قيادات مسلمة ومسيحية يشهدون افتتاح أول معرض للفن القبطي بالقاهرة

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 
copticذكر بيان للمجلس الأعلى للآثار أن إقامة معرض ''كشف الستار عن الفن القبطى'' ، يأتي فى إطار الاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المتحف القبطى عام 1910 على يد أحد الأقباط البارزين، وهو مرقص باشا سميكة ، الذي شيد المتحف بالقرب من الكنيسة المعلقة الشهيرة بمصر القديمة.

كان فاروق حسني وزير الثقافة والدكتور زاهي حواس أمين عام المجلس الأعلى للآثار ، قد افتتح ليلة الخميس بحضور قيادات دينية إسلامية ومسيحية وثقافية، أول معرض عن الفن القبطي يسلط الضوء على روائع العصر القبطي والإسهام الرائع للأقباط فى تراث مصر الحضارى الثرى والمتنوع.

يضم المعرض أكثر من 200 قطعة آثرية تم اختيارها من مجموعات متحفية عديدة فى مصر ، سيتم عرضها معا لأول مرة، وتمثل كنوزا تم إزاحة الستار عنها واكتشافها من جديد بإخراجها من مواقع تخزينها فى المتحف القبطى، إلى جانب قطع آثرية من كل من المتحف القومى، والمتحف اليونانى الرومانى، ومتحف مكتبة الإسكندرية الجديدة، ومتحف بنى سويف، ومتحف العريش، وبعض منها يعرض فى متحف الفن الإسلامي وسيعرض بمتحف الحضارة المصرية بالفسطاط.

كما يضم المعرض الآثري أيقونات بديعة الألوان ، قام برسمها مشاهير فن الأيقونات، إضافة إلى مشاهدة أفاريز حجرية وخشبية تحوى تصميمات ساحرة ومثيرة للاهتمام ، تم اكتشافها في الأديرة والكنائس القديمة، ومخطوطات مزخرفة من مقتنيات المتحف القبطى، ومن بينها مخطوطات من مجموعة نجع حمادى الشهيرة، ورسائل قديمة تفتح نافذة على الحياة الاجتماعية وحياة الرهبنة خلال الحقبة القبطية.

وأضاف البيان الصادر عن المجلس الأعلى للآثار أن المعرض يتضمن أيضا مجموعة المعادن الثمينة، والأواني والأدوات الفخارية ، والمنسوجات القبطية الشهيرة، وغير ذلك من القطع الآثرية الرائعة التى تعكس صورة الحياة اليومية، وقد تم ترتيب القطع الأثرية إما زمنيا أو موضوعيا، بحيث تقدم للزوار أهم الملامح المميزة للفنون القبطية.

ويقول الدكتور زاهي حواس أن معرض ''كشف الستار عن الفن القبطي'' يلقى الضوء على حدث على درجة قصوى من الأهمية بالنسبة لتاريخ المسيحية فى مصر، هو رحلة العائلة المقدسة إلى مصر.. موضحاً أنه بعد مرور أكثر من ألفي عام على هذا الحدث الجليل، فإن الأقباط لا يزالون يقيمون الاحتفالات تخليدا لهذه الرواية الكتابية المقدسة، حيث أنهم قاموا بتحويل المواقع التى تواردت الأخبار عن توقف العائلة المقدسة بها إلى مراكز رئيسية للحج إليها.

وأضاف أن رحلة العائلة المقدسة فى مصر كانت سببا فى مكانة السيدة مريم العذراء الخاصة فى الصلوات الطقسية القبطية وفى الحياة اليومية للمؤمنين، حيث أصبحت قصة رحلة مريم العذراء إلى مصر حاملة معها السيد المسيح طفلا فى مهده، من العناصر الأكثر شعبية وحباً فى الفن القبطى.

وأضاف أن المعرض يتواصل مع فكرة إبراز بقاء الديانات القديمة عبر الزمان، حيث تتمثل فى وجود بعض المصنوعات اليدوية التى تظهر بوضوح تداخل العناصر التى ترجع إلى العصور الفرعونية، واليونانية الرومانية مع باكورة العصر المسيحى بشكل لافت للأنظار، حيث كان يميل الفن القبطى لاستخدام اللغة البصرية التى لجأت إليها العصور السابقة عليه لتساعده على تقديم ما يتعلق بالديانة الجديدة من مفاهيم.

وأشار إلى أن أحد أهم السمات البارزة للفن القبطى هو المزج بين التأثيرات الوافدة من محيط متعدد الثقافات والتبادل المكثف لهذه التفاعلات مع منطقة البحر الأبيض المتوسط، بينما ظلت عملية الحفاظ على الفن وإعادة صياغته فى ذات الوقت من الأمور الخاصة بتقاليد الفن المحلى ، وعلى هذا فإن أقباط مصر قد ابتكروا هوية فريدة من نوعها وأسلوبا متميزا لهم فى الفن.

وقال البيان الصادر عن المجلس الأعلى للآثار لالقاء الضوء على المعرض، إن دخول المسيحية مصر يشكل جزءا رئيسيا لهذا المعرض ، حيث تواترت الأخبار عن أن القديس مرقس الرسول هو الذى حمل معه بشارة الإنجيل إلى الإسكندرية، وكان أول الشهداء إذ ضحى بحياته فى سبيل إيمانه المسيحي عام 68 ميلادية.

وأضاف أنه عندما كانت مصر إحدى الولايات التابعة للإمبراطورية الرومانية، تعرض الأقباط المصريون للإضطهاد من قبل حكامهم الرومان، وفى عهد الإمبراطور دقلديانوس بلغ حد الاضطهاد شدته حتى أن الأقباط اختاروا عام 284 ميلادية، وهو العام الذى اعتلى فيه دقلديانوس عرش الحكم، ليكون السنة الأولى لبداية تقويمهم، وهو المعروف أيضا باسم ''تقويم الشهداء''.

وأشار البيان إلى أنه حتى يومنا هذا فإن الكنيسة القبطية هى كنيسة الشهداء، كما أن الأقباط يؤمنون بأنه فى مقدور الشهداء أن يتدخلوا بنشاط فى الأمور المعيشية الخاصة بالمؤمنين المخلصين، وبمثابة حراَّسا وحماة لهم، وقد انعكس ذلك على الفن ،حيث عرضت بعض الأعمال الفنية الراقية قصص الشهداء الأكثر شعبية تبجيلا لهم.

كما يسلط المعرض الضوء على آباء الصحراء، وهم الناسكون الأوائل ورجال الحكمة الروحية الذين توجهوا إلى الصحراء ليكرسوا حياتهم لله والعيش فى عزلة.

وقال البيان '' إنه أطلق على القديس أنطونيوس لقب ''أب جميع الرهبان''، كما اقترن اسمه بقيام وتأسيس حركة الرهبنة فى العالم المسيحى فى القرن الثالث الميلادى، وأنشأ باخوم أول دير مع مطلع القرن الرابع ، كما أسس طيلة حياته عدد 11 ديراً للرهبان، واثنين من الأديرة المخصصة للراهبات ، وكذلك عرفنا من مصادر نصوص مدونة أنه حتى النساء قد اخترن لأنفسهن حياة التقشف وقضين حياتهن فى الأديرة التى اقيمت لهن، حيث تقدم لنا لوحات شهيرة من المجموعة المعروضة دائما بالمتحف القبطى عروضا ورسوما تمثل حياة الناسكين الأوائل''.

وأضاف أن الأماكن المقدسة دخلت مصر القبطية بشكل متضافر وغير منفصل ضمن طرق الحج إلى الأراضى المقدسة ، حيث تواجدت بمصر عدة أماكن مقدسة يتوفر بها للحجاج دورا للتعبد والصلاة ، وتلقى التعاليم المسيحية، والتقشف والزهد، فكانت هذه الأماكن المقدسة بمثابة بوابة المؤمنين الأتقياء إلى السماء وقد ظلت هكذا حتى يومنا هذا.

وتكشف أطلال الأديرة والكنائس القديمة عن روعة ما لا يمكن تصوره لحياة تم تكريسها من أجل الزهد والتقشف ، وتقدم أطلال دير القديس إرميا بسقارة ودير القديس أبوللو في باويط أمثلة مثيرة للإعجاب للمهارات المتميزة للفنانين والمهندسين المعماريين من الأقباط ، ويشكل ما تم اكتشافه مؤخرا فى باويط المعالم البارزة لهذا المعرض، كما يشهد بوضوح على أنه لا يزال هناك الكثير من الآثار القبطية الرائعة لتكتشف في المناطق الخاصة بالرهبنة في مصر.

ولعبت القصص الواردة بالكتاب المقدس دوراً حاسماً فى حياة المؤمنين، وقد كانت تستخدم فى تجميل وزخرفة الأدوات الخاصة بالطقوس، والمخطوطات، وجدران الكنائس والأديرة. كما نقشت القصص الكتابية أيضا كنوع من الزخرفة على المنسوجات والملابس، أما القصص الشهيرة والمأخوذة من العهد القديم فهى تتضمن تضحية إبراهيم والفتية الثلاثة فى آتون النار.

وأما القصص المأخوذة من العهد الجديد فتشمل المعجزات التى حدثت على يد السيد المسيح، مثل شفاء الرجل الأعمى وإقامة لعازر ، وقد بعثت القصص المأخوذة من الأسفار المقدسة الأمل فى نفوس البشر، كما أنها عملت على تقوية الإيمان المسيحي فى نفوس المؤمنين، وقد تم تقديم قصص الكتاب المقدس فى المعرض متمثلة فى زخارف المخطوطات النفيسة والمنسوجات المطرزة وغيرها من القطع الأثرية.

ويعد القداس القبطى ''القداس الإلهى'' أحد أقدم الخدمات الدينية التى يحتفل بها فى العالم، وقد تم الاحتفال به منذ وقت مبكر من خلال أداء لإيماءات رمزية ثابتة، كما رافق القداس الإلهى القبطى صلوات مكتوبة وأدعية ، إلى جانب تحديد قراءات دينية، ثم إن الاستخدام المكثف للبخور العبق إلى جانب التأثير البصري للأيقونات التى تزين جدران الكنيسة القبطية، من شأنه أيضا أن يجذب جميع حواس المؤمنين للقداس.

ويعتمد القداس فى المقام الأول على الصوت البشرى الذى يؤدى اللحن، حيث أن القداس القبطى يقوم على الترتيل مع استخدام الحد الأدنى للآلات الموسيقية، وتحافظ كل من الصنج والمثلثات على الإيقاع والميزان الموسيقى، وما يتم عرضه من أدوات متنوعة خاصة بالطقوس، إلى جانب الأيقونات، والمخطوطات من قرون مختلفة، إنما يهدف إلى خلق الجو الذي تتسم به الكنيسة القبطية.

وبالنسبة لأدوات الحياة اليومية فقد أبدع الأقباط فى إنتاج فنون جميلة تفوق بكثير ثمة بقعة أخرى فى العالم فى فترة ظهور المسيحية المبكرة بها. فقد قاموا بتطوير مهاراتهم فى صناعة النسيج، وأنتجوا المعادن الجميلة والأعمال الفخارية، وأدوات التجميل الفاخرة ومفردات الزينة الشخصية التى كانت تصنع من مواد مختلفة، كما كتبوا رسائلهم الشخصية على ورق البردى، وعلى الرق، أو على ورق أو شقافات من الحجر الجيرى أو الفخار، ويقدم المعرض مجموعة متنوعة من الأدوات التى كانت تستخدم في الماضي في الحياة اليومية. وبعد الفتح العربى لمصر فى عام 642 ميلادية كانت القطع الآثرية القبطية تعرض على الحضارة الإسلامية. كما كتبت المخطوطات بدءا من القرن الحادى عشر بلغتين ، اللغة القبطية واللغة العربية، حيث يمكن التعرف بوضوح على هذا التأثير الإسلامى فى بعض القطع الأثرية المعروضة.

ويقام المعرض بقصر الأمير طاز فى منطقة الخليفة ، فى مكان يتوسط المسافة بين مسجد السلطان حسن ومسجد ابن طولون، حيث أن القصر يعد أحد أشهر قصور المماليك فى القاهرة التاريخية، بالقرب من سبيل أم عباس وشارع السيوفية، وكان الأمير طاز، وهو أحد المماليك ، قد بنى القصر في عام 1352 عندما تزوج الزهراء خواندا، ابنة السلطان الناصر محمد.

وكان طاز أحد الأمراء في فترة حكم السلطان حسن الأولى والمسؤول عن الإدارة، ثم نجح في خلع السلطان حسن من عرشه، وأخذ مكانه لمدة ثلاث سنوات، حتى تولى الإمارة اثنان من الأمراء. وكان طاز قد تعرض للسجن عدة مرات. وبعد خروجه من السجن غادر القاهرة وقضى بضع سنوات في القدس ودمشق ، وبسبب الأحداث السياسية، لم يتح لطاز فرصة قط للعيش في قصره، حيث توفي عام 1361 في دمشق، ومؤخرا تم تجديد قصره وأصبح قصر الأمير طاز أحد الأماكن المشهورة للأحداث الثقاية.

نقلاً عن مصراوي

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم