تأملات في عيد الظهور الإلهي -2

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 
المجموعة: الأب القمص أفرايم الأنبا بيشوي الزيارات: 582

بركات المعمودية وثمارها فينا
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
عيد الظهور الإلهي وثماره في حياتنا...

1- المعمودية موت وقيامة مع المسيح .. في عيد الغطاس تأسس سر المعمودية بعماد مخلصنا الصالح ودعوة لنا لضرورة المعمودية التي هي موت ودفن الإنسان العتيق وشهواته وقيامة معه في جدة الحياة والجهاد الروحي تسنده نعمة الروح القدس ولذلك يقول الكتاب المقدس

{ أم تجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضا في جدة الحياة.} (رو 6: 35). في المعمودية نموت عن الخطية مع المسيح ويولد وينمو فينا الإنسان داخلي لنقوم خليقة جديدة في المسيح وعلينا ان نهتم بتغذية أرواحنا يوما فيوم وكما يقول السيد المسيح { فأجابه يسوع قائلا مكتوب ان ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة من الله }(لو 4 : 4). المعمودية لا تلغي حريتنا لنصنع الخير أو الشر ولكن بالمعمودية يحررنا المسيح من الطبيعة الخاطئة ولا يجوز أن نعود لعبودية إبليس والخطية مرة أخرى. كما يقول القديس بولس الرسول { مدفونين معه في المعمودية التي فيها أقمتم أيضا معه} (كو 2: 12). والدفن لا يتم برش التراب على الميت، بل بوضع المتوفى تحت التراب. وحيث أن المعمودية دفن، فلابد أن يغمر المعمد تحت الماء، لكي يموت الإنسان العتيق ويحيا الإنسان الجديد. ولذلك ندفن في المعمودية بالتغطيس. ونخرج من رحم الكنيسة من جديد وكلمة معمودية أي صبغة baptism أي أن إنسانًا يدخل في الماء ويخرج مصطبغ بلون جديد. مثل قماشة تأخذ صبغة معينة من هذا يتأكد لنا أن المعمودية لابد أن تتم بالتغطيس وليس بمجرد الرش. كمعمودية المسيح: { فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء}(مت 3: 16). وفى تعميد خصي الحبشي تعمد بالتغطيس وصعد من الماء {فأمر أن تقف المركبة فنزلا كلاهما إلى الماء فيلبس والخصي وعمده ولما صعد من الماء خطف روح الرب فيلبس }(أع 8: 39). تتم المعمودية بالتغطيس ثلاث دفعات في الماء كمثال الثالوث، يتضح ذلك من قول رب المجد يسوع لتلاميذه {وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس} (مت 28: 19). ولان المعمودية ولادة روحية، فيولد الإنسان مرة واحدة فلا تعاد معمودية المؤمن لأن المعمودية موت مع المسيح وقيامة معه فلا تحدث سوى مرة واحدة للمسيح. كما نقول في قانون الإيمان "ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا". الذي اعتمد مرة لا يمكن أن يعاد معموديته حتى لو ضعف وأخطأ أو حتى أنكر المسيح، فعندما يتوب لا تعاد معموديته، بل يكتفى بالتوبة والاعتراف والتناول.
2- المعمودية ولادة وخليقة جديدة ... في المعمودية يحل الروح القدس على ماء المعمودية ويقدسها ويعطيها القدرة الولادة لذلك قال الرب يولد من الماء والروح. ونلاحظ أن الأب الكاهن يسكب الميرون على الماء على شكل الصليب ليحل الروح القدس على الماء لكي يهبه القدرة على الولادة ويسكب الكاهن الميرون علي شكل صليب لكي يأخذ الروح القدس مما للمسيح ويعطينا. ويخبرنا بطريقة الخبرة وليس الإخبار أي المعرفة. المعمودية تجعل المعمد خليقة جديدة في المسيح { إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة. فالأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديدًا}(2كو5: 17). الذي يحدث في المعمودية هو إقامة من الموت. نموت مع المسيح ونقوم معه. ويفقد الشيطان سلطانه على النفس المؤمنة وتخرج من مملكة الشيطان وتدخل في مملكة الله. ولذلك يجحد المعتمد قبل التغطيس الشيطان أو يكفر بكل أفكاره واعماله النجسة، وعند جحد الشيطان ينظر الإنسان إلى الغرب. لان الغرب إشارة للظلمة والهلاك والموت كما ان الاتجاه الي الشرق والاعتراف والإقرار بالايمان المسيحي يدخلنا إلى النور والخلاص والحياة. ويولد الإنسان الجديد الذي يتجدد حسب صورة خالقه بلا خطية. المعمودية تجديد وولادة من الماء والروح لذلك يلبس المعمد الملابس البيضاء وفوقها الزنار الأحمر. لكي نعلن أن النقاء الذي أخذه الطفل المولود من الماء والروح هو بفعل دم المسيح ويلبس الثوب الأبيض وفوقه الزنار الأحمر نقول حبيبي أبيض وأحمر كما قالت عروس النشيد على المسيح. فيكون على صورة المسيح الكامل في نقائه وفاعلية الفداء. والزنار يربط من فوق الكتف الأيمن إلى تحت الإبط الأيسر. لماذا؟ لأن المسيح ردنا من التدبير الشمالي والبعد عنه وجعلنا قريبين منه فهذه قيمة دم المسيح أو الخلاص الذي تممه السيد المسيح.
ثالثا المفاعيل الروحية لسر المعمودية
المعمودية تهب المعمدين مفاعيل روحية كثيرة يتمتع بها المعمد الذي يعيش في عهد مع الله لنكون أبناء وبنات لله ونحيا كما يحق لإنجيل المسيح.
1: غفران الخطايا والخلاص والتبرير ...هذا ما وضحه معلمنا بطرس الرسول بقوله: { توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا..} (اع 2: 38). بالمعمودية تغفر الخطية الموروثة من آدم وتسمى بالخطية الجدية أو الأصلية، كما يقول الكتاب { بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت} (رو 5: 12). بالتوبة و الإيمان والمعمودية تغفر الخطايا التي ارتكبها الشخص الكبير قبل أن يقبل سر المعمودية. بالإيمان والمعمودية نحصل على الخلاص {من آمن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن}(مر 16:16). {خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس} ( تي 5:3). {الذي مثاله يخلصنا نحن الآن أي المعمودية لا إزالة وسخ الجسد بل سؤال ضمير صالح من الله}(1بط 21:3). فالمعمودية تهب المعمد الخلاص من عقوبة الخطية ومن قوتها حتى لا نستعبد للخطية والموت الأبدي بل ينال قوة روحية تمكنه من حياة النصرة والغلبة في المسيح يسوع. ونتبرر بالنعمة لنصير أهلا الحياة الأبدية { خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا حتى إذا تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة الأبدية} (تي 3: 57). والتبرير معناه إعطاء البراءة للمذنب ليس لأنه لم يخطئ، بل لأنه قد افتدى بدم المسيح.
2- المعمودية والبنوة والاستنارة .. بالمعمودية نولد من فوق كأبناء الله بالتبني {لأنكم جميعا أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح.} ( غل 26:3). إن المعمودية تعتبر ميلادا جديدا من الله، إذن فهي تعطي بنوة جديدة أي يصبح المعتمد ابنا لله. ويشرق علينا نور الإيمان وننمو في معرفة ربنا يسوع المسيح وحقائق الإيمان المسيحي وسرّ التجسّد والفداء ونحيا أسرار الكنيسة ونجاهد برجاء منتظرين المجيء الثاني وقيامة الأموات وحياة الدهر الآتي.
والمعمودية تهبنا استنارة روحية وتنقلنا إلى مملكة المسيح فى النور وهي موت مع المسيح وقيامة معه كأبناء النور { ولكن تذكروا الأيام السالفة التي فيها بعدما أنٌرتم صبرتم على مجاهدة آلام كثيرة} (عب 3:10). هكذا المولود أعمي عندما أغتسل في بركة سلوام أتي بصير واستنار عقله ووبخ اليهود على عدم إيمانهم بمن فتح عينيه. المعمودية تهب استنارة بالروح المسيح وينير إنساننا الداخلي و ننال مغفرة للخطايا ويحل المسيح فينا { لأن الذى قال أن يشرق نور من ظلمة، هو الذى أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح} (2كو6:4). المعمودية تعطي استنارة وحكمة وتمييز فيكون لنا الإيمان العامل بالمحبة ونعرف مجد ميراثنا فيه { مستنيرة عيون أذهانكم لتعلموا هو رجاء دعوته وماهو مجد ميراثه في القديسين وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين، حسب عمل شدة قوته} ( أفس 18:1-19). فالمعمودية هي سرُّ إنارة المؤمن، ومن هنا فهي تُسمَّى سرَّ الاستنارة.
3- المعمودية و التقديس والتطهير ..
نتقدس بالرشم بالميرون لنكون هيكلاً لله { كما أحب المسيح أيضا الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها لكي يقدسها مطهرا إياها بغسل الماء بالكلمة لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن أو أي شيء من مثل ذلك بل تكون مقدسة وبلا عيب}(أف 5: 2527). التقديس يعني إعطاء الصحة الروحية السليمة، القداسة في أصل الكلمة اليوناني هي الصحة السليمة الخالية من الأمراض. وليس معنى القداسة أنها العصمة من الخطية، فالإنسان يظل معرض للسقوط في الخطية طيلة أيام حياته على الأرض. تمام كالشخص السليم صحيا، يكون معرضا للإصابة بالأمراض. ولكنه يسعى للشفاء ليستعيد صحته. فما ينطبق على الجسد ينطبق أيضا على الروح. فلنطلب دائما من الله ان يعطينا البصيرة الروحية لنحيا كابناء وبنات مقدسين ومكرسين حياتنا لله لنعرفه ونعبده بالروح والحق ونتدرج في معرفة الله حسب نمونا الروحي ومقدرتنا على المعرفة والحبّ { إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضاً لِلْخَوْفِ بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ!»}(رو 8 : 15). { فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَداً فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضاً وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضاً مَعَهُ }(رو 8 : 17). نطلب كأبناء فنأخذ ونسأل فيعطى لنا ونقرع ويفتح لنا. ونصلي ليجدد الروح القدس طبيعتنا و يهبنا حياة مقدسة غير فاسدة تستطيع أن تقاوم الشر والخطية. ويقصد بالتطهير التنظيف من أدران الخطيئة وفسادها الداخلي. ويكتسي المعمد ببر المسيح فيغطيه بثوب خلاصة ورداء بره، كما يقول النبي {فرحا أفرح بالرب، تبتهج نفسي بإلهي، لأنه قد ألبسني ثياب الخلاص، كساني رداء البر} (أش 61: 10)
4- نوال الحياة الأبدية:
المعمودية تؤهل الإنسان للدخول إلى الحياة الأبدية، كما قال الرب يسوع المسيح { إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله}(يو5: 5) {خلضنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح ومخلصنا حتى إذا تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة الأبدية} (تى 5:3-7)) {ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الأموات لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السماوات لأجلكم}( 1بط 3:1-4). فيا لعظم هذه البركات التي يحصل عليها الإنسان عندما يتقبل سر المعمودية ونعمة الحياة الجديدة في المسيح يسوع ويسلك كما يحق لإنجيل ربنا يسوع المسيح. أما أن تهاون المؤمن ورجع للخطية فعليه بالتوبة والرجوع الي الله . ليستعيد بركات المعمودية وامتداد عملها الخلاصي فينا وما علينا إلا أن نتوب بدموع ونتبع مثال الابن الضال في عودته إلى أحضان أبيه ويقدم توبة لله معترفا بخطاياه شاعرا بعد أستحقاقه ويأخذ الخاطئ التائب من الأب الكاهن العلاج والحل من الخطايا ويتناول من الأسرار المقدسة ويحيا فى تقوى ومخافة ومحبة الله مجددا عهود معموديته ليجد القبول وينال الغفران وتفرح به السماء وملائكة الله ويؤهل للحياة الأبدية.

في عيد الظهور الإلهي نرفع الصلاة
+ أيها الآب القدوس السمائي الذي أعلن لنا عن ذاته وأبوته وبره نرفع صلاتنا لتجعلنا أهلاً لنعمة البنوة والسير في طريق القداسة لنكون قديسين في كل سيرة ونسعى إلى الكمال المسيحي. ونحن نثق في محبتك ولا نتكل علي ذواتنا بل علي نعمتك الغنية ومحبتك الأبدية وصلاحك يا من خلقتنا لأعمال صالحة أعددتها لنسلك فيها.
+ يا يسوع المسيح الهنا، شمس البر و واهب الاستنارة. يا من أعلنت لنا سر الثالوث القدوس وتجسدت وعشت بيننا لتعلمنا المحبة والطريق وتهبنا حياة أفضل لنسلك في النور والحق وتكون لنا الحياة. نشكرك يا حامل خطايا العالم ونطلب من صلاحك أن تغفر خطايانا وتمحو آثامنا وتقودنا في طريق البر و كقائد نصرتنا بك ومعك نرث الحياة الأبدية مع كافة قديسيك.
+ يا روح الله العامل في الكنيسة وأسرارها، الغني فى طبيعته، واهب النعمة والمواهب وثمار الروح، دعنا ننقاد بحكمتك وننمو في النعمة وفي معرفة مشيئة الله الصالحة ونثمر ثمار الروح ورائحة المسيح الذكية منا تفوح، ونكون بحق أبناء لله الآب ونعيش بالتقوى في العالم الحاضر، أمين.