انتصار الشر على الخير انتصار مؤقت

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 
المجموعة: مقالات لقداسة البابا شنودة الزيارات: 27683

                                                                                                                                                                                           

وهكذا بدا أن الشر قد انتصر على الخير..

وبدا أن الخير لم يستطع أن يدافع، فهزمه الشر..

نعم، إن الشر في الأرض، يبدو دائمًا أكثر جرأة، وأكثر تسلطًا. يعرف أن يضرب، ويعتدي، ويقتل.. والطرق أمامه مفتوحة كلها، بعكس الخير الذي يعف عن كثير من الوسائل يستخدمها الشر.

إن قصة قايين وهابيل، ترينا مدى إمكانيات الشر..

الشر يستطيع أن يدبر مؤامرات، وأن يخدع، وأن يتعدى، وأن يقتل، ومع كل ذلك يجرؤ أن يستر فعلته بالأكاذيب. ويقول في جرأة حتى أمام الله "أحارس أنا لأخي"؟!

والشر استطاع بالنسبة إلى السيد المسيح نفسه، أن يقدم تهمًا باطلة، وأن يحضر شهود زور، وأن يتملق قيصر، وأن يثير الشعب كله، وأن يصلب البار.


والشر استطاع أن يغتصب نابوت اليزرعيلي، وفي نفس الوقت يلفق له تهمًا تجعله يستحق الموت..! (1 مل: 21).

نعم إن الشر قد ينتصر على الخير.. ولكن القصة لها تكملة.. وتكملتها إن الله موجود، وإنه يحكم للمظلومين.

ربما لم يحسب قايين حسابًا لوجود الله ولتدخله، وظن أن الموضوع بينه وبين هابيل فقط، وليس من ثالث يتدخل بينهما، لكي يكمل القصة، ويقيم التوازن.

هذا الثالث العادل، تدخل بين الخير والشر..

تدخل ليحاسب ويحاكم، ويعاقب، ويشرح للشر أن الأمر لم ينته بعد، وأن هناك قوة أكبر وأن هناك عينًا ترى، وقضاء يحكم. ولأن الله لا يترك عصا الخطاة تستقر على نصيب الصديقين.

وأثبت هذا الثالث، أن انتصار الشر هو انتصار زائف ومؤقت، وأن العبرة بالنهاية، والنهاية هي انهيار الشر.

أذن، لا تفقد الرجاء أبدًا. إن أصابك شر، وحتى إن قوى الشر عليك، وعلى ظهرك جلدك الخطاة وأطالوا إثمهم، فلا يتزعزع قلبك. ثق أن الله يرى ويسمع، ويكتب أمامه سفر تذكرة (مل 3: 16) وثق أن الرب صديق هو يقطع أعناق الخطاة (مز 128)..

لا تنظر إلى أوائل الأشرار، وإنما إلى نهايتهم.. وأسأل نفسك: من الذي انتصر: قايين أو هابيل؟

هابيل كتب اسمه في سفر الحياة وهو "وإن مات، يتكلم بعد" (عب 11: 4). أما قايين فعاش على الأرض معذبًا طول أيامه، قلقًا، خائفًا، فاقدًا سلامه. وانتظرته عذبات في الأبدية أشد آلامًا.

إن الشر قد يرتفع على الخير، ولكنه يتبدد: كمثال النار والدخان يرتفع إلى فوق وفيما هو يرتفع، تتسع رقعته، وتقل حدته، وينتشر فيندثر ويضعف ويختفي. أما النار، إن ظلت تحته، إلا أنها تستمر بعده في قوتها وفى نقاوتها. إنها أقوى وأشد حرارة ولا تبالي بصعود الدخان إلى فوق، فوقها..