وذات ليلة بينما كانت تصلي بدموع.. رأت شاباً جميلاً ومضيئاً يقول لها:
( أنتي بتعيطي ليه ؟ أنتي لك إيه في البيت ده غير الصور دي ؟ ياللا علي ديري ).
* فسألته إنت مين ؟!!
* فقال: أنا شهيد اسمي أبي سيفين ووضع الصور في حضني واختفي...
وفي الصباح ذهبت لأبونا بطرس كاهن كنيسة العذراء وقصت له ما رأته وسألته عن الشهيد! ففتح لها السنكسار وقرأت سيرته وتعجبت لأنها لأول مرة تعرفه !!! وتكرر ما حدث ... فأخبرت أبونا وأنها تخشي من الضربة اليمينية. ولكنه قال لها:
( أصبري ... هيعمل حاجة معاكِ )
وفعلاً ... في الليلة الثالثة ظهر لها باللبس الرسمي ( ضابط ) ودار بينهما هذا الحديث:
القديس: أنا عايزك لديري في مصر.
فوزية: ( بإندهاش ) دير في مصر !!!
القديس: أيوه ... أنا هخذك علي الدير وبعض الراهبات هناك بتستضفن أقاربهن عندي, وستراك راهبة أو أكثر ويسألونك إنت قريبة مين؟ فلا تجيبي بكلمة ... ابتسمي فقط.
فوزية: ارشم الصليب.
( لأنها خشيت من الضربة اليمينية, فوجدته رشم الصليب. وهي كانت دائماً تصلي وفي يدها الصليب).
القديس: ياللا متخافيش
ووجدت نفسها فوق الحصان وفي ثواني كانت في الدور الثاني في الدير وبالفعل قابلتها راهبتان..
وقالا لها: إنت يا حلوة قريبة مين من الأمهات ؟ فابتسمت وصمتت كوصية الشهيد الذي لم يره أحد من الراهبات وأخيراً ...
القديس: شوفتي ديري.
فوزية: اه ... بس اجي إزاي ..؟!!
لقديس: إلهي حيدبرها لك؟
وبعد ذلك رجعها إلي بيتها في جرجا ..!
( إذ كنت أعد نفسي للزواج بابن الملك, بكر كل خليقة رافقتني الملائكة وخدمتني وقدمت لي الناموس كهدية عرسي) العلامة أورجينوس
تشاء معونة ربنا إن أمنا ماريا من الدير تحضر لزيارة شقيقتها في بلد قريبة من جرجا وتعرفت عليها فوزية عن طريق إحدي صديقاتها فقامت بدعوتها لمنزلها وأعلمتها بما يشغل فكرها, فوعدتها بأنها ستخبر رئيسة الدير تماف كيريا واصف ( 1903 - 1962 م ) وتم مبادلة الرسائل بينهما. وعلم والدها فقال لها:
( نبني لك قلاية علي السطوح )
لكنها كانت تشتاق إلي ممارسة الحياة الرهبنية في الدير ولإصرارها الشديد, لجؤ والديها إلي الصلاة والصوم وإقامة قداسات يومية لمدة 15 يوماً ولكن لم تستطع والدتها حضور آخر قداس, فمكثت في حجرتها تقدم العديد من الميطانيات من أجل أن يرشدها الله بما فيه الخير...
وإذ بها تري الرؤيا التالية:
( أضاءت الحجرة بنور شديد وشاهدت ملايكة بتبني, فسألتهم: بتعملوا إيه؟!
فقالوا: بنعمل الأساس علشان الملكة أم الملك جايه, وحالاً بنوا أساساً وجابوا كرسي فخم جداً مرصع بالذهب والجواهر وجاءت العذراء وملايكة بيزفوها وقعدت علي العرش.
فسجدت لها وقالت: السلام لك يا أم النور فردت عليها قائلة: ( إنتى ناسية الكلام اللي قلته لك ساعة ولادة ابنتك البكر ... دي بتاعتنا وأنا خطبتها لابني, فما تخافيش عليها وسبيها تترهبن وهي في حماه, وإلا حناخدها دلوقتي )
فقالت لها: خلاص يا ست يا عذراء ... تترهبن.
وبمجرد حضور زوجها من الكنيسة, أخبرته بما حدث, ولكنه رفض موضوع الدير وقال نبني لها قلاية علي السطوح...
وذات ليلة جلست فوزية تقرأ سيرة القديس.يوحنا صاحب الإنجيل الذهبي, وعرفها بنفسه فطلبت منه أن يسهل لها طريق الرهبنة... ومنذ ذلك الوقت بدأت تصلي وتطلب منه حتي ظهر لها قائلاً :
( خلاص أنا كنت عند بابا وماما وهما خلاص هدأوا...)
فقامت علي الفور وتوجهت إليهما, فقالوا لها, خلاص إحنا وافقنا علي ذهابك للدير.
فقالت لهما: أنا عارفة مين السبب. فأكدا رؤيتهما للقديس يوحنا صاحب الإنجيل الذهبى.
وكان من ترتيب ربنا أن أمنا ماريا حضرت لزيارتها بجرجا, فتم الأتفاق علي ذهابها معها إلي الدير ولكن في ليلة السفر سمع عمها بالخبر, فأحضر كرسي وجلس عليه بجوار الباب ليمنعها من الخروج ولكن ميعاد خروجها نزل عليه سبات عجيب ولم يتحرك من مكانه.
وهكذا... انطلقت عروس المسيح في طريقها إلي الحياة الملائكية وهي تنشد وتسبح وتمجد الله الذي حقق لها غايتها المنشودة وكان ذلك في 16 أبريل 1954م الموافق 8 برموده 1670ش.
+ وتمت سيامتها راهبة علي دير ابي سيفين علي يد الأب الورع القمص مقار المقاري
باسم: أمنا إيريني
فــي: 26 أكتوبر 1954م الموافق 16 بابه 1671ش
وقد روت تماف إريني ما تعرضت له من متاعب وحروب وشتي تتماثل مع ما نقرأه في سير القديسين الأوائل,
لتؤكد لنا من اختباراتها الروحية فاعلية قوة الصليب ومدي ضعف الشيطان وتعلمنا كيف ننتصر علي مكائده بطلب معونة الله لأن فادينا لا يمكن أن يخزي طالبيه..