مناهج الكلية الإكليريكية مادة علم النفس المسيحى (للسنة الثانية) الباب الثانى

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


الباب الثانى
المسيحية ومشاكل العصر

الإلحاد الشك الشرور الإجتماعية

بعض خصائص أساسية فى عصرنا الغش – الرشوة – عدم الأمانة

نظرة المسيحية إلى الحلال والحرام

 

مشكلات العصر

العلم والعرفان ( المعرفة )

تزداد المعرفة فى عصرنا يومابعد اخر , مما جعل شبابنا يؤمن أنه لا قيمة له فى هذه الدنيا بالمعرفة الضئيلة المحدودة ، ويرى أنه لابد له أن يتقدم فى طلب العلم ، ولا يقنع بالشهادات حتى العليا , لأنه يشعر أن العلم قد امتد والمعرفة قد زادت

لذلك يحاول كل شاب أن يرفع مستواه العلمى ليسير مع ركب العلم والمعرفة ، وقد يحصل الشاب على مؤهل عال ، ومع ذلك يشعر أنه يعوزه الكثير لكى يعيش فى عصره ، بل أنه يحتقر ذاته ويشعر بضألته فى المعرفة وخاصة عندما يواجه ذلك التقدم العلمى الجبار فى الاختراعات والكشوف العلمية بصورة لم يسبق لها مثيل فى التاريخ ... فعصرنا عصر الصواريخ ، وغزو الفضاء ، وهبوط الانسان على سطح القمر ، وغير ذلك من الانجازاتالعلمية الخطيرة

 

وفى وسط هذا التغير المفاجئ السريع ، وفى كل هذه المجالات والميادين ، يشعر شباب اليوم أنه فشيل جدا عن أن يحيط علما بكل ما حوله ، ولكنه مع ذلك يحس بالزام حيوى ، أن يكون على بعض الدراية بالعالم الذى يعيش فيه

لذلك فإنه يجد نفسه مضطرا – وهو فى عصر العلم والعرفان – أن يجرى مع ركب الحضارة ليلاحق العصر

ولقد مضى الزمن الذى كان التخصص فيه ينحصر فى ناحية واحدة ، مع الجهل بما عداها ، وأصبح يلزم المثقف ثقافة حقيقية ، أن يعرف كل ما تلزم معرفته فى ناحية واحدة ، وهى التى قد تخصص فيها ، وأن تكون له كذلك

ويضطر الى ان يرجئ بعض هذه الواجبات الى اليوم التالى ، فاذا به فى اليوم التالى يجد نفسه فى مواجهة قائمة جديدة من الواجبات والمهام لا يكاد اليوم يكفى لانجازها ، وهكذا ، كما أنه لضيق الوقت يسرع فى اعماله دون اتقان

وفى اثناء هذا كله يشعر بالقلق وعليه الرضى عن نفسه

ان العصر الذى نعيشة اليوم تسيطر فيه الامور الدنيوية على النواحى الروحية ، وتشتد فيه التيارات المادية والالحادية

 

فتصبح الحاجة ماسة للغاية إلى العودة الى أحضان الدين والكنيسة ، والتزود بالعلوم الروحية والتربية الدينية ، إذ لا يمكن للفرد أن يعيش فى خضم مشكلات هذا العصر المتغير ، الجارف بتياراته الغاتية الوافدة ، وما تغش فيه من الوان الشكوك والمبادئ الحادة وما لم يكن الفرد معتصما بالله ، ومتمسكا بالتقوى تماما يجعله فى أمان وعنية من كل تيارات البشر ، وأعاصير الخطيئة

 

لذلك فإن الدين هو العاصم للشباب من كل انواعالزلل والالحاد وملاذهم الوحيد الذى يحميهم من الفساد ، وما تحمله الخطئية من دمار للأرواح ، والنفس ، والاجساد

 

ان شبابنا الذى يعيش فى هذا العصر يواجه عهدا من المشكلات والتحديات تكفى ان نركز منها على المشكلات الاتية

 

الالحاد – الشك – الشرور الاجتماعية – الحلال والحرام . كما نحاول أن نتعرف على موقف المسيحية ازاء كل مشكلة منها

الإلحاد

الالحاد القديم ، والالحاد المعاصر

ليس الالحاد جديدا فمنذ اقدم العصور ظهر ملحدون ، وحذر منه الانبياء والقديسون

يحاول من يتمرد عن الله ، أن يخلق لنفسه تبريرا لذلك التمرد ، فهو يريد ألا يكون الله موجودا ، لأن سلطة الله – فى نظرة – تضايقه ، ويود أن يفلت منها . وقد حاول البعض أن يبرروا الحادهم عن طريق العلم – حسب ادعائهم – متطاولين على الله ، وعلى حقائق الايمان

الالحاد إذن هو انكار وجود الله ،وعدم الايمان به ، وليس الالحاد المعاصر سوى غلاف جديد للالحاد القديم ، مبعثة الأساسى التمرد على الله كسلطة ، تحد من رغبات الملحد أو الكافر . ولم يعد العلم سلاحا مناسبا يستخدمه الالحاد المعاصر للتبرير ، فقد أصبح العلم يقدم كل يوم أدله لا حصر لها عن وجود الله ، كذلك لم تعد الفلسفة قادرة على تقديم الأدله والبراهين النطقية القنعة ، بلعلى العكس أسهمت الفلسفة بدور كبير فىأثبات وجود الله

اتجه الالحاد المعاصر الى الزعم بعدم التعرض لقضية وجود الله ، واعتبار أن النسان هو كل شئ فى الوجود ، ولا يوجد كائن آخر يستطيع ن ينازع الانسان وجوده ، أو يحد من سلطته وقدراته

هكذا أثبت الالحاد المعاصر أنه الحاد أرادة وتصميم على رفض الانسان لله ، وذلك دون عقل او ادلة او براهين ، كما اثبت الملحدون المعاصرين جهلهم التام بقضية خلق الانسان الذى خلقه الانسان الذى خلقه الله على صورته كشبهه ، وأعطى له قدرات وامكانات ، وأصبح بها الانسان تاج الخليقة وسيد الكون

إن الدين وهبه الله لخير الانسان ، وخدمة الانسان ، وليسير الانسان به أفضل مما يكون بغيرة ، وقد أعلن الرب يسوع ذلك قائلا

 

" .....وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل "

( أنجيل يوحنا 10 : 10 )

 

وان الانسان الذى خلقه الله على صورته ، لا يمكن أن يطمئن فى ظل الالحاد ، أو يسعد بالكفر والجحود ، وفى هذا يقول القديس أغسطينوس

 

" يالهى سيظل القلب مضطربا ، ولن يجد الراحة الا فيك "

كذلك يترنم داود النبى هاتفا

" كم أحببت شريعتك ، اليوم كله هى لهجى ، وصيتك جعلتنى أحكم من أعدائى لأنها الى الدهر هى لى ، أكثر من كل معلمى تعقلت لأن شهاداتك هى لهجى ، أكثر من الشيوخ فطنت لأنى حفظت وصاياك "

 

( مزمور 119 : 97 – 100 )

الاسباب المباشرة للالحاد

الغشاوة الروحية ، والغشاوة الذهنية

أن نظام العالم وقوانين الطبيعة دليل ساطع وبرهان قاطع على وجود الله ، بل أن كل مايحيط بك يبرهن على وجود اله قوى ، أبدع ما فى هذا الكون من مصنوعات وخلائق ، ووضع كل شئ بحكمة وترتيب عجيب ، بل إنك نفسك برهان على وجود الخالق الذى خلقك وهو الله . لذلك فان الملحد قد أعمى الجهل والغرور بصيرته، وأدى به الكبرياء الى ان يكفر بمن خلقه

ولقد أورد العلماء مثالا مشهورا يبرهن على ان الصدفة لا يمكن ان تنتج عالما منظما هو العالم الذى نعيش فيه

كلنا نعرف عدد الحروف الابجدية فى اللغة وهى ( 28 حرفا ) . ولكى نحصل على كلمة واحدة مكونة من ثلاثة حروف مثل ( كتب ) ، علينا أن نختار أولا حرف ( ك ) ثم حرف ( ب) ... بهذا الترتيب ، فإذا طلبنا من طفل لا يعرف الحروف ولا الكتابة ، أن يلعب بيدية بالصدفه على آلة كاتبة ، فهل من الممكن أن الصدفة تجعل هذا الطفل قادرا على كتابة سطر واحد كامل مفهوم ؟ وفى كم من الزمن تستطيع الصدفة أن تجعله يكتب قصيدة كاملة أو كتابا كاملا ؟

إن مجرد التفكير فى هذا المثال يؤكد للعقل أن الصدفة لا يمكن أن تجمع عناصر هذا الكون بهذه الكيفية الرائعة التى نعيشها

التبريرات العلمية

عندما بدأ العلم يجد احتراما بين المتعلمين وأنصاف المتعلمين وجد الشيوعيون وأمثالهم فى العالم ملاذا لهم يبررون به أنكارهم لله ، وغلافا جديدا يغلفون به تبرير عم فى مهاجمة الكتب المقدسة ، والسخرية من قضية الخلق ، وتفئيد الحقائق الدينية ، بل أن جاجارين ( رائد الفضاء السوفيتى ) ، صرح بعد وصوله الى الفضاء ، أنه بحث عن الله ، فلم يجده ، وقد نال قصاصه من

لقد نسى هؤلاء الجاحدون أو تناسرا ، ما يقدمه العلم اليوم من أدلة وبراهين على وجود الله ، نعم ، أصاب أولئك القوم العمى ، أو على الأصح غطرا عيونهم بايديهم ، فلم يبصروا الله

والواقع أن العلم نفسه لم يضع نقطة نهائية ليحوئه ، وهو يشهد دائما لله ، كما يشهد أن الدين أصدق منه فى أحكامه وحقائقه ، إن اقصى ما يصل إليه ، العلم الحقيقى هو " الله "

 

أيها الابن المؤمن . لقد درست وحدة كاملة عن كتابك المقدس . وعرفت أن ما ورد فيه من الحقائق فيما يخص العلوم الطبيعية والمادية ، يبرهن على أنها حقائق مؤكده ويقينية ، ولم يستطع أحد من العلماء أو الفلاسفة أن يهدمها أو يفندها . وكلما تقدم العلم وظهرت كشوف علمية جديدة كلما تزداد يقينا فى صحة الكتاب المقدس ، وصحة كل ما ورد فيه من حقائق (*)

ومن الحقائق اليقينية الرائعة أن غاية الخلق هو التمتع بالحياة الابدية ، ولن ينال الانسان أكليل البر ، ويحصل على الأمجاد السماوية ما لم يكن قد عرف الله وأطاع وصاياه . وقد وعد الرب يسوع بذلك عندما قال

 

" وهذه هى الحياة الابدية أن يعرفوك أنت الاله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذى أرسلته " ( أنجيل يوحنا 17 : 3 )

التصور الخاطئ ليوم الدينونة

يبالغ بعض رجال الدين فى تصوير يوم الدينونة ، حتى يكاد يسطر على بعض الشباب نوع من الرهبة المفزعة لما يتخيلونه عن الآخرة المروعة . فيستمعون إلى غواية الشيطان ، بالاطمئنان إلى الاثم والخطيئة والعدوان ، مقنعين أنفسهمبعدم وجود الاله الديان ، سائرين فى طريق الالحاد والنكران

 

احذر الدوافع التى تؤدى إلى الالحاد والاباحية

إن أنسب مرحلة للتلمذه الروحية هى فترة البلوغ ، وتعتبر نهاية لفترة المراهقة بما فيها من تيارات متعارضه ، ورغبة فى النقد ، واتجاه الى التشكك . فكثيرا ما يتردد المراهق فى قبول بعض المعتقدات الدينية ، وكثيرا ما يصطبغ التدين عنده بالاهتمام بالعبادة الشكلية أو السطحية ، وما لم يكن للممارسات الدينية أثرها العميق فى الحياة الوجدانية والعقلية للمراهق ، فلن يتمكن من تسلم الايمان المسيحى الحقيقى بقبله وعقله ، ولن يكون قادرا على استيعاب الأصول سهلا لكى ينكر الله ، ويقع فريسه الالحاد ، ويكون الدافع الى ذلك أما خطيئة مستترة ، وأما تجربة خطيرة واجهها بدون ايمان ، أو مجرد الرغبة فى خلق محادثات ، من أجل الظهور والميل الى اثبات الذات

وإذا كان بعض الشبان يعتقدون أن التعبير فى مسلكهم عن الرغبات والدوافع الغريزية أمر طبيعى يتنافى مع الضغط والكبت والحرمان ، فإن الدين لا ينادى بالكبت ولا يفرض الحرمان ، ولكنه يدعو الى السمو والاعلاء بحيث تصب الغرائز نشاطها فى قنوات ساميه تتفق مع الفضيلة والأخلاق القويمة والقيم والمثل العليا

وقد كتب ج ! ، هادفيلد فى كتابة ( علم النفس والاخلاق ) فيما يخص الاباحية ، أنها مستحيله من الوجهة الاجتماعية ، وهادمة من وجهة الطب النفسى ، ومخالفة للمبدأ البيولوجى الطبيعى

النتائج المترتبة على الالحاد

فقد الاساس السليم للانسانية

ان تمسكنا بالله هو اعلان عن علاقتنا به ، وعرفان بما وهبنا اياه ، وقد ذكرنا فى الوحدة الأولى من هذا الكتاب ، أن الانسان يتمتع بمكانته الفريدة من الخليقة من خلال الكرامة التى وهبها الله له

هذه الصورة الرائعة للانسان لا يراها الملحد ، بل يرى الانسان بمنظار آخر ، فيجعله فى مرتبة الحيوان ،ويحرمه من سموه الفكرى ، ومبادئة ومثله ورجائه فى الحياة الابدية

انعدام الشعور بالاخوة الانسانية

إن الايمان بالله يجعل الانسان ابنا لله ، وان بنوتنا لله تجعلنا نشعر إن الجميع يكونون أسرة كبيرة واحدة هى الأسرة البشرية ، فالأخوة الانسانية نتاج الأبوة الالهية ، ولا يمكن أن تسود هذه الاخوة الانسانية فى ظل شريعة الغاب التى يفرضها الالحاد

الحرمان من السعادة الدنيوية والأبدية

لا شكل أنه بدون الايمان ، لن يتمتع الانسان بالامان والاطمئنان ، لان انكار وجود الله انحراف وضلال وجهل ، والاصرار عليه شر وعناد وفساد ، وليس للاشرار المصرين على شرهم ، وليس المعاندين المقاومين المفسدين ، مكانبين الابرار والقديسين فى ملكوت الله ، وإذا كان الله قد خلق الانسان حرا فإن الحرية التى وهبها الله للانسان ذات مسئولية ، وإذا لم يكن ثمة جزاء بالثواب أو العقاب ، فتمسى الحرية فسادا فى مملكة الله ، لذلك فإنه لابد من الجزاء الأخروى ، ليفصل بين قوم اختاروا لأنفسهم طريق التقوى والصلاح، وقوم اختاروا لأنفسهم طريق الجحود والالحاد

موقف المسيحية أزاء الالحاد

إن المسيحية لم تقف مكتوفة الأيدى أمام ذلك الشر ، وقد خاضت جهادا عنيفا مع الملحدين ، وواجهت أصحاب البدع والمهرطقين ، فقطعتهم عن الشركة المسيحية ، وحرمتهم من الرتب الكنسية ، مما أدى إلى قتلهم روحيا

اننا بموالاة الارشاد والتوجية ، نقى الشباب من الانزلق فى تيارات الالحاد ونيصره باخطارها ،ونعاونه فى الاصول إلى اكتمال النضج الروحى والفكرى والعقلى ، بحيث يعرف جيدا طريق الله

إن العلاج الوحيد للالحاد هو رفع علم المحبة ، وهى غاية الفضائل فى المسيحية

وتحت رأية المحبة تتم الخطوات الآتية

- نترفق مع الملحد ، ونظهر له الحب ، ونقدم له المسيح عن طريق هذا الحب ونفهمه أن هذا الحب قطرة من حب المسيح لنا ، حيث أخلى نفسه من صورة المجد والألوهية ،واتخذ شكل الانسان وطبيعته البشرية ، وقام بأعظم مبادرة حتى ينتشلنا من خطية آدم ، ومنحنا الخلاص والفداء ، " لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية " ( أنجيل يوحنا 3 : 16 )

ليس من الصواب أن نناقش الملحد ونجاوبه بحماس أو تعصب فكرى ، فإن هذا الأسلوب يتنافى مع المحبة التى نقدم له الخدمة فى ظلها ، كذلك يجب تجنب المناقشة العلمية المنطقية ، وإن كان من الضرورى أن نتزود بالخبرة وفيرة من هذه المادة ، ويمكن تقديم هدايا خاصة للملحد فى شكل مجموعة من الكتب الروحية والاجتماعية التى تعالج مشكلاته النفسية كما يمكن مساعدته ماديا ان كان فقيرا أو محتاجا

نصلى لله بحرارة وبعمق وايمان من اجل هذا الملحد المسكين الذى أضله الشيطان ، مقتدين فى ذلك بمعلمنا بولس الرسول الذى لاقى من اليهود اضطهادا كبيرا ، كان يمكن أن يملا قلبه غلا ضدهم ، وقد كتب عنهم الى كنيسة تسالونيكى : " الذين قتلوا الرب يسوع وانبياءهم واضطهدونا نحن ، وهم غير مرضين لله وأضطهدوا لجميع الناس ، يمنعوننا عن أن نكلم المم لكى يخلصوا حتى يتمموا خطاياهم كل حين ، ولكن قد أدركهم الغضب إلى النهاية "

 

( رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تسالونيكى 2: 15 و 16 )

 

إن بولس رسول الأمم العظيم يصلى من أجل هؤلاء الجاحدين ويقول

 

" أقول الصدق فى المسيح ، لا أكذب وضميرى شاهد لى بالروح القدس ، إن لى حزنا عظيما ووجعا فى قلبى لا ينقطع ، فإنى كنت أود لو أكون أنا نفسى محروما من المسيح لأجل أخوتى آنسيانى حسب الجسد "

( رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 9 : 1- 3 )

 

نقدم للملحد كلمة الله باللغة التى يفهمها ، ونتكلم بالقلب وليس باللسان ، أما كلمة الله المرئية ، فهى التى تتجسد فى حياتنا وسيرتنا حسبما يطلب منا بولس الرسول قائلا

 

" ظاهرين أنكم رسالة المسيح مخدومين منا مكتوبة لا بحبر بل بروح الله الحى ، لا فى ألواح حجرية بل فى ألواح قلب لحمية "

( رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 3:3 )

 

الشك

 

يصعب تحديد كلمة الشك فى معناها من الناحية الروحية ، أو فيما يخص أمور الدين ، إنها تعنى فى الأصل ( الوقوف بين الايمان والانكار ) ، وإن كانت فى الواقع أقرب إلى الانكار منها إلى البقين

ويرى رجال العلم أن الشك أصعب فى علاجه ، وآقسى فى نتائجة من الانكار ، فالانكار له موقفه المحدد ، أما الشك فإنه يتأرجح بين الايمان والانكار

فى العصور القديمة كان الناس بسطاء ، يقبلون الحقائق الدينية باعتبارها حقائق الهية يقينية ، فلما اتسعت المعارف ، بدأ الناس يبحثون فى كل شئ ، وامتد البحث إلى المسائل الدينية ، وظهرت طائفتان من الناس : طائفة جنحت إلى الانكار التام لجميع الحقائق الدينية ، فأنكروا وجود الله ، والكتب المقدسة ، وما ورد بها من عقائد وحقائق ، هذه الطائفة أخرى تضم أناسا ، ملأ الشك قلوبهم ، فلم يؤمنوا ، كما أنهم لم ينكروا ، كل واحد فيهم يقول كما قال توما للسيد المسيح : إنه إن لم يضع أصبعه فى أثر المسامير ويضع يده فى جنبه ، فلا يؤمن ، وما أن يرى برهان الرب ، حتى يردد مع توما قائلا : " ربى والهى "

ومن هؤلاء نفر معاند ، هم جماعة منكرون ، ولكنهم يدعون أنهم يريدون براحين الايمان ، ومع ذلك يتمسكون فعلا بعدم ايمانهم وهؤلاء لا شك ملحدون

تنهى المسيحية عن الشك ، وقد ورد فى الكتاب المقدس وبخاصة فى العهد الجديد مواقف بعلمنا فيها الرب يسوع أن نتجنب الشك ، وأن نتمسك بالايمان ، بحيث لا تتزعزع ، أو نفقد ثقتنا ورجاءنا فى الله

 

ومن أمثله ذلك موقف بطرس من تجربة السير على الماء ، فعلى الرغم من تمسكبطرس بالرب يسوع ، ورغما عن رؤيته المعجزات التى صنعها الرب ، الا أن ثقة بطرس فيه لم تكن تامة ، وقد وقع بطرس فى تجربة الشك ، عندما طلب منه يسوع أن يسير على الماء ، فنزل بطرس من السفينة كآمر الرب ، ومتى على الماء متجها الى سيده المسيح ، وبدلا من أن يركز بطرس نظره على الرب فبدأ يغرق ، وصرخ يطلب النجاة من الرب

 

" ففى الحال مد يسوع يده وأمسك به وقال له يا قليل الايمان لماذا شككت ". ولما دخلا السفينة سكنت الريح . وسجد الجميع للرب قائلين : بالحقيقة أنت ابن الله . ( اقرا انجيل متى 14 : 25 – 23 )

كذلك موقف بطرس من أنكاره لمعلمه يوم محاكمته أمام قيافا ، رغم أنه كان يزعم لمعلمه فى ليلة آلامه بأنه هو لا يشك فيه أبدا حتى ولو شك فيه الجميع

( اقرأ انجيل يوحنا 21 : 15 – 17 )

دائرة الشك

اننا نتناول موضوع " الشك " من منظار روحى نفسى دون أن نخوض فيه من الناحية الفلسفية الجدلية ، وإن كنا لا نستطيع أن نغفل الجانب الفلسفى فى الموضوع ، لكننا سنوجه اهتماما أكبر إلى أثر الشكوك فى حياة الانسان ، وكيف تفرده إلى الايمان

إن الانسان لا يمكن أن يستغنى فى حياته عن الايمان ، فالايمان هو ولدينا فى حياة يوسف الصديق مثل رائع حى عن عناية الله ومقاصده ، وكيف ظهرت فى النهاية بكيفية رائعة ، لم يكن يوسف يتوقعها على الاطلاق

ان بعض اشباب يريدون أن يكابروا ويتكبروا ، فيعلنون عدم تصديقهم بما ورد فى الكتاب المقدس . هذا الشك أمر غير مقبول ، وما على الشاب الا أن يصلى ويطلب من الرب يسوع أن ينير له الطريق ويوضح له الحق

 

 

أيها الشاب لا تسمح للشيطان أن يصور لك الشك طريقا يقودك الى ترك العشرة مع الله والابتعاد عن الايمان ، بل اجعل الشك سببا فى تعميق ايمانك وتصديقك المستنير بكلمة الله

 

إن بعض الشباب كذلك تستهويهم مظاهر العلم البراق ، فيشكون شكا علميا ، هؤلاء يحتاجون إلى البراهين العقلية الى تقودهم الى الايمان

والكتب المقدسة لا يحاول أن يقدم لنا أدلة عقلية على وجود الله ، لكنه هو نفسه كتاب الله ، وموحى به من الله ، فوجود الله أمر يديهى لا يحتاج الى برهان

ولذلك وردت الاية الاولى من الكتاب المقدس ، فى أول العهد القديم وفى مطلع سفر التكوين

 

" فى البدء خلق الله السموات والارض " ( تكوين 1 : 1 )

 

ومع ذلك ، فالبراهين على وجود الله كثيرة واكيدة ، وقد سبق أن عرفت هذه البراهين فى العام الماضى فى الصف الثانى ، وأن نظام العالم وقوانين الطبيعة دليل ساطع وبرهان قاطع على وجود الله . كما أن وجودك وتركيب جسمك وكل ما حولك يشهد بوجود الله (*)

 

المسيحية تضع أساليب معالجة الشك

ترسم المسيحية أساليب لتخليص الفرد من الشك ، نذكر منها

عدم احتقار هذا الشك ، وعدم السخرية من صاحبه ، أو الاستهزاء به ، وعدم زجره ، وعدم اتهامه بالالحاد والكفر ، وبناء على ذلك يحسن بنا أن نفتح قلوبنا ، ونواجه المشكلة بصدر رحب ونفس هادئه ، بدون تشنج أو انفعال ، متبعين فى ذلك معلمنا الاكبر الرب يسوع الذى لم يرفض توما الشاك ، ولم يطرده من دائرة النعمة ، بل اتسع قلبه ، حتى حول شكه الى ايمان عبر عنه توما بقوله : " ربى والهى وعندما أرسل يوحنا امعمدان الى السيد المسيح اثنين من تلاميذه يخبر انه بسؤال يوحنا : " .... أنت هو الآتى أم ننتظر آخر " ماذا فعل السيد المسيح ؟ هل ثار على يوحنا ووبخه توبيخا صارما ، واتهمه بالجهالة والعناد وعدم الفهم ؟ - كلا ! إن السيد المسيح فتح قلبه ورحب بتلميذى يوحنا ، وقال لهما : " .... اذهبا واخبرا يوحنا بما تسمعان وتنظران العمى يبصرون والعرج يمشون والربص يطهرون والصم يسمعون والموتى يقومون والمساكين يبشرون . وطوبى لمن لا يعثر فى " . ( انجيل متى 11: 4-6)

تعالج المسيحية الشك علاجا علميا ، وقد أعطانا الرب يسوع المثل الأعلى فى مواجهة الموقف الذى بدأ من يوحنا المعمدان – كما أوضحنا - فهو لم يناقش الشك من نواحيه العلمية والاجتماعية والتاريخية ، وهكذا ، بل قال للتلميذين أن يذهبا ويخبرا يوحنا بما رأيا وسمعا من آيات ومعجزات . هكذا نحن علينا أن نواجه الذين يشكون فى وجود الله ، بأن نريهم الله فينا ، ومحبته فى محبتنا

نتائج الايمان فى سلوك الانسان

ترتبط كل من العقيدة والحياة ارتباطا وثيقا فمن لا يعتقد بوجود اله ، لا يكتسب شيئا من القيم والمثل ... بل تحطمه الكوارث ، وتهزه الاحداث ، لا ملجأ له ولا أمان ... مصيره الانهيار

إن الله الذى خلقنا هو اله محب وحنون ، أب غفور رحيم ، أرسل لنا أبنه الوحيد ليكشف لنا عن محبته ، ورغبته فى خلاصنا وفدائنا

إن الايمان بالله يؤدى الى الراحة النفسية ، والسعادة الروحية ، الدنيوية والأبدية

العادات الشبابية

العادة : سلوك متكرر يشعر الانسان بالارتياح حتى يأخذ صفة الثبات مع استمرار الوقت قد تحدث العاده ايضا نتيجة التكرار بتقليد الآخرين والتاثر بهم ( العادات اليومية )

هى انماط معينة من السلوك يكتسبها الانسان خلال ممارسة حياته اليومية ، وهى تتكون فى غفلة من الانسان

باسيليوس الكبير : " العاده المتأملة تكتسب قورة الطبيعة "

مار اسحق : " الانواع والعادات التى عتقت فى الانسان تأخذ موطيع الطبع "

اكو 6 12 ( كل الاشياء تحل لى ولكن لا يتسلط على شئ – كل الاشياء تحل لى ولكن ليسكل الاشياء توافق – كل شئ تحل ولكن ليس كل الاشياء تبنى )

الربط يكون بين العاده ومكان معين أو شخص معين أو وقت معين

العاده ترتبط باسلوب التربية من اساليب تعويد الطفل على عادات طيبة نم الصغر

مار اسحق : " لا تترك عاده تتأسس فيك وتزيد الافكار بغير قيام

مار اسحق : " تخوف من العادات اكثر من الاعدا ان من بربى عنده عاده هو من انسان يشكل نارا بكثرة الوقود لان قوة اللاشئ تتقدم بالماده أما العاده فأنها اذا ما طالبت مره ولم تجبها الى طلبها فانك تجدها فى وقت آخر ضعيفة أما ان صنعت لها ما طلبته فانها تتقوى فى الثانية اكثر من السابقة "

مار اسحق : " العادات تشجع الالام والاعمال تؤس الفضيلة "

المثل الصينى

ازرع فكرا تحصد قولا

ازرع قولا تحصد عملا

ازرع عملا تحصد عاده

ازرع عاده تحصد خلقا

ازرع خلقا تحصد مصيرا

 

القديس ارسانيوس : ( بادر باقتلاع الحشيشة الصغيرة الى هى التوانى والا تأصلت وصارت غابه كثيرة )

 

بطرس الدمشقى : ( العادات اذا رسخت استمدت من الطبيعة قوتها واما اذا لم تمدها بشئ فهى تضعف وتتلاشى شيئا فشيئا والعاده حسنه أو يغذيها طول الوقت كما يغذى الوقود النار

لهذا يجب أن نتوخى الخير ونعمله بكل قدرتنا حتى تتكون العاده وعندئذ تعمل من تلقاء ذاتها وبلا عناء فى مجريات الامور هكذا فاز الاباء فى الامور الكبيرة عبر الامور الصغيرة )

 

بط 2 – 22 : ( كلب عاد الى قيئه وخنزيره مغتسله الى مواغه الحمأه )

قصته : قام رجل بتنظيف خنزير والبسه الهاهب والثياب الفاخرة وسار معه فى شارع نظيف – فلما الخنزير مستنقعا جرى وتمرغ فيه )

 

مار اسحق : ( كل عاده اذا سلمت لها باختيارك تصبح لك فى النهاية سيدا تسير امامه مضطر بغير اختيارك )

 

أحد الشيوخ : ( لا يوجد شئ أصعب من العاده الردئية اذ يحتاج صاحبها الى زمان وتعب كثير فى سبيل قطعها – اما التعب فهو متناول اكثيرين اما الزمن فى اقل من قضاه حتى النهاية لان اكثرهم اختطفهم الموت قبل قطع العاده )

كيف نتخلى من العاده الضاره

شفاء العند بالعند ( كسر العاده )

قوة الارادة ( استطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى ) ( هل يستحيل على الله شئ ) ( تقدمت فرأيت الرب امامى فى كل حين انه عن يمينى فلا اتزعزع )

احيانا يتم محاربة العاده بأسلوب تدريجى حتى يتم التخلص منها نهائيا ( مثل شهوة الاكل والشرب ) . دوريكثوس الناسك : ( ان النفس الواقعة تحت سيطرة بعنى العادات هى قادرة على التغلب على تلك العادات )

الانجيل ( للنسى ماوراء ونمتد لما هو قدام ) الاب نيلوس : ( اننا لن ننتفع شيئا اذا ظللنا منجذبين للخلف مستمرين فى التفكير فى الاشياء العالمية )

استبدال العاده بعاده بديله ( يو 1 – 5 بدونى لا تقدروا أن تفعلوا أى شئ ) . ( ما أضيق الباب واكرب الطريق الذى يودى الى الحياة وقليلون هم الذين يجدونه ) ( طريقى هين وحملى خفيف )

 

عادات ايجابية

التزاميه ( التوبة المستمرة – الانجيل – الاعتراف والتناول )

طموحيه ( الخدمة – الشموسية - القراءات اليوميه )

شموليه ( اجتماع الاغابى – خدمة القرى – خدمة المرضى – عمل جماعى – قداسات)

فكريه ( القراءه بتنويع مصادرها – التراث الكنسى – دراسة الكتاب ) المسابقات

اسريه اجتماعيه ( الصدق – النظام – ادب الكلام – القناعة – المحبة – التدبير )

حركيه نشيطه ( الاستيقاظ مبكرا – الرياضة – المعسكرات )

انسانيه عاطفيه ( افتقاد اليتامى والفقراء – الملاجئ )

عادات فنيه ( الرسم * التصوير – كمبيوتر )

 

العاده الشبابيه

الجنسية الذاتية حيث يمأرس الشخص الجنس ذاتيا

شكل من أشكال الاكتفاء الذاتى والانطواء والاتدار الى النفس

اسبابها : الفشل والهروب من الواقع

الخوف من السقوط فى الزنا 2- سخرية الاصدقاء واثبات الذات

مغرم بنفسه ومحب ذاته 4- الهروب من ضيق الظروف الاجتماعية

اهمال الاسرة 6- المعاشرات الرديئه

الطموحات الجنسية 8- الفراغ

 

الاضرار

ضد ارادة الله 2- تعوق التوبه

تلوث الفكر . 4- الصراع النفسى

النسيان وضعف الذاكره . 6- الخمول والكسل والاجهاد

ضعف العين . 8- كل 1 سم = 15 سم دم

قد تستمر فى الزواج وتفشله . 10 – الفشل الدراسى

روح اليأس والانهزام

 

العلاج

أعرف روح جسدك

النمو الروحى ( 2 كو 6 – 14 لا شركه للنور مع الظلمