باب المعرفة السير جوزيوا رينولدز أســرة المجلة

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

السير جوزيوا رينولدز
Sir Joshua Reynolds
نشـأته
فى قرية صغيرة تدعى بوليمبتون Plympton ولد السير جوزيوا رينولدز الذى يعد أعظم من أنجبته إنجلترا من مصورى الأشخاص، وكانت ولادته فيها يوم 16يوليو 1723م

تلقى رينولدز تعليمه الابتدائى على يد والده الذى كان قسيساً، وناظراً لمدرسة بليمبتون للغات .. كان رينولدز تلميذاً كسـولاً خاملاً، وكثيراً ما كان يثير سخط والده .. كان يقضى وقته فى مؤخرة الفصل، يرسم السمك أو بعض المنظورات، بل إنه فى بعض الأحيان كان يرسم الأشخاص الذين حوله، ولابد أن والده المسكين قد تملكه اليأس من مستقبل ابنه، ولكنه لم يكن يعلم أن تلك الموهبة كان مقدراً لها أن ترتفع بجوزيوا إلى ذروة المجتمع الراقى، وتوثق صلاته بطبقة النبلاء، وتوفر لـه وسائل الأمن والرفاهية التى يمكن للثراء أن يوفرها

انطـلاقته الفـنية
عندما بلغ رينولدز الثامنة عشر من عمره سمح له أبيه بالذهاب إلى لندن ليدرس فى مرسم توماس هادسون أحد كبار رسامى الأشخاص فى عصره، ولكن العامين اللذين قضاهما هناك كانا كافيين لكى تثور شخصية رينولدز الاستقلالية على القيود الدقيقة التى كان يفرضها أستاذه فى مرسمه، فغادره وعاد إلى مسقط رأسه حيث أنشأ مرسماً خاصاً به لتصوير الأشخاص
كان رينولدز منذ نعومة أظفاره يشعر بأن له رسالة فى الحياة، وكانت رسالته هى أن ينشئ مدرسة للتصوير فى إنجلترا تواصل تقاليد مصورى عصر النهضة الإيطالية الذين كانت ملكاتهم تمكنهم من إبراز أدق التفاصيل، وشكل الجسم الإنسانى، مما لم يدانيهم فيه أحد من قبلهم

السير جوزيوا رينولدز

وفى العقد الثالث من عمره عقد صداقة مع اللورد إدجوكمب الذى أثبت فيما بعد أنه راع بالغ الكرم وقوة التأثير، وقد قدم رينولدز إلى أحد الضباط البحريين ويدعى الكومندر كيبل (الذى أصبح فيما بعد أدميرالاً ثم فيكونت) وكان هذا من بين الشخصيات التى أبدع رينولدز فى تصويرها. وقد دعا كيبل رينولدز ليرافقه فى رحلته إلى البحر المتوسط وإيطاليا. وبذلك أتيحت له فرصة مشاهدة البلاد التى كان يعجب بفنها أشد الإعجاب. وقد أمضى رينولدز معظم الفترة ما بين عامى 1749و 1752 فى القارة. وقد درس بصفة خاصة أعمال رافائيل، وتيتيان، ومايكل أنجلو، وكويجيو، ورامبرانت، وروبنز، كما أمضى عامين فى روما. ومما يذكر عنه أن الساعات الطويلة التى كان يقضيها فى الدراسة داخل حجرات الفاتيكان الباردة قد تسببت فى إصابته بذلك البرد الذى كان السبب فى صممه الكامل
بعد أن عاد رينولدز إلى لندن افتتح مرسمه وبدأ عملاً قدر له أن يصبح مثار إعجاب وحسد أقرانه من المصورين .. لقد حظى رينولدز بنجاح لم يحققه مصور من قبله، وسوى قلة قليلة من بعده. كان الراغبون فى التصوير يتدفقون على مرسم ذلك الرجل القادم من ديفون، وكان الممثلون والممثلات وأفراد من الأسرة المالكة ورجال الأدب. ولعل مقدرة رينولدز فى إبراز الشخصية تتجلى بوضوح فى لوحتين من تصويره هما صورة اللورد هيثفيلد، وصورة صديق رينولدز العظيم الدكتور صامويل جونسون. وفى كلتا هاتين الصورتين استخدم رينولدز خلفية داكنة مزجها بالأضواء المسرحية المقحمة بدرجة ما، والتى كان يحبها كثيراً ومع ذلك فإن الصورتين تبرزان شخصيتى الرجلين اللذين صورتهما. وفى صورة هيثفيلد نجد الشخص واقفاً فى خيلاء وتحد. وقد بالغ رينولدز فى إبراز الملامح الخشنة بالمقارنة مع ألوان الثياب المضيئة. ومن جهة أخرى فإن الثقل والقوة فى لوحة الدكتور جونسون الرائعة لما توحى بالإحساس بفرط ذكاء صاحب الصورة
ولم تقتصر مهارة رينولدز على إبراز مختلف شخصيات الرجال بل إنه استطاع بفرشاته السريعة الطبيعية أن يلمس أغوار شخصيات النساء أيضاً. ومع ذلك فمن المحتمل أن مقدرة رينولدز لم تبد أكثر تفوقاً كما بدت فى الصور التى رسمها للأطفال الصغار. إن هذا الرجل الهادئ اللطيف الذى لم يسبق له الزواج كان يتميز بمقدرة قل من تميز بها الفنانين على إدراك أدق ملامح البساطة والبراءة والطهارة التى يتسم بها الأطفال. ويمكننا أن نلحظ ذلك فى لوحة (رؤوس ملائكة)، وفى لوحة (الليدى كوكبيرن وأطفالها) الموجودة بالمتحف القومى بلندن. كانت لمسات فرشاة لينولدز من الرقة لدرجة أنه كان باستطاعتها أن تسجل التعبيرات الرقيقة التى ترسم على وجه الطفل
وقد رسم رينولدز أيضاً عدداً من الموضوعات الأدبية والتاريخية، وهى تركيبات رائعة وإن كانت تعتبر عادة أقل جودة من صور أشخاصه

الفـنان أثنـاء العـمـل
كتب ماسون شاعر القرن 18 يصف طريقة رينولدز وهو يعمل فى مرسمه فقال : " عندما لا يكون رينولدز مشغولاً فى تصوير أحد الأشخاص، تجده منهمكاً فى تعديل اللمسات الأخيرة لبعض لوحاته القديمة أو شارعاً فى تصوير طفل فقير أو متسول. ويستطرد ماسون فيصف طريقة رينولدز فى وصف الأشخاص فيقول : يبدأ رينولدز فى تنظيف قماش اللوحة ذى اللون الفاتح بفرشاته ويعمل بسرعة فى القماش التيل، مخططاً بالفرشاة رأس من يقوم برسمه. ورينولدز يكره استخدام الفحم أو الجرافيت فى البداية، وهو دائماً يبدأ عمله بالفرشاة ولا يضع فوق لوحة الألوان سوى رقائق من الأبيض والأحمر والأسود "
وفى الجلسة الثانية يضيف رينولدز اللون الأصفر الأسبانى. وفى النهاية يضع أصعب الألوان تطبيقاً، وهى ألوان البشرة. كان رينولدز يستخدم عدة أنواع من الزيوت والأطلية لتسهيل انتشار الألوان، وهذه أيضاً كثيراً ما كانت تتشقق وتبهت مع مرور الوقت
وضع جوزيوا رينولدز مبادئ جديدة لتصوير الأشخاص. وقد توسع فى أفكار المصورين الإيطاليين، فيما يختص بالتركيب واستخدام الضوء والظل. وكان يتميز بقوة ابتكار خاصة به بلغت حداً من التفوق لدرجة أن توماس جينزبورو الذى اعتبر منافساً له، اضطر للاعتراف فى إحدى ندوات الأكاديمية الملكية بأن " الرجـل شديد التنوع "

أول رئيس للأكاديمية الملكية
تأسست الأكاديمية الملكية فى ديسمبر 1768، وتم انتخاب رينولدز عضواً بها، وكذلك أول رئيس لها. وبعد ذلك بأشهر قليلة، مُنح رتبة فارس، وعرض الملك جورج الثالث أن يجلس أمامه ليصوره. وقد ظل رينولدز رئيساً للأكاديمية حتى عام 1790. وبإرشاد منه تأسست مدارس الأكاديمية الملكية للتصوير والنحت والعمارة .. كما أنه أول من نفذ فكرة إقامة حفلات الأكاديمية السنوية، وقد نشرت الخطب التى ألقاها فى تلك الحفلات، واشتهرت باسمه، وهى لا تقتصر على إمدادنا بالمعلومات عن أفكار رينولدز ولكنها قدمت لنا عرضاً للنظريات الفنية، والتقاليد التى كانت سارية فى ذلك العصر
لم يكن رينولدز فناناً فحسب بل كان أيضاً من رجال الفكر المعتزين بأفكارهم وهو ما كان متوقعاً من صديق العمر للدكتور جونسون. كان رينولدز رجلاً اجتماعياً، وكان يميل كثيراً لصحبة رجال الأدب. وكان عضواً فى نادى جيرار ستريت الشهير، وهناك لابد أنه قابل جولد سميث، وجاريك، وبيرك وغيرهم. وفى عام 1789 فقد رينولدز بصر إحدى عينيه، واضطر لاعتزال التصوير، ثم أخذت صحته تتدهور إلى أن توفى فى فبراير عام 1792
وبعد رينولـدز قام كثير من الفنانين بمحاكاة أسـلوبه فى التركيب والضوء والتنسيق، ومن الجائز أن يكون كثيرون قد تفوقوا عليه فى إبراز دقائق الموضوع، ولكن أحداً لم يترك وراءه مثل ما تركه السير جوزيوا رينولدز من صور أعلام عصره ورجاله المثقفين

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم