منهج الكلية الاكليريكية مادة علم الابقطى للصف الثالث مقدمة +(الفصل الاول)

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 
المجموعة: علم الأبقطى الزيارات: 4304


علم الأبقطى للصف الثالث الباب للاول(الفصل الاول) التقويم وحساب الأبقطى

تقديم إعداد

المستشار زكى شنودة رشدى واصف بهمان

مدير معهد الدراسات القبطية مدرس بالكلية الاكليريكية

 

 

إهداء

 

إلى صاحب القداسة والغبطة

البطريرك المعظم

البابا شنودة الثالث

 

 

الذى غرس بذار العلم منذ أن تولى إدارة

الكلية الإكليريكية التى هى الأم الرؤوم

نبع الأرثوذكسية الصافى وقلب الكنيسة النابض

 

نهدى هذا البحث المتواضع

 

راجين بصلوات قداسته أن يعم البحث فى

الموضوعات المختلفة ذات الأهمية

للكنيسة القبطية الأرثوذكسية

 

 

ابنكم المخلص

رشدى واصف بهمان

 

 

 

 

 

تقديم

بقلم المستشار ذكى شنوده

مدير معهد الدراسات القبطية

 

أسعدنى الأستاذ رشدى واصف خريج معهد الدراسات القبطية والمدرس بالكلية الإكليريكية لأنه أدرك حقيقة رسالة المعهد , وهى فضلا عن نشر الثقافة القبطية , العمل بالبحوث والمؤلفات على مواصلة رسالة مدرسة الإسكندرية اللاهوتية التى أسسها مرقس الرسول والعمل على تغطية التاريخ القبطى فى كل عصوره بكل ما تضمنه ذلك التاريخ من قانون كنسى ولاهوت قبطى ولغة قبطية وفن قبطى وآثار قبطية وموسيقة قبطية وسائر ما يتعلق بالقبطيات من علوم , نظرا لحاجة المكتبة القبطية لهذه البحوث والمؤلفات حاجة ملحة , نعوض بها ما فاتنا فى الماضى ونملا بها الفراغ الذى نلمسه فى الحاضر فى كثير من وجوه الثقافة المتعلقة بشعبنا وكنيستنا

 

ذلك أن الأستاذ رشدى واصف طوال وجوده بالمعهد ثم بعد أن تخرج مئة وهو منقطع للبحث والتأليف فى كثير من النواحى المتعلقة بالعلوم القبطية , ولا يفتأ يصدر كتابا بعد كتاب يتناول موهاما من الموضوعات التى نحن فى أشد الحاجة الى استيفاء البحث فيها وشرحها وتوضيحها بطريقة عملية تليق بمعهد الدراسات القبطية وتليق بخريجيه الذين تلقوا العلم فيه وتثقفوا على أيدى أساتذته

 

ولعل أفضل مثال لبراعة الاستاذ رشدى وأصف فى انتقاء الموضوع الذى يتناوله بالبحث هذا الكتاب الأخير الخاص بالتقويم وحساب الأبقطى , نظرا لغموض فكرة هذا البحث لدى الكثيرين , ونظرا فى الوقت نفسه الى حاجة الجميع الى معرفة وسيلة أستخدامه والانتفاع به فى تحديد أيام تقويم الشهداء بالمقارنة مع التقويم الميلادى ولا سيما فيما يتعلق بتحديد أيام الأعياد والمواسم الدينية وكذلك مواعيد فصول السنة وتقلبات الطقس ومواعيد الزراعة وبذر البذور وحصاد المحصول وغير ذلك من الفوائد العملية فى الحياة اليومية لأهل المدن والقرى على السواء

 

ومن المعروف أن موضوع التقويم قد أثير فى مجمع نيقية المسكونى الذى عقد فى سنة 325 ميلادية نظرا لاختلاف البلاد المسيحية فى تحديد موعد عيد القيامة فى كل عام , ونظرا لاشتهار الأقباط شهرة عريقة فى العلوم الفلكية التى برعوا فيها وقد ورثوا الإجادة فيها عن آبائهم قدماء المصريين , أسند المجمع الى بطريرك الإسكندرية فى ذلك الوقت تحديد موعد عيد القيامة فى كل عام , وإبلاغة لكل الكنائس المسيحية فى جميع أنحاء العالم وكان بطريرك الإسكندرية الأنبا ديمتريوس الكرام قد وضع أو بتعبير أكثر دقة وضع العلماء القباط ذلك الحساب المعروف بحساب الأبقطى لتحديد موعد عيد القيامة وغيره من الأعياد والمناسبات المسيحية , وقد ظلت الكنيسة القبطية تستند الى ذلك الحساب بهذا الخصوص منذ ذلك الحين الى اليوم , غير أن استخدام ذلك الحساب ظل قاصرا على عدد ضئيل من المشتغلين بالعلوم الكنسية , نظرا لدقته المتناهية وصعوبة البحث فيه , ومن ثم ظلت فكرته غامضة لدى الاغلبية العظمى من الأقباط وغير الأقباط

 

وأننى لأغيط الاستاذ رشدى واصف على الدقة العلمية والصبر الطويل الذى عالج به شرح حساب الأبقطى والتقاويم الآخرى وهو موضوع هذا الكتاب الذى يعجز الكثيرون عن الخوض فيه

 

فله منى خالص الشكر والتهنئة على ما بذل فى هذا الكتاب من جهد , وما من شك فى أن كل قارئ لهذا الكتاب لا يسعه إلا أن يزجى إلى مؤلفه كما أزجيت كل شكر وتهنئة , فلسوف يجد كل قارئ فيه فائدة كان يتوق الى أن يصل إليها فلا يسعفه فى ذلك مرجع أو كتاب , فله منى تهنئة مجددة , وأرجو له فى كل بحوثه القادمة كل نجاح وتوفيق ,,

 

ذكى شنوده

 

 

مقدمة المؤلف

عزيزى القارئ

 

هذا البحث الذى بين يديك عن التقويم وحساب الأبقطى هو ثمرة دراسة دامت عدة سنوات , وهذا النوع من الدراسة هو أحد أفرع علم اللاهوت الطقسى الذى يدرس فى الكليات الإكليريكية

 

وموضوع هذا البحث له جذور عميقة فى نفس ترجع الى الصغر إذ نشأت فى أسرة تهتم كثيرا بطقوس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ولا سيما هذا الحساب الذى يسمى حساب الأبقطى . ومما دفعنى أكثر للشغف والاهتمام بهذه الدراسة ما كان يحيكه لى جدى وجدتى والدة أمى عن خالى المتنيح . شاول يواقيم الذى على الرغم من عجز بصره إلا أنه كان من أقوى وأقدر من عرفوا هذا العلم وعلموه لمن بعدهم وكثيرا ما كان يحثنى الآباء الكهنة فى فرشوط ولا سيما أبونا شنودة ارسانيوس ( حفظة الله ) على تعلم هذا الحساب الكنسى . فتعلمت بعضا من قواعده . وشاءت عناية الله أن ألتحق بالكلية الإكليريكية بعد أن تشرفت وتباركت بتزكية نيافة الحبر الجليل الأنبا كيرلس اسقف نجع حمادى ( حفظه الله ) . وتحققت المنية الغالية حيث درست هذا العلم ضمن دروس مادة الطقو المقررة على الفرقة الثالثة بالكلية على يد العالم الجليل الدكتور شاكر باسيليوس وكيل الكلية افكليريكية واستاذ اللغة القبطية وأعترف أننى كنت أدون ما كان يقوله كلمة كلمة

 

ولا أكون مغاليا إذا قلت اننى كنت استقى هذا العلم منه مثل ظمأن امام نبع ماء متدفق ولما شاءت العناية الإلهية بأن تكون خدمتى فى حقل التدريس بالكلية الإكليريكية بأمر قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث , أسند لى تدريس مادة اللاهوت الطقسى , ولما كان التقويم وحساب الأبقطى ضمن هذه المادة لذلك كلفتنى إدارة الكلية عن طريق الدكتور شاكر فى العام الدراسى 88 / 1989 م بأن أقوم بتدريس هذا الفرع ولا سيما أن الدكتور شاكر باسيليوس يقع على عاتقه الكثير من أعباء الكلية الإكليريكية

 

وهذا البحث هو ثمرة المحاضرات التى قمت بتدريسها لطلبة الفرقة الثانية خلال عامين متتاليين

وهو عبارة عن فصلين أولهما عن التقويم والثانى عن حساب البقطى , وراعيت أن أعالج هذا الموضوع بطريقة علمية مبسطة حتى أحبب الدراسين فى هذه المادة وأسهل عليهم دراستها وإجادة الحسابات الكثيرة

 

واعتمدت فى دراستى على المتاح من الكتب المطبوعة ولا سيما كتاب التحفة البرموسية للقمص عبد المسيح المسعودى , كما اعتمدت على بعض المخطوطات والوراق الخاصة بالسرة

وإنى لأقدم الشكر ساجدا لله الذى اعاننى على غتمام هذا المجهود المتواضع كما أقدم خالص شكرى الى الدكتور شاكر باسيليوس الذى أفادنى كثيرا فى موضوع البحث , كما أقدم جزيل شكرى الى المستشار ذكى شنودة مدير معهد الدراسات القبطية الذى تفضل مشكورا بالتقويم لهذا البحث

 

كما أشكر الفنان عماد نسيم والفنان بضابا نسيم الذين قاما بتصميم الغلاف والى كل الحباء الذين شجعوا وباركوا وأمدونى ببعض المراجع لهذه الدراسة مصليا الى الله أن يعوض الجميع عن تعب محبتهم ميراثا فى ملكوت السموات بصلوات صاحب القداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث وشريكة فى الخدمة الرسولية جزيل الطوبى الحبر الجليل الأنبا كيرلس اسقف نجع حمادى , ولإلهنا المجد الدائم الى الأبد

 

عيد القيامة المجيد رشدى واصف بهمان

7 برمودة 1706ش

15 إبريل 1990م

 

 

 

 

الفصل الأول

التقويم

Pipmerodogion

 

 

التقويم

التقويم عبارة عن إحصاء الأيام والشهور والفصول والسنوات وتحديدها وربطها بحادثة معينة لتكون دليلا ومرشدا يقارن أو يرتب الحوادث التاريخية

 

ويرتبط نشاط الإنسان الزراعى والصناعى والتعليمى بالتقويم كما ترتبط الأعياد والمواسم الدينية بالتقويم أيضا

 

وقد دل إختبار الأمم التى بلغت شأنا عظيما من الحضارة أن التقويم العلمى السليم هو الذى يصح لمثل هذه الأمم وهو ما ينطبق على التغيرات الجوية , بحيث تقع الفصول المناخية الأربعة فى موعدها تماما بلا إختلال أو تصحيف

 

والإحصاء إما أن يكون عن طريق القمر فى وجوهه المختلفة ومجموعها , أو الفترة بين ظهور هلالين متتاليين وتعتبر شهرا قمريا , وتؤلف 12 شهرا قمريا سنة قمرية مثل السنة الهجرية فهى سنة هلالية

 

وإما أن يكون الإحصاء عن طريق دورة الكرة الأرضية حول الشمس فتتكون بذلك السنة الشمسية وقد قسمت هذه السنة الى فصول وشهور وأيام وساعات (1)

 

 

الباب الأول : تقويم قدماء المصريين

 

 

لقد أجمع المؤرخون على أن المصريين هم أول من قسم الزمن فقال أقدمهم , أبو التاريخ هيرودوت : ( أما ما يتعلق بأمور البشر فالجميع على اتفاق فى ذلك وقد كان قدماء المصريين هم أول من ابتدع حساب السنة وقد قسموها الى اثنى عشر قسما بحسب ما كان لهم من معلومات عن لانجوم . ويظهر لى أنهم أحذق من الأغارقة ( اليونانيين ) الذين يحسبون شهرا كبيسا كل ثلاث سنين تكلمة للفصول . فقد كان المصريون يحسبون الشهر ثلاثين يوما ويضيفون خمسة أيام الى السنة لكى يدور الفصل ويرجع الى نقطة البداية ( 1 )

 

وقد بدأ المصريون أولا باليوم وكان يبدأ من منتصف الليل ويستمر الى منتصف الليل الذى يليه ثم عرفوا الشهر الهلالى ولإحتياجهم الى فترة زمنية معلومة تربط بين اليوم والشهر نظموا الأسبوع

 

ويذكر المؤرخ ديون كاسيوس DION CASSIUS ( 2 ) أن المصريين سموا الأيام السبعة بأسماء السيارات وهى ( 1 ) زحل ( 2 ) المشترى ( 3 ) المريخ ( 4 ) الشمس ( 5 ) الزهرة ( 6 ) عطارد ( 7 ) القمر

 

فلما أخذ الرومان هذه التسمية منهم أطلقوا على الأيام

 

التسميات التالية

 

الأحد يوم الشمس Sunday

الأثنين يوم القمر Monday

الثلاثاء يوم المريخ Tuesday

الأربعاء يوم عطارد Wednesday

الخميس يوم المشترى Thursday

الجمعة يوم الزهرة Friday

السبت يوم زحل Saturday

 

وقد حفظت هذه التسميات بين الأمم الأوربية الى اليوم . غير أن المصريين ولو أنهم استعملوا الأسبوع واخترعوا تسمية للأيام إلا أنهم اكتفوا بتسميتها بالأول فالثانى ..... الى السابع ( 1 )

 

وبعد أن انتهوا من ترتيب الأسبوع وأيام الشهر القمرى على ما ذكرنا راحوا يراقبون التغيرات المناخية والزراعية والفيضان فاستدلوا منها على أن الاعتماد على القمر لا يرتبط مع الدورة المناخية والزراعية والفيضان فاستبعدوا من حسابهم الاعتماد على القمر ( 2 ) كأساس للتقويم واكتشفوا السنة الشمسية وقسموها الى إثنى عشر شهرا ورمزوا للسنة بهذه العلامة ولفظوها rompi أما الشهر ويسمونه dbot فقسموه الى ثلاثين يوما ثم قسموا الشهر الى أسابيع

قسموا اليوم الذى يسمونه ehcr أو ehoou أربعة وعشرين ساعة وأطلقوا عليها اسم otnou وقسموها الى ستين دقيقة وأطلقوا على الدقيقة اسم dt أو coucou وقسموها الى ستين ثانية وأطلقوا على الثانية اسم hnt وقسموا الثانية الى ستين ثالثة وأطلقوا عليها dnt وهكذا مما هو مشروح على الأثار

 

السنة النجمية

المصريون القدماء – وقد شهد لهم الأولون والأخرون بالبراعة فى علمى الفلك والطبيعة وفى رصد النجوم وإبداع التقويم – لم ينظموا تقويمهم بطريق الصدفة بل إستنبطوه بحكمة بالغة ومقدرة فائقة من طول المدة الزمنية للدورة الظاهرية لنجم ( سبدت ) عند قدماء المصريين هو بعينه نجم ألفا من مجموعة نجوم كلب الجبار المعروف باللغات الأوربية

A Canis Majoris The Dog star
وهو بعينه نجم سيريوس ( Sirius ) كما أنه بعينه نجم سوذس ( Sothis ) وهو تحريف يونانى للاسم المصرى ( سبدت ) وهو كذلك بعينةنجم الشعرى اليمانية عند العرب . وهو ألمع النجوم فى السماء وهو واحد من مجموعة نجوم كلب الجبار ( Canis Majoris The Great ) التى هى صورة جنوبية قديمة جدا كانت معروفة عند قدماء المصريين (1)

إذن السنة القبطية المصرية ليست سنة شمسية قطعا وليست سنة قمرية وليست نجميه مطلقة وإنما سنة نجمية شعرية لتحديد طولها على أساس طول المدة الزمنية للدورة الظاهرية لنجم الشعرى اليمانية ( سبدت عند قدماء المصريين )

ولنشرح ذلك على مرحلتين

المرحلة الأولى

إن المصريين القدماء جعلوا سنتهم إثنى عشر شهرا بعدد الاثنى عشر برجا الموجودة فى منطقة البروج تدور فيها كواكبنا السيارة وتسمى زودياك (Zodiac ) وجعلوا كلا منها ثلاثين يوما وخصصوا أربعة أشهر لفصل الفيضان وأربعة أشهر للزراعة وأربعة أشهر للحصاد

ثم أضافوا اليها خمسة أيام سموها الشهر الصغير

Pikouji nabot وهى التى تسمى أيام النسى فوصل طولها بذلك الى 365 ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وجعلوا رأس سنتهم يوم أول شهر توت وهو أول شهور السنة القبطية ( المصرية ) وهو نفسه يوم العيد التقليدى لشروق نجم الشعرى اليمانية على الأفق الشرقى قبيل شروق الشمس فى يوم وصول فيضان النيل الى العاصمة منف ولكنهم لاحظوا أن طول السنة عندهم أقصر من طول السنة الطبيعية بدليل أن نجم الشعرى اليمانية كان يتقدم ظاهريا سنة بعد أخرى

وبما أن النجم ثابت فقد كانت أيام الأعياد الدينية والمدنية وعيد رأس السنة أول الأعياد هى التى تحل قبل موعدها بحركة تقهقرية مستمرة وإن كان بفرق ضئيل فهى تشبه فى ذلك مبادرة الاعتدالين

( precession of Equinoxes ) مع الفارق لأنها تنتسب الى نجم الشعرى اليمانية ولا تنتسب الى الشمس وقد اشتكى الكاتب المصرى الى الإله آمون أيام الرعامسة فى الأسرة التاسعة عشرة من أن أيام الأعياد الدينية تسير القهقرى وكان هذا دائما موضع تأفقه وقد سجل التاريخ لنا هذه الشكوى (1)

 

المرحلة الثانية : ( إصلاح التقويم )

فى عام 239 قبل الميلاد توصل الكهنة المصريون فى أيام حكم بطليموس الثالث ( Euergetes ) وزوجته الملكة برينيكى ( 247 – 222 قبل الميلاد ) الى إزالة أسباب هذه الشكوى , فقد لاحظ الكهنة التباين بين سنتهم المكونة من 365 يوما فقط والسنة الطبيعية فاجتمعوا فى تلك السنة بهيئة مجلس كهنوتى بمعبد مدينة كانوب ( بلدة أبو قيرة الحالية ) وقد أتوا اليها من جميع المعابد فى شطرى الوادى وتناولت أبحاثهم وقرارتهم إصلاح التقويم

أ‌) بحث الكهنة للتقويم ولهم باع طويل فى رصد النجوم – فوجدوا أنه إذا طلع نجم الشعرى اليمانية ( سبدت ) شروق الشمس بثوان بحيث يتراءى فى الأفق الشرقى قبل أن يخفيه ضوء الشمس وفى مستوى إرتفاع الشمس الطالعة فوق الأفق على خط عرض 30 درجة فى نواحى منف وعين شمس – وهذا الوضع يسمى علميا بالشروق الاحتراقى ففى هذه الحالة يتقدم نجم الشعرى اليمانية ظاهريا بمعدل يوم كل أربعة اعوام وبما أن النجم ثابت فقد كانت الأعياد الدينية عندهم وأولها عيد رأس السنة ( يوم أول شهر توت ) هى التى تبكر فى مواعيد حلولها كل أربعة سنوات على التوالى أى أن سنتهم التى طولها 365 يوما فقط كانت تقل يوما كل أربعة سنوات بسبب أن نجم الشعرى اليمانية كان يتقدم ظاهريا يوما كل أربعة سنوات ووجدوا أن نجم الشعرى اليمانية دار دورته الظاهرية وعاد الى شروقه الاحتراقى بعد مرور ( 365 يوما × 4 سنوات ) = 1460 سنة طول كل منها 365 يوما فقط , ولاحظوا بثاقب نظرهم أن اتفاق حدوث الشروق الاحتراقى لنجم الشعرى اليمانية مع فجر يوم أول شهر توت ( رأس السنة المصرية ) قد تم بعد فوات سنة أخرى طولها 365 يوما فقط فاستنبطوا أن كل 1460 سنة طبيعية تعادل 1461 ( 1460 + 1 ) سنة طول كل منها 365 يوما فقط (1) . فلأجل أن يتساوى طول السنة عندهم مع طول السنة الطبيعية النجمية – الشعرية قام الكهنة بتجزئة طول السنة الزائدة وهو 365 يوما فقط على طول السنة الطبيعية وهو طول الفترة الزمنية للدورة الظاهرية لنجم الشعرى اليمانية فكان الناتج هكذا :- 365 يوما / 1460 سنة طبيعية نجمية – شعرية = 1 / 4 ربع يوم بالضبط أى ست ساعات

ب‌) قرر الكهنة فى مجلسهم الكهنوتى إضافة ربع يوم سنويا الى سنتهم المكونة من 365 يوما فقط و 6 ساعات متخذين نجم ( سبدت ) ( الشعرى اليمانية ) أساسا لبناء تقويمهم . فأستقام بذلك الحساب وأصبح ما كان ناقصا من قبل فى نظام الفصول والسنة وفى القواعد الموضوعة بخصوص النظام العام لمصر قد أصلح فالفصول تتوالى بنظام مطلق على حسب النظام الفعلى لطقس مصر وزراعة مصر ولا يحدث مستقبلا أن بعض العياد الدينية أو المدنية يحتفل بها فى غير مواعيدها الطبيعية

فاتباع سير نجم الشعرى اليمانية الظاهرى كان هو التطبيق العلمى لحلول الأعياد الدينية والمدنية فى مواعيدها الصحيحة على مدار السنة دون تغيير أو تبديل أو تزحزح

وعرف حينذاك نظام الكبس أى أن كل أربع سنوات يكون ثلاث منها طول الواحدة 365 يوما فقط وسنة واحدة تالية يكون طولها 366 يوما على أن يضاف اليوم الزائد الى الشهر الصغير أى الى أيام النسى الخمسة فتصبح ستة

وفى عام 238 قبل الميلاد صدر مرسوم باسم بطليموس الثالث ( Euergetes ) أذيع فى كل انحاء البلاد وقد كان الكهنة المصريون هم الواضعون الحقيقيون لهذا المنشور المعروف باسم مرسوم كانوب ( Decree of Canops ) وقد نقش على لوحات من الحجر الجيرى باللغة المصرية القديمة وهى المسماة باللغة الهيروغليفية أى اللغة المقدسة وكذلك بالخط ( الديموطيقى ) وأيضا باللغة اليونانية ولدينا منه حتى الأن أربع نسخ منها ثلاث بالقاهرة وواحدة بمتحف اللوفر بباريس بفرنسا لا تختلف كثيرا الواحدة منها عن الأخرى وأهم هذه النسخ الأربع وأوضحها النسخة التى وجدت بتانيس (1)

ويعتبر مرسوم كانوب هذا وثيقة ذات أهمية عظمى لأن الغرض الأساسى منه كما جاء فى بعض نصوصه هو تسجيل إصلاح التقويم المصرى ( القبطى ) ونشرة فى أنحاء البلاد

وتاريخ هذا المرسوم هو اليوم السابع عشر من الشهر الأول من فصل الشتاء من السنة التاسعة من حكم جلالة ملك الوجهين القبلى والبحرى بطليموس الثالث محبوب بتاح ( Euer getes ) ويوافق تاريخ صدوره يوم 6 مارس سنة 237 قبل الميلاد وقد جاء فى الفقرة الرابعة عشرة ( أنه منذ الآن سنضيف يوما كل أربع سنوات الى خمسة الأيام التى هى شهر النسئ قبل السنة الجديدة حتى يعلم الكل أن ما كان ناقصا من قبل فى نظام الفصول والسنة قد تم إصلاحه ) . ومما لا شك فيه أن علوم الفلك التى ورثها كهنة قدماء المصريين عن أسلافهم كانت كافية لتجعلهم يصيبون الهدف فى وضع تصميم السنة الكبيسة

وقد ترجم هذا المرسوم الى اللغات الأجنبية الفرنسية والألمانية والإنجليزية من زمن وأخيرا ترجمة الى اللغة العربية الأثرى الكبير المرحوم الاستاذ سليم حسن فى الجزء الخامس عشر من موسوعته عن تاريخ " مصر القديمة " (1)

ولا أنسى أن أقول ان المصريين القدماء – وعلى رأسهم الكهنة – صمموا التقويم المصرى تأسيسا على طول الفترة الزمنية للدورة الظاهرية لنجم الشعرى اليمانية لأن اتباع طول السنة النجمية الشعرية أفضل بكثير جدا من اتباع طول السنة الشمسية لأنها لا توصل الى الثبات الذى تتميز به السنة النجمية – الشعرية والدليل على صحة ذلك هو أن التقويم القبطى ( المصرى ) يرجع تاريخ إستعمال الى أكثر من 6000 ( ستة ألاف سنة ) ويثبت ذلك أن الشهر الصغير أى خمسة أيام النسئ مدونة فى نصوص الأهرام Pyramid ) ( Texts المعروف أنها ترجع الى ذلك الزمان السحيق (1)

وبعد مرور هذه الالاف من السنين نجد أن التقويم القبطى ( المصرى ) لا يزال ينساب فى بساطة وسهولة وانتظام تام متفقا فى ذلك مع طقس مصر وفصول مصر وزراعة مصر دون أدنى تغيير أو تبدليل أو تزحزح وهنا تتجلى حكمة قدماء المصريين

 

 

تسمية الشهور المصرية
لم يطلق قدماء المصريين على شهورهم فى بادئ الأمر أسماء بل اكتفوا بالقول فى الشهر الأول ثم الثانى .. الخ بالتعبير عنها بالارقام ولكن فى عهد الفرس فى أيام الأسرة السادسة والعشرين وفى القرن السادس قبل الميلاد أطلقوا على كل شهر اسم تذكار عيد معين وقد كانت هذه الأسماء شائعة على أفواه الشعب ولو أنها لم تكن مدونة

 

وهذه أسماء الشهور والفصول

توت وبأبة وهاتور وكيهك
زمن الفيضان

طوبة وأمشير وبرمهات وبرموده
فصل الزراعة

بشنس وبؤونة وأبين ومسرى
فصل الحصاد

الشهر الصغير ( النسئ )
فرصة أعياد ومهرجانات

 

وقد سمى المصريون شهورهم بأسماء معبوداتهم وقسموها الى ثلاثة فصول كما نراه بالجدول الآتى ( ش1 )

بالقبطى
بالعربى

ywout
توت

Pawni بابى

aywr
هاتور

joixz
كيهك

Twbi
طوبى

Mesir
امشير

Yzmepwy
برمهات

Yarmouyi
برموده

paswpc
بشنس

Pawiii
باؤنى

Epeii
ابيب

mecwri
مسرى

 

فالشهر الأول : توت ywout مشتق من المعبود تحوت اله الحكمة والعلم والفنون والاختراعات إلخ

ويصور بشكل رجل ذى رأس الطائر المسمى اللقلق ( كما تراه بشكل 2 )

والثانى : با أوبى

Paoni بابه وهو متخذ من اسم الإله " بى تب دت " وهو اله الزرع لأنه فى أوانه يخضر وجه الأرض بالمزروعات , وكانت له معابد بجهة بنديد بمحافظة قنا شمالى فقط وهى المشهورة الآن باسم بنود أو أبنود وله مركز أخر بجهة تمى الأمديد بمحافظة الغربية وكانت تسمى منديس

كما أن هذا الاسم يصح أن يكون مأخوذا من اسم الاله " بتاح رس انبف " أى الشهر المخصص للمعبود بتاح خالق العالم , ومركزه بمنف جهة البدرشين ( ويصور كما فى ش 3 )

 

الشهر الثالث : هاتور hatwr أو aywr أثور وهو اسم الهة الجمال إذ فى مدة هذا الشهر يزداد وجه الأرض بجمال الزراعة وتشبه هذه المعبودة بصورة امرأة ذات رأس بقرة ( أنظر ش 4 ) وأحيانا بصورة بقرة ( أنظر ش 5 )

 

الشهر الرابع كيهك jyfn أو joiazn وهو مخصص للمعبود كاهاكا ( أى عجل أبيس المقدس ) أو للمعبودة سخمت أو بست التى تصور بصورة إمراءة ذات رأس هرة كما فى ش ع 6

الشهر الخامس " طوبى " twbi أو twbe وهو مخصص للمعبود أمسو ويسمى أيضا خم وهو شكل من أشكال أمون رع اله طيبه بمصر العليا أو اله نمو الطبيعة لأن فى أوانه يكثر المطر وتخصب الأرض

 

الشهر السادس " أمشير " mesir أو mejir وهو مخصص لنزول الشمس الكبيرة ويسميه المصريون القدماء rojhour أى ( شهر النار أو الحرارة الكبيرة كما يقول عامة مصر حتى الآن نزلت الشمس الكبيرة )

 

الشهر السابع " برمهات " vamcnwo او parmhat وهو مخصص للمعبود مونت اله الحرب وسعير نيرانها وفيه تشتد الحرارة فتنضخ المزروعات بها ولذا سماه المصريون أيضا ronh sera ( شهر الشمس ) أو ( الحرارة الصغيرة )

 

الشهر الثامن " برموده " varamouyi أو parmoute مخصص للمعبود رنو اله الرياح القارسة أو اله الموت ويصور بصورة أعى احيانا وفى أوانه ينتهى عمر الزرع وتصير الأرض قاحلة

 

الشهر التاسع " بشنس" pasionc أو pajwnc مخصص للاله خونسو اله القمر وأحد الثالوث الطيى ( نسبة لطيبة ) وهو إبن الإله أمون رع و " موت " ويرسم على الآثار حاملا فوق رأسه قرص القمر والهلال وفى أوانه يطول النهار

 

الشهر العاشر " باؤنى " pawne أو pawni مخصص للاله خنتى أحد أسماء حورس أو الشمس ومعناه اله المعادن لأن فى أوانه تستوى المعادن والأحجار الكريمة ولذا تسميه العامة " باؤنى الحجر "

 

الشهر الحادى عشر " أبيب " ep/y أوep/p مخصص للاله إبيفى أو أبيب وهو الثعبان الكبير الذى أهلكه حورس أو الشمس إبن اوزوريس دلالة على إنتقام حورس لأبيه أوزوريس أى النيل من عدوه تيفون أى التحاريق

 

الشهر الثانى عشر " مسرى " mecwr/ مخصص لولادة الشمس أو ما يسمى بالانقلاب الصيفى أو لبرج الثور أو الشمس فى الأفقين المسماة عندهم هو رما خوتى (1)

 

الشهر الصغير : pikouji nabot وهو خمسة أيام فى ثلاث سنوات متتالية والرابعة يكون فيها ستة أيام