القديسة رفـقـة - للأنبا باخوميوس

تقييم المستخدم: 2 / 5

تفعيل النجومتفعيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

القديسة رفقة .. أم اسحق .. أحد البطاركة الأولين إبراهيم واسحق ويعقوب.
يقول سفر التكوين "وشاخ إبراهيم وتقدم فى الأيام وقال إبراهيم لعبده كبير بيته .. ضع يدك تحت فخذى فاستحلفك بالرب إله السماء وإله الأرض أن لا تأخذ زوجة لابنى من بنات الكنعانيين الذين أنا ساكن بينهم. بل إلى أرضى وإلى عشيرتى تذهب وتأخذ زوجة لابنى اسحق.

فقال له العبد ربما لا تشاء المرأة أن تتبعنى إلى هـذه الأرض هـل أرجع بابنك إلى الأرض التى خرجت منها. فقال له إبراهيم احترز من أن ترجع بابنى إلى هناك. الرب إلـه السـماء الذى أخذنى من بيت أبى ومن أرض ميلادى والذى كلمنى والذى أقسم لى قائلاً لنسلك أعطى هذه الأرض هو يرسل ملاكه امامك فتاخذ زوجة لابنى من هناك.
وإن لم تشأ المرأة أن تتبعك تبرأت من حلفى هذا أما ابنى فلا ترجع به إلى هناك. فوضع العبد يده تحت فخذ إبراهيم مولاه وحلف له على هذا الأمر"(1).

أليعازر الدمشقى
يتكلم هذا الجزء – الذى ذكرناه- عن إرسالية أليعازر الدمشقى لكى يختار زوجة لاسحق ابن إبراهيم ..
إبراهيم أبو الآباء سكن فى وسط شعب غريب .. بعيد عن عبادة الإله الحقيقى، لذلك أراد أن يزوج اسـحق ابنـه من شـعبه، وأوصى أليعازر عبده

 (1)-(تك24: 1- 9).
بذلك .. وقال له "ضع يدك تحت فخذى" .. وهذه نبوة عن أن الذى يأتى من صلب إبراهيم هو الإله المتجسد.
كان هذا الأمر يحمل أمانة شديدة فى تنفيذ هذا الأمر .. وكان لعازر أمين فى تنفيذ قول سيده ..
وهذا يعطى صفة حلوة فى أن الذى يتسلم مسئولية معينة أو يخدم أبنائنا يكون أميناً ..
المشكلة التى تواجهنا فى هذا العصر هو التزوج بغريبات .. ولكن أبونا إبراهيم بالرغم من أنه سكن فى أرض غريبة إلا أنه يشترط أن يتزوج ابنه من بنى شعبه.
التزاوج من الغريبات مشكلة تواجهنا .. نحن لا ننكر أن بعض الزيجات من الغرباء قد تكون ناجحة .. ولكن أغلب الزيجات تكون فاشلة وتؤدى إلى الإنفصال.
هذا أمر مهم أن من يرتبط بزواج أولادنا يجب أن يكون مرتبط بالكنيسة أولاً .. لأن التزوج من غريبات يقابله مشاكل كثيرة جداً .. مشكلات سلوكية .. مشكلات أخلاقية .. مشكلات دينية .. مشكلات إيمانية.
يهمنا أن أولادنا يرتبطوا بأزواج أو زوجات فى نفس الإيمان ونفس العادات لسهولة الاتفاق.
وقبل أن يصل إلى هناك صلى أليعازر إلى الرب لكى ينجح طريقه قائلاً "أيها الرب إله سيدى إبراهيم يسِّر لى اليوم واصنع لطفاً إلى سيدى إبراهيم ها أنا واقف على عين الماء وبنات أهل المدينة خارجات ليسقين ماء فليكن أن الفتاة التى أقول لها أميلى جرتك لأشرب فتقول إشرب وأنا أسقى جمالك أيضاً هى التى عينتها لعبدك اسحق"(1).         

 (1)-(تك24: 12).
رفقة تسقى أليعازر الدمشقى
رفقـة
وبالرغم من أن رفقة كانت من أسـرة غنية، ولها وصيفات إلا أنها خرجت بنفسها لكى تستقى، لكى يتم قصد الله لها ..
ويظهر لنا روح الوداعة والاتضاع فى حياة رفقة لأنها أعطت أليعازر ليشرب وقامت أيضاً بالاهتمام بجماله ليشربوا ..
وهذا يعطى فكرة واضحة أن شريكة الحياة يجب أن تكون لها روح الاتضاع والوداعة ..
كانت لها روح العهد الجديد .. روح الميل الثانى لأنها لم تكتف بشرب أليعازر بل وجماله أيضاً.
إن الزواج يجب أن يكون له شروط .. ليست على أساس مادى بل على أساس روحى فيه روح الخدمة والبذل "وأخرج الرجل خزامة ذهب وزنها نصف شاقل وسوارين على يديها"(1).
وكان منهج رفقة فى السلوك واضح جداً .. ولما رأى أليعازر موقفها ابتدأ يتعرف عليها "بنت من أنت ؟ فقالت بنت بتوئيل ابن ملكة أخبرينى هل فى بيت أبيك مكان لنبيت. فقالت له عندنا تبن وعلف كثير ومكان لتبيتوا أيضاً، فخر الرجل وسجد للرب. وقال مبارك الرب إله سيدى إبراهيم الذى لم يمنع عطفه وحقه عن سيدى إذ كنت أنا فى الطريق هدانى الرب إلى بيت اخوة سيدى"(2).
نحن نرتبط بعوائد زائلة .. والبيت يجب أن يبنى على أساس الاتضاع وليس أساس مادى وديون باهظة ومظاهر كثيرة تحمل ملامح الكبرياء والغرور.
ولكن أمامنا قصة زواج رفقة واسحق كمثال، فرفقة لم تطلب هدايا معينة، ولكن أليعازر هو الذى قدم لها الهدايا.
وكان الزواج ثمرة وسيط أمين قد نفذ الوصية بأمانة .. وثمرة صلاة .. وثمرة اتضاع .. وثمرة خدمة .. وثمرة عطاء الميل الثانى.
 (1)-(تك24: 22).            (2)-(تك24: 23).
والزواج الذى يبنى على هذا الأساس يكون زواج سعيد ومستقر وفيه تعزيات كثيرة.
نلاحظ أن أليعازر عندما وجد ضالته شكر الله وقدم صلاة، ولم ينسب النجاح إلى ذاته ولكن إلى الله الذى أنجح طريقه.

من عند الرب خرج الأمر
ذهب أليعازر إلى بيت رفقة، وكان لها أخ اسمه لابان .. وبعدما عرض أليعازر قصته أجاب لابان وقال "فأجاب لابان وبتوئيل وقالا من عند الرب خرج الأمر لا نقدر أن نكلمك بشر أو بخير .. هوذا رفقة قدامك خذها واذهب ولتكن لابن سيدك كما تكلم الرب. وكان عندما سمع عبد إبراهيم كلامهم أنه سجد للرب على الأرض وأخرج العبد آنية فضة وآنية ذهب وثياباً وأعطاها لرفقة وأعطى تحفاً لأخيها ولأمها"(1).
الهدايا علامة محبة، وليس حسب اتفاق معين، وهذا يظهر الكرم والذوق فى المعاملة.

رأى الفتاة
فقال العبد "أصرفونى لأذهب إلى سيدى. فقالوا ندعو الفتاة ونسألها شفاها. فدعوا رفقة وقالوا لها هل تذهبين مع هذا الرجل فقالت أذهب"(2).
وهنا يظهر لنا أمرين مهمين :
1-    أهمية أخذ رأى الفتاة ليكون لها حرية الاختيار.
2-    عدم إعاقة رجال الرب، وقد أنجح الرب طريقهم.
يجب أن نحترم رأى إبنتنا ولا نرغمها على شخص معين .. وقد تخطئ بعض الأسر فى الموافقة على عريس غنى وميسور لا ترغب فيه العروسة.
قد نجد أن الرب أنجح طريق أشخاص، ونجد أيضاً من يعطل هذا المشروع أو هذا الزواج لأسباب مادية أو عالمية.
 (1)-(تك24: 50).            (2)-(تك24: 57).
أليعازر يهدى رفقة هدايا
قد يكون للشخص مواهب تكريس، وتقف الأسرة ضده وتعوق طريقه ! يجب أن نشجع أولادنا، وقد أنجح الرب طريقهم ولا نعوقهم ونقف ضدهم لأى سبب من الأسباب.
أخطاء
بالرغم من أن زواج رفقة كان ناجحاً وحسب إرادة الرب إلا أن رفقة وقعت فى خطأ كبير سبب لها ألم شديد .. لأنها أحبت يعقوب أكثر من عيسو .. لأنها أعطت فرصة ليعقوب لأخذ البركة مع أن عيسو كان البكر، فغضب عيسو.. وهرب يعقوب إلى خاله لابان .. وظل هناك يخدم خاله الذى غير أجرته عدة مرات (21 سنة = 7 X 3) لكى يعطيه راحيل زوجة.
يجب ألا نميز فى معاملاتنا بين أبنائنا سواء كانوا أذكياء أو أغبياء ..
نحن نحب يوسف الصديق لأنه أحب الطهارة، ولكن محبة والديه له كانت سبباً فى كرة إخوته له وحسدهم ..
من الأمور التى يجب أن ندرب أولادنا عليها هو عدم التفرقة بين الاخوة والأخوات .. بل يجب أن ندربهم على السلوك الإيجابى، ونشجع أولادنا مع ملاحظة الفروق الفردية.
تشجع الكل بدون تمييز، ولكن إذا ميزنا ابن عن أخوه تكون النتيجة أننا نخسر أولادنا.
نحن عندما نتأمل فى القديسة رفقة نتأمل فى سلوكها المبنى على الاتضاع والخدمة والميل الثانى، ونستفيد فى نفس الوقت من ضعفات القديسين، ولا نميز بين أولادنا فى المعاملة ..
ولربنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم