حكمة الله في المنع والمنح

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 
المجموعة: ناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول الزيارات: 17318

                                                                                                                                                                                         

"الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 2: 4).

† بنعمة ربنا نريد أن نتكلم عن حكمة الله في المنع والمنح من خلال حياة مارمرقس. ففي حياة كل منا يا أحبائي، من الممكن أن ترى حكمة الله - في مرات كثيرة - تمنع عن الإنسان بعض الأمور أو تحرم الإنسان من بعض الأمور. وفي مرات أخرى ترى حكمة الله أن تعطي الإنسان أو تمنحه أو تعطيه أمور.

وسواء منع الله عن الإنسان أشياء أو منح الله للإنسان أشياء ففي تلك الحالتين الحكمة الإلهية ترى أن هناك أمر نافع لأجل خلاص هذه النفس.


نريد أن نرى هذا الدرس في حياة مارمرقس ونطبقه علينا من خلال معاملات ربنا مع قديسيه سواء في العهد الجديد أو العهد القديم بذات المبدأ أن الله إذا منع شيء عن الإنسان يكون هذا لخير الإنسان. وإن منح شيء للإنسان فأيضًا الله يرى أن ذلك في خير الإنسان.

 ضياع أموال عائلة مارمرقس
أول منع في حياة مارمرقس كان ضياع أموال عائلته:
† بالنسبة لمارمرقس نحن نعلم أن ديانته ديانة يهودية. لكنه من جهة المولد ولد في القيروان. أحد الخمس مدن الغربية التي تقع نواحي ليبيا. وكانت عائلته غنية وتعيش في القيروان إلى أن هجم عليهم مجموعة من البربر واستولوا على كل أملاكهم. وهنا وجدت هذه العائلة - التي كانت في رغدة من العيش - نفسها في حالة فقر أو عوز أو احتياج والذي أزاد من المشكلة أنهم بعيدين عن بلادهم وعن أهلهم.

† وهنا قد نتساءل لماذا سمح الرب بذلك؟ فهذه العائلة كانت معروفة بالتقوى والتمسك بالتعاليم اليهودية. ومن الأدلة على ذلك أنه بالرغم من أن مارمرقس مولود في القيروان إلا أن عائلته أعطته بجانب الاسم الروماني الذي سيتعامل به في المجتمع الخارجي، اسم يهودي من عشيرتهم وهو اسم "يوحنا" أي "حنان يهوه" وذلك تمسكًا بديانتهم اليهودية وعادتهم وتقاليدهم.

† فمثل هذه العائلة التقية التي تخاف الله لماذا يسمح الرب أن تمر بهذه الظروف الصعبة؟ ألم يكن الله قادرًا أن يمنع عنها هذه المشكلة؟! ألم يكن الله قادر أن يتدخل ويمنع هؤلاء البربر؟!

ما حدث لهذه العائلة كان تجربة شديدة القسوة وكان من الممكن أن يتسبب في الكثير من التوتر والانزعاج الذي قد يصل إلى حد الارتداد والكفر بالتعاليم الدينية.

† والتجارب الشديدة مثل التجربة التي قابلت عائلة مارمرقس كثيرًا ما تحدث في حياتنا جميعًا. فبالرغم من أن الكثير منا يعيش بجدية ويحاول أن يرضي الله - بالطبع لا يوجد بيننا أحد كامل "إِنْ قُلْنَا: إِنَّنَا لَمْ نُخْطِئْ نَجْعَلْهُ كَاذِبًا، وَكَلِمَتُهُ لَيْسَتْ فِينَا" (رسالة يوحنا الرسول الأولى 1: 10) - لكن إلى حد كبير معظمنا يعيش بجدية ويشعر بالاحتياج الشديد لله، ولذلك عندما تأتي تجربة شديدة نتساءل: لماذا يا رب سمحت أن تحدث هذه التجربة القاسية لي؟ ألم تكن قادرًا أن تمنعها عني؟ أنا يا رب أسير في طريقك محاولًا إرضائك؟! لماذا سمحت بهذا؟ ويشعر الشخص أن هذه التجربة فوق طاقته وغير قادر على احتمالها. وأحيانًا نقول الكلمة التي قالتها نعمة "إن يد الرب قد خرجت علي". وقد يسأل أحدنا لماذا اشتد الرب علي في هذه الضيقة؟! ما حكمة الله في ذلك.

كل ما يحدث لنا خاضع لسلطان الله:

† أولًا لا بد أن نضع في أنفسنا أن كل الذي يحدث في حياتنا خاضع لسلطان الله، سواء كنت إنسان صالح أو غير ذلك - "هَلْ تَحْدُثُ بَلِيَّةٌ فِي مَدِينَةٍ وَالرَّبُّ لَمْ يَصْنَعْهَا؟" (سفر عاموس 3: 6)، لا يمكن أن تحدث لك ضيقة أو مشكلة أو كارثة دون أن يكون ذلك بسماح من الله، مهما بدا لنا أن السبب ناس أشرار، أو ظروف سيئة، أو أحوال غير طبيعية، أو صدفة، أو نصيب.....إلخ، فكل هذا لا يمكن أن يمسك بمكروه إلا إذا سمح الله بذلك.

بالظبط كما قال داود عندما شتمه شمعي بن جيرا: "دَعُوهُ يَسُبَّ لأَنَّ الرَّبَّ قَالَ لَهُ: سُبَّ دَاوُدَ. وَمَنْ يَقُولُ: لِمَاذَا تَفْعَلُ هكَذَا؟»" (سفر صموئيل الثاني 16: 10). فحتى الإهانة لا يستطيع أن يوجهها لك شخص إلى بسماح من الله.