زهرة الجاردنيا البيضاء

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

تعودت أن تصلني في عيد ميلادي زهرة الجاردنيا البيضاء من إنسان مجهول ... بلا كارت ... بلا تعليق ... وهذا الشخص المجهول لم يستدل عليه أحدا ولا حتى بائع الزهور نفسه... وبعد عدة محاولات كثيرة فاشلة ... إمتنعت عن البحث والاستقصاء واكتفيت بالتمتع برائحة هذه الزهرة الجميلة البيضاء المرسلة لي من مجهول.

غير أن عقلي ظل يبحث في صمت دءوب عن من يكون هذا الراسل المجهول ؟ ! كنت أتخيله أحيانا شخصا جميل الشكل بهيّ الطلعة ... وأحيانا أخرى إنسانا خجولا لا يجرؤ عن الاعلان عن شخصيته...

وفي سن المراهقة كان من السهل عليّ أن أتخيله شابا معجبا بي منذ أن رأني في مكان ما... وكانت أمي تشاركني دائما في البحث والاستقصاء .. وتسألني عن من أظنه مرسل لي زهرة الجاردينيا البيضاء ... قالت لي ربما كان جارنا الذي كنت أنقذت إبنه الصغير من السقوط تحت عجلات العربات المسرعة ... أو جارتنا العجوز التي كنت أساعدها دائما في نقل مشترياتها من سيارتها الى داخل منزلها ... أو ربما كان هذا الرجل الأعمى الذي كنت أساعده في عبور الطريق ...؟! كانت أمي تبذل كل ما في وسعها لتساعدني باكتشاف مرسل زهرة الجاردنيا البيضاء..
فلقد كانت تسعد بحب الناس لنا ... وتعلمنا أن نبذر الحب والعطاء من حولنا.

وفي سن السابعة عشرة أ ُعجبت بشاب وتعلق قلبي به... وطار النوم من عيني ... وفي الصباح وجدت رسالة من أمي ألصقتها بالمرآه " الحب الكامل هو الحب الناضج " . أيقضتني كلمات أمي من غفلتي فشفيت نفسي من مشاعر مخادعة ... لقد كانت أمي لي هي الحب ... هي الصديق ... وهي الرفيق.
وفي الثانوية العامة مات أبي بذبحة صدرية ... وشعرت بالغضب والخوف ... لقد تركني ابي وأنا في أشد الحاجة إليه ... وأهملت مذاكرتي وقررت عدم الاشتراك في حفلة المدرسة ... وفي وسط آلامها القاسية ... بدأت أمي تساعدني لئلا أفقد طريقي ... وكنا في اليوم السابق لموت أبي ... قد ذهبنا سويا لنشتري فستانا أرتديه في حفلة التخرج ... وأعجبت بأحدى الفساتين ولكنه مع الأسف لم يكن على مقاسي ... ولما مات أبي نسيت أمر الفستان نهائيا بينما لم تنساه أمي وقبل الحفلة بيوم واحد ... كان الفستان في إنتظاري وعلى مقاسي الصحيح وضعته أمي لي في حب وفن وجمال أمامي ... لقد اهتمت أمي بأن تحضر لي فستاني الجديد الذي لم أعد اهتم به ... لقد كانت أمي تريد أن ترى أولادها في قوة وجمال ونقاء ورائحة زهرة الجاردينيا البيضاء.
كنت في الثامنة والعشرين من عمري عندما ماتت أمي ... وكنت قد تزوجت منذ خمس سنوات وحياتي مستقرة ... ولكن بعد وفاة أمي لم تعد تصلني في عيد ميلادي زهرة الجاردينيا البيضاء ... لقد توقف وصولها إليّ مع توقف قلب أمي عن الحياة.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم