فى الحقيقة يا أحبائي يصعب علىَّ جداً أن أتكلم لآن المشاعر تختلط فى داخلي، لا أريد أن أتكلم كأحد أفراد العائلة فإني أحس أن فى وجود آب العائلة كلها قداسة البابا شنودة الثالث هو يمثل عائلاتنا جميعاً وهو الذى يتقبل العزاء ويقدم الشكر ليس نيابة عنا بل أنه هو أبونا كلنان نشعر بمقدار الدالة العظيمة التى كانت لأبونا بيشوي لدى قداسة البابا، ولا أريد أن أتكلم أيضا كزميل له فى الخدمة،
فإني صدقوني من كل القلب لا أحس أننا قد فقدنا أبونا بيشوي لأنني اؤمن إيماناً صادقاً أنه يبقى حياً مع المسيح يسوع وأن رعايته لشعبه لم تنته بل أقول بكل صدق أنها تزداد قوة على مستوى أعظم لأنه إن كان معلمنا بولس الرسول وهو يتحدث مع أهل كورنثوس يقول لهم: " أنه كان غائباً بالجسد لكن كأنه حاضر بالروح"، فأقول يا أحبائي أنه لن يغيب مطلقاً، لا أقول هذا بكلمات عاطفية لكنها بثقة كاملة أنه فى وجوده فى الفردوس أمام الله يستطيع أن يخدمنا ويصلي من أجلنا ويسندنا أكثر بكثير مما كان وهو فى الجسد.
أنني يا أحبائي أحس بكل الإحساس وأنا جاي من الخارج لم أكن قادر أن أتصور كيف ألتقي بأبونا بيشوي وهو مريض وخاصة بالمرض الشديد، وكنت أتأمل وأدهش، صدقوني أن خدمته فى الـ 7 – 8 شهور التى عشتها هنا فى الآخر أقول أعظم بكثير من حوالي الـ 20 سنة التى مضت وهو فى خدمته وهو فى كمال الجسد .. يكفي وهو حتى فى اللحظات الآخيرة لم يشتكي رغم كل الأطباء اذين يعرفون مرض الـ Cancer قد إيه فيه آلام فى الداخل، لكن كان يلتقي بكل إنسان يهتم بخلاص نفسه ويسأله عن أقاربه ويهتم بكل شيء عن حياته، أقول مثل هذا الإنسان الذى فى وسط آلامه يهتم بالآخرين، فنحن لنا ملىء الثقة والآن قد خلع هذا الجسد لكي يعيش فى الفردوس لا ينسى شعبه بل يصلي من أجلهم ويهتم بهم ونحن متأكدون أننا سنرى قوة فى الكنيسة تزداد ليس بفعل بشري لكن بفعل تلك الصلوات التى يرفعها عنا.
نحن لم نره قط فى أي لحظة من لحظاته يعيش فى ضعف، غريب أبونا بيشوي بالذات فى العشرين سنة اتى عشتها معه ككاهن أو فى فترة الخدمة التى عشتها معه كخادم مدارس الأحد مفيش فى يوم دخل اليأس إلى قلبه، وفى آمر الظروف وفى وسط الضيقات المرة من الداخل أو من الخارج كنت لما أقعد معاه يقول ليَّ شوف يا أبونا كل ده بره لكن إلهنا قوي، ومفيش فى يوم إنسان دخل إعترف عنده وخرج يائساً ومفيش قعدة من القعدات قعدها إلا ودفع كل إنسا بقوة للعمل لحساب المسيح ولمجد الله ولبنيان الكنيسة ولسلام كل إنسان مهما كان هذا الإنسان.
الإنسان الذى علمنا أننا لا نعيش فى ضعف، إحنا النهارده مش حنبكيه وإن كنا لا نستطيع أن نكتم مشاعرنا لكننا نقول أننا سنعيش بنعمة إلهنا فى منتهى القوة كما سلك هو أيضاً نمتثل نحن به لأنه هو إمتثل أيضاً بالسيد المسيح، ما أحلى عبارته وهو فى وسط الآلم يقول هذه الكلمات الجميلة: ((أنتم خايفين ليه مش الصليب قوة إحنا ما أخدناش ضعف إحنا أخدنا رجاء)) وفى الكتاب الآخير الذى نزله آخر كتاب الصوم أو رحلة الصوم مع اشعياء فى الأحد الرابع إللي هو بتاع اليومين دول يكتب هذه العبارات الجميلة:
((أنه ذهب الموت إلى الأبد وليس له سلطان بعد)) يا أحبائي لا أقصد أن أمدح فيه لكن أقصد أن أقول ليعطينا الرب كلنا أن نسلك بذات الروح وأن يعطينا قوة من السماء لكي نكمل هذا العمل؛ وإني يا أحبائي لضيق الوقت أترك الفرصة إن سمح لنا الرب فى فرصة أخرى أن نتحدث معاً عن مفهوم الرعاية الصادقة الحية التى إمتثلت فيه ليس مديحاً فيه ولكن لكي نتمم نحن أيضاً غربتنا ونكون معه. لإلهنا كل مجد وكرامة إلى الأبد أمين