نذور الرهبنة

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

                                                                                                                                                                                             
1. بالطاعة نتشبه بالسيد المسيح

 من أهم النذور في الرهبنة "الطاعة", فقد قال القديس الأنبا أنطونيوس: [الطاعة والمسكنة يخضعان الوحوش لنا](2), ويقصد هنا بالوحوش (الشياطين), فإن السيد المسيح نفسه هزم الشيطان وكل مملكته بطاعته للآب, بحسب لاهوته لا يوجد بينه وبين الآب طاعة ولا أوامر, لأنه مساوٍ للآب في الجوهر, المقصود بالطاعة هنا أنه أخذ شكل العبد "لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا في شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. لِذَلِكَ رَفَّعَهُ اللَّه أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ" (فى7:2-9), وبهذه الطاعة قهر الشيطان ودمر الجحيم, وحرر المسبيين.......


 فالإنسان المطيع يتشبه بالسيد المسيح في طاعته للآب السماوي, والطاعة يجب أن تكون في إطار وصية اللَّه, وليست ضدها, فالأمور التدبيرية يجب الطاعة فيها.

 الرهبنة هي موت عن العالم, ومن ضمن الموت عن العالم, الموت عن الذات وعدم إتمام المشيئة الشخصية أيضًا, وهذا عن طريق الانحلال من الكل والارتباط بالواحد, فلا يجب على الراهب أن يشتاق إلى أسرته أو يتعلق بهم. فالعلاقة بهم تكون علاقة روحية ويستفيدون منه عندما يأتون لزيارته, ويشعرون أنه يعيش في السماء ويجذبهم إليها, أمّا إذا تعلق هو بهم فسوف يجذبونهُ نحو الأرض.

2. طريق البتولية يتطلب يقظة روحية وجهاد
 البتولية مهمة جدًا في حياة الرهبنة, والشيطان حارب الآباء القديسين في هذه الناحية مثل القديس الأنبا أنطونيوس الذي حاربه الشيطان في صورة نساء وراقصات, ولكنه كان ثابتًا في حربه ضد الشيطان. فالكتاب المقدس يقول "قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ" (يع7:4), ورغم أن الحرب الشيطانية كانت شديدة عليه, لكنه كان صامدًا بجهادٍ رسولي. فعندما قاموا بشد قلنسوته وتمزيقها قام هو بإصلاحها وحياكتها, ونحن نضعها على رؤوسنا -أي الرهبان والراهبات- وعليها اثني عشر صليبًا؛ علامةً على الجهاد الرسولي, "وَأَيْضًا إنْ كَانَ أحَدٌ يُجَاهِدُ لاَ يُكَلَّلُ إنْ لَمْ يُجَاهِدْ قَانُونِيًّا" (2تى5:2)،  طريق البتولية يتطلب جهادًا وسهرًا ويقظة روحية مستمرة, وليس لفترةٍ معينةٍ من العمر وبعدها يتراخى الإنسان, فإن الشيطان ممكن أن يحارب الإنسان حتى في الشيخوخة. إذًا يجب علينا السهر والتيقظ والانتباه لحروب الشياطين.

3. الفقر الاختياري وضرورة استمراره

 بالنسبة للفقر الاختياري فالراهب يترك وظيفته ويترك ممتلكاته وميراثه, بالنسبة للميراث ممكن أن يتركه للكنيسة وإن اعترضت الأسرة فإنه يتركه لهم غير مبالٍ به, المهم في الأمر أن يترك كل شيء ٍيخص العالم. والمهم أيضًا أن يستمر الفقر الاختياري داخل الدير, فإذا لم يوَزَّع عليه شيء داخل الدير؛ فلا يهتم ويقول لنفسه "كيف أتضايق لأنهم نسوني؟!" أين الفقر الاختياري؟ هل هو مظهر خارجي فقط؟! أم يجب أن يعيش في القلب!

 وفي الفقر الاختياري ممكن أن الشيطان {يخرج من الباب ويدخل من الشباك}, فمثلًا: راهب يعمل داخل معرض الدير ويهتم بزيادة إيراداته ويتشدد في الأسعار, وله حُجّته في زيادة أموال الدير وتُسبب له زيادة المبيعات فرحًا, هذا ليس فقرًا اختياريًا؛ فالفقر الاختياري ينعكس على تصرفات الإنسان كلها. حتى وإن كان التعامل في أشياء تخص الدير. فيجب أن يكون الراهب زاهدًا في المال, ويكون الذهب متساوٍ مع التراب وليس له أية قيمة, ولكن يترك ميراثه خارج الدير ويُحَارِب من أجل الحصول على الأموال داخل الدير!! فهو بذلك يُقنِع نفسه بالزُهد في الدنيا ولكنهُ من أجل الدير لا يكون زاهدًا, وهذا وضع غير سليم.

 والفقر الاختياري ليس بارتداء الملابس الممزقة؛ للتباهي أمام الناس بالدرجة التي وصل إليها من القداسة, ولكن اختياره للفقر هو أن يتنازل عن أي شيء بسهولة, فلا يُخزِّن أي شيء في قلايته ولا يتعلق بأي شيء لديه. وعندما يؤخذ منه مثلًا شيء من أدواته لا يُبالى بذلك, ولا يغضب ولا يتساءل أين ذهب؟ فيجب أن يتوافر لديه الشعور بأن الكل هم واحد. فلا يهتم بالقنية حتى في الأدوات التي يحتاجها للعمل داخل الدير, لأن هذا يعنى أنه يحب القنية في مجال العمل. فإذا تخلى عنها يُرسل اللَّه له بدلًا منها أضعافًا, ولكن هذا لا يعنى الاستهتار في التعامل مع أدوات الدير.

والفقر الاختياري عندما يكون قويًا داخل القلب؛ فإنه يولد شعورًا بالافتقار للرب أيضًا, وهذا ما قيل عنهُ "طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ" (مت 3:5).

ويولد أيضًا الافتقار لعمل الرب في حياة الراهب وإلى معونته, ولا يشعر بأنه يمتلك أي شيء, كقول القديس بولس الرسول: "لأَنَّهُ مَنْ يُمَيِّزُكَ؟ وأيَّ شيء لَكَ لَمْ تَأْخُذْهُ؟ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ فَلِمَاذَا تَفْتَخِرُ كَأَنَّكَ لَمْ تَأْخُذْ؟" (1كو 7:4), فإذا حَباك اللَّه بمواهب فلماذا تفتخر؟ يجب أن تقول: إنني محتاج {شحاذ}, والشحاذ لا يفتخر بتسوله, فالفقر الاختياري إذًا ليس في الأمور المادية فحسب, ولكن في الأمور الروحية أيضًا وحتى في المواهب.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم