الفرح الدائم - للقس ثاؤفيلس نسيم

تقييم المستخدم: 5 / 5

تفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجوم
 
المجموعة: مجلة رسالة الكنيسة - عدد ابريل 2010 الزيارات: 3881

13342555561[ سافر القديس سرابيون السائح – أحد أشهر آباء البرية فى القرن الرابع الميلادى- فى زيارة إلى مدينة روما، وهناك علم بأمر إحدى الناسكات ذائعة الصيت، وهى امرأة كانت تعيش دائماً داخل غرفة ضيقة واحدة لم تغادرها قط، وإذ كان يرتاب فى طريقة حياتها لأنه هو نفسه كان سائحاً عظيماً .. دعاها وسألها لماذا تجلسين ها هنا ؟
فأجابته : أنا لست جالسة .. أنا على سفر ..
كلمات يمكن أن يطبقها كل شخص على نفسه ..

فلكى تكون مسيحياً يعنى أن تكون مسافراً أى فى رحلة ..
وفى رحلة السفر هناك علامات على الطريق :  
علامات للوقوف :
"توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت"(2).
"هكذا قال الرب قفوا على الطرق وانظروا واسألوا عن السبل القديمة أين هو الطريق الصالح ؟ وسيروا فيه، فتجدوا راحة لنفوسكم"(3).
علامات للاستعداد :
"فكونوا أنتم إذاً مستعدين لأنه فى ساعة لا تظنون يأتى ابن الإنسان"(4).
علامات للانطلاق :
"فإنى محصور من الاثنين لى إشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جداً"(5).     
 (1)-(طو 5: 11).            (2)-(أم16: 25).        (3)-(أر6: 16).
 (4)-(لو12: 40).            (5)-(فى1: 23).
العلامـة الثانيـة
خطوات نحو الانطلاق
1- الانطلاق اختيار        
لم تحاكه فى توبته
كان هناك شخص معروف لدى الجميع بسلوك غير مدقق، وتصرفات غير نقية، ولسان غير منضبط .. وذات مرة حضر إلى الكنيسة بعد أن أنهى أبونا الكاهن مناولة كل الموجودين رجالاً ونساءً، ودخل مسرعاً طالباً أن يتناول. ولكن أبونا الكاهن لفت نظره إلى ضرورة الحضور مبكراً مع الاعتراف والتوبة واضعاً أمام عينيه قول القديس يوحنا ذهبى الفم [ ويل للكاهن الذى يسترضى الناس على حساب حق الله ].
وهنا ثار هذا الشخص وخرج يتكلم بصوت عال وبكلام خارج، وصمت الجميع ..
ولكن جال بخاطرى هذه القصة [ رفض القديس أمبروسيوس أسقف ميلان أن يعطى يوما ما سر الافخارستيا إلى الإمبراطور ثيئودسيوس لأن هذا الأخير كان قد أجرى مذبحة فظيعة على شعب تسالونيكى .. اعترض الإمبراطور على هذا القرار قائلاً : لماذا أرفض بينما داود الذى كان زانياً وقاتلاً لم يرفضه الله ؟ التفت القديس أمبروسيوس نحو الإمبراطور ثيئودسيوس، وقال له : لقد حاكيت داود فى جريمته، ولكن لم تحاكه فى توبته ].
ثق أن كل شخص منا يحتاج إلى ثورة ضد نفسه .. يحتاج إلى توبة نقية وقوية ..
نحتاج إلى تغيير الفكر، وتغيير القلب، وتغيير الاتجاه، وتغيير الحياة، وتغيير الخدمة ..
"أَنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّـوْمِ فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّـا كَانَ حِينَ آمَنَّا. قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْـلِحَةَ النُّورِ.
لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ لاَ بِالْمَضَاجِعِ وَالْعَهَرِ لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَدِ. بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيراًلِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ"(1).
   الأنبا إيليا يقول [ أى مقدرة للخطية حيث تكون التوبة ].
   2- الإنطلاق قــرار
   أطلق من الحبس نفسى
قام أحد كبار المسئولين بزيارة سجناً كبيراً، وأثناء تفقده أعلن أنه سيتم العفو عن أحد السجناء بهذه المناسبة، وحدد وقتاً لكل سجين ليستمع لكل واحد ..   ماذا حدث ؟!
تسابق السجناء فى إثبات براءتهم إلا سجين واحد فقط لم ينطق كلمة، وهنا سأله المسئول لماذا لم تتكلم ؟ فرد السجين لأننى الوحيد بين هؤلاء الذى لا استحق البراءة لأننى مذنب حقاً ..
وهنا قال المسئول : سأطلق صراحك لأننى لا أسمح بوجود مذنب بين الأبرياء.
لا تحاول تبرير ذاتك .. إن الله يحتاج منا أن نكون مثل العشار نقرع صدورنا شاعرين بعدم استحقاقنا .. فى اعترافنا ندين أنفسنا ونحكم عليها قبل أن يُحكم علينا .. حقاً "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى"(2).

لست أنا .. لست أنا
فى البداية أشير عليك أن تقرأ رسالة معلمنا بولس إلى أهل أفسس "استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضئ لك المسيح"(3).
وبالطبع فإنى متأكد أنك ربما قرأتها أكثر من مرة، ولكن هل تعرف أن هذه الآية كانت السبب فى توبة القديس أغسطينوس ..
فبعدما سار أغسطينوس فى حياة التوبة طاردته أشباح الماضى ومتاعب الخطية، ففى أحد الأيام حيث كان أغسطينوس سائراً فى الطريق أسرعت واحدة من النساء اللواتى خطأ معهن وأخذت تصيح وراءه قائلة :
(1)-(رو13: 11- 14).        (2)-(مت9: 12).        (3)-(أف5: 14).                               

العشار يقف من بعـيد ويقـول لست مستحقاً
القديس أغسطينوس
   أغسطينوس .. أغسطينوس .. أنا هى .. أنا هى.
فالتفت أغسطينوس وراءه وأجابها بهدوء :  لكننى لست أنا .. لست أنا.
لست أنا أغسطينوس بل المسيح الذى يحيا فى أغسطينوس.
ابنى الحبيب .. ابنتى المباركة
معاً نقف على الطريق ونصرخ للخطية : لست أنا .. لست أنا.
الأنبا أنطونيوس يقول [ أطلب التوبة فى كل لحظة، ولا تدع نفسك للكسـل لحظة واحدة ].    
3- الانطلاق اسـتمرار
صـديق السـكون
أثناء مرور رجل غنى صاحب ورشة أخشاب كبيرة وللأسف فقد ساعة ذهبية ثمينة وسط أرضية الورشة المملوءة بنشارة الخشب والتى يصل ارتفاعها إلى عدة سنتيمترات .. وحزن الرجل ولكنه أعلن عن استعداده لتقديم مكافأة مالية ضخمة لمن يجدها .. تسابق العمال فى البحث باجتهاد مستخدمين كل أدواتهم، ولكن دون جدوى معلنين فشلهم فى الحصول عليها، ولكن المفاجأة كانت أثناء تواجدهم خارج الورشة لتناول الغذاء .. دخل طفل صغير وبعد فترة صغيرة خرج وفى يده الساعة الثمينة .. نظروا إليه باستغراب شديد ثم سألوه كيف وجدتها ؟ أجابهم [ إننى لم أفعل شيئاً كل ما فعلته إننى جلست على الأرض فى هدوء وسكون وظللت أسمع حتى التقطت أذناى صوت دقات الساعة ].
إننا جميعاً نحتاج إلى فرصة هدوء لنسمع صوت الله فى حياتنا، فطالما نحن فى ضوضاء المشغولية يستحيل أن نستمع إلى صوت الله فى حياتنا ..
ما أكثر احتياجنا إلى الهدوء .. ما أكثر احتياجنا إلى فترات خلوة .. نختلى فيها حتى نمتلئ.
"بالرجوع والسكون تخلصون بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم"(1).
 (1)-(أش30: 15).      
"خرافى تسمع صوتى وأنا أعرفها فتتبعنى"(1).
[ صديق السكون يدخل إلى حضرة الله وإذ يحادثه سراً يستنير بنوره ]
القديس يوحنا الدرجى
أشير عليك أن تنظم وقتك وتحدد كل يوم فترة زمنية تختلى فيها تكتشف ما بداخلك .. تقدم توبة يومية، وإن سمح الرب لك بفرصة خلوة فى أحد الأديرة كل فترة .. إنها فرصة لتعيد حساباتك وخدمتك وتوبتك واشتياقاتك.
القديس يوحنا ذهبى الفم يقول عن السكون :
    السكون نمو عظيم للإنسان ونياح (راحة) لنفسه.
    السكون يعطى القلب عزلة دائمة.
    السكون يجلب الدعة مع كل إنسان.
    السكون يبعد الغضب.
    السكون قرين النسك.
    السكون يولد المعرفة.
    السكون يحرس المحبة.
    السكون لا يوجع قلب إنسان ولا يشكك أحداً.
    السكون يعمل عمله بلا تقمقم.
    السكون يحفظ شفتيه ولسانه فلا يبقى فى قلبه شئ من الشر.
    الملازم للسكون بمعرفة، فقد ختم بخاتم المسيح .. والحافظ إياه بلا شك يرث ملكوت السموات.  
 (1)-(يو10: 27).