السيد المسيح المثالى - للبابا شنودة الثالث

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

480624 10150598057285829 669090828 9616359 1212230205 nأحب اليوم أن أكلمكم فى عيد الميلاد المجيد عن السيد المسيح له المجد الذى هو مثال فى كل ما يعمل، ويحب المثاليات .. أراد أن يوجهنا إلى شئ منها فقال "كونوا كاملين كما أنا أباكم الذى فى السموات هو كامل"(1)، وطبعاً يقصد الكمال النسبى لأن الكمال المطلق هو لله وحده.
المسيح المثالى
 (1)-(مت5: 48).

والكمال النسبى .. نسبة لإمكانيات كل شخص وقدرته، ونسبة إلى ما يعطيه الله له من قوة، ومن معونة .. ونسبة إلى ما يتجاوب الإنسان من عمل الله معه.
هذا الكمال النسبى يشمل علاقتنا بالله .. وعلاقتنا بالناس وعلاقتنا بأنفسنا.
أما عن علاقتنا بالله فقد قال لنا السيد المسيح "تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك"(1).     
ومحبة الله من القلب تقودنا إلى طاعة الله الذى قال "من يحبنى يحفظ وصاياى"(2).
محبتنا لله تشمل أيضاً أن نفعل فى كل حين ما يرضيه حسبما نقول فى صلاة باكر .. أما إذا أخطأنا وكسرنا بعض الوصايا، فلنلجأ إلى مغفرة الله .. وهى لا تتم إلا بالتوبة .. لأن الله لا يغفر من يستمر فى خطيته.
وعن التوبة قال الله "إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون"(3).
إلى جوار التوبة ينبغى أن نغفر لأخوتنا الذين يسيئون إلينا لأننا فى الصلاة الربية نقول "اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضاً للمذنبين إلينا"(4).
وقال السيد المسيح "إن لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم أبوكم السماوى زلاتكم"(5).
ومن المحبة الكاملة لله أن ننتظر باستمرار ملكوته .. وقد تكلم السيد المسيح مراراً عن ملكوت الله، وملكوت السموات .. ونحن فى الصلاة اليومية التى نقولها "ليأت ملكوتك"(6) .. أى يملك الله على أفكارنا، وعلى قلوبنا، وعلى حواسنا، وعلى مشاعرنا .. أى ملكوت الله فى داخلنا.
ونقصد بالملكوت أيضاً .. أن يملك الله على العالم .. على كل ما فيه من البشر أى سائر الناس.

 (1)-(مت22: 37).        (2)-(يو14: 15).        (3)-(لو13: 3).
 (4)-(مت6: 12).            (5)-(مت6: 15).        (6)-(مت6: 10).                                                 
وفى كمال محبتنا لله تكون صلواتنا .. والصلاة ليس مجرد ترديد كلمات، فقد لام الله فى القديم الشعب اليهودى "هذا الشعب يعبدنى بشفتيه أما قلبه فبعيد عنى"(1).  
فالصلاة هى صلة بين الله والناس ..
لذلك قال السيد المسيح "صلوا كل حين ولا تملوا"(2).. وأيضاً "صلوا بلا انقطاع"(3)..
هكذا كان معنى الصلاة .. لا نكتفى بصلوات الساعات التى يصليها الشعب كله بطرق معينة، ولكن بالإضافة إلى هذا يمكن أن يُصلى كل حين.         
أيضاً من كمال علاقتنا بالله أن نؤمن به .. ونؤمن بعنايته لنا فى كل شئ ..
السيد المسيح قال "لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ ؟ اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّـمَاءِ : إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا.أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَـرِيِّ أَفْضَـلَ مِنْهَا ؟ وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعاً وَاحِدَةً ؟ وَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِاللِّبَاسِ؟ تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو! لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ. وَلَكِنْ أَقُـولُ لَكُمْ إِنَّهُ وَلاَ سُـلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا"(4).
نحن فى علاقتنا بالله ينبغى أن نصل إلى كمال هذه العلاقة ..
من علاقتنا بالناس "طوبى لأنقياء القلب"(5)، والشخص النقى القلب لا يمكن أن توجد فى قلبه خطية واحدة .. ولا يلفظ بأى كلمة خاطئة، لأن الكلام الخاطئ ينبع من القلب الخاطئ.
وقال السيد المسيح "الإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخـرج الصلاح، والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر"(6).
 (1)-(مت15: 8).            (2)-(لو18: 1).        (3)-(1تس5: 17).
 (4)-(مت6: 25).            (5)-(مت5: 8).        (6)-(مت12: 35).
طيور السماء وزنابق الحقل
وقال عن الكلمات البطالة "كل كلمة بطالة تخرج من أفواهكم تعطون عنها حساباً فى يوم الدين"(1).. أى كل كلمة ليست للبنيان أى لا تنفع بشئ.
إذن فخطية الكلام هى خطية مزدوجة .. هى فى الأصل خطية قلب ثم خطية  لسان.
 (1)-(مت12: 36).   
السـلام
وأما من جهة السلام فقد أوصى عليه السيد المسيح كثيراً .. فقد قال "طوبى لصانعى السلام لأنهم يدعون أبناء الله"(1).
وأتذكر إننى فى بعض زياراتى للخارج لما كانت الفرصة تسمح لى بزيارة أسرة معينة .. كنت وأنا داخل إلى البيت من أول خطوة أقول .. قال ربنا يسوع المسيح "وأى بيت دخلتموه فقولوا أولاً سلام لهذا البيت"(2).                
أما عن السلام فى المعاملات، فوضع لنا السيد المسيح قاعدتين منهما التسامح والاحتمال والمغفرة للمسيئين، فقال لنا "أحب أعدائكم باركوا لاعنيكم واحسنوا إلى بغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم"(3).
ولعل البعض يسأل كيف يمكن لأى أحد أن يحب أعداءه .. أقول له فى المسيحية إن العدو ليس هو الإنسان بل العدو هو الشيطان .. أما الأعداء من البشر فهم ضحايا لهذا الشيطان يجب أن نصلى من أجلهم ونحتملهم.
وقال أيضاً فى المعاملات كلمة جميلة جداً .. "مهما أردتم أن يعملوه الناس بكم فاعملوه أنتم بهم" .. وقال "بالكيل الذى به تكيلون يكال به ويزاد"(4).
وأيضاً لا تقاوموا الشر "بل من أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضاً ومن سخرك ميلاً واحداً فامش معه اثنين"(5).. هنا تكون المحبة والاحتمال والمغفرة ..
نرجو أن نتذكر كل هذه الأمور فى ميلاد المسيح.
أخيراً ..
نطلب لبلادنا خـيراً وسـلاماً .. فى كل شئ .. آمين.                        
 (1)-(مت5: 9).            (2)-(لو10: 5).        (3)-(مت5: 44).
 (4)-(مت7: 2).            (5)-(مت5: 40).

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم