قصص أخرى عن الأنبا أرسانيوس

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 
المجموعة: الأنبا أرسانيوس معلم أولاد الملوك الزيارات: 14984

4151جاء رسول من روما يحمل وصية أحد أقربائه المتوفين، يهبه فيها كل ما تركه فسأل الأنبا أرسانيوس الرسول
"متى مات هذا الرجل؟"
"منذ سنة"
"وأنا مت منذ إحدى عشرة سنة، والميت لا يَرِث ميَّتاً!!"

ولقد كان معتاداً أن يطرد حرب الشياطين بالصلاة الكثيرة لذا، جاءته الشياطين يوماً ما في شكل ملائكة، يباركونه لقداسته وإصراره (حتى يقع في خطية الكبرياء) ولكنه صرخ إلى الله "اللهم إلتفت إلى معونتي، يا رب أسرع وأعنّي، ليخز ويخجل طالبوا نفسي، وليرتد إلى الخلف ويخجل مَنْ يريدون لي الشر

"وأنت أيها السيد، فلا تخذلني، فإني ما صنعت لديك خيراً قط، بل أعطني يا رب بكثرة صلاحك أن أحفظ وصاياك، وأبدأ في عمل إرادتك"

وعندما نطق بهذه الكلمات هربت الشياطين وصارت كالدخان وقد كان الأنبا أرسانيوس دائم الطلبة إلي الله ليريه الطريق الصحيح، فسمع نفس الصوت القديم مرة أخرى "يا أرسانيوس الزم الهدوء والبُعد عن الناس والصمت، وأنت تخلص"

وقد كان دائم التذكير لنفسه قائلاً "أرساني أرساني تأمَّل فيما خرجت لأجله" لئلا يفقد الطريق، ولا ينحرف عن الطريق الصعب

وقد كان نظامه اليومي كالآتي
         كان يبدأ الصلاة مع شروق الشمس
         ثم يعمل في ضفر الخوص حتى السادسة
         ثم يقرأ حتى التاسعة
         ثم إلى الصلاة
 
وكان أيام الآحاد وفي الأعياد مُعتاداً أن يبدأ في الصلاة وقت الغروب معطياً ظهره للشمس، ويرفع يديه حتى تشرق الشمس مرة أخرى في وجهه!!!

زارته مرة إحدى شريفات روما عندما بلغها خبر تقواه، وبعد أن جلست معه مدة، طلبت منه أن يذكرها في صلاته فأجابها "أرجو الله أن يمحو ذكراك من عقلي!"
فرجعت متأثرة وشكت للبابا ثاؤفيلس محتجة على هذا الكلام، فأفهمها البابا قصده وهو خوفه من ذِكراها قد يستخدمها الشيطان وسيلة لمحاربته

وقد كان حَذِراً جداً من الكلام، ولما سُئِلَ عن السبب أجاب
 
كان الأنبا أرسانيوس متضعاً جداً، وكان يأكل مما كان يحصل عليه من بيع صنع يديه (ضفر الخوص)، ويعطي باقي المال للفقراء

وكان دائم البكاء (على خطاياه)، وكان معتاداً أن يقف خلف عمود في الكنيسة يبكي، لدرجة أنه تكوّن خط صغير جراء من دموعه! وبدأت رموشه تسقط من كثرة البكاء!!
(ملحوظة لا يزال ذلك العمود موجوداً هنا في مصر، بدير البرموس)

قيل عن أنبا أرسانيوس أنه حين كان في العالم كان رداؤه أنعم من أي إنسان آخر، وحين عاش في الإسقيط كان رداؤه أحقر من الجميع

على المرء أن يبلل الخوص عند ضفره حتى يصبح ليناً بدرجة كافية ويجب أن يتم تغيير الماء بطريقة منتظمة، ولكن كان الأنبا أرسانيوس يغيِّر الماء مرة واحدة كل عام فقط! وعندما كان ينقص الماء، كان يضيف عليه ماء فوق الماء العَفِن (كنوع من التقشف!)

وحدث أن زاره الأب مقاريوس الإسكندري، ولما سأله عن ذلك أجاب "الحق إني لا أستطيع أن أطيق تلك الرائحة، لكني أكلف نفسي بإحتمال هذه الروائح الكريهة عوض الروائح الذكية التي تلذذت بها في العالم!"

وقد أخبر أولاده رؤيا رآها راهب آخر

"في يوم من الأيام، بينما كان راهب شيخ جالساً في قلايته، سمع صوتاً يقول له "هلم خارجاً، فأُريك أعمال الناس"
"فعندما خرج، رأى رجلاً أسود يقطع الحطب، وعندما بدأ يرفعه، لم يستطِع وبدلاًَ من أن يقلل الحِمل، بدأ يزيد عليه!! فلم يستطِع حمله مرة أخرى، وهكذا!
"فمشى الراهب قليلاً، ورأى رجلاً آخر بجانب بئر، يخرج الماء من البئر، ويصبّه في قدرٍ مقطوع، لذا لم يمتلئ القدر أبداً!!
"ثم رأى ثانية إثنين من الفرسان يحملان عموداً معاً، كلٍ من جانبه، وعندما جاءا إلى الباب، لم يَتَّضِع أحدهما ليذهب للخلف وراء صديقه حتى يُدخِلا العمود بالطول، فبقيا خارِجاً!!!"

ثم بدأ الأنبا أرسانيوس في شرح تلك الرؤيا
الحطَّاب هو مثل رجل ملئ بالخطايا، فبدلاً من أن يتوب عنها، يزيد عليها!
والرجل الذي يحاول ملء القدر، هو مَن يعطي تبرعات من ظلم الآخرين، لذا فأجرته تضيع!!
وحاملي العمود هم مثل حاملي نير سيدنا يسوع المسيح، بدون تواضع، لذا فيبقيان خارج ملكوت الله!!!

حدث مرة أن جاء أخ غريب (ومعه راهب من داخل الدير) إلى الإسقيط ليبصر الأنبا أرسانيوس، فلما قرع الباب فتح له فدخل وصليا معاً وبقى الأنبا أرسانيوس صامتاًُ طوال الوقت حتى تضايق الأخ ومشى
وفي طريق العودة أخذه الراهب الذي من الدير إلى قلاية الأنبا موسى الأسود (الذي كان لصاً) فلما أتي إليه قابلهم بالترحاب وبفرح، وتحدث معه وأطعمه
فقال له الأخ الذي أرشده "ها قد أريتك اليوناني والمصري، فمن من الإثنين قد أرضاك؟!" فأخبره الغريب بأنه يفضِّل المصري أكثر
فلما سمع أحد الأخوة ذلك صلّى إلى الله قائلاً "يا ري إكشف لي هذا الأمر فإن قوماً يهربون من الناس من أجل اسمك، وقوماً يقبلونهم من أجل إسمك أيضاً؟!!!" وألحّ في الصلاة والطلبة فتراءت له سفينتان عظيمتان في لُجّه البحر ورأى في أحدهما الأنبا أرسانيوس وهو يسير سيراً هادئاً وروح الله معه ورأى في الأخرى الأنبا موسى وملائكة الله معه وهم يطعمونه شهد العسل