أبونا ميخائيل .. والرسالة - للقمص جرجس توفيق

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

مرت خمسون سنة، هى عمر مجلتنا الحبيبة (رسالة الكنيسة)، وهى تساوى بالتمام السنة الخمسين لكهنوت قدس أبونا الحبيب القمص ميخائيل جرجس صليب مُصدر هذه الرسالة والراعى لها.

والمتابع لتاريخهما معاً – أبونا والمجلة- يحس أنهما حبيبان ودودان، وصديقان لصيقان .. يرسم خطواتها بحنكة بالغة، يحس مشاعرها، وينصت إلى همساتها : تنهدها، وتهللها, ويتشمم رائحة أحبارها كرائحة عطر ثمين إذا تعثرت .. يقيلها من عثرتها ..   

وإذا أسرعت الخطى .. يلهث فى أثرها فرحاناً بها .. !
والسنة الخمسون – فى لغة الإنجيل المقدس، ولاهوت الأمة الإسرائيلية – يطلق عليها "سنة اليوبيل"، حيث كان اليوبيل هو تاج النظام السبتى، وكانت السبوت قد شُرعت أساساً لراحة الإنسان وتنمية أحاسيسه الروحية(1).
ولاشك أن مجلة (رسالة الكنيسة) بقيادة قدس أبينا القمص ميخائيل جرجس قد لعبت دوراً كبيراً فى تنمية الحاسة الروحية، والثقافة المسيحية عند جمهور الشعب المسيحى فى مدينة دمنهور، وعلى مستوى الكرازة فى داخل البلاد وخارجها، وذلك واضح من عدة أمور هامة :

أولاً : الموضوعات
فقد ظلت المجلة طيلة خمسين عاماً تنشر مقالات وأعمال وقصص وأشعار ورسائل متنوعة وترجمات، لاشك أنها أثـــــــرت الثقافــــــة والمعرفــــــة المســيحيـــة ..
(1)- قاموس الكتاب المقدس.
فألهبت المشاعر، وعمقت الفهم الروحى عند القارئ الذى يتابع دوريات هذه الرسالة، ومن هذه الموضوعات :
+ موضوعات عن التوبة والاعتراف والتداريب الروحية تساعد الإنسان ليحيا حياة النقاوة.
+ موضوعات روحية تساعد على النمو الروحى من خلال صلاة وصوم، وتقرب إلى الأسرار المقدسة وغيرها.

+ موضوعات عن العقيدة، واللاهوت المسيحى الأرثوذكسى السليم.
+ موضوعات كتابية، وشرح للنصوص الإنجيلية.
+ موضوعات عن سير القديسين والشهداء.
+ موضوعات خاصة بخدمة الشمامسة من ألحان ولغة قبطية.
+ موضوعات أدبية كالقصص القصيرة والشعر الروحى الذى يهذب النفس ويرتقى بها.
+ ترجمات متنوعة فى أدبيات الآباء وأقوالهم المأثورة.
+ موضوعات عن أخبار الكنيسة.
ولاشك أن هذه الموضوعات المتنوعة بعمقها ودسامتها أثرت الناحية المعرفية، وكانت سبباً فى تنمية الإدراك الروحى، والارتقاء بالمعرفة والاحساس الدينى الراقى عند جمهور الشعب القبطى.

ثانياً : المحررون
فقد استعانت المجلة بالعديد من المحررين المتخصصين الذين يجيدون الكتابة فى جميع المجالات الروحية مثل : قداسة البابا البطريرك، والآباء المطارنة، والأساقفة، والكهنة، والعلمانيين الذين لديهم خبرة البحث والكتابة فى هذه المجالات.
ثالثاً : اشتراك الشعب فى الكتابة
ومن أجمل خصائص هذه الرسالة أنها فتحت أبوابها وصفحاتها للراغبين فى الكتابة من كافة طبقات الشعب القبطى، فعرضت لكافة الأفكار، والطاقات، وكانت مجالاً متسعاً لصقل أقلام المبتدئين، للتدرب على الكتابة والتأليف فى جميع المجالات، وعرضت لجميع المواهب التى تثرى مواد هذه الرسالة.

رابعاً : المناسبات
قامت المجلة بنجاح فى تغطية كافة المناسبات والأحداث الكنسية، وأصدرت أعداداً خاصة لكثير من المناسبات الهامة، ولم تكن بمعزل عن أحداث الكنيسة، وإنما كانت فى قلب هذه الأحداث، وفى تواصل مستمر مع كل جديد وهام فى حياة الشعب.
وإذ قد تكلمنا عن المجلة، فمن الجيد أن نتناول بالحب والتقدير صاحب هذه الرسالة الطيبة، إذ نحتفل باليوبيل الذهبى لكهنوته المبارك، وهو قدس أبينا الحبيب القمص ميخائيل جرجس الذى رسم منذ خمسين عاماً، راعياً لهذه الكنيسة العريقة .. كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بدمنهور.
والذى يتعامل – عن قرب- مع قدس أبينا القمص ميخائيل، يجده يتمتع بشخصية فريدة، غنيّة، باحثة لا تكل من العمل الجاد والخدمة الهادفة.
ونحن فى يوبيله الذهبى نتأمل معاً فيما يتمتع به قدس أبونا من صفات .. ننتفع بها، ونصيب منها بسهم على قدر احتمالنا.

المحبة الفيّاضة
ولاشك أن هذه المحبة تنبع من محبة فادينا ومخلصنا يسوع المسيح الذى قال "وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم"(1)، فأبونا محب من الدرجة الأولى، بل ويمتلئ قلبه بالحب لكل من يعمل ويتعامل معه
(1)-(يو13: 34).
وهو الذى علمنا كيف نحب، وكيف نشارك فى كل شئ، وكيف نجامل فى كل مناسبة، وكيف نعطى العزاء لكل محتاج لهذا العزاء.

احتضان الطاقات

وتنمية المواهب والمهارات .. إنها خدمة هائلة، أخرجت للكنيسة خداماً كثيرين، منهم رهبان وكهنة وأساقفة ومعلمين .. وهنا قصة حدثت معى أنا شخصياً :
فمنذ ثلاثين عاماً أو أكثر، حيث كنت أخدم بفصول التربية الكنسية .. ويوماً كنت حاضراً فى أحد القداسات بالكنيسة، قال لى أبونا ميخائيل : فلتلق عظة إنجيل هذا الصباح، فقلت له : إننى لم أخدم واعظاً قبل ذلك. فقال لى : كما تتكلم للأولاد فى مدارس الأحد .. تكلم الآن .. وذكر لى بسرعة عناصر فصل إنجيل القداس فى ذلك اليوم، وفى موعد العظة دفعنى دفعاً إلى مكان الوعظ .. وقد كان .. فمنذ تلك اللحظة أصبحت واحداً من خدام الكلمة بالكنيسة.   

 التواضع الجم
يتمتع أبونا ميخائيل بقدر كبير من التواضع حتى لأبسط الناس، وقد لمست ذلك فى شخصه المبارك منذ رسامتى كاهناً وحتى الآن .. حتى أنه منذ فترة يقدمنا – نحن أبناءه من الكهنة – على نفسه ويفضل أن يكون كاهناً شريكاً لا خديماً فى صلاة القداس الإلهى ..
أنه يقدم أولاده على نفسه، كما فعل سيدنا يسوع المسيح مع تلاميذه وغسل أرجلهم قائلاً لهم : "أتفهمون ما قد صنعت بكم ؟ أنتم تدعوننى معلماً وسيداً، وحسناً تقولون، لأنى أنا كذلك. فإن كنت وأنا السيد والمعلم قد غسلت أرجلكم فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض .. لأنى أعطيكم مثالاً .."(1).

وأخيراً ..
عندما نتكلم عن أبونا ميخائيل نحتاج إلى صفحات وصفحات، لكننا لا نملك الآن إلا أن نضرع إلى الرب أن يبارك شخصه، وأن يديم لنا محبته وكهنوته المبارك سنيناً كثيرة، وأزمنة مديدة متمتعاً بكامل الصحة والفرح .. وأن نقرأ رسالته فنتعلم الكثير والكثير. كل سنة وأنت طيب يا قدس أبونا ..
وكل سنة وأنت طيبة يا رسالتنا الغراّء ..

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم