الفرح الحقيقي لصاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا تادرس أسقف بورسعيد وكل تخومها

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 
المجموعة: مقالات نيافة أنبا تادرس الزيارات: 2844

"ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب" ( لو2: 10)
• في ميلاد الرب يسوع نسمع كثيراً عن كلمات الفرح التي صاحبت ميلاد ربنا يسوع المسيح فنسمع الملاك يخبر الرعاة: "ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب" ثم رددت الملائكة من السماء: "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" (لو2: 14)

 

لقد أتى الوقت الذي أزيلت فيه العداوة بين الإنسان وبين الله وتمت المصالحة بين السماء والأرض فلقد بدأ الله يتمم خطة الفداء التي دبرها منذ الأزل لكي يفتح الفردوس مرة أخرى لمن أحبوه وأحبهم.

 

• لذلك يجدر بنا أن نفرح قلوبنا بمجيء رب المجد إلينا، إذ انه تنازل وقبل أن يأخذ جسدنا لكي ينوب عنا في رحلة الفداء العظيمة التي أتمها على الصليب.

• هل كل فرح مقبول من الرب؟

هناك نوعين من الفرح، فرح مقبول وآخر مرفوض.

1)الفرح المرفوض (الفرح غير المقدس)

ما أكثر الفرح والسعادة الوهمية الوقتية التي يقدمها العالم والشيطان للناس، لكنها سعادة مغشوشة وفرح باطل سرعان ما يتبخر ويتلاشى ويتحول إلى شقاوة وتعاسة، فالفرح الذي يقدمه العالم للإنسان سرعان ما يتلاشى، ولكن هناك الكثيرين الذين ينسوا انه لا يوجد فرح ولا سعادة حقيقية بعيداً عن الله.

والفرح المرفوض هو فرح أهل العالم، فالذين يفتشون عن الفرح في الأمور المادية والملذات الدنيوية يصيبهم الفشل ويحل بهم الكآبة إذ يضلون الطريق ويبعدون عن الفرح الحقيقي.

والشيطان يريد أن يشغل الإنسان عن الفرح الحقيقي وعن الفرح بالمسيح، انه يجعل الإنسان ينشغل بالماديات والشهوات (شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة) ومشاغل الحياة، فيضيع الإنسان ويفقد أبديته. وهذا ما حدث مع الابن الضال إذ ذهب للكورة البعيدة بحثاً عن الفرح والسعادة التي ظن انه سيجدها بعيداً عن بيت الأب ولكنه في النهاية ذاق مرارة الذل والتعاسة.. وهذه هي قصة الكثيرين من البشر.

2)الفرح المقدس:

الفرح المقدس هو الفرح بحسب إرادة الله وبحسب مشيئة الله وهو يختلف تماماً عن فرح العالم وفرح الشيطان.

أ‌) فرح الإنسان عندما يقدم توبة:

الإنسان الذي كان يعيش في الخطية ويقدم توبة لربنا نجده بعد الاعتراف لأب اعترافه يخرج فرحان. وتفرح السماء بفرح الأب السماوي بكل إنسان يرجع ويقدم توبة، فرحه لا توصف.

ب‌) فرح الإنسان بفعل الخير:

"تعالوا إلى يا مباركي أبى رثوا الملك المعد لكم منذ إنشاء العالم لأني جعت فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني، كنت غريباً فأويتموني، عرياناً فكسوتموني. مريضاً فزرتموني. محبوساً فأتيتم إلىَ.. الحق أقول لكم بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم" (مت25: 35-40)

فالنفس الفرحانة بربنا تعبر عن فرحها بالمسيح بعمل الخير مع المحتاجين والمساكين، وعجيب جداً أن السيد المسيح تكلم عن الفرح في العطاء وليس الفرح في الأخذ "مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ" (أع20: 35)

ففي العالم يفرح الإنسان يأخذ الماديات والشهوات واللذات، ولكن الفرح الروحي الحقيقي هو في العطاء.. لقد عكست المسيحية كل مقاييس العالم وأعلنت أن الفرح هو في العطاء.

جـ) فرح في الضيقات:

"احسبوه كل فرح يا أخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة" (يع1: 2). إن أي ضيقات يسمح بها الرب تعنى أن هناك صليب في

الأرض وإكليل في السماء، لذلك كان القديسين والشهداء يذهبون للاستشهاد وهم فرحين أن يقدموا حياتهــم.

إن علامة المسيحية هي الفرح، فإياكم أن تقلدوا أهل العالم فتفقدوا فرحكم الحقيقي في الضيقات والمشاكل متذكرين قول رب المجد:

"فى العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم" (يو16: 33)

"وكل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله" (رو8: 28)

كيف تفرح الفرح المقدس الذي يرضى ربنا؟

• عندما يعلن الملاك "ها أنا أبشركم بفرح عظيم" (لو2: 10) يخبرنا أن أولاد الله يجب أن يفرحوا الفرح الروحي الذي يرضى الله، افرحوا بعمل الخير، افرحوا بالتوبة، افرحوا بالتناول، افرحوا بقراءة الإنجيل، افرحوا أنكم تعيشوا بحسب مشيئة الله، فهذا هو الذي يفرحكم00

لذلك اسأل نفسك باستمرار هل الفرح الذي تعيشه هو الفرح الذي يرضى الله؟! وإذا كانت الإجابة بلا، فلا تشترك فيه مهما كان الثمن 00

بل ارجع ثانية، وفرح ربنا، وافرح الفرح الحقيقي..

+ افرح عندما تقوم بعمل الخير..

+ افرح عندما نرجع لحضن المسيح بالتوبه..

+ افرح عندما تعترف وتتوب وتتقدم لسر التناول من جسد الرب ودمه الأقدسين، وتشعر أن المسيح بداخل قلبك..

- نريد أن نفرح الفرح المقدس الذي حسب إرادة الله، فلقد أعلن الملاك في عيد الميلاد المجيـــد "ولد لكم مخلص" (لو2: 11) الذي جاء ليخلص البشر من خطاياكم، فلنفرح لأن الرب تجسد سعياً للفداء ولكي يفرح قلوبنا:"لا ينزع أحد فرحكم منكم"

- نريد أن نتعلم الفرح الدائم، فنفرح قلوبنا من الداخل ويفرح قلب الله بالتوبة وترك الخطية والمواظبة على وسائط النعمة، والتناول من جسد الرب ودمه الاقدسين.

- نطلب من الله أن يجعل ايامكم كلها أفراح، فتعيشوا الفرح الروحي المقدس الذي هو بحسب إرادة الله، فرح التوبة، فرح التناول، فرح قراءة الإنجيل، فرح الصوم، فرح الصلاة، فرح العبادة المقدسة، فرح العطاء، فرح محبة الآخرين، لان هذا هو الفرح الحقيقي.. ولربنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.