الديانة الطاهرة وحياة البذل

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 
المجموعة: قصص للأب أفرايم الأنبا بيشوي الزيارات: 7068


أعداد القمص أفرايم الأنبا بيشوى
(1)
الديانة الطاهرة
غلام صغير يقف في خجلٍ شديدٍ يمد يده يطلب مساعدة الغير، فقد توفى والده وتركه وحيدا مع والدته التي تعاني من آلام المرض مع الجوع الشديد. وهو يشعر بالحياء كيف يستجدي، ولكن الضرورة قد وضعته فى التزام بوالدته المرضة التي لا تستطيع القيام باي عمل.

في وسط الزحام الشديد لمح أحد العظماء علامات الأرتباك على الغلام. ذهب إليه وصار يلاطفه. سأله عن علامات الأرتباك التي تظهر على ملامحه. فأجابه الغلام:
"أرى يا سيدي أنك إنسان شريف، تلبس ثيابًا فاخرة، وترتدي على رأسك قبعة الأشراف ، إني لم أعتد أن أشتكي لأحد ما نحن عليه ، لكننى في صراع مرّ ، والدي مات، ولم يترك لنا شيئًا نقتات منه ، ووالدتي تعمل لكي بالكاد نحصل على القوت الضروري ، وها هي مريضة، طريحة الفراش، ليس لديّ طعام ولا دواء أقدمه لها".
أخفى الرجل دموعه التي تسللت من عينيه بإبتسامة ظاهرية، وربت على كتف الغلام، ثم أمسك بيده، وطلب منه أن يرشده إلى بيته.


إقترب الإثنان نحو البيت، دخل الشريف إلى محلٍ وطلب منه بعض الأطعمة وقدم له الثمن وسأله أن يرسلها على عنوان الغلام.
دخل الإثنان المنزل وإذ تحدث مع السيدة المريضة رقّ قلبه لها، وقد ظنته طبيب ثم إعتذر لها قائلاً: "إنني لست الطبيب المختص بمرضك، لكنني أكتب لكى ورقة بها "وصفة" تنفعكِ. ثم كتب الورقة وتركها مع السيدة وخرج.
تطلعت السيدة على الورقة بعد خروج الضيف فوجدته شيكًا بمبلغٍ كبيرٍ... كم كانت دهشتها حين وجدت التوقيع على الشيك "جورج واشنطن" رئيس أمريكا!
نحن نحتاج الي نعمة الأحساس بالغير، ومد يد العون لهم فهذا هو مقياس عظمة الأنسان لدي الله { اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ عِنْدَ اللَّهِ الآبِ هِيَ هَذِهِ: افْتِقَادُ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فِي ضِيقَتِهِمْ، وَحِفْظُ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِلاَ دَنَسٍ مِنَ الْعَالَمِ }(يع 1 : 27)
........
(2)
القناعة

سألوا شجرة النبق لماذا تبكين قالت لأن فروعى رفيعة فأنا لست مثل شجر الجميز.
فسألوا الجميز لماذا تبكى قال لأنى رخيص الثمر فأنا لست مثل شجر التفاح.
فسألوا شجرة التفاح لماذا أنت حزينة وباكية قالت لأنى قصيرة فأنا لست مثل النخلة.
فسألوا النخلة لماذا تبكين قالت لأنى اشغل حيز ضئيل من الأرض بعكس الحشائش.
فنظروا و إذ وجدوا الحشائش لا تبكى فسألوها لماذا أنت سعيدة ؟؟ أجابت لأنى سعيدة بحجمى و طولى و قيمتى يكفينى أن الله خلقنى بيديه و هو يريدنى هكذا .
من دوافع عدم قبول الذات هو المقارنة مع الاخرين فهل تقبل نفسك كما خلقها الله و تشكره عليها أم أنك تنظر لغيرك بعين المتفحص الدائم لإبراز النقائص.
علينا أن نحيا حياة التقوى مع القناعة {وَأَمَّا التَّقْوَى مَعَ الْقَنَاعَةِ فَهِيَ تِجَارَةٌ عَظِيمَةٌ} (1تي 6 : 6). نقنع بما لدينا من أمكانيات وضعفات ومواهب ونعيش سعداء بما لدينا ونطور أنفسنا حسب طاقتنا لنحيا سعداء.
......
(3)
البذل والتضحية

مر الشتاء العاصف الجليدي ببرده القاسي وجاء أوان إجازة عيد القيامة وحلت الأماني المهللة على أجنحة الربيع المبكر في صدور مئتي رجل وامرأة وطفل أقلعوا في السفينة "ستيلا" من ميناء "سوثهمبتون" في ابريل سنة 1899 وهم ينتظرون أن يرسوا بعد سويعات على أرض مدينتهم "جرسي".
كان الجو صحو والبحر هادئًا، وكانت الرحلة بادية التوفيق. على أن الحال انقلب فجأة فخيم ضباب كثيف بحيث كانت السفينة تمخر في الظلام. وبدلاً من أن يخفف القبطان من سرعة الباخرة، فإنه ارتكانًا على ما له من اختبار طويل في قيادة السفن وخوفًا من الوصول متأخرًا إلى الميناء – أدار مفتاح البخار إلى آخره، وانطلقت "ستيلا" بأقصى سرعتها. وكانت النتيجة أن اصطدمت بالصخور الصوانية على بعد ثمانية أميال من الشاطئ. وبعد اثنتي عشرة دقيقة غاصت تمامًا فطوتها مياه المحيط الكبير!
قصه بطولة رائعة عن وداع حدث في تلك الدقائق المليئة بالمآسي، هي قصة "مسز روجرز" الممرضة في السفينة: كانت "مسز روجرز" مشرفة علي خدمة المرضى. فلما علمت بالحادث، ملكت زمام نفسها، وهدّأت من انفعالات المرضى وكبار السن، وتمكنت من نقلهم إلى سطح السفينة. وبكل سرعة دبرت لكل منهم طوق انقاذ، ولكنها بعد أن استنفدت كل الأطواق الصالحة التفت وأبصرت سيدة واقفة على السطح بدون طوق.. ففي الحال حلت طوقها وأعطته لها، وهي تصيح: "بسرعة يا سيدتي.. أنت في عهدتي.. ليس عندنا ثانية نضيعها.." ووضعت الطوق على السيدة بقوة!
صاح البحارة "مسز روجرز! هيا اقفزي إلى القارب، وانجي". قالوا هذا مع أن قاربهم كان بالكاد قادرًا أن يحفظ نفسه فوق الماء، وألقت "مسز روجرز" نظرة على القارب.. ثم جال في ذهنها فكر عن أعزاءها على الشاطئ.
ثم صمتت لحظة، وبعدها قالت: "أنتم أزيد من اللازم في القارب. سأكون سببًا في غرقكم إذا نزلت.. مع السلامة لجميعكم.. مع السلامة!!".وحالما تحرك القارب سمع البحارة "مسز روجرز" تقول: "يا الهي خذني".. لم تقل "يا الهي نجني".. لأنها كانت مستعدة أن تذهب. انها تعزية كبيرة أن نكون مستعدين للانطلاق سواء مع ركاب "ستيلا" أو على فراش المرض! لكن يقول قائل: "هل يمكن أن نتيقن من استعدادنا للرحيل؟.
بمقدار استعدادنا للأبديه ومحبتنا لله نكون مستعدين بل نقول مع بولس الرسول" لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. ذَاكَ أَفْضَلُ جِدّاً "(في 1 : 23)
نبذل ونعطي علي رجاء وسواء كنا في البر أو في البحر، وسواء بقي لنا في العمر أيام أو شهور أو سنين ، فيجب ان نكون مستعدين للرحيل ونقول ( لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح).
.....