الـعـقـل والإيمـان - للأنبا بنيامين

تقييم المستخدم: 5 / 5

تفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجوم
 

بين العقل والإيمان
كيف تحفظ التوازن بين العقل والإيمان ؟

  •   العقل والإيمان كلاهما هبة من الله .. فيقول القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات [ أعطيتنى موهبة النطق ].
  •   كل المخلوقات غير العاقلة تعطى أصواتاً .. أما الإنسان فيتميز بالعقل والنطق .. وميزَّه الله بالإيمان.

 يقول الرسول بولس "لأنه قد وهب لكم لأجل المسيح لا أن تؤمنوا به فقط بل أيضاً أن تتألموا لأجله"(1).     

 لكن مدى العقل أقل بكثير جداً من الإيمان .. فالعقل يحكم فى المرئيات والمحسوسات لكن الإيمان دائرته أوسع يوصل إلى إمكانيات غير محسوسة وغير مرئية أشبهها بالفرق بين الطيران الداخلى، والطيران الانترناشيونال (الأول 8 كم، والعالمى 11 كم).
 العقل مداه قليل وصغير، أما الإيمان فمداه كبير وقوى ..              
لكن حفظ التوازن بين العقل والإيمان أمر مهم جداً جداً ..
مثال : العذراء مريم – وهى أم القديسين جميعاً- لما جاءها الملاك وأخبرها بالحبل المقدس قالت له "كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً"(2).
ابتدأت تفكر بالعقـل، فقال لها الملاك "الروح القدس يحل عليك وقوة العلى
 (1)-(فى1: 29).                    (2)-(لو1: 34).
تظللك"(1).
أحست أن الموضوع ليس موضوع عقل بل موضوع إيمان.
الملاك يبشر العذراء بالحبل الإلهى
فتعاملت مع الموقف بعين الإيمان أى على مستوى الإيمان، لذلك قالت له "هوذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك"(2).
العقل لا يأتى بإدراك .. كيف تكون عذراء بعد الولادة ؟!
لكن الإيمان يأتى بهذا التصديق ..
العقل إذا حكمناه للأمور الإيمانية يضعفها .. العقل دائماً خاضع للإيمان.
لا تلغى العقل لأن إلغاء العقل يدخلنا فى الضيقات .. لكن العقل لا نرفعه فوق الإيمان.
الأعمال الشيطانية لا يقبلها العقل، لكن العقل يخضع لأعمال الإيمان.
مواهب العقل لا تنقل جبل من مكانه .. بينما إيمان مثل حبة خردل يستطيع أن ينقل جبل كما قال السيد المسيح "لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذه الجميزة انقلعى وانغرسى فى البحر فتطيعكم"(3).     
 (1)-(لو1: 35).            (2)-(لو1: 38).        (3)-(لو17: 6).
لذلك استخدم القديسون العقل فى صالح الإيمان لأن العقل خاضع للإيمان.
العقل هو كلمة ربنا موجهة للإنسان من خلال الروح الذى يرفع مستوى الإيمان، والعقل بعد ذلك يُعبر عن الإيمان.
وبولس الرسول يقول "كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذى حدين وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومميزة أفكار القلب ونياته"(1).  
العذراء قبلت البشارة من الملاك بالإيمان .. لكن أليصابات عبرت بعقلها عما استقبلته العذراء بإيمان.
لذلك قالت العذراء "تعظم نفسى الرب وتبتهج روحى بالله مخلصى"(2).
والعقل يعبر عن الإيمان بحيث لا يَحِدْ العقل عن الإيمان .. لو خضع الإيمان للعقل فالإيمان يتلخبط.
هناك ناس يسلكون بالإيمان فقط ويلغون العقل .. عايشين فى دروشة، ولكن يجب أن يكون عندنا وعى لكل ما يدور حولنا وهو يسلك فى الإيمان.
 مثال : الثلاثة فتية القديسين  .. الملك نبوخذ نصر عندما هددهم بآتون النار كانوا عارفين خطورة الآتون، ولكن فى نفس الوقت كانوا مؤمنين أن الله يحميهم وينجيهم من آتون النار .. هنا العقل خاضع للإيمان.
قال لهم نبوخذ نصر "من هو الإله الذى ينقذكم من يدى. فأجاب شدرخ وميشخ وعبدنغو وقالوا للملك يا نبوخذ نصر لا يلزمنا أن نجيبك عن هذا الأمر هوذا يوجد إلهنا الذى نعبده يستطيع أن ينجينا من آتون النار المتقدة وأن ينقذنا من يدك أيها الملك وإلا فليكن معلوماً لك أيها الملك أننا لا نعبد آلهتك ولا نسجد لتمثال الذهب الذى نصبته"(3).
 (1)-(عب4: 12).            (2)-(لو1: 46).        (3)-(دا 3: 15).  
الثلاث فتية القديسين فى آتون النار
هناك عزيمة وإيمان وثقة وثبات وقناعة فى الإله الذى يستطيع أن ينجيهم، لذلك يقول الكتاب عنهم "بالإيمان أطفأوا قوة النار ..."(1).   
العقل لا يستطيع إدراك هذا الموضوع .. ما معنى أن النار تُسَّيح الحديد ولا تحرق الملابس ؟!
دانيال
دانيال وهو مدرك إنه يطلب ربنا فى صلاته، ولا يستطيع أن ينكر الله فتح الكوة وصلى إلى الله ..
قالوا للملك : دانيال صلى لإله غيرك، فرماه فى جب الأسود لذلك يقول بولس الرسول فى رسالته للعبرانيين بالإيمان "نالوا مواعيد .. سدوا أفواه الأسود"(2).   
دانيال غير خائف من الأسود والملك ينظر من أعلى عليه
 (1)-(عب11: 34).            (2)-(عب11: 33).
العقل لا يستطيع أن يستوعب هذا، لكن الإيمان يقدر أن يسد أفواه الأسود، ويطفئ لهيب النار.
جاء الملك وقال لدانيال "يا دانيال عبد الله الحى هل إلهك الذى تعبده دائماً قدر أن ينجيك من الأسود، فتكلم دانيال مع الملك "يا أيها الملك عش إلى الأبد إلهى أرسل ملاكه وسد أفواه الأسود فلم تضرنى لأنى وجدت بريئاً قدامه وقدامك"(1).
   العقل يقود الحواس والعاطفة والجسد، ولكن الإيمان حاجة فى الروح وليس فى الجسد .. لذلك يقول الكتاب "لأن اهتمام الجسد هو موت ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام"(2).
   الأكل هو طبيعة الجسد .. لكن الصوم هو عمل إيمانى.
جبـل المــقطم
لذلك المعز لدين الله الفاطمى طلب من الأنبا ابرآم نقل جبل المقطم من موضعه وأعطاه فرصة ثلاثة أيام ليمارس أعمال الإيمان (الصوم والصلاة)..
البابا ظل ساهراً أمام الهيكل فى الكنيسة المعلقة مع الشعب والإكليروس فوجد العذراء مريم تكلمه من الأيقونة وترشده إلى القديس سمعان الخراز لأن الآية المطلوب تنفيذها كانت "من له إيمان مثل حبة خردل، فيقول للجيل انتقل فينتقل"(3)..
كان من الممكن أن السماء تجعل البابا ينقل الجبل، لكن السماء اختارت شخص عادى عنده إيمان كحبة الخردل.
مدى العقل هنا قليل، ولكن بالإيمان تمت المعجزة ..
وبالإيمان سهر البابا الليل كله يتشفع بالقديسين لكى يتم نقل الجبل بالإيمان. لذلك لا تضاد مطلقاً بين العقل والإيمان، فالإيمان يرفع العقل إلى مستوى روحى كبير ليفهم المعجزة.
  (1)-(دا 6: 19).            (2)-(رو8: 6).            (3)- (مت17 : 20).     
  معجزة نقل جبل المقطم
الكتاب يقول "لا يرتئى أحد فوق ما ينبغى أن يرتئى بل يرتئى إلى التعقل كما قسم الله لكل واحد من الإيمان"(1).
ويقول الكتاب أيضاً "بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه"(2).
العقل لا يستطيع أن يرضى ربنا لأنه قاصر وعاجز لكن الإيمان هو الذى يرضى ربنا.
إبراهـيم
أبونا إبراهيم أب الآباء .. ربنا وعده أن يعطيه نسل، وكان عنده 75 سنة .. الوعد اتأخر قليلاً (عشر سنين) فالعقل ابتدأ يشتغل ..
سـارة قالت لإبراهيم خذ هاجر جاريتى وهات منها نسـل .. وفعلاً أنجبت
 (1)-(رو12: 3).                (2)-(عب11: 6).
إسماعيل، وكان ابرآم ابن ستة وثمانون سنة لما ولدت هاجر إسماعيل(1).  
   بعد ذلك ربنا يفكره بالوعد، وكان عنده مائة سنة ويغير اسمه من ابرآم إلى إبراهيم وساراى إلى سارة.
   وقال إبراهيم لله "ليت إسماعيل يعيش أمامك فقال الله له بل سارة امرأتك تلد لك ابناً وتدعو اسمه اسحق وأقيم عهدى معه عهداً أبدياً لنسله من بعده"(2).
   وكانت سارة تسمع هذا الوعد "فضحكت سارة فى باطنها قائلة أبعد فنائى يكون لى تنعم وسيدى قد شاخ. فقال الرب لإبراهيم لماذا ضحكت سارة .. هل يستحيل على الرب شئ"(3).      
   عقل سارة رفض وعد الله، ولكن بالإيمان هل يستحيل على الرب شئ.
   "وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم فقال له يا إبراهيم خذ ابنك وحيدك الذى تحبه اسحق واذهب إلى أرض المريا وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذى أقوله لك"(4).
   عقل إبراهيم لو فكر فى هذا الموضوع كان يقدر يقول لربنا [ إزاى تعطى وعداً بإنجاب اسحق ثم تطلب منى أن أذبحه وأحرقه بالنار ؟! ].
   لكن بالإيمان قدم إبراهيم ابنه اسحق الذى أخذ عنه المواعيد كما يقول الكتاب "بالإيمان قدم إبراهيم اسحق وهو مجرب قدم الذى قَبِل المواعيد وحيده الذى قيل له إنه باسحق يدعى لك نسل إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من الأموات"(5).   
   إنه اقنع العقل بالإيمان لأنه حسب الذى وعد صادقاً .. كلمة رائعة [ أن العقل لا يقول صادقاً بل الإيمان ].
   فإيمان أبونا إبراهيم جعله يقوم على تنفيذ طلب الله دون تردد .. ولكن الله قال له "لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئاً لأنى الآن علمت أنك خائف الله فلم تمسك ابنك وحيدك عنى"(6).
 (1)-(تك16: 16).        (2)-(تك17: 18).        (3)-(تك18: 12).
 (4)-(تك22: 1).            (5)-(عب11: 17).    (6)-(تك22: 12).
 إبراهيم يقدم ابنه اسحق ذبيحة لله
  والسيد المسيح كشف عن معنى جميل لهذه الحادثة عندما قال "أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومى فرأى وفرح"(1).
   ربنا عارف قلب إبراهيم، فجعله يقف موقف الأب الذى يقدم ابنه وحيده الذى يحبه كما قدم الأب ابنه وحيده الذى يحبه على الصليب "لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية"(2).
   وفعلاً حمل حطب المحرقة مثل المسيح الذى حمل الصليب ..
   وعاد حياً كما قام المسيح من الأموات ..
   هذه شخصيات إيمانية لم تسلك بالعقل فقط، بل سلكت بالعقل خاضعاً للإيمان، فاستطاعت أن ترضى ربنا، لأنه بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه.
   لو أبونا إبراهيم لم يؤمن بصدق كلام ربنا ما كان يقدر يوفى هذا الطلب، ويقدم اسحق محرقة .. هكذا سلك الكثيرون من القديسين عبر الأجيال.
   كنيستنا قوية وثابتة فى عمل الله، لذلك قدمت قديسين بلا حصر .. وشهداء بلا حصر، وظلت قوية بالرغم من المتاعب التى صادفتها عبر الزمن، والتجارب التى تمر بها.
   تدخل التجربة، وتكون أكثر صلابة بعد التجربة ..
   لذلك يقول الكتاب "كثيرة هى بلايا الصديق ومن جميعها ينجيه الرب"(3).
   لو وقفنا عند كلمة "كثيرة هى بلايا الصديق" تبقى المسيحية صعبة .. ولكنه يكمل ويقول "ومن جميعها ينجيه الرب"، "وعظم من عظامهم لا تنكسر".
   إن التجربة تجعل الإنسان ينمو روحياً، ويرتفع الإنسان للمستوى الإيمانى الكبير، فيصل إلى الله بأكثر قوة، وهكذا يسلك كما قال الكتاب "من مجد إلى مجد"(4).           

 (1)-(يو8: 56).             (2)-(يو3: 15).         (3)-(مز34 : 19).
 (4)-(2كو3 : 18).
الإيمان الذهنى والإيمان الفعلى
   هناك فرق بين الإيمان الذهنى والإيمان الفعلى .. فى قصة موسى وفرعون كان الشعب واقف أمام البحر الأحمر حوالى من 2 إلى 3 مليون شخص، وكان وراءهم فرعون بجيشه يطاردهم، فربنا أرشد موسى ليقول للشعب "قفوا وأنظروا خلاص الرب الذى يصنعه لكم اليوم فإنه كما رأيتم المصريين اليوم لا تعودون ترونهم أيضاً إلى الأبد. الرب يقاتل عنكم وانتم تصمتون"(1).   

كيف يخلص الله الناس ؟!
  ربنا نَزّل شبورة وحبس فرعون داخل الشبورة، وفصله عن باقى المركبات بحيث كل مركبة بمفردها، فوقف الجيش مكانه، وقال لموسى مد عصاك لفتح البحر "افتح أنت عصاك ومد يدك على البحر وشقه فيدخل بنو إسرائيل فى وسط البحر على اليابسة وها أنا أشدد قلوب المصريين حتى يدخلوا وراءهم فاتمجد بفرعون وكل جيشه بمركباته وفرسانه، فيعرف المصريون إنى أنا الرب فانتقل ملاك الله السائر أمام عسكر إسرائيل وسار وراءهم. وانتقل عمود السحاب من أمامهم ووقف وراءهم فدخل بين عسكر المصريين وعسكر إسرائيل وصار السحاب والظلام وأضاء الليل فلم يقترب هذا إلى ذاك كل الليل.
   ومد موسى يده على البحر فأجرى الرب البحر بريح شرقية شديدة كل الليل وجعل البحر يابسة وانشق الماء فدخل بنو إسرائيل فى وسط البحر على اليابسة والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم"(2).  

فرعون يغرق فى البحر
   "وتبعهم المصريون ودخلوا وراءهم جميع خيل فرعون ومركباته وفرسانه إلى وسط البحر وكان فى هزيع الصبح أن الرب أشرف على عسكر المصريين فى عمود النار والسـحاب وأزعج عسكر المصريين وخلع بكر مركباتهم حتى ساقوها بثقلة"(3).            
(1)-(خر14: 13).     (2)-(خر14: 16- 22).        (3)-(خر14: 23).      
موسى يقود الشعب فى وسط البحر
فرعون
ومركباته
داخل مياه
البحر الأحمر
   "فقال الرب لموسى مد يدك على البحر ليرجع الماء على المصريين على مركباتهم وفرسانهم. فمد موسى يده على البحر فرجع البحر عند إقبال الصبح إلى حاله الدائمة .. فدفع الرب المصريين فى وسط البحر. فرجع الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيش فرعون الذى دخل وراءهم فى البحر"(1).
موسى
   وكان موسى رمزاً للسيد المسيح .. والعصا رمز للصليب، وكما فتح موسى البحر الأحمر، وعبر هو والشعب هكذا شق المسيح بحر الجحيم، ونقل الذين ماتوا على رجاء القيامة إلى الفردوس.
   إنه موقف إيمانى .. أن يدخل موسى النبى والشعب على المياه .. إنه يواجه المياه وهى تفتح ولا تغلق إلى أن تم مرور الشعب للبحر.
   ربنا يتدخل فى هذه المعجزة .. شال الشبورة من أمام فرعون فرأى الطريق، فنزل وراء موسى والشعب .. وانتظر الله لما موسى والشعب عبروا البحر وكان فرعون فى وسط البحر فأمر موسى بإغلاق البحر، فهلك فرعون وجيشه ومركباته وسط البحر.           

تسـبحة موسى
   "حينئذ رنم موسى وبنو إسرائيل هذه التسبحة للرب وقالوا "أرنم للرب فإنه قد تعظم الفرس وراكبه طرحها فى البحر. الرب قوتى ونشيدى قد صار خلاصى هذا إلهى فأمجده. إله أبى فأرفعه .."(2).  

داود
   داود النبى رأى جليات يُعّير صفوف شعب الله، فقال "من هذا الفلسطينى الأغلف حتى يعير صفوف الله الحى"(3).
   وذهب داود إلى شاول الذى فارقه روح الرب لذلك لم يستطيع أن يحارب ويواجه جليات.
 (1)-(خر14: 26).    (2)-(خر15: 1- 19).        (3)-(1صم17: 26).
   وقال داود لشاول "لا يسقط قلب أحد بسببه. عبدك يذهب ويحارب هذا الفلسطينى فقال شاول لداود لا تستطيع أن تذهب إلى هذا الفلسطينى لتحاربه لأنك غلام وهو رجل حرب منذ صباه"(1).
   العقل هنا لا يجيب فرفض شاول. ولكن داود حكى لشاول قصة الأسد والدب اللذين حاولا خطف خروف من القطيع، وداود قتلهما، فانذهل شاول ووافق أن ينزل داود ليحارب جليات.
   ثم قال شاول لداود إلبس ملابس الحرب .. المقلاع والخوذة والدرع والحربة .. ولكن داود لم يعرف أن يمشى بهم، وقال لشاول أنا سأحارب بطريقتى ..
داود وجليات الجبار
(1)-(1صم17: 32).
   وانتخب داود خمسة حجارة ملس من الوادى ووضعها فى الجراب ومقلاعه فى يده وتقدم نحو الفلسطينى "وقال داود للفلسطينى أنت تاتى إلىّ بسيف وبرمح وبترس. وأنا آت إليك باسم رب الجنود .. هذا اليوم يحبسك الرب فى يدى فأقتلك وأقطع رأسك فتعلم كل الأرض أنه يوجد إله لإسرائيل"(1).
   وجاءت الزلطة فى جبهة جليات فارتجت رأسه ووقع، فأخذ داود سيفه وقطع رأسه.
   كان داود يرمز للسيد المسيح، وكان جليات رمزاً للشيطان ..
   أريد أن أقول يا أحبائى أن مواقف الإيمان هى مواقف فوق العقل وليست ضد العقل.
   لذلك فكل المعجزات التى هى أعمال إيمان يعجز العقل أن يؤديها ويواجهها بمفرده، لكن الإيمان يدرك أبعاد هذه المعجزة، وربنا يحققها من أجل إيمان الشخص.
قــائد المــئة
   قائد المئة قال للمسيح "قل كلمة فقط فيبرأ غلامى"(2)، فأجابه المسيح "الحق أقول لكم لم اجد ولا فى إسرائيل إيماناً بمقدار هذا"(3).             
   ابتدأ قائد المئة يعبر عن الإيمان بعقله عندما قال "أنا أيضاً إنسان تحت سلطان لى جـند تحت يدى أقـول لهـذا

 (1)- (1صم17: 45).        (2)-(مت8: 8).        (3)-(مت8: 10).              
اذهب فيذهب ولآخر أئت فيأتى ولعبدى افعل هذا فيفعل"(1).
   يعنى العقل ليس ضد الإيمان، ولكنه رفيق خاضع أمين جداً لذلك نحن نقدر القديسين لأن لهم عقل مؤمن، وإيمان متعقل.
   كل الذين نحتفل بهم، والإيمان الذى حصل معهم وصلواتهم كلها تعطينا إيمان قوى وثقة فى عمل الله.
  ثقة فى تحقيق ما نرجوه وإيمان بأمور لا ترى.
   نحن نؤمن بحراسة الملائكة لنا رغم أننا لا نراهم .. نؤمن أيضاً بسكن الله فى بيته مع أن الله لا يسكن فى مصنوعات الأيدى، وقال "من يرانى لا يعيش"(2).
   لكن من خلال الإيمان ندرك الوجود الإلهى والحضرة الإلهية ..
   نحن نصلى بإيمان وندرك أن الله حاضر معنا، ويستجيب لنا ويسمعنا وأنه يحبنا.
   ونتلامس بالإيمان مع أعمال الله التى يعطيها لنا ..
   صدقنى لو فكرنا كل يوم فى حياتنا .. سنجد مواقف كثيرة جداً يصنعها الله معنا تنمى إيماننا، وتحفظ إيماننا وتقويه دائماً لكى نقدر أن نواجه الشيطان وكل جنوده وكل حيله وكل طرقه الرديئة، وكل محاولاته معنا التى يصنعها لكى يهلك الإنسان.      
الإيـمــان
   لذلك يا أحبائى الإيمان يجعلنا نقدس ونخصص أوقات الله مدركين أن هذه الأوقات هى سبب بركة الوقت كله ..
   ممارستنا الروحية تحتاج إلى الإيمان كقول رب المجد "إن كنت تستطيع أن تؤمن كل شئ مستطاع للمؤمن"(3).

 (1)-(مت8: 9).            (2)-(خر33: 20).        (3)-(مر9: 32).        
   وكل ما نقوله بإيمان نناله كقول رب المجد "كل ما تطلبونه فى الصلاة مؤمنين تنالونه"(1).
العقل والإيمان
   لذلك نحن نحتاج إلى العقل والإيمان معاً .. فى توأمة جميلة تستطيع أن تعطينا باستمرار تقدماً روحياً فى حياتنا، فتكون كل دقيقة فى حياتنا لحساب الإيمان، والإيمان أيضاً يكون لحساب حياتنا مع الله.
ولربنا المجد الدائم إلى الأبد آمين

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم