التأريخ للشهداء والتعييد لذكراهم

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

648120ينبغي أن يدرك كل مسيحي أن المسيحية أولاً وأخيراً شهادة للمسيح!! "ونحن شهود له" (أع 32:5). وكلمة شهيد تعني شاهد، وكانت تُطلق في البدء على الرسل فقط بصفتهم شهوداً لحياة المسيح وموته وقيامته كما أوصاهم الرب: " وتكونون لي شهوداً" (أع 8:1)

ولكن حدث أن بدأ الرب يظهر بنفسه لكل من يتألم كثيراُ بسبب الإيمان باسم المسيح وبالإخص للذين يسلَّمون للموت طواعية عن حجب وهيام، وذلك في لحظة انطلاق الروح، فدُعي بذلك شهيداً كلُّ من قَبِل الموت من أجل اسم المسيح باعتبار أنه قد دخل حتماً في رؤيا فعلية لوجه الحبيب! ودخلت بذلك الشهادة للمسيح بالموت في درجة تكريم فائقة جنباً إلى جنب مع درجة الرسولية. فالشهيد يُذكر في الطقس الكنسي بعد الرسل مباشرة وقبل أعاظم القديسين حتى ولو كانت حياته قبل شهادته في درجة الموعوظين، لأن سفك الدم اعتُبر أيضاً معمودية بأعمق ما تعنيه المعمودية كصبغة وشركة في موت المسيح!!

والتاريخ الكنسي المبكر يحتفظ لنا، ومنذ القرن الثاني، بصور رائعة عن تكريم الكنيسة لشهدائها، حيث كان الطقس الكنسي يعتبر ولا يزال أن يوم الاستشهاد بالنسبة للشهيد هو يوم الميلاد الحقيقي له أي الميلاد السمائي الذي فيه يبدأ الحياة الأبدية الحقة!

وقد تمادت الكنيسة في تكريم ذكرى شهدائها إلى أقصى حد ممكن، إذ رتبت في يوم ذكرى الشهيد طقس الخدمة الكنسية كله لتكريم شهادته من تسبيح وصلاة وقراءة ووعظ، ثم تقدم الذبيحة الإلهية التي تُعتبر قمة التعييد والتمجيد. ومعروف أيضاً أن الكنيسة منذ العصور الأولى أقامت هياكل صغيرة تتحوي أجساد شهدائها، وكانت هذه الهياكل أو الكنائس تسمى باسم "مارتيريم Martyrium"  أي "مكان الشهادة". وهذا نقرأ عنه في سيرة أنبا مقار الكبير حينما أقام كنيسة صغيرة تضم حسدي مكسيموس ودوماديوس:

( ولما كان الآباء والزائرون يجتمعون بالأب مقارة كان يأخذهم إلى قلايتهما ويقول:
"هلموا بنا نعاين شهادة مارتيريم الغرباء الصغار"

ويلاحظ القارئ أن كلمة شهادة هنا هي ترجمة حرفية من اليونانية أي "كنيسة صغيرة لذكرى شهيد" كان هذا أقصى تكريم استطاع القديس أنبا مقارة أن يُخلد به ذكرى هذين الراهبين الشهيدين بغير سفك دم!

والكنيسة ما تزال حتى اليوم تعتبر شهداءها شفعاء لها يتكلم دمهم أمام الله أفضل من هابيل، وبقايا أجسادهم ذخيرة أعلى من الذهب الفاني وأكرم من كل زينة وجمال وبهاء. فالكنيسة مهما كانت صغيرة وحقيرة وكلن إن كانت تحمل جسد شهيد فهي تفتخر على أعظم كاتدرائية في العالم، حتى ولو كانت حيطانها من طين. ولكن ليس هو افتخار اسماء وأجناس وبلاد ولغات بل افتخار شهادة بالرب مختومة بالدم كقول الإنجيل: "من افتخر فليفتخر بالرب" (1كو 31:1)!!

ولقد مرت الكنية بزمن كانت لا تحتسب فيه أي مذبح أنه جدير بالتكريس إلا إذا كان يحوي جزءاً من جسد شهيد!!

وكان الكاهن الذي يعيَّن على مذبح شهيد يعتبر أعلى مرتبة من أي كاهن آخر وكان يسمى "مارتيراريوس" أي خادم شهادة.

من كتاب الشهادة والشهداء
الأب متى المسكين

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم