بهم فالقى معظم هؤلاء الأسلحة وعبروا النهر وتقابلوا مع أصحابهم المقبوض عليهم ، ولم يبق فى ساحة النزول إلا ثلاثة وبعض أصدقائهم وظلوا يقاتلون الجيش الرومانى باستبسال ولكنهم هزموا أخيرا وفروا الى مدينة صان ( الشرقية ) فقبض عليهم الرومانيون ثم طرح الثلاثة الاخوة وابنهم اسحق فى السجن ولبث يوحنا الوالى يدافع عنهم طوال مدة ولايته بدون جدوى حتى تعين مكانه والى جديد فقطع رؤوس الاخوة ونفى اسحق نفيا مؤبدا

ولم تكد نار هذه الثورة تخمد حتى قامت ثورات أخرى فى خمس مدن وهى صان وخربتا وبسطة وسمنود واخميم وغيرها وانتهت جميعها بمذابح وحشية من المواطنين الذين لازمهم الفشل فى كل تدابيرهم

وبالجملة لم يكن ينتهى القرن السادس حتى بلغت العداوة بين المصريين والرومانيين اشدها خصوصا عندما انفذ القيصر أمر الى نائبه بمصر بطرد جميع الأقباط من خدمة الحكومة وعدم قبول أحد منهم فى مصالحها قصدا منه فى أذللتهم فكان ذلك من اقوى البواعث على قنوط الأقباط واعتزالهم الروح بالكلية وقطع كل العلاقات معهم وكان كل ما اشتد الضيق بالأقباط كلما ازدادوا تمسكا برأيهم وطمعا فى نوال الاستقلال الدينى الذى اشتروه بسفك دماء الألوف المؤلفة منهم

هرقــــــل 

فى زمن تولى فوقا كرسى القيصرية قام ضده هرقل والى افريقيا قاصدا الاستقلال بحكم مصر فناصره المصريون على فوقا لا سيما أهالى نفيوس الذين اعترفوا بحكم هرقل عليهم وساروا اليه تحت رئاسة أسقفهما ثيؤوذوروس ووكيله مينا ، ولكن جيش هرقل هزم أخيرا واسر الأسقف ووكيله فرفعا الكتاب المقدس بأيديهم ليعفو عنهما ، ولكن بعض أنصار فوقا اتهموهما بكسر تمثال لملكهم فقطع قائد جيش فوقا راس الاسقف وعذب وكيله بالجلد بالسياط الى ان دفع ثلاثة آلاف قطعة من الذهب فدية ولكنهما بعد يومين من اطلاقه من شدة آلم الضرب ورفع القائد يد القساوة على الذين تظاهروا بالميل لهرقل فجلد كثيرين منهم وقطع رؤوس الباقين ، غير ان هرقل عاد فشد آزره وهجم على الاسكندرية وقام المصريون بآسرهم معه وكان يوجد راهب بسمنود يدعى ثاؤفيلس اشتهر بالقداسة وقضي أربعين سنة فوق قمة عامود يعبد الله فتوجه اليه جيوش هرقل واستفهم عن مصير جيشه فتنبأ له خيرا وفاز القائد بجيش فوقا واستتب الملك لهرقل فى مصر سنة 610 م

فتح العرب

 قام الفرس بغزو بلاد الشرق وبعد ان أتموا فتح بلاد الشام واخذوا خشبة الصليب الى بلادهم زحفوا على القطر المصرى تمكنوا من الاستيلاء عليه فهجموا على الكنائس والأديرة وعاثوا فيها فسادا وأعلن القائد الفارسى فى الاسكندرية انه مستعد ان يعطى كل مصري من ابن ثمان عشرة سنة الى ابن خمسين سنة دينار فلما خرجوا الى خارج المدينة سلط عليهم السيوف فقتل منهم ثمانين آلف رجل ، ولما فعل خرجوا هذا رحل الى الصعيد وكان فى مدينة نقيوس قوم دسوا اليه بان الرهبان الذين فى الجبال والمغير وعددهم سبعة آلاف راهب يملكون خيرات جزيله ، فأرسل جيشه ليلا وأحاط بهم وفى الصباح أمر بقتلهم جميعا ، وباعت الأديرة التى خربوها بضواحي الاسكندرية 620 ديرا كان يسكنها رهبان ودمروا أديرة الرهبان ، وبقيت مصر يد الفرس عشر سنوات ساموا فيها المصريين الخسف والعذب أشكالا

عودة هرقل لفتح مصر

وفى مدة فتح الفرس لمصر كان هرقل مشغولا بتوطيد ملكه على جميع المملكة الرومانية و لما تم له ما أراد حول وجهه نحو مصر وأراد استخلاصها من يد الفرس إلا انه شعر بضرورةالاتحاد مع الأقباط ليفوز بغرضه فاستدعي اليه اثناسيوس بطريرك انطامية وطلب منه الانضمام للكنيسة الملكة فآبى مدافعا عن أيمانه القديم القويم قائلا : " لو اعتقدت أيها الملك الجليل بطبيعيتين فى السيد المسيح افينبغى ان نسلم لكل طبيعة منهما فعلا خاصا قائما بها وانها تفعل على حدتها بدون اتحاد الطبيعة الأخرى فيكون السيد المسيح اذ ان بناء على هذا الاعتقاد واحدا بالاسم واثنين بالفعل لان ليس واحدا بل اثنان " قال هرقل الى كلامه ومضي الى القسطنطينية وسال سرجيوس بطريركها عما اذا كان الفاعل فى السيد السميح واحدا ام اثنين فاجابه ان الفاعل واحد لان المشيئة واحدةوالادارة واحدة غير منقسمة ، فاقتنع بذلك وأراد ان يوحد المذهب المسيحية على هذا المبدأ وهو أن السيد المسيح واحد وفلعه واحد ومشيئة واحدة بدون ان يأتى بذكر الطبيعة الواحدة أو الاثنين

ثم كلف هرقل سرجيوس بطريرك القسطنطينية وكيروس أحد أساقفة المملكة الغربية وبعض أساقفة اليونان بان يضعوا منشورا يسمونه " مشروع الاتحاد " يقرون فيه ان السيد المسيح " مشيئة واحدة " ثم عين كيروس بطريرك الملكيين ان الاتفاق السياسي بين هرقل والمصريين يتوقف على الاتفاق الديني حاول ان يرغم البطريرك القبطي البابا بنيامين على توقيع المنشور رغما فهدد حياته وحياة كثيرين من وجهاء الأقباط حتى اضطر معظمهم ان يتركوا مدينة الاسكندرية وهرب البابا بنيامين وكان هرقل قد أوصى جنوده بانه اذا قال احد ان مجمع

حق اعفوامن قال انه ضلال اطرحوه فى البحر

المقوقس

وقد أقام هرقل على مصر واليا من قبله هو ( القوقس ) يسمونه عظيم القبط ، أما اسمه فكان جرجس بن مينا وهو يونانى ، الواضح ان المقوقس لما رأى انتفاض قصبة الملكة الرةمانية فى مصر وكان محبا للمال للدرجة القصوى ضم لحوزته كل الضرائب التى كان يأخذها من المصريين للحكومة ، ولما رأى ان هرقل مزمع ان يعيد سلطته لمصر ولابد يطالبه بدفع ما اختلسه من المال اضطر ان يسهل للعرب سبل الاستيلاء على مصر.