الخمسون المباركة - للقس طوبيا إسكندر

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 
المجموعة: مجلة رسالة الكنيسة - عدد يونيو 2013 الزيارات: 2658

"وأعطيكم رعاة حسب قلبى فيرعونكم بالمعرفة والفهم"(1)
توقفت أمام هذه الآية وأنا أكتب هذا المقال بمناسبة مرور خمسون عاماً على رسامة قدس أبونا الحبيب القمص ميخائيل جرجس كاهناً على كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بدمنهور، وأيضاً على إصدار مجلة رسالة الكنيسة التى كانت من أول الإصدارات فى الإيبارشية.

لقد أخذت وقتاً طويلاً قبل أن أكتب بسبب تزاحم أفكار كثيرة فى عقلى، وخواطر وذكريات وأحاسيس بوجدانى رجعت بى إلى الخلف سنيناً عندما دخلت لأول مرة هذه الكنيسة المباركة سنة 1972م وقتها كنت لا أعرف سوى كنيسة الشهيد العظيم مارجرجس بدمنهور. لكن ذات يوم افتقدنى بالمنزل خادمان هما دكتور وجيه صبحى (قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثانى)، والمهندس روميل نسيم. وعندما ذهبت إلى الكنيسة فى ذلك الوقت لا أذكر أننى ابتعدت عنها طوال حياتى، ولا أطيق أن أفارقها .. ما السر ؟! لا أعرف
كل ما أعرفه أن لهذه الكنيسة بركة خاصة .. طابع خاص يشعر به كل من يدخلها .. لها جاذبية ليس لها تفسير !!

ارتبطت فى هذه الكنيسة بشخصيات أثرت فى عقلى ووجدانى، ومن أبرز هذه الشخصيات قدس أبونا ميخائيل جرجس.

 (1)-(ار3: 15).
ارتباطى به جاء سريعاً لأن أبونا ميخائيل كان قريباً من الشباب، فهو يجلس فى وسطهم يناقشهم .. يسمع لهم .. يلعب معهم. فلا أنسى أبداً مشاركتهم لعب تنس الطاولة والشطرنج .. كل هذا كان سبباً فى تجمع كثير من الشباب فى الكنيسة جمعتهم خدمة شباب الراعى الصالح التى قدمت الخدمة الروحية من خلال اجتماع الشباب، والنشاط الرياضى، والنشاط المسرحى كل هذا كان بدعماً من أبونا ميخائيل بتواجده فى وسط الشباب ورعايته لهم. وكأن أبونا ميخائيل قد سبق الزمن بسنوات طويلة وقدم ما لا يستطيع الكهنة الآن أن يقدموه ليس تقصيراً وإنما بسبب كثرة أعباء الخدمة إذن نحن أمام شخصية ليست عادية شخصية تميزت بالآتى :

1- الــقـــيادة
قدس أبونا ميخائيل شخصية قيادية فيستطيع أن يقود الجماعة أى شعب الكنيسة رغم أن من الملاحظات الجديرة بالذكر أن قدس أبونا ميخائيل تمت رسامته فى سن صغير، ورغم ذلك أعطاه الله حكمة فى قيادة الشعب وتعليمه لأن "من فم الكاهن تطلب الشريعة لأنه رسول رب الجنود"(1).

