كنيسة اللة غريبة على الأرض، وغريبة من كل أرض. حرة من كل قيد أرضي، لا يحدّها إلا الله الذي في وسطها كي لا تتزعزع. يجمعها من أربع رياح الأرض، عندما يوحدها ويسير معها ويسيّج عليها ويتقدمها، يسير فنسير متغربين ( لكنه معنا )،
مشقات وأنين وتهديدات ودماء واستقواء ومخادعات خسيسة وكراهية ومظالم لا حصر لها. دفعت ملايين المسيحيين في الشرق إلى الهجرة والتشريد والمبيت في غربة العراء والعوز، يعانون الخسارة والاغتراب الظالم... خسروا كل شيء ، خسروا أوطانهم وممتلكاتهم وتاريخهم وذاكرتهم، ماضيهم وحاضرهم، هاربين من الوحشية والهمجية البربرية. لكننا نثق بعين الإيمان أن مولود المذود سيحملهم كما يحمل النسر وحيده، على جناحيه ليضعهم من قمة موضع إلى أخرى، وسيستودعهم عشه بأمان وسلامة، لأن الذين تشتتوا من قبل جالوا مبشرين بالكلمة، وفي هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا. إننا في هذه الآونة الصعبة نتذكر إخوتنا الذين فروا راحلين من فلسطين والعراق ومن سوريا ومصر، هاربين من الفساد ومن وجه الشر الكريه، ومن أمام المتنمرين الضامرين القتل والسفك والسلب والنقمة، هؤلاء الإرهابيين الذين خطفوا الثورات وجعلوها لا خريف مصغر بل شتاءًا عاصفًا طويلاً ، لكننا نرسل بعين الرجاء لإخوتنا الذين تشتتوا جراء هذه الضيقة، رسالة مسيح المذود المولود وسط معاناة الاغتراب والعوز والصقيع؛ إنه لن يتركهم، لأنهم غير منسيين عنده، إذ أنهم بسبب اسمه الحسن الذي دُعي عليهم؛ صاروا منبوذين مطرودين، لكنهم مطوَّبيين مع كل الذين طردوهم وعيروهم وقالوا فيهم كل شر كاذبيين. إن مسيحنا الحي سيجعلكم فرحين متهللين لأجل أجركم العظيم الذي في السموات، وسيضيء بصليبه على كل الربوع، ونوره لن تخفيه السنيين، وناره سوف تحرق حتمًا كل المضادين، طالبين من الملك المولود أن يحل بروح الحرية والحياة والقوة لتحل محل الحروب والسيوف والرماح والخراب، ليجعل هذه الأرض التي للدوس والعداوة والدماء، أرضًا للعيش والرحمه والسجود والإطلاق ... فلينقذنا الله منقذنا ولينجينا إله خلاصنا من الدماء... القادر وحده أن يُخرجنا من الظلمة إلي نوره العجيب، حتي يختم صفحات التاريخ وتبرز صورته مرسومة. في أعمال شهوده ومتقيه، حتى تكتمل صورة الكنيسة كإنطباق المثيل علي المثيل.
