أسئلة شبابية وإجابات كتابية - للقس انجيلوس اسحق

تقييم المستخدم: 5 / 5

تفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجوم
 

الأمراض النفسية:
س : وصلنا من الأخ (....) هل من الممكن أن يصاب المؤمن بالأمراض النفسية أو العقلية ؟ ولماذا ؟
ج : أخى الحبيب كما أن المؤمن عُرضة للإصابة بأمراض عضوية تصيب أجهزة الجسم المختلفة مثل الذى تصيب الجهاز الدورى أو الجهاز الهضمى أو الجهاز البولى أو أى جهاز آخر .. هكذا أيضاً هو عرضة للإصابة بخلل أو اضطراب فى الجهاز العصبى، ويسبب ذلك المرض النفسى ..

وبمعنى آخر بما أن الجهاز العصبى هو جهاز كسائر الأجهزة العضوية الموجودة بالجسد .. وبما أن أى جهاز أو عضو فى الجسد عُرضة للإصابة بأى مرض، فبالتالى أى إنسان مؤمن كان أو غير مؤمن لا يوجد ما يمنعه من التعرض للإصابة بأى مرض من الأمراض العصبية، وبالتالى لا يوجد ما يمنع الإصابة بأى مرض نفسى أو عقلى ..  
لكن يقول قائل : إن المرض النفسى أو العقلى يختلف عن باقى الأمراض، فالذى يصاب بأى مرض فى جسده لا يؤثر هذا المرض فى علاقته مع الله، لأنه فى كمال قواه العقلية. لكن الأمراض النفسية والعقلية تؤثر على علاقة الإنسان بالله ..
ولهذا القائل نقول بأن الخلل العقلى يبدأ فى جزء من المخ، فإذا تأثر مثلاً مركز السمع فى المخ، وأدى هذا إلى هلاوس سمعية بسببها يُصّرح المريض بأنه يسمع كلاماً وأصواتاً دون أن يكون لها مصدر حقيقى .. هذا لا يعنى أن الخلل قد أصاب مركز البصر أو مركز التفكير أو الذاكرة ..
وبمعنى آخر بالرغم من إصابة بعض مراكز المخ فإنه لا تزال هناك مراكز أخرى تعمل بطريقة صحيحة، وبالتالى لا يشترط أن المؤمن الذى يعانى مثلاً مما ذكرته أن يؤثر هذا على علاقته مع الله.
ومن جانب آخر هناك بعض الأمراض العضوية التى تؤثر مباشرة على وظائف المخ مثل غيبوبة السكر، البولينا، الفشل الكلوى، التليف الكبدى، نزيف المخ، إرتجاج المخ ... وغيرها فى مثل هذه الحالات يفقد المريض وعيه، وربما يصير فى غيبوبة كاملة فلا يدرى بما حوله.
إن المريض النفسى عامة ليس هو مجرد تعب نفسى كما يظن البعض أو مجرد كلام ودوافع داخلية أو كبت أو عقدة ... ولكنه مرض له مسبباته، وله أعراضه، وله طريقة علاجه. ويجب أن نلاحظ أنه يوجد فارق كبير بين المتاعب النفسية والأمراض النفسية.
فالمتاعب النفسية تنتج بسبب المؤثرات المحيطة بنا والتى تغير من أمزجتنا البشرية ونفسياتنا، ففى أوقات نشعر بالسعادة، وأوقات أخرى نشعر بالحزن والكآبة بسبب حدوث أمر ما غير متوقع.
وإليك مثال فى ذلك ألا وهو : الرب يسوع النموذج الكامل، ففى بستان جثسيمانى وقبل أن يُسلم للصلب قال للتلاميذ عندما ابتدأ يحزن ويكتئب "نفسى حزينة جداً حتى الموت"(1).           
 (1)-(مت26: 37، 38).

السيد المسيح فى البستان
وهذا لا يعتبر مرضاً لكنه حالة نفسية وقتية ولا تدوم ..
وإليك مثل آخر : بولس الرسول كتب للمؤمنين فى فيلبى "لئلا يكون لى حزن على حزن"(1).
وكل مؤمن مثل أى إنسان آخر عُرضة فى هذا العالم المتغير أن تتغير مشاعره من وقت لآخر من فرح إلى حزن، ومن فرج إلى ضيق، ومن هدوء إلى اضطراب، ومن سلام إلى قلق والعكس.
فمهما كانت حالة المؤمن مرتفعة لا نتوقع أن يعيش حياة مستقرة على الدوام، فهو كإنسان مُعرض لحالات من اليأس والإحباط والهزيمة.
مثل إيليا النبى الذى طلب الموت لنفسه(2).. ويونان النبى الذى قال للرب "فالآن يارب خذ نفسى منى لأن موتى خير من حياتى"(3).
وهذه كلها تعتبر حالات نفسية يمر بها أى إنسان ولا تعتبر مرضاً .. أما المرض النفسى فهو كما ذكرنا له أسبابه وأعراضه وطرق علاجه.
(1)-(فى2: 27).            (2)-(1مل19: 4).        (3)-(يون4: 3).    
ورب سائل يقول : إذن ما الفرق بين المؤمن وغير المؤمن ؟
وللإجابة نقول : إن المؤمن والخاطئ يعيشان معاً على الأرض، والكل يجتاز فى ظروف الحياة المتغيرة، وكما يتأثر الخاطئ بالظروف المحيطة به ويتغير مزاجه هكذا المؤمن أيضاً، وأن التعرض للمشاعر المتغيرة هو واحد سواء للمؤمن أو غير المؤمن، فكما يقول داود النبى "كثيرة هى نكبات الشرير"(1).           
يقول أيضاً "كثيرة هى بلايا الصديق"(2)، لكنه يضيف قائلاً "ومن جميعها ينجيه الرب".
هذا هو الفارق بين الاثنين .. فالمؤمن له الرب ومواعيده .. أما الخاطئ فماذا له ؟ يقول المختبر "طلبت إلى الرب فاستجاب لى ومن كل مخاوفى نجانى"(3).
وفى الضيقات يقول "هذا المسكين صرخ والرب استمعه ومن كل ضيقاته خلصه"(4).
وفى الشدائد يقول "أولئك صرخوا والرب استمع ومن كل شدائدهم أنقذهم"(5).
أما الشرير فأين إلهه الذى ينجيه أو يخلصه من النكبات ؟!
لنا مواعيد الرب فهو يقول "لا تضطرب قلوبكم"، "لا تهتموا بشئ".."لا أهملك ولا أتركك".."لا تقلقوا" .. "ملقين كل همكم عليه لأنه هو يعتنى بكم .. لا تخافوا"(6).. وغيرها من المواعيد الإلهية.
أما الشرير فماذا له من هذه المواعيد ؟
كما أنه لا يمكننا أن نتوقع أن تكون حياة الإنسان مؤمناً كان أو غير مؤمن .. عبارة عن نغمة واحدة لأن الوضع الطبيعى أن المشاعر تتغير بتغير الظروف وتستجيب لها .. لذلك نقول كلمة الله "فرحين مع الفرحين وبكاء مع الباكين"(7).

 (1)-(مز32: 10).        (2)-(مز34).        (3)-(مز34: 4).
 (4)-(مز34: 6).            (5)-(مز34: 17).    
 (6)-(يو14: 1)، (لو12: 29، 32)، (عب13: 5)، (1بط5: 7).
 (7)-(رو12: 15).     
لقد بكى الرب يسوع وهو فى طريقه إلى قبر لعازر، واهتزت مشاعره عندما رأى الأختين تبكيان(1).

أمــام قــبر لـعـــازر

أخيراً نقول ربما سائل يسأل : تُرى هل المتخلف عقلياً ليس له نصيب فى الأبدية السعيدة مع الرب ؟ وهل المؤمن الذى أصيب بمرض عقلى أو نفسى يحذف الله اسمه من سفر الحياة ؟
للإجابة على هذا السؤال : نحن بدورنا نسأل هل من الممكن لمؤمن أصيب بالسرطان أو الفشل الكلوى أو أى مرض يؤدى إلى الموت (جسدياً) أن يهلك أبدياً، ويحذف الرب نصيبه من سفر الحياة ؟!
أنا متأكد أن الجواب بالنفى.
هكذا أيضاً المريض بأى مرض عقلى أو نفسى لأنه لا دخل لهذا المؤمن فى إصابته بالمرض بل الرب هو الذى سمح له به ..

 (1)-(يو11: 34، 35).       
لذلك كيف يهلك ؟ وأين الضمانات الإلهية للمؤمن ؟ وأين القول "وإله السلام نفسه يقدسكم بالتمام ولتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم عند مجئ ربنا يسوع المسيح آمين هو الذى يدعوكم الذى سيفعل أيضاً"(1).
وأين كفاية عمل المسيح ؟ وهل دخول السماء مرتبط بالصحة والمرض ؟
أتركك لتفكر وتجيب بنفسك ..
"ما أبعد أحكامه (الله) عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء لأن من عرف فكر الرب أو من صار له مشيراً، لأن منه وبه وله كل الأشياء له المجد إلى الأبد"(2).  
أما من جهة المولود بتخلف عقلى فهذا لا دخل له بما حدث معه فى بطن أمه لكن لحكمة فائقة سمح الرب بذلك، ولذلك يعامله الله كطفل ولا يمكن أن يحرمه من الأبدية السعيدة.
عزيزى : ليعطنا الرب نعمة الفهم لكلمته، وليعطنا أيضاً نعمة الخضوع والطاعة له.

 (1)-(1تس5: 23، 24).             (2)-(رو11: 33- 36).

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم