مقدمة
فى شهر أكتوبر من كل عام تطالعنا وسائل الإعلام بمن فاز بجائزة نوبل فى ستة مجالات محددة من قِبل المسئولين عن هذه الجائزة القيمة، والتى تكون شرف لكل من يحصل عليها، فهى تمثل تتويج لأعماله أو اختراعاته المتميزة
نشـأته
ولد ألفريد برنارد نوبل Alfred Bernhard Nobel فى ستوكهولم (السويد) يوم 21 أكتوبر عام 1833م. وكان أبوه إيمانويل ينحدر من أسرة فقيرة من الفلاحين، وقد شق طريقه إلى الشهرة كمهندس عسكرى. وفى عام 1842 اصطحب أسرته إلى روسيا وهناك بدأ فى صناعة الألغام الأرضية
والبحرية التى كان يمد بها الحكومة الروسية
تلقى ألفريد نوبل تعليمه فى المنزل على يد مدرسين خصوصيين مثله فى ذلك كمثل أخويه روبرت ولودفيج، وعندما بلغ مرحلة الشباب قضى قرابة عام فى الولايات المتحدة يدرس على يد المهندس السويدى جون إريكسون. وعندما عاد إلى أوروبا سرعان ما كون لنفسه اسماً كمخترع
بدايـة الطريـق
وعلاوة على ذلك كان له نصيب فى مؤسسة البترول التى كان يملكها أخواه، وهما اللذان افتتحا آبار البترول فى باكو بجنوب روسيا، وقد اشترك ألفريد نوبل مع والده الذى كان قد عاد هو الآخر إلى السويد فى إجراء التجارب على المفرقعات. وأنشأ الاثنان الأب والابن ورشة صغيرة لإجراء أبحاثهما ولانتاج النيتروجلسرين، وكان ذلك فى هيلنبورج بالقرب من ستوكهولم، ذلك أن ألفريد كان قد اكتشف طريقة مفيدة لتفجير تلك المادة، وحصل لهذا الغرض على براءة اختراع حكومية. وبينما كان الاثنان فى ورشتهما ذات يوم وقع حادث مؤسف، ذلك أن إنفجاراً فى مادة النيتروجلسرين أدى إلى تدمير الورشة وإلى مقتل الأخ
ألفـريد نوبـل
ميدالية جائزة نوبل
الأصغر لألفريد وعدد آخر من الرجال. ولم يمض على ذلك شهر حتى أصيب إيمانويل (الأب) بالشلل وظل عاجزاً بقية حياته
اختراع الديناميت
وجد ألفريد نوبل نفسه بعد تلك الأحداث يعمل بمفرده. وقد بدأ فى إقامة مصانع جديدة فىكل من النرويج وألمانيا. غير أن النيتروجلسرين ظل شديد الخطورة ولاسيما إذا لم يعامل بعناية. ولم تكن الحادثة التى أودت بحياة الأخ الأصغر لألفريد هى الوحيدة من نوعها، فقد انفجر مصنع نوبل فى ألمانيا كما انفجرت سفينة بالقرب من سواحل بناما، ووقعت عدة انفجارات أخرى فى سان فرانسيسكو ونيويورك واستراليا، وأخيراً منعت كل من بلجيكا وفرنسا صناعة النيتروجلسرين فى بلادهما. كما أن السويد حظرت نقله وفرضت بريطانيا قيوداً شديدة على استخدامه
وأخيراً فى عامى 1866، 1867 تمكن ألفريد نوبل من إيجاد حل للمشكلة، فالنتروجلسرين سائل ضعيف الثبات لدرجة كبيرة، وبإضافة مواد ماصة إليه أمكن تخزينه ونقله بأمان وأصبح تفجيره فى تلك الحالة يقتضى استخدام مفجر خاص. وقد أطلق على هذا الشكل الجديد من النيتروجلسرين اسم ديناميت Dynamite (من اليونانية dynamis بمعنى قوة) وأصبح الاسم الشـائع له هو " مسحوق أمان نوبل
وابتداء من ذلك الوقت أخذت مصانع نوبل تنمو نمواً سريعاً. وفى عام 1871 أقام مصنعاً فى أردير باسكتلندا الذى أصبح فيما بعد واحداً من أضخم مصانع الديناميت فى العالم. وما أن حـل عام 1875 حتى أصبحت له مصانع
تصور ألفريد بأنه بهذا الاختراع قد عمل على إسعاد البشرية حيث كان فى البداية يٌستخدم فى شركات البناء والمناجم والقوات المسلحة، وعندما تبين له سوء استخدامه فى أغراض غير سلمية. قرر فى أواخر حياته أن يهب بعض ثروته لكل من يُساهم فى إسعاد ورخاء البشرية وتقديمها عبر جائزة نوبل.
فى معظم بلاد أوروبا ومصنعان فى الولايات المتحدة. وفى عام 1887 اخترع
البالستيت أو مسحوق النيتروجلسرين عديم الدخان والذى سرعان ما بدأت معظم الدول فى استخدامه باروداً. وقد بلغ مجموع براءات الاختراع التى حصل عليها نوبل لاختراعاته أكثر من مائة براءة
كان نوبل يجيد عدة لغات علاوة على لغته السويدية، وبالإضافة إلى ما كان يتمتع به من ثروة طائلة فقد أصبح مواطناً ممتازاً يكثر السفر إلى الخارج لمباشرة أعماله فى مختلف البلاد. وقد ظل نوبل أعزباً وحيداً، وكانت طبيعته أقرب إلى التشـاؤم إذ كان يدرك تماماً مدى خطورة اختراعاته فى أيدى السلطات العسكرية، الأمر الذى دعاه لتأييد العديد من المنظمات التى كانت تعمل من أجل السلام فى أوروبا
فتهافتت على شرائه شركات البناء والمناجم والقوات المسلحة، وانتشر استخدام الديناميت في جميع أنحاء العالم. قام ألفريد بإنشاء عشرات المصانع والمعامل في عشرين دولة، وجنى من وراء ذلك ثروة كبيرة جداً حتى أصبح من أغنى أغنياء العالم
المجالات التى تمنح فيها الجائزة
وعندما توفى فى عام 1896 ترك ثروة تقدر بثلاثة ملايين ونصف مليون جنيه. وقد أوقف تلك الثروة وخصص ريعها لتقديم خمس جوائز دولية كل سنة. وتمنح هذه الجوائز فى ستوكهولم فى يوم ذكرى وفاته إلى الذين أسهموا إسهاماً ممتازاً فى مجالات (الطبيعة والكيمياء والعلوم الطبية والأدب العالمى والصداقة بين الدول)، وهذه الأخيرة هى جائزة نوبل للسلام، تعبر عن الأمل الذى كان يراود نوبل فى ألا يسئ العالم استخدام اختراعاته
وفى عام 1968، قام البنك السويدى باستحداث جائزة نوبل للعلوم الإقتصادية إلا أن عائلة نوبل لم تعترف بالجائزة المستحدثة حيث أن ألفريد نوبل لم يذكرها من ضمن المجالات التى تُمنح لها جائزة نوبل. ومنذ ذلك العام، تقرر أن لا تُستحدث مجالات جديدة على جائزة نوبل
اختيار الفائزين بالجوائز
تُعطى جائزة نوبل فى تاريخ 10 ديسمبر من كل عام لمن يقوم بالأبحاث البارزة، أو لمن يستطيع أن يبتكر تقنيات جديدة أو من يقوم بخدمات إجتماعية نبيلة. وتُعد جائزة نوبل أعلى مرتبة من الثناء والإطراء على مستوى العالم. وقد قام السويدى نوبل بالمصادقة على الجائزة السنوية فى وصيته التى وثّقها فى النادى السويدى- النرويجى فى 27 نوفمبر 1895
لقد أصبحت جوائز نوبل من أسمى دلائل الشرف التى يمكن لأى عالم أو أديب أن يحصل عليها، وهى تمنح بناء على توصية مجموعة من العلماء فى السويد فيما عدا جائزة السلام التى تمنح بناء على توصية خمسة رجال يختارهم برلمان النرويج
والجائزة عبارة عن ميدالية ذهبية، وشـهادة، ومنحة مالية تقدر بمبلغ 10 ملايين كرونر سويدى(1) أى أكثر من مليون دولار أمريكى بقليل.. وفى بعض الأحيان تُقسم الجائزة على أكثر من فائز، وإذا لم يتوافر الشخص الذى يستحقها فإنها لا تمنح لأحد.
وتشمل قائمة الجوائز التى مُنحت خلال السنوات الماضية أسماء كثيرين من عظماء العلماء فى العلوم الحديثة والآداب. هذا وقد كانت أولى جوائز السلام هى التى مُنحت فى عام 1901 لجان هنرى دونان أحد مواطنى مدينة جنيف ومؤسس هيئة الصليب الأحمر. وتتخلل قائمة جوائز السلام ثغرات عديدة بسبب الحربين العالميتين، ولِما كان يحدث من عدم وجود بطل السلام الجدير بها. وقد استخدمت المبالغ التى تجمعت بهذه الطريقة فى إنشاء معاهد نوبل
الكرونر هى العملة السويدية السابقة، وبعد أن قام الاتحاد الأوربى، وانضمت له السويد أصبحت عملتها اليورو مثل باقى الدول الأوربية، وبذلك أصبحت الجائزة تُقدر باليورو
أُقيم أول إحتفال لتقديم جائزة نوبل فى الآداب، والفيزياء، والكيمياء، والطب فى الأكاديمية الملكية الموسيقية فى مدينة ستوكهولم السويدية عام 1901. وابتداءً من عام 1902، قام الملك بنفسه بتسليم جائزة نوبل للأشخاص الحائزين عليها. وقد تردّد الملك "أوسكار الثانى" ملك السويد فى بداية الأمر فى تسليم جائزة وطنية لغير السويديين، ولكنه تقبّل الوضع فيما بعد لإدراكه لكمية الدعاية العالمية التى ستجنيها السويد
تُسلّم جوائز نوبل فى إحتفال رسمى فى العاشر من ديسمبر من كل عام على أن تُعلن أسماء الفائزين فى شهر أكتوبر من العام نفسه من قِبل اللجان المختلفة والمعنية فى تحديد الفائزين لجائزة نوبل. وننوّه أن العاشر من ديسمبر هو يوم وفاة الصناعى السويدى، صاحب جائزة نوبل
مصر وجائزة نوبل
حصلت مصر على أربع جوائز نوبل حتى الآن فى مجالات السلام والكيمياء والأدب، وهى كالتالى
فى عام 1978 حصل الرئيس أنور السادات على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجن لإجراء مباحثات مشتركة بين البلدين، وقد تمخضت هذه المباحثات بعقد اتفاقية كامب ديفيد للسلام فى العام التالى 1979
فى عام 1988 حصل الأديب نجيب محفوظ على جائزة نوبل للآداب عن الثلاثية (قصر الشوق – السكرية – بين القصرين)
فى عام 1999 حصل العالم المصرى الأصل، والأمريكى الجنسية (الدكتور أحمد حسن زويل) على جائزة نوبل فى الكيمياء لاكتشافه الفمتوثانية
وفى عام 2005 حصل الدكتور محمد البرادعى المدير التنفيذى للوكالة الدولية للطاقة الذرية على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وذلك للجهود المبذولة فى مكافحة انتشار الأسلحة النووية
ومن الملاحظ أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية توجد فى فيينا، وقد تأسست عام 1957
باب المعرفة - نــوبــل - أعداد اسرة المجلة