2- العلـــم
 من الناحية العلمية أبونا ميخائيل حاصل على بكالوريوس الزراعة لكنه عندما رسم قمصاً كان حريصاً على تلقى العلوم اللاهوتية والعقائدية، ورغم صعوبة التوفيق بين الخدمة والدراسة إلا أن إصرار أبونا على تثقيف نفسه .. هذا الإصرار جعله يسافر أسبوعياً إلى القاهرة ليدرس فى الكلية  الإكليريكية تحت قيادة أسقف التعليم فى ذلك الوقت مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث نيح الله نفسه. وكأن أبونا ميخائيل يستمع لنصيحة القديس بولس الرسول لتلميذه تيطس "تكلم وبما يليق بالتعليم الصحيح"(2).
 (1)-(ملا2: 7).                    (2)-(تى2: 1).
ونصيحته الذهبية لتلميذه تيموثاوس "لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك فإنك إن فعلت هذا تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضاً"(1).
3- التشجيع
من سمات شخصيته أنها شخصية مشجعة لمن حولها، وهو يؤمن أن الخدمة لا يستطيع أن يقوم بها الكاهن بمفرده وأن الخادم الناجح ليس هو ما يقوم بكل الخدمات بمفرده وإنما هو من يستطيع تكوين فريق من الخدام يخدم معه. وجدير بالذكر أن هذا هو أول تعليم أو أول درس فى الخدمة علمه لنا نيافة الأنبا باخوميوس ولم يعلمه لنا فقط بل طبقه تطبيقاً عملياً منذ أن بدأ خدمته فى إيبارشية البحيرة. وقد أثمر تشجيع أبونا ميخائيل وإيمانه بالعمل الجماعى:
أ‌-    خدمة شموسية قوية
حيث ازدهرت خدمة حفظ الألحان وتعليم اللغة القبطية، وتكّون فريق من الشمامسة كبير العدد ذات مستوى رفيع فى حفظ وتأدية الألحان الكنسية. وما زالت كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بدمنهور تتمتع بتلك الميزة ويظهر ذلك فى حصولها على المراكز الأولى فى مسابقة مهرجان الكرازة السنوى.
 ب- خدمة تربية كنسية متميزة
 من الأمور التى تعطل وتعرقل مسيرة خدمة التربية الكنسية فى أى كنيسة تدخل الأب الكاهن فى كل كبيرة وصغيرة فى الخدمة وعدم إعطاء فرصة لإظهار المواهب والطاقات والإبداعات فى الخدمة. لقد وضع أبونا ميخائيل أمانة الخدمة فى يد أمينة متمثلة فى الأستاذ زاهر عزيز (قدس أبونا رويس عزيز كاهن كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بكفرالدوار الحالى)، ودكتور فخرى توما، واستلم منهما أمانة الخدمة دكتور وجيه صبحى (قداسة البابا تواضروس)

فأفرخت هذه الخدمة العشرات من الخدام التقطتهم عين نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس فوضع عليهم الأيدى ورسمهم كهنة انتشروا يخدمون فى كل أنحاء الإيبارشية ومازالت هذه الكنيسة المباركة تفرز خداماً يضع عليهم نيافة الأنبا باخوميوس الأيدى ويرسلهم للخدمة.

4- التسجيل       
من ملامح شخصية أبونا ميخائيل الاهتمام بتسجيل الأحداث، فهو منذ الستينات من القرن الماضى وهو يسجل العظات والقداسات فى النهضة السنوية بمناسبة عيد رئيس الملائكة ميخائيل .. يسجل بالكاميرا (تصوير فوتوغرافى) جميع الأحداث سواء أياماً روحية – رياضية – رحلات – اجتماعات .. لذلك تجد فى الكنيسة سجل لكل الأحداث التى مرت بها الكنيسة والإيبارشية. وفى نفس الإطار اهتم أبونا ميخائيل بتسجيل خدمة مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث فى سلسلة من الكتب تحت عنوان السجل التاريخى لقداسة البابا شنوده الثالث .. يرجع إليه الآن كل من يريد أن يكتب عن حياة قداسة البابا شنوده الثالث.

5- التواضع
"تعلموا منى لأنى وديع ومتواضع القلب"(1) ..
هى سمة من سمات شخصية أبونا ميخائيل لا يعرفها إلا من يتعامل معه عن قرب .. شخصية بسيطة حنونة مترفقة تلامست معها عن قرب، فعندما اختارت العناية الإلهية ضعفى لنعمة الكهنوت كان ذلك أمراً صعباً للغاية

على نفسى لأننى كنت أرى بحق أننى غير مستحق لهذه النعمة الإلهية. وكنت لا أستوعب كيف سأكون زميلاً لأبى الذى تربيت على يديه كل هــــــذه الســـــنين فإذا (1)-(مت11: 29).
به يسارع لتشجيعى والوقوف بجانبى ومساندتى مما أزال كثير من الرهبة والخوف داخلى لكن إلى هذه اللحظة أبونا ميخائيل يمثل لى الأب ولا أشعر أمامه إلا أننى الابن والابن فقط.
هذه بعض لمحات من شخصية هذا الأب الورع الذى شملنا بحبه وعطفه وتشجيعه نطلب من الله أن يمتعه بالصحة والعافية ويعطيه نعمة فوق نعمة بصلوات صاحب الغبطة والقداسة البابا الأنبا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وشريكه فى الخدمة الرسولية مطراننا المكرم نيافة الأنبا باخوميوس.