وعـد الـسـلام - للأنبا باخوميوس

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

إن الوعود الإلهية من أكثر الأمور التى تعزى الإنسان فى حياته اليومية، فهى تعطى ثقة إن الله معه، ويفرحه ويعطيه من روحه القدوس.
قاعدة الوعود الإلهية
   1- نتعلمها من الكتاب المقدس.    
   2- نطلبها بالصلاة.
   3- نقبلها بالإيمان.            
   4- ننالها بالجهاد.

   قبل أحداث أسبوع الآلام والصليب أعطى السيد المسيح وعداً مهماً لتلاميذه فقال "سلاماً أترك لكم سلامى أعطيكم ليس كما يعطى العالم أعطيكم أنا لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب"(1).
   هو يعلم أنهم سوف يتعرضون لضغوط كثيرة فى أحداث الآلام، وما يليها من اضطهادات للكنيسة فأعطاهم وعدين : وعد الروح القدس، ووعد السلام. وقد تكلمنا فى مرة سابقة عن وعد الروح القدس، والآن نتكلم فى وعد السلام.     
اهتمام الكنيسة بوعد السلام
تهتم الكنيسة بوجود السلام فى حياة أولادها فهو أكثر طلبة تتكرر فى الخدمات الكنسـية والممارسـات الطقسـية، فيقول الأب الكاهن [ سلام لجميعكم ] أو [ ليكمل قول الرب بسلام ] ..
أيضاً فى رسائل الآباء الرسل تتكرر عبارة "نعمة لكم وسلام"، وعندما نسلم على بعضنا نقول [ سلام لكم ].
 (1)-(يو14: 27).
ومن أهم ألحان الفرح فى الكنيسة لحن [ يا ملك السلام أعطنا سلامك ..].

السلام فى الكتاب المقدس
فى بشارة الملاك للعذراء قال لها  "السلام لكِ يا ممتلئة نعمة الرب معكِ"(1)، وعندما بشر الملاك الرعاة بميلاد السيد المسيح قال لهم "المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة "(2)، وعندما ظهر السيد المسيح لتلاميذه فى العلية بعد قيامته كان يقول "سلام لكم"(3)..
وداود النبى فى سفر المزامير يقول "الرب نورى وخلاصى ممن أخاف"(4).
وأيضاً "مع مبغضى السلام كنت صاحب سلام"(5)، فكان شاول الملك يبغضه مع أن داود لم يصنع معه شيئاً ليس فيه سلام بل قال "حاشا لى أن أعمل هذا الأمر بسيدى بمسيح الرب"(6)، مما جعل شاول يقول له "أنت أبر منى"(7).  
   السلام من أهم الاختبارات الروحية التى تبين علاقة الإنسان بالله، فوجود السلام يعنى وجود الله فى حياتى، لذلك فى اليوم الذى لا تشعر فيه بالسلام اسأل نفسك لمـاذا لا أشـعـر بالسـلام ؟
   راجع نفسك فلابد من وجود خطأ معين، فالنفس الخائفة المضطربة تدل على عدم سكنى الرب فيها.

الفضائل المرتبطة بالسلام
  الإنسان الذى يتمتع بالسلام تجده هادئ الطباع .. صديق لكل الناس .. مريح فى التعامل .. يعطى الفرح لكل من يقابله لأنه يطبع سلامه فى الآخرين .. نحتاج وجود السلام فى علاقاتنا مع الله وأنفسنا والآخرين.

 (1)-(لو1: 28).            (2)- (لو2: 14).        (3)-(يو20: 19).
 (4)-(مز27: 1).            (5)- (مز120: 6).     (6)-(1صم24: 6).
 (7)-(1صم24: 17).
السلام بين الله والإنسان
توجد بعض الأمور التى تنزع هذا السلام مثل :
 1- الــخــطــيــة  
 كما حدث مع آدم حين سأله الرب "أين أنت"، فأجابه "سمعت صوتك فى الجنة فخشيت لأنى عريان فاختبأت"(1)، فالخطية أوجدت حاجزاً متوسطاً، وعداوة بين الله والإنسان ..
 أيضاً قايين بعد أن امتدت يده بالشر على أخيه قال ".. أكون تائهاً وهارباً فى الأرض"(2).
الخطية نزعت سلامه الداخلى وجعلته يشعر بالخوف.

     2- الـخــوف
وتتعدد أسباب الخوف سواء من المستقبل .. الغلاء .. الحسد .. السحر .. المشكلات اليومية.

السلام بين الإنسان والآخرين
يعلمنا الكتاب المقدس "إن كان ممكناً فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس"(3)، ولكن أحياناً تقابل أشخاصاً لا يمكن لنا مسالمتهم مثل الهراطقة، وهم ينطبق عليهم قول الكتاب "لا تقبلوه فى البيت ولا تقولوا له سلام"(4).
إذا كنت تتنازل عن بعض الأمور لكن الإيمان لا يمكن أن تتنازل عنه، حينما نعلم أولادنا أن يحرصوا من الفكر غير الأرثوذكسى هذا لا يعنى التعصب وإنما هو إكمال للوصية .. نحن نحب الهراطقة أى الخطاة، ولكن لا نشترك فى تعاليمهم الخاطئة.
فى هذه الأيام توجد بعض التجاوزات الإيمانية كما فى العصر المسيحى الأول الذى ظهرت فيه بدعة الشماس نيقولاوس مع أنه كان فى بداية حياته مرتبطاً بالكنيسة، وابتدأ بالروح ولكنه أكمل بالجسد.

 (1)- (تك3: 9، 10).        (2)- (تك4: 13، 14).    (3)- (رو12: 18).
 (4)-(2يو10).
وغالباً الانحراف العقيدى يرتبط بالكبرياء فالشخص الذى ينحرف عقيدياً يشعر أنه وحده الذى يتمتع بالفكر السليم وجميع الناس لهم الفكر الخاطئ .. وكثيراً ما يشيع المذمة بين أولاد الله مما يفقدهم سلامهم، فعندما يأتى إلى الكنيسة ينقد الأب الكاهن والشماس والخادم حتى القداس والألحان .. لكن أولاد الله لا يشيعون المذمة، وإنما عندما يواجهون أى خطأ فإنهم يعالجونه بالحكمة. والخادم الأمين يشدد أولاده ويتحدث معهم بالكلمات المشجعة المعزية.
ومن أكثر الخطايا المنتشرة فى هذه الأيام خطية إشاعة المذمة، وهذه الخطية حدثت مع شعب الله قديماً حينما أرسل موسى النبى اثنين من كل سبط لكى يتجسسوا أرض كنعان لم يوجد بين هؤلاء الرجال سوى يشوع بن نون وكالب بن يفنه اللذين قالا "الأرض جيدة جداً جداً إن سر بنا الرب يدخلنا إلى هذه الأرض"(1).. لذلك هما الوحيدين الذين دخلا أرض الموعد أما بقية الرجال الذين أشاعوا المذمة بين شعب الله وقالوا "قد رأينا هناك الجبابرة .. فكنا فى أعيننا كالجراد وهكذا كنا فى أعينهم"(2).. لم يدخلوا أرض الموعد لأنهم تسببوا فى نزع السلام من الشعب.

كيف تحصل على السلام الداخلى ؟

     1- ابحـث فى داخــلك ..                   
تعرف على سبب فقدان السلام وأطلب إلى الله "اختبرنى يا الله واعرف قلبى امتحنى واعرف أفكارى"(3).

     2- ليكن لك فترات خلـــوة ..
يمكن أن تقضى هذه الفترات فى الصلاة والقراءة .. كان السيد المسيح يقضى النهار كله فى الخدمة، وفى الليل "يصعد إلى الجبل منفرداً ليصلى"(4).
 (1)- (عد14: 7، 8).         (2)-(عد13: 33).        (3)-(مز139 : 23).
 (4)- (مت14: 24).    
عندما تشعر أنك مضطرب اهدأ إلى نفسك .. فترات الهدوء تساعد الإنسان أن يبحث فى داخله ويعرف حقيقة نفسه.   

     3- اختبر حياة الإيمـان
   كان البحر هائجاً والتلاميذ مضطربين ثم وجد بطرس السيد المسيح ماشياً على الماء فقال له "إن كنت أنت هو فمرنى أن آتى إليك على الماء" .. ولما ثبت نظره على السيد المسيح استطاع أن يمشى على الماء لكن عندما نظر إلى الماء ابتدأ يغرق، فقال له يسوع "يا قليل الإيمان لماذا شككت"(1).
حياة الإيمان تحفظ السلام الداخلى، فمثلاً :
فى الخدمة .. نواجه بعض المواقف الصعبة، وعندما نتكل على فكرنا البشرى نشعر بالتعب ولكن يجب أن نتعب ونعمل، ونحن نؤمن أن الله يستطيع أن يعمل معنا كل شئ.
فى الحياة اليومية نحمل هموماً كثيرة ونفكر ماذا نصنع فى المستقبل ؟ يجب أن نتذكر قول الكتاب "أطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم فلا تهتموا بالغد لأن الغد يهتم بما لنفسه يكفى اليوم شره"(2).
لا تحمل هموماً بل نظم حياتك، ودبر مستقبلك من خلال حساب النفقة "من منكم وهو يريد أن يبنى برجاً لا يجلس أولاً ويحسب النفقة هل عنده ما يلزم لكماله"(3).

     4- لا للــخـــوف
بالتأمل فى أعمال الله الكثيرة نجد عدد المرات التى تكررت فيها عبارة "لا تخف" فى الكتاب المقدس حوالى 365 مرة، وكأن الرب يقول لك فى كل يوم على مدار السنة "لا تخف". ويعطينا ربنا يسوع دروساً كثيرة من الطبيعة لكى نطرد الخوف.
 (1)-(مت14: 25- 33).        (2)- (مت6: 33، 34).    (3)- (لو14: 28).
   " تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو"(1).. عندما نسأل هذه الزنبقة من الذى أعطاها كل هذا الجمال، حتى سليمان الملك لم يلبس فى جمالها .. تجيب إن الرب هو الذى أعطانى كل هذا الجمال وهى لا تحمل هموماً للطعام والشراب.
   "تأملوا الغربان أنها لا تزرع ولا تحصد وليس لها مخدع ولا مخزن والله يقيتها"(2).. لم يذكر فراخ الدجاجة لأن الدجاجة تعتنى بفراخها .. أما الغربان بعد أن تضع البيض تطير وتترك فراخها، والرب يعتنى بها حيث يرتب إفراز مادة لزجة على منقارها، وهذه يلتصق بها بعض الحشرات التى تتغذى عليها هذه الفراخ الصغيرة حتى تكبر وتستطيع الطيران.. إذا كان الرب يصنع ذلك مع الفراخ الصغيرة، فهل نحن نخاف ؟!   
    "شعور رؤوسكم أيضاً جميعها محصاه"(3) من منا يستطيع فى أحد الأيام أن يعد شعر رأسه .. لماذا تخاف إذاً والرب يعتنى بنا ؟!
     "خمسة عصافير تباع بفلسين وواحد منها ليس منسياً أمام الله"(4).. إذا كانت الأربعة عصافير تُباع بفلسين فالعصفور الخامس ليس له ثمن، ولكن الرب لا ينساه !
عندما تتذكر هذه كلها يمكن أن تعيش فى سلام "لا تقلقـوا"(5).. إن مرض القلق من أكثر الأمراض التى تصيب الإنسان لذلك ردد عبارة "لماذا أنت حزينة يا نفسى ولماذا تزعجيننى ؟ توكلى على الله فإنى أعترف له خلاص وجهى هو إلهى"(6)..
حتى إحصائيات كتب علم النفـس تؤكد وجود زيادة عدد المصابين بالأمراض النفسـية، لكن أولاد ربنا يشـعروا بعناية السـيد المسـيح بهم..

 (1)-(مت6: 28).        (2)-(لو12: 23).         (3)-(لو12: 7).
 (4)-(لو12: 6).        (5)-(لو12: 29).        (6)- (مز42 بحسب الأجبية).
يقول لك بالاسم [ لا تخف يا فلان لأنى معك ] إذا كنت أعتنى بالزنبقة والعصفورة وفراخ الغربان، فكيف لا أعتنى لك ؟!

    5- اختبر عمل اللـه فى حياة النصرة ..
اجعل علاقتك مع الله علاقة اختبار، وعندما يدخل الخوف إلى قلبك تذكر أعمال الله معك، وتحدث معه [ أنا لا أنسى يارب أنك كنت معى فى مثل هذه المواقف ..].

     6- لا تجعل سـلامك فى أفواه الناس ..
أحياناً يتحدث الناس بكلمات تفرح عندما تسمعها، وعندما يقولون عكس ذلك تشعر بالخوف .. فالإنسان بطبيعته غير ثابت لكن الله حكمه ثابت فهو القدوس ووعوده صالحة وحق وعادلة فاجعل علاقتك مع الله.

     7- اتبع الكــلام الـهــادئ ..
لابد أن يتسم البيت المسيحى بالسلام فى كلماته لأن الكلام اللين الهادئ الوديع يعطى سلاماً "الجواب اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيج السخط"(1).

     8- تجنب الرغبات الكثيرة ..
" كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضاً"(2)..
إن الرغبات الكثيرة تجعل الإنسان متذمراً أما حياة الشكر والإحساس بالاكتفاء تعطى سلاماً .. لابد أن نفرق بين الرغبات والاحتياجات "إن كان لنا قوت وكسوة فلنكتف بهما"(3)..
لا تفقد سلامك بسبب رغباتك، ويجب أن نصارح أولادنا بإمكانياتنا.                   

     9- تذكر ساعة الرحيل من هذا العالم من أجل الاستعداد وليس للخوف ..
 يوجد إنسان عندما يتذكر سـاعة الرحيل يشـعر بالقلق وآخر يستغل هذا
 (1)- (أم15: 1).        (2)-(يو4: 13).        (3)- (1تى6: 8)        
الموضوع فى حياة الاسـتعداد، وعندما يسـمع عن انتقال أحد الأحباء يقول [ أعطنى يارب حياة الاستعداد ]، "مستعد قلبى يا الله مستعد قلبى"(1).
"لأننا إن عشنا فللرب نعيش وإن متنا فللرب نموت فإن عشنا وإن متنا فللرب نحن"(2).
أهم شئ نقتنيه هو السلام الداخلى مع الله والنفس والآخرين أيضاً .. وعندما ندخل بيوتنا نشعر بالسعادة، وكذلك عندما نذهب إلى أعمالنا لأننا نتمتع بالوعد الإلهى الذى يعطى سلاماً وطمأنينة "سلاماً أترك لكم سلامى أعطيكم"(3)،"إذا سرت فى وادى ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معى"(4).             

 (1)-(مز56 بحسب الأجبية).        (2)-(رو14: 8).         (3)-(يو14: 27).
 (4)-(مز23: 4).

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم