الـمـحــبـة - للأنبا بسنتى

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 
المجموعة: مجلة رسالة الكنيسة - عدد يناير 2011 الزيارات: 3541

Bishop pasanateهناك نوعان من محبة الملائكة .. النوع الأول هو محبة الملائكة لله ..
والنوع الثانى هو محبة الملائكة للبشر.
وعن محبة الملائكة للبشر يقول الكتاب أن الملائكة تفرح بخاطئ واحد يتوب أكثر من 99 باراً لا يحتاجون للتوبة(1).
وإرادة الملائكة خاضعة لإرادة الله، فإن "الله يريد أن الجميع يخلصون، وإلى معرفة الحق يقبلون"(2).

المــيــلاد
وفى وقت الميلاد نرى أن ملاكاً يظهر للرعاة قائلاً لهم "ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب إنه ولد لكم فى مدينة داود مخلص هو المسيح الرب"(3).     
ورئيس الملائكة ميخائيل كان يظهر للقديسين والشهداء يعزيهم ويقويهم.

أساس المسيحية
إن أساس المسيحية هى المحبة، والسيد المسيح يقول "بهذا يعرف الجميع إنكم تلاميذى إن كان لكم حب بعضكم لبعض"(4).    
المحبة كلمة جميلة، والناس ترددها باستمرار .. وتعليم الإنجيل كله محبة،

 (1)-(لو15: 7).                (2)-(1تى3: 4).
 (3)-(لو2: 10).                (4)-(يو13: 35).
فالمسيح يقول "من لطمك على خدك الأيمن حول له الآخر"(1).     
وهذا ليس عن ضعف ولكنها قوة .. فالقوى هو الذى يحتمل الضعيف.

معرفــة الله
الذى يحب هو الذى يعرف الله، والذى لا يحب لا يعرف الله .. والإنجيل يقول "إن قال أحد إنى أحب الله وأبغض أخاه فهو كاذب لأن من لا يحب أخاه الذى أبصره كيف يقدر أن يحب الله الذى لم يبصره"(2).
والناموس يقول "تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك وقريبك كنفسك"(3).
وبولس الرسول يقول كلمة جميلة "غاية الوصية هى المحبة من قلب طاهر وضمير صالح"(4).
المسيحى لا يعرف الوشاية .. لكن له وجه واحد .. وجه المحبة والكلمة الطيبة والعمل الصالح .. حباً فى الخير "اعملوا الخير للجميع ولا سيما أهل الإيمان"(5).
فهل أساعد إنسان فقير غير مسيحى ؟
نعم أساعده "لأن يشرق شمسه على الأبرار والأشرار"(6).   

شـروط المحـبـة
يقول بولس الرسول "إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لى محبة فقد صرت نحاساً يطن أو صنجاً يرن .. وإن كانت لى نبوة وأعلم جميع الأسرار وكل علم. وإن كان لى كل الإيمان حتى أنقل الجبال ولكن ليس لى محبة فلست شيئاً"(7).

 (1)-(مت5: 39).            (2)-(ايو4: 20).        (3)-(مت22: 39).
 (4)-(1تى1: 5).            (5)-(غلا6: 10).        (6)-(مت5: 45).
 (7)-(1كو13: 1).
إذن الإيمان والعلم لا يمكن أن يساويان المحبة.
المحبة هى شئ عظيم جداً .. وأى عمل يخلو من المحبة فهو عمل غير مقدم لله.
وإن عُمل للناس عمل خير ولا يوجد فيه محبة، فهو عمل ناقص جداً والمثل يقول [ لا قينى ولا تغدينى ] .. أى اظهر محبتك أولاً.

الكلمة الطيبة
الناس كلها تبحث عن الكلمة الطيبة، وخصوصاً الخدام .. مطلوب منهم كلمة طيبة وعمل صالح لذلك فالمحبة مهمة جداً فى حياتنا العملية لأنها تسر المنزل المسيحى .. وفى الكنيسة نشجع الناس ونقول لهم سنقابل أحبائنا وأخوتنا هناك، فليس أفضل من أن أقابل الناس الذين هم موضع حب الله أى أولاد الكنيسة.
لذلك أول ثمرة من ثمار الروح القدس هى المحبة(1)، وبعدها يأتى الفرح والسلام، فلو انعدمت المحبة لا تجد فرح أو سلام أو لطف أو وداعة .. إلخ.

محـبـة الكل
لذلك قال المسيح "بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذى إن كان لكم حب بعضكم بعض"(2).         
إن مضت المحبة تجد الإخوة يكرهوا بعض، لذلك فإن الوالدين إن قدموا محبة للشاطر .. يقدموا للضعيف محبتين.
وقد قال السيد المسيح أن "المحبة ليست بالكلام واللسان بل بالعمل والحق"(3)، لذلك يقول يوحنا الرسول "نحن نحبه لأنه أحبنا أولاً"(4).
المسيح هو الذى ابتدأ بالمحبة لذلك أولاد الله ظاهرين لأن حياتهم فيها المحبة والتسامح .. لا يعرفوا الشر، ولا يجازوا عن شر بشر أو عن شتيمة بشتيمة .. إنما سلوكهم روحى حلو مع الأحباء، ومع المسيئين.

 (1)- (غلا5: 22).        (2)-(يو13: 35).        (3)-(1يو3: 18).
 (4)-(1يو4: 19).     
محـبـة البذل
قال الإنجيل "إذ أحب خاصته الذين فى العالم. أحبهم حتى المنتهى"(1). يحب الكل حتى الذى يضعف أو ينكر أو يشك أو يهرب .. يحبه لأنه ليس عنده غير الحب والرحمة للكل.
طبعاً الذى لا يسلك فى المحبة فهو يضيع الفرصة التى أعطاها له ربنا.
الذى لا يعرف أن يحب القريب فلا يعرف أن يحب البعيد .. ابدأ أولاً بمحبة أهل بيتك، لتعرف أن تحب الذين من خارج.
الذى يسير فى المحبة يبقى صورة حلوة لربنا .. أما الذى لا يسير فى المحبة حتى ولو كان حافظ آيات وكلام وحاجات كثيرة لا يفيد ولا يستفيد.

الـعــثرات
لذلك فالخدام إذا كانوا أساقفة أو كهنة أو خدام أو خادمات عليهم مسئولية كبيرة، فرب المجد قال "ويل لمن تأتى بواسطته العثرات"(2).
من ضمن العثرات أن لا يكون لك قلب متسع للجميع، وكثير من الناس لا يذهبون إلى الكنيسة لأنهم لم يسمعوا كلمة طيبة من الكنيسة أو رأوا منظراً لم يريحهم فى الكنيسة.
ولكن أقول لهم أنت يا أخى جئت لربنا، وإن وجدت فى الخدام ضعف اترك هذا الضعف وانظر إلى ربنا لكى لا تعثر من ضعفات الآخرين.
وتأمل فى هذه الآية "كونوا كاملين كما أن أباكم الذى فى السموات هو كامل"(3).
لذلك يقول يوحنا الرسول "كل من يحب فقد ولد من الله ويعرف الله ومن لا يحب لا يعرف الله لأن الله محبة"(4).

 (1)-(يو13: 1).            (2)-(مت18: 7).        (3)-(مت5: 48).
 (4)-(1يو4: 7).         
صحيح إننا نولد من الماء والروح بالمعمودية، ولكن الذى يثبت فى ذلك هو الذى يحب الله، وكل الناس.

رحلــة مـحــبة
لذلك فإن حياتنا الروحية هى رحلة محبة لربنا وللناس.
لذلك اسأل نفسك هذا السؤال : يا ترى ما هو الذى قدمته عمل محبة لأجل ربنا ولأجل كل الناس ؟
لئلا تضيع الفرصة والوقت يجرى، والحياة تنتهى ولا تجد وقت للمحبة اعمل الخير ولا تنظر إلى النتائج.
اعمل المحبة والخير من أجل الله ..
لو سلكت فى المحبة تكون تلميذ للمسيح وابن من أولاد الله.
 والتسامح هو من عمل المحبة كما فعل المسيح على الصليب وقال "يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون"(1).
 فأول كلمة قالها هى "اغفر لهم ...".
لذلك علمنا فى الصلاة الربانية أن نغفر للناس قائلاً "اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضاً زلاتهم"(2).
قال أيضاً "تعالوا إلىّ يا جيمع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم"(3).
فلو كان عندك متاعب ضعها عند قدمى المسيح ليريحك بل ويعطيك قوة وطاقة ونعمة على الحب وعمل الخير.

مـحــبة الـشــهداء
كثير من المضطهدين دخلوا المسيحية من محبة الشهداء لهم .. لأنهم وجدوا سلوك غير طبيعى نحوهم. ومن أمثلة هؤلاء الوالى إيريانوس وجد أن المسيحيين يطلبون المغفرة من أجـل مضطهديهم.. فآمن إريانوس بالمسـيح
 (1)-(لو23: 34).            (2)- (مت6 : 12).     (3)-(مت11: 28).
وصار شهيداً.  
بولس الرسول
كان يضطهد المسيحيين، وظهر له الرب يسوع فآمن فى الحال وصار رسولاً عظيماً، وصار شهيداً أيضاً.

المشـاكل   
كلما زادت المحبة فى البيوت قلت المشاكل والعكس صحيح.
الأنبا مقـار
جاءه فكر إنه وصل إلى مكانة لم يصل إليها أحد .. فقال له الرب وأرشده إلى امرأتين يعيشون فى محبة، وقال له إن مكانتهن لا تقل عنك فى الملكوت.
هناك آية جميلة تقول "لو أعطى الإنسان كل ثروة بيته بدلاً من المحبة تحتقر احتقاراً"(1).        
وأيضاً سفر الأمثال "لقمة يابسة مع محبة خير من بيت ملآن ذبائح مع خصام"(2).
إن السيد المسيح أعطانا تعليمه العملى عن المحبة التى أظهـرها لنا على الصليب، ومن التعاليم التى قالها لتلاميذه "يا ابنى أعطنى قلبك ولتلاحـظ عيناك طرقى"(3).

 (1)-(نش8: 7).            (2)-(أم17: 1).        (3)-(أم23: 26).     
الموعظة على الجبل
قال رب المجد "سمعتم إنه قيل للقدماء تحب قريبك وتبغض عدوك. أما أنا فأقول لكم أحبوا أعدائكم باركوا لاعنيكم صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم"(1).
وقال أيضاً "إذا أحببتم الذين يحبونكم فأى أجر لكم. أليس العشارون أيضاً يفعلون هكذا فكونوا كاملين كما أطن أباكم الذى فى السموات هو كامل"(2).

وصايا المـحــبة
يذكر لنا القديس بولس الرسول وصايا المحبة فيقول :
    "المحبة تتأنى" أى طول البال، والكلمة الحلوة فى محادثاتك مع الآخرين.
   "تتأنى وترفق" عطف فى نفس الوقت، وخصوصاً بين الزوج وزوجته وبين الأولاد .. ضرورى أن يكون الكلام من القلب، وفيه محبة.
    "المحبة لا تحسد" الحسد هو تمنى زوال النعمة، ولكن اسأل نفسك سؤالاً هاماً : لماذا تحسد ؟
   كل حاجة مصيرها للتراب، لذلك قال رب المجد "لا تبحوا العالم ولا الأشياء التى فى العالم أما من يعمل إرادة الله فهذا يثبت إلى الأبد"(3).   
    "المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ" رب المجد قال "بدونى لا تقدرون أن تعملوا شيئاً"(4)، لذلك لا تستطع أن تتفاخر بأى عمل بدون الله فلماذا تتفاخر ؟
   بولس الرسول يقول "ومن افتخر فليفتخر بالرب"(5).           
    "المحبة لا تقبح" .. "إن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً"(6).
   رب المجد كان ينظر إلى النقطة البيضاء فى الإنسان الخاطئ مثل المرأة السامرية، والمرأة الخاطئة، وسمعان الفريسى.

 (1)-(مت5: 43).            (2)-(مت5: 46).        (3)-(1يو2: 15).
 (4)-(يو15: 5).            (5)-(1كو1: 31).        (6)-(مت6: 22).  
    "المحبة لا تطلب ما لنفسها" .. اخدم ربنا واخدم الناس .. أما نفسك فاجعلها الأخيرة.
    "المحبة لا تحقد" .. أى لا تغضب ولا تتعصب أى ندرب أنفسنا على الهدوء والوداعة، ونبعد عن النرفزة .. كما قال رب المجد "تعلموا منى فإنى وديع ومتواضع القلب تجدوا راحة لنفوسكم"(1).  
     "لا تظن السوء ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق. تحتمل كل شئ وتصدق كل شئ. ترجو كل شئ تصبر على كل شئ. المحبة لا تسقط أبداً".   
   صفات جميلة نتمنى نعمل بها ونعيشها .. سنسعد أنفسنا ونرضى الله، ونسعد بمن نتعامل معهم سواء فى البيت أو فى الكنيسة أو فى العمل، ونتشبه بالملائكة الذين يحبون الناس، ويفرحوا لخلاصهم، ولرجوع الناس لربنا ..
الذى له المجد الدائم إلى الأبد آمين