كتاب كيف أتخذ قرارًا؟

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 
المجموعة: مقالات لنيافة الأنبا موسى الزيارات: 3411

                                                                                                                                                                                     

القوى الإنسانية المشتركة في اتخاذ القرار


هناك قوى عديدة، لكل منها وطأتها وضغطها ودفاعاتها وتأثيرها الخاص، ومن حصيلة هذا كله يصدر القرار. إنها "مراكز صنع القرار" إذا استعرنا التعبير الذي تستعمله الدول وهي تتخذ قراراتها المصيرية والهامة. فما هي مراكز صنع القرار في حياة الإنسان؟

1- الروح:
وهي ذلك العنصر الإلهي الذي يقود الإنسان إلى التأمل في الله، والغوص في بحار ما وراء الطبيعة والمادة والموت، عنصر الخلود، والإيمانيات، والتعرف على أمور الحياة الأخرى والعالم السماوي.

2- الضمير:
وهو ذلك الصوت القادم من السماء، حيث الله، الخير والحب والجمال المطلق. انه صوت يهز أعماقنا من الداخل، مرة يباركنا حينما نصيب، ومرة يوبخنا حينما نخطئ. وهو بالقطع ليس نتاج المجتمع أو التربية أو القيم السائدة، بدليل انه يحرمنا من النوم، لا من اجل خطأ علني، بل من اجل خطيئة سرية، بين الإنسان والله فقط.


3- العقل:
وهو الطاقة المفكرة في الإنسان، والتي تجعله يناقش، ويدرس ويحلل، ويستنبط، ويربط، ويستدل، ويستنتج... انه التفكير البشرى، المحدود طبعا، والذي يميز الإنسان (مع القوتين السابقتين) عن الحيوان والنبات.

4- النفس:
وهي ذلك الجهاز الإنساني الذي يحوى الكثير من مكونات الشخصية الإنسانية مثل:

    أ‌) الغرائز: أي الدوافع الأساسية في الإنسان، والتي ولد بها، من اجل حفظ الحياة، والنوع البشرى. كغريزة الجوع والعطش والجنس وحب الحياة والتملك والخوف... إلخ.

    ب‌) العادات: التي اكتسبها الإنسان أثناء مسيرته في الحياة، سواء أكانت نافعة كالصلاة، ودراسة كلمة الله، والتردد المنتظم على الكنيسة، والتناول، والتعامل الراقي في الكلام والتصرف، أو كانت هدامة مثل إدمان المخدرات أو الخمور أو التدخين ، أو الألفاظ النابية، أو الغضب...

    ت‌) الاتجاهات: وهي الخطوط الرئيسة التي يسير فيها قلب الإنسان وشهواته، فهذا يتجه نحو جمع المال، وذلك نحو خطايا الجسد، بينما الثالث يتجه نحو الدراسة والتفوق العلمي، أو نحو تكريس القلب والحياة لله وللخدمة...

    ث‌) العواطف: وهي المشاعر التي تتكون وتتثبت نتيجة انفعال متكرر تجاه شخص ما أو شيء ما. فهذا تحبه، وذاك لا نحبه، من الأشخاص والفضائل والرذائل المختلفة...

5- الجسم:
ولا شك أن له وطأة خاصة في اتخاذ القرار سواء من جهة الضعف والقوة، أو الجمال والقبح، أو الطول والقصر...  فالشاب يختار العمل المناسب لطاقته الجسمانية، ويختار
شريكة الحياة واضعا في الاعتبار الملامح الجسمية وهكذا..

6- المجتمع:
لان الإنسان اجتماعي بطبعه، ولا يستطيع أن يحيا في جزيرة منعزلة عن الواقع المجتمعي المحيط به، بما يسوده من قيم وتقاليد وعرف. لهذا فقد يفشل زواج ما لأنه لم يراع الفوارق الاجتماعية بين العروسين، أو قد يفشل مشروع ما بسبب عدم مراعاته لظروف المجتمع وتقاليده...

وهكذا... ومن هذا الخضم الهائل من القوى، يصنع القرار. حقيقة أن قوة قد تبرز لتأخذ مكان الصدارة، وتنقاد لها باقي القوى، ولكن -على العموم- هناك دورا ما لكل من تلك القوى.

 

مثال في اتخاذ قرار اختيار شريكة الحياة
 إنسان يريد أن يختار شريكة حياته، نجد انه:

1- يصلى طالبا من الرب أن يقوده ويوفقه.

2- يسأل ضميره باستمرار: هل أخطأ أم أصاب، سواء في الاختيار، أو في السلوك.

3- يفكر بإمعان في إمكانية إتمام هذا المشروع، من جهة موافقة الأسرتين، والإمكانيات المادية، ومكان المعيشة ، ونوع العمل، والمشاركة في الأعباء المنزلية... وهكذا.

4- يتحسس راحته العاطفية من نحو هذه الشخصية، وهل هو مستريح نفسيا لها، ويحس أنها ستساعده في تحقيق اتجاهاته، وتتوافق مع ميوله وعاداته، وستكون سبب سعادة له...

5- ينظر... هل هناك فيمن اختارها قدر مناسب من الجمال، دون مغالاة أو تطرف...

6- يدرس... هل يتفق قراره مع التقاليد والقيم السائدة في المجتمع الذي يعيش فيه، أم أن هناك مآخذ ستقض مضجعه إذا أتم هذا المشروع؟