طـفـولـة يـسـوع - للقس طوبيا اسكندر

تقييم المستخدم: 3 / 5

تفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 
المجموعة: مجلة رسالة الكنيسة - عدد يناير 2010 الزيارات: 3912

أولاً : بشارة رئيس الملائكة جبرائيل للعذراء
يقول الكتاب المقدس من خلال رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس "لأنه كما فى آدم يموت الجميع هكذا فى المسيح سيحيا الجميع"(1). لذلك كان لابد أن يأتى المسيح إلى الأرض ليحمل خطايا كل البشر، وكان لابد أن يكون إنساناً كاملاً لأن آدم الذى أخطأ كان إنساناً، ولكى يتم هذا أرسل الله جبرائيل الملاك إلى عذراء من الناصرة اسمها مريم، وبادرها بالتحية قائلاً  "سلام لكِ أيتها الممتلئة نعمة الرب معك مباركة أنتِ فى النساء"(2).    

وحين رآها قد اضطربت من كلامه بادرها بقوله "لاتخافى يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله. وها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع"(3).
وبعد أن استفسرت عن كيفية الحبل .. أوضح لها الملاك الطريقة الإلهية "الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلى تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولد منك يُدعى ابن الله"(4).    
حينئذ لم يسع العذراء الطاهرة النقية إلا أن تجيب "هوذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك"(5).
جميع الأمهات عندما يعرفن بخبر الحمل لا يعرفن نوع الجنس ذكراً أم أنثى .. لا يعرفن اسمه .. لا يعرفن نوع العمل الذى سيقوم به .. إلا السيدة العذراء التى انفردت بمعرفة هـذا دون سـائر النسـاء "فستلد ابناً وتدعو اسمه
 (1)-(1كو15: 22).        (2)-(لو1: 28).        (3)-(لو1: 30).
 (4)-(لو1: 35).            (5)-(لو1: 38).
يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم"(1).      

بشارة رئيس الملائكة جبرائيل للعذراء

 (1)-(مت1: 21).
ثانياً : ولادة يسوع
"وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد. فولدت إبنها البكر..."(1).  
هذا المولود من العذراء هو الوحيد بين مواليد النساء الذى يرجع تاريخه إلى ما قبل التاريخ أو إلى قبل كل وجود. ذلك أن "مخارجه منذ القديم. منذ الأزل". وعلى الرغم من أن تاريخ "ابن الإنسان" قد بدأ فى مزود .. فى بيت لحم إلا أن ابن الله أزلى أبدى، فليست له فى الوجود بداية، وليست له بعد الوجود نهاية.
وإلى هذا جميعه أشار القديس يوحنا حين استهل إنجيله عندما قال "فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله" كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان"(2).

المسيح يولد فى بيت لحم اليهودية
لأن أغسطس قيصر أراد أن تكتب كل المسكونة .. أى كل الشعوب الخاضعة لحكم روما (العاصمة الأولى حينئذ للعالم) تعين على كل فرد بمقتضى هذا الأمر أن يذهب إلى مدينته، فترك يوسف الناصرة هو ومريم المخطوبة وهى حبلى، وتوجه إلى بيت لحم.
حاول يوسف أن يجد مكاناً للمبيت لأن العذراء كانت تعانى من متاعب الحمل، وأخذا يبحثان عن مكان ولكن لم يجدا بسبب شدة الزحام ..
من كان يتصور أن ملك السموات والأرض وخالق الأكوان لا يجد فى ملكه وبين خليقته مكاناً أن يولد فيه !!
لم يجد يوسف النجار أى مكان فى منزل، فاضطر أن يذهب ويبيت فى حظيرة يأوى إليها.
وفى هذه الحظيرة أقامت السيدة العذراء بصحبة الحيوان لتلد وليداً .. كان بغير أم فى السماء وبغير أب على الأرض.
من العجب أن تولد الطهارة فى حظيرة تعج بالقذارة !!              
من العجب أن يولد القدوس فى صحبة الحيوان !!
من العجب أن يولد أن الذى أسـمى نفسه خـبز الحياة النازل من السـماء
  (1)-(لو2: 6).                (2)-(يو1: 1).
برتضى أن يولد فى مزود تقدم فيه الأعلاف للحيوان !!
 وهكذا يُقدر للناس أن يجدوا الله فى مكان لا يتوقع أحد قط أن يوجد فى مثله .. صاحب المجد والسلطان ..
 فمن كان يظن أن ذاك الذى خلق الشمس لتدفئ المسكونة سيكون بحاجة إلى أن يتزود بالدفء من أنفاس من حوله من أبقار وثيران !!
 صاحب البيت يشير إلى مزود البقر المكان الوحيد الموجود بالمنزل
ثالثاً : الاسم يسوع
   [... سُمى يسوع كما تسمى من الملاك ..]     
   كان اسم يسوع شائعاً بين اليهود، وهو فى الأصل العبرى يهوشع بمعنى الله يخلص .. وتطور إلى يشوع .. وأخيراً يسوع بمعنى المخلص.
   وهذا الاسم هو الذى تسمى به من الملاك .. "... ستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم"(1).
الابن البكر
 إن لفظ البكر هنا لا يعنى أن السيدة العذراء أنجبت حسب الجسد أبناء آخرين. فالابن البكر هو كل فاتح رحم، ولعل استخدام لوقا الرسول للفظ البكر كان تمهيداً لهذه العبارة التى قال فيها "لما تمت أيام تطهيرها حسب شريعة موسى صعدوا به إلى أورشليم ليقدموه للرب كما هو مكتوب فى ناموس الرب أن كل فاتح رحم يدعى قدوساً للرب"(2).

رابعاً : الختان
 "ولما تمت ثمانية أيام ليختتنوا الصبى ..."(3).
 الختان كان علامة عهد بين الله وإبراهيم "هذا هو عهدى الذى تحفظونه بينى وبينكم وبين نسلك من بعدك. يختن منكم كل ذكر فتختنون فى لحم غرلتكم فيكون علامة عهد بينى وبينكم ابن ثمانية أيام يُختن منكم ..."(4).
   يقابل الختان فى العهد القديم العماد فى العهد الجديد، فكل منهما يرمز إلى إنكار الجسد وجحده بكل خطاياه. فالختان كان يتم بإحداث جرح فى الجسد. أما العماد فيتم لتطهير الروح ..
   كان الختان يؤهل لعضوية المختتن فى شعب إسرائيل، أما العماد فيؤهل لعضوية المعتمد فى شركة الكنيسة.
   والختان له معنى روحى ولا يقصد به فقط قطع جزء من الجسم، فنرى موسى يقول "فاختنوا غرلة قلوبكم ولا تصلبوا رقابكم بعد"(5).            

 (1)- (مت1: 21).        (2)-(لو2: 22، 23).    (3)-(لو2: 21).
 (4)-(تك17: 10- 12).        (5)-(تث10: 16).        
   أما القديس اسطفانوس فنجد فى أخر خطاب له قبل استشهاده يقول "يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان"(1).  

خامساً : تقديم يسوع للهيكل
   لما تمت أيام تطهير السيدة العذراء كان عليها أن تصعد بابنها البكر يسوع إلى أورشليم لتقدمه للرب حسب الناموس، وكانت الذبيحة التقليدية التى كان على الأبوين أن يقدموها عند التطهير طبقاً لناموس الرب. فقد كانت حملاً إذا ما كان الأبوان ميسورين، وزوج يمام أو فرخى حمام متى كان الأبوان من الفقراء.
   ولم يكن فى مقدور السيدة العذراء التى جاءت إلى العالم بحمل الله أن تقدم حملاً .. فقد قدمت حمل الله إلى هيكل الرب وهو ابن أربعين يوماً، ولكننا سنراه فيما بعد بعد ثلاثين سنة ينسب هيكل الرب إلى نفسه.

مقابلة سمعان الشيخ               
   وصف الإنجيل سمعان الشيخ بأنه "كان هذا الرجل باراً تقياً ينتظر تعزية إسرائيل، والروح القدس كان عليه"(2).
   أما ما قاله سمعان الشيخ عندما أخذ الطفل يسوع على ذراعيه "الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام، لأن عينى قد أبصرتا خلاصك الذى أعددته قدام وجه جميع الشعوب، نور إعلان للأمم ومجداً لشعبك اسرائيل"(3).  
   هذه الكلمات توحى بأنه مما لا يليق بمخلوق أن يخشى الموت بعد أن يرى يسوع .. فقد تحدث هذا الشيخ الذى كادت حياته أن تغرب عن نور العالم الذى أخذ يشرق.
   لقد رأى الشيخ المسيا قبل الآن بالإيمان، وها هو الآن يراه بالعيان، الآن يستطيع أن ينطلق بسلام. وليس مهماً أن تغمض عيناه، فلم يعد يأمل أن يرى شيئاً أجمل من هذا الذى يراه الآن.
   هكذا قدم سمعان الشيخ التمجيد والتسبيح لله.

 (1)-(أع7: 51).            (2)-(لو2: 25).        (3)-(لو2: 29).

سمعان الشيخ يحمل الطفل يسوع على يديه


المجوس يقدمون هداياهم ذهباً ولباناً ومراً
   وهناك ثلاثة مواضيع سبح فيها أناس الله، إذ رأوا الصبى وهو بعد فى هذه المرحلة من طفولته المبكرة.
المرة الأولى : الرعاة
   يقول الكتاب فعندما رأوا الصبى "رجعوا وهم يمجدون الله ويسبحونه على كل ما سمعوه و رأوه"(1).
المرة الثانية : المجوس
   "حين رأوا نجمه فى المشرق أتوا ليسجدوا له"(2).
المرة الثالثة : حنة بنت فنوئيل وسمعان الشيخ فى وقت واحد
   حنة  "وقفت تسبح الرب "(3).
   سمعان "أخذ الصبى على ذراعيه وبارك الله "(4).

سادساً : زيارة المجوس للطفل يسوع   
   جاء المجوس من بلاد فارس من بلاد تعبد النجوم. ومن الغريب أنهم عندما شاهدوا الطفل يسوع نسوا عقيدتهم وخروا وسجدوا له، بل وقدموا له هدايا ذهباً ولباناً ومراً (2).
   وفى مجئ المجوس ليسوع تحقيق لنبوة أرميا النبى "تأتى الأمم من أطراف الأرض ويقولون إنما ورث آباؤنا كذباً وأباطيل وما لا منفعة فيه. هل يصنع الإنسان لنفسه آلهة ..؟ لذلك هأنذا أعرفهم .. يدى وجبروتى فيعرفون أن إسمى يهوه"(5).
   أما عن تقديم الهدايا ذهباً ولباناً ومراً، فقد تنبأ أشعياء عن ذلك قائلاً :
   " تغطيك يا صهيون كثرة الجمال .. كلها تأتى من شبا وتحمل ذهباً ولباناً وتبشر بتسابيح الرب "(6).
   أما الذهب الذى قدمه المجوس فلأنه ملك، واللبان لأنه كاهن، أما المر فقد كان إشارة إلى الآلام التى سيتحملها بالصليب.


  (1)-(لو2: 19).            (2)-(مت2: 11).        (3)-(لو2: 38).
  (4)-(لو2: 28).            (5)-(أر16: 19).        (6)-(أش60: 6).
قتل أطفال بيت لحم
   عندما علم هيرودس بمجئ المجوس من أجل أن يروا طفلاً قد ولد، وأنه سيكون ملكاً .. توهم أن يكون ملكاً سياسياً .. وإذ علم من رؤساء الكهنة أنه سيولد فى بيت لحم اليهودية قال للمجوس "اذهبوا وافحصوا بالتدقيق عن الصبى ومتى وجدتموه فاخبرونى لكى آتى أنا أيضاً وأسجد له"(1).
   ولكن المجوس بعد زيارتهم للطفل يسوع يقول الكتاب "ثم إذ أوحى إليهم فى حلم أن لا يرجعوا إلى هيرودس انصرفوا فى طريق آخرى لكورتهم"(2).
   لذلك غضب هيرودس وأمر بقتل جميع الصبيان الذين فى بيت لحم وكل تخومها من ابن سنتين فما دون.
   وهنا يبرز سؤال : كيف جاز لملك عظيم كهيرودس أن يخشى طفلاً ولد فى مزود ؟!
   والإجابة على هذا السؤال سهلة لأن الذين يملك على قلوبهم روح العالم غالباً ما تكون صدورهم منطوية على كره عظيم لله الذى له وحده سلطان المُلك على القلوب.
   لقد حقد هيرودس على ذاك الذى يهب الأكاليل السمائية خشية أن يسلبه ذاك الرضيع تاجه الأرضى وعندما أعلن أنه يريد أن يقدم له هدية .. كانت الهدية هى الموت !!
   لقد مات أطفال بيت لحم الأبرياء من أجل ملك لم يعرفوه، وكحملان صغيرة ماتوا من أجل الحمل الذى حمل كل خطايا العالم، وبهذه الميتة صاروا طلائع لموكب طويل من الشهداء جاء بعدهم !!

سابعاً : العائلة المقدسة تهرب إلى مصر
   كان لابد أن يهرب يوسف ومريم ويسوع إلى طريق أخرى حتى ينتهى عهد الطاغية، ولكن إلى أين ؟
   عند الملاك كان الجواب "قم خذ الصبى وأمه واهرب إلى مصر وكن هناك حتى أقول لك لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبى ليهلكه"(3).
 (1)-(مت2: 8).            (2)-(مت2: 32).        (3)-(مت2: 13).           
   وهكذا صار من نصيب المخلص النفى والطرد حتى يستطيع المنفيون والمطردون أن يجدوا لهم إلهاً ذاق مرارة الهروب والغربة عن الأوطان.
   وبهروب السيد المسيح إلى أرض مصر بارك وقدس بلداً ظل زماناً طويلاً عدواً لجنس اليهود الذين جاء منهم يسوع.
   وجعل يسوع أرض مصر وطناً مؤقتاً له عوضاً عن خروج بنى إسرائيل من مصر بقيادة موسى .. كان دخول يسوع إلى أرض مصر يحمله يوسف وأمه .. صار لمريم أم يسوع أن تنشد ترنيمة مريم أخت هارون "رنموا للرب فإنه قد تعظم"(1).
   وصار ليوسف رجل مريم أو يوسف الثانى أن يكون فى حراسة خبز الحياة .. كما كان يوسف الاول فى القديم "سيداً لكل بيت فرعون ومتسلطاً على كل أرض مصر .. ذلك لأنه لاستبقاء حياة أرسلنى الله قدامكم"(2).
   وبهذا الغرض نفسه كان يوسف الأول الحارس لقمح مصر، والثانى الحارس للخبز عصب الحياة.   


العائلة المقدسة فى مصر
 (1)-(خر15: 21).                (2)-(تك45: 5).
ثامناً : العائلة المقدسة تعود إلى فلسطين وتسكن الناصرة
   فلما مات هيرودس قاتل الأطفال تكررت صورة الخروج مرة أخرى بظهور ملاك الرب ليوسف فى حلم قائلاً "قم خذ الصبى وأمه وأذهب إلى أرض إسرائيل لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبى"(1).
   "وأتى وسكن فى مدينة يقال لها ناصرة لكى يتم ما قيل بالأنبياء إنه سيدعى ناصرياً"(2).
   وفى تلقيب يسوع بالناصرى تحقيراً له ذلك لأن الناصرة كانت قرية صغيرة بين عدة تلال، وكانت بعيدة عن الطريق الرئيسية التى تمر بها قوافل اليونان أو كتائب الرومان. ولم يكن لها فى كتب الجغرافيا القديمة مكان بل أن اسمها نفسه يعنى (الغصين) من الغصن الذى يفرخ من جذع الشجرة، وقد تنبأ عن هذا أشعياء فقال "ويخرج قضيب من جذع وينبت غصن من أصوله ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب"(3).
   ولعل يسوع قد أراد باتخاذه هذه القرية المرذولة سكناً له أن يشير إلى ما سيكون تصيبه هو وتابعيه من إزدراء الناس بهم وتحقيرهم لهم.
   أما لقب الناصرى فقد لازم يسوع حتى الصليب حيث كتب بيلاطس عنواناً ووضعه على الصليب وكان مكتوباً "يسوع الناصرى ملك اليهود"(4).
   ولعل أبلغ ما يؤكد مكانة الناصرة الحقيرة ما قاله نثنائيل لفيلبس عندما قال له "وجدنا الذى كتب عنه موسى فى الناموس والأنبياء يسوع ابن يوسف الذى من الناصرة"، فكان سؤال نثنائيل الاستنكارى "أمن الناصرة يمكن أن يكون شئ صالح"(5).
فى بيت يوسف النجار
   وفى بيت يوسف النجار –خطيب مريم- تعلم الصبى يسوع فنون النجارة لأنه كان من عادة اليهود فى ذلك الصر أن يتعلم الصغار مهنة تساعده فى المعيشة عندما يكبر .. كما تعلم بولس الرسول صناعة الخيام(6).               
 (1)-(مت2: 20).            (2)-(مت2: 23).        (3)-(أش11: 1).
 (4)-(يو19: 19).            (5)-(يو1: 45).        (6)-(أع18: 3).


   الصبى يسوع يتعلم النجارة

تاسعاً : يسوع الصبى فى الهيكل
   فى أول عيد الفصح بعد بلوغ يسوع الثانية عشر من عمره أخذه أبواه إلى أورشليم وما من شك فى أن هدفاً من أهداف يوسف الصعود إلى الهيكل كان لتقديم ذبيحة الفصح .. ولابد أن يسوع قد رأى الدم وهو يُرش على زوايا الهيكل الأربعة، ثم رأى الذبيحة نفسها حين كان يغرس فيها سيخ بعرضها وسيخ آخر بطولها بحيث يؤلفان معاً شكل صليب، ويجعلان الذبيحة وكأنها تُقدم على صليب. وهكذا يتراءى الصليب ليسوع فى مهده عندما نزف قطرات الدم فى عملية الختان، وهو الآن يتراءى له من خلال ذبيحة الفصح.


   يسوع المسيح الصبى فى الهيكل
   أكمل الزائرين ما كان يُطلب منهم من طقوس وأخذوا يعودون إلى بلادهم .. أما يسوع فقد بقى فى أورشليم ويوسف وأمه لم يعلما، ومرت ثلاث أيام كان يسوع فيها شبه مفقود بالنسبة لهما.
   بعد مرور ثلاثة أيام وجده أبواه جالساً فى الهيكل وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه وأجوبته، فلما سألاه لماذا فعلت بنا هكذا قال لهما "ألم تعلما أنه ينبغى أن أكون فى ما لأبى"(1).                
   ومن أمثلة الالتزامات التى قال فيها "ينبغى أن" ما يلى :
   1- "أنه ينبغى أن أبشر المدن الأخرى أيضاً بملكوت الله لأنى لهذا قد أُرسلت"(2).        
   2- "يا زكا أسرع وأنزل لأنه ينبغى أن أن أمكث اليوم فى بيتك"(3).
   3- "ينبغى أن أعمل أعمال الذى أرسلنى ما دام نهار"(4).
   4- "ينبغى أن ابن الإنسان يتألم كثيراً ويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويُقتل وفى اليوم الثالث يقوم"(5).
   5- "وكما رفع موسى الحية فى البرية هكذا ينبغى أن يُرفع ابن الإنسان"(6).
   6- "أما كان ينبغى أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده"(7).
خاتمة
   وهكذا ظل السيد المسيح يتحدث كمن كان مجنداً لمهمة وليس أمامه إلا أن يقوم على تنفيذها. وكان عليه –وهكذا اقتضت محبته الدافقة – أن يموت لأنه أراد أن يخلص.
   وعلى هذا الوجه كان التوافق بين طاعته البنوية لله أبيه وحنانه الدافق على جبلته التى صنعتها يداه.
   إن الجميع ولدوا ليحيوا، أما هو فقد ولد ليكون فى ما لأبيه ثم يموت لأنه عن طريق هذا الموت يكفل الخلاص والحياة للجميع.
لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين

(1)-(لو2: 49).            (2)-(لو4: 43).         (3)-(لو19: 5).    
(4)-(يو9: 4).            (5)-(لو9: 22).         (6)-(لو3: 14).    
(7)-(يو24: 26).