في ميلاد السيد المسيح لحضرة صاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا تادرس أسقف بورسعيد

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

BishopTadrosفي ميلاد السيد المسيح سر جليل.. فرح وتهليل.. خداع وتضليل لحضرة صاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا تادرس أسقف بورسعيد وكل تخومها"عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد " (1 تى 16:3)" ها أنا أبشركم بفرح عظيم 00 "(لوقا10:2)" ومتى وجدتموه فاخبروني لكي أتى أنا أيضاً وأسجد له" ( متى 8:2)

ظل العالم في انتظار هذا اليوم منذ ألاف السنين، منذ أن أخطأ آدم وحواء حينما خالفا وصية الله فحكم عليهما بالموت، ولكن محبة الله دبرت أن نسل المرأة يسحق رأس الحية. فبعدما كلم الله الآباء بالأنبياء، وفى ملء الزمان أتى رب المجد يسوع لكي يبدأ رحلة الفداء العظيم،رحلة المصالحة بين السماء والأرض، رحلة الحب العجيب التي تجلت في أن يترك ملك الملوك ورب الأرباب مجده السماوي لكي يأتي إلى عالمنا الأرضي الترابي بما فيه من مشاكل ومتاعب ويبدأ رحلة الخلاص العجيبة التي اكتملت عند الصليب وأعلنت في القيامة المقدسة.

ومن العجيب أن نجد أنه قد اجتمعت عدة متناقضات في الميلاد المجيد ففيه نرى سراً جليل، كما نرى فيه فرح وتهليل،كمانلمس بوضوح الخداع والتضليل:

1. في عيد الميلاد المجيد نرى سر جليل :

" عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد " (1تى 3 : 16)

سوف تظل البشرية مدى الأجيال في ذهول وحيرة ودهشة، ومهما حاول العلماء أن يجدوا تفسيراً لما حدث، لن يجدوا،ولن يستطيعوا سوى القول : " عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ".

ولكن كيف يتم هذا !! فلم يحدث ولن يحدث إطلاقاً في الوجود كله أن عذراء تحبل وتلد بدون زرع بشر.

" الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله " (لو 35:1).

حقاً : عجيب هو سر التقوى.. فهو سر جليل لا نستطيع إلا أن نقول : " عجيب أنت يا رب لأنك أنت الإله القادر على كل شيء ".

فالمولود في بطن العذراء هو ابن اللهوتلاحظ أن هناك فرق كبير بين أي إنسان يولد في بطن أمه وبين السيد المسيح، فالإنسان روح وجسد، أما السيد المسيح فهو روح ولاهوت وجسد، فإتحاد الروح والجسد يعطى الناسوت (الطبيعة البشرية)وإتحاد اللاهوت بالناسوت في بطن العذراءهو اتحاد كامل بغير اختلاط لا امتزاج ولاتغيير أعطانا الإله المتجسد: الكامل في لاهوته والكامل في ناسوته أيضاً.ولاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين (القداس الإلهي) .. هذا هوالمسيح ابن الله الذي نؤمن به..

وهناك عدة أمثلة توضح ذلك :

+ فالشمس عندما تشرق وأشعتها تخترق كل مكان فممكن أن تدخل أشعة الشمس غرفة ما، ولكن هذا لا يعنى أن الشمس أصبحت داخل الغرفة فقط، فهي في ذات الوقت تملأ الكون كله بأشعتها ونورها وحرارتها..

فان كان في إمكانية الله أن يجعل أحد خلائقه بهذه الإمكانية،فهل يصعب على الله نفسه ذلك !!

+ أيضاً ظهر الله لموسى وكلمه من العليقة، وكانت العليقة تشتعل بالنيران ولم تحترق،ولذلك نرنم طوال شهر كيهك قائلين :"العليقة التي رآها موسى النبي في البرية والنيران تشعل جواها ولم تمسسها بأذيه..."

فلقد كانت العليقة مثال للتجسد ليوضح إمكانية أن يوجد الله في مكان وفى نفس الوقت يملأ الكون بلاهوته ..

إذن إتحاد اللاهوت بالناسوت وتجسد الله الكلمة في بطن العذراء حقيقة مختلفة وليست مستحيلة.

لقد أمكن للبشرية كلها أن تتمتع بالفداء من خلال سر التجسد.فحينما تجسد الله الكلمة ، أخذ جسد إنسان و مات من خلاله . هذا من جهة الناسوت .. أما من جهة اللاهوت الغير محدود فبإتحادهبالناسوتأوفى العدل الإلهي حقه على الصليب لأن خطية آدم كانت غير محدوده وموجهه إلى شخص الله ذاته.

ومن هنا كان لا بد من التجسد .. سعياً إلى الفداء !!

حقاً أن سر التجسد سر جليل له احترامه وهيبته ووقاره..

2. أيضاً في عيد الميلاد نرى فرح وتهليل :

في يوم عيد ميلاد رب المجد أعلن الملاك الخبر المفرح للرعاة " ها أنا أبشركم بفرح عظيم.." (لو 2 :10 )

و المجوس " فلما رأوا النجم فرحوا فرحاً عظيماً جداً .. " ( متى 2 : 10 )

والملائكة أخذت تنشد في السماء قائلة : " المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة " ( لو2 :14)

لقد عاد الفرح للخليقة كلها، لأن الخطية تجلبالحزن والكآبة، فهيهات أن تروى الخطية الإنسان، لأنها مثل الماء المالح تزيد الإنسان عطشاً ..

و كل من يحيا حياة الخطية لن يرتوي أبداً بل سيظل يحيا حياة العطش والظمأ،ولن يرتوي أبداً إلا في شخص المسيح ..

لقد جاء الفرح.. فقد تخلصت البشرية من الكابوس الثقيل الذي كان يجثم عليها، منذ مخالفة آدم وحواء للرب، لذا فرح الملائكة لأنه قد قرب أن تتم المصالحة، بين السماء والأرض، لذلك أنشدوا: " المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة " (لو 2 : 14).

وكل من يحيا مع السيد المسيح يفرح، وكل من يحيا حياة الشركة الحقيقية مع المسيح يفرح، وكل من يقدم توبة حقيقية يفرح، ويتمتع بدم المسيح المسفوك على الصليب وبعطاياه،لأنه هو القائل : " لا ينزع أحد فرحكم منكم "(يو22:16).

وعندما نرى إنسان يحيا مع المسيح حياة حب، ويمارس وسائط النعمة "اعتراف وتناول وصوم وصلاة" لا بد أن نجده فرحاً، ولابد أن تجد السلام يملأ قلبه، بفرح روحي عجيب ( وبالناس المسرة ) (لو2 :14 )، ليس مثل فرح أهل العالم، انه فرح من نوع آخر، فرح القلب الذي يحيا مع المسيح في طمأنينة وطهارة ونقاوة وتوبة..

+فافرحي أيتها السموات..

+ وافرحي أيتها الأرض ..

+ وافرحي أيتها النفس البشرية التي ظلت تعانى من شقاوة الخطية مئات وآلاف السنين،فلم يعد للشيطان الآن سلطان على أولاد الله،لأنه بالفداء على الصليب تمت المصالحة بين السماء والأرض.

لقد عاد للبشرية كلها الفرح ..لذلك يحق للملائكة أن ترنم قائلة: "وبالناس المسرة" (لو2: 14)

3. وأيضاً في عيد الميلاد نرى خداع وتضليل :

بقدر ما فرحت الملائكة والرعاة والمجوس، بقدر ما كان هناك أناس آخرين لم يشعروا بالفرح، بل أخذوا ينتقدوا ويضللوا، فهم قد أظهروا مشاعر الفرح و لكن أخفوا مشاعر الحقد والكراهية لوليد المزود.

وهكذا نجد أن نفس تلك المشاعر توجد في نفوس كثيرين، عندما لا يستفيدوا من البركات الروحية التي يقدمها لهم الرب يسوع سواء في صورة النهضات الروحية أو العظات أو زيارات النعمة أو بأي صورة أخرى..

هوذا هيرودس، مثل واضح للخداع والحقد والتضليل، فهو يقول للمجوس : " متى وجدتموه فاخبروني لكي آتى أنا أيضاً وأسجد له " ( متى 2 :8)

وهو ينوى قتل الطفل يسوع فينطبق عليه قول الكتاب المقدس :

" يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من الداخل ذئاب خاطفة " (مت15:7)

" كلامه ألين من الدهن وهو نصال "(مز21:55)

ولكننا نتساءل .. ترى من هو الذي يخدعه هيرودس ؟!

هل هو يخدع المجوس أم يخدع نفسه أم يخدع الله !!

إن هناك كثيرين من الناس يعيشوا بنفس هذا المفهوم، يعيشوا بمفهوم الخداع والتضليل، فهم يلجأوا إلى الله فقط حينما تقابلهم الضيقات والمشاكل.. ولكن في وقت الراحة والهدوء والسلام يبعدوا سريعاً عنه وينكرونه بل وينقضوا كل تعهداتهم التي سبق أن قطعوها لأنفسهم أمام الله وقت الضيقات!!

إن هيرودس مثال الذين يريدون أن يتعاملوا مع الله من خلال مفهوم "المنفعة "لا نحب بالكلام ولا باللسان .. بل بالعمل والحق (1يو 3: 18)

فالذي يحب الله يحيا حياة شركة حقيقية معه، ويعطى للفقراء، ويدفع العشور، ويحترم كلام الله، وينفذ وصاياه ، يصوم ويصلى ويعترف ويتناول .. يعيش كمسيحي ويشهد للمسيح في حياته ..

- احترسوا من الخداع والتضليل مثلما كان يفعل هيرودس مع السيد المسيح..

- احذر أن تكون أنت صورة أخرى من هيرودس على الأرض في زمننا هذا ..

- احذر أن تملأ قلبك بالخداع والتضليل، فتظهر مشاعر حلوة لله من الخارج،ولكن داخلك حقد وكراهية وبغض وبعد عن الله..

+ عجيب أن عيد الميلاد كشف لنا كل هذه الأحداث ..

فقد رأينا في عيد الميلاد سر جليل .

كما رأينا في عيد الميلاد فرح وتهليل ..

كما يتضح أمامنا في عيد الميلاد الخداع والتضليل ..

الله قادر أن يعطينا بركات هذا العيد .. عيد الميلاد المجيد .. كي لا نكون، مثل هيرودس، خادعين.

+ ونقول للرب اليوم ..

- نحن فرحين بميلادك في المزود .. فمن فضلك تعال وأسكن في حياتنا وقلوبنا..

- ساعدنا أن نبدأ معك صفحة جديدة فيكفى ما فات من العمر.. أننا نريد أن نحيا معك كأولاد حقيقيين.. فرحين بك ، لأنك أنت هو مصدر الفرح لنا، ولأننا لن نجد الفرح بعيداً عنك،ولن نجده إلا فيك يا ربى فأنت مخلص ومحب للبشر..

هكذا أحب الله العالم - حتى تجسد وتأنس - وبذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم