10. السيد المسيح يعمل فى الرعاة ومعهم

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 
المجموعة: محاضرات في اللاهوت الرعوي للأنبا تادرس الزيارات: 3623

لا يمكن لأى عمل رعوى أن ينجح دون أن يعمل الله فيه، لأن الله هو الخادم الحقيقى. هو يعمل معنا وبنا ويتمجــَّــد اسمه فى كل مكان وزمان. هو راعى نفوسنا وأسقـُـــفها. هو يعمل فى الرعاة فتصير قلوبهم كقلبه ممتلئة حبـًـا وبذلاً.

أحيانًا نجد خادمًا يعمل لعشرين سنة ولا يوجد تقدُّم فى حياته؛ فهو يكرِّر خدمة سنة واحدة عشرين مرَّة. هذا الخادم لم يضع حياته بين يدَى المسيح. وهو لم يترك الله يعمل فيه ومعه ليغيَّرَه، ويملأ قلبه حبًا وينمو فى حياته وأفكاره ومفاهيمه وتعاليمه. وهذا الخادم لم يسمع إلى وصية الرسول بطرس، "أنتم أيها الأحباء، إذ قد سبقتم فعرفتم، احترسوا من أن تنقادوا بضلال الأردياء فتسقطوا من ثباتكم. ولكن انموا فى النعمة وفى معرفة يسوع المسيح." (2 بط 17:3)

من سِمات الخادم الناجح أنه يعرف أن يد الله معه دائمًا، فلا تتحول الخدمة إلى "روتين". ولكن يصير قلبه ممتلئــًا حبـــًا وكلماته كـَكـَلِـمات سيــِّـده: "أنت تلميذ ذاك،" (يو 28:9) ويكون حضور الله ظاهرًا جليًا فى العمل، إذ أن "لغتك تظهرك." (مت 73:26) وهكذا يكون الله هو نــَــسمة حياة الخدمة، وشمسها الدافئة، وحيويتها المتدفقة. فإذا غاب المسيح غاب كل شئ، لكن فى حضوره يكون الحصاد وفيرًا. إن جهاد الخادم الأساسى فى أن يكون أداه طيــِّــعة فى يد المسيح، لأنه "إن لم يبن الرب البيت، فباطلاً يتعب البنــــَّـاؤُون. وإن لم يحرس الــــــرب المدينة، فبـــــاطلاً سهر الحراس." (مز 1:127) وهو الذى قال: "بدونى لا تقدرون أن تفعلوا شيئـًا." (يو 5:15)

إن الخدمة الناجحة لا تبدأ من المنبر، بل من المخدع. موسى أولاً، ثم يشوع؛ موسى يرفع يديه فينتصر يشوع. لذلك يجب على الخادم – قبل أن ينضم إلى مجموع الخدام – أن يدخل الى المخدع لطلب المعونة. وقبل أن يبدأ الافتقاد، يجب أن يدخل الى الكنيسة. ويؤكد بطرس الرسول على ضرورة أن ترعى رعاية الله نظــــَّــارًا، لا عن اضطرار بل عن اختيار، صـــــائرين أمثلة للرعيـــة: "ومتى ظهر رئيس الرعية، تنالون إكليل المجد الذى لا يــــَــبـلــَى." (1 بط 2:5) ويأمر الكتاب المقدَّس الرعاة بأن "احترزوا إذاً لأنفسكم ولجميع الرعية التى أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التى اقتناها بدمه." (أع 28:20)

والخادم الذى لايهتم بنفسه، ينطبق عليه قول الكتاب المقدس: "جَعـَـــلـُونى ناطـُــورة (حارس) الكروم، أمــَّـا كرمــِـى فلـــَـم أنطره." (تث 6:1) وهو الأمر الذى جعل بولـــــس الرسول يقول: "أقمِع جسـَـــدى وأستعبـــِـده، حتى بعدما كـَــرَزتُ للآخرين لا أصــــير أنا نفسى مرفوضــًا." (1 كو 27:9)

وخلاصة الأمر أن الله هو الراعى الحقيقى. هو الذى أســـَّس الرعاية، وهو مصدرها. ولا نستطيع أن نقبل أى عمل رعوى من دون الله. فهو المثال، وهو الراعى، وهو الســـَّــند. أما مـَـن ينظر إلى الرعاية على أنها عمل "أكاديمى" بحت ويفصل بينها وبين الله، فإنه يتحول إلى مدرِّس وليس راع. وهناك فرق كبير بين الاثنين.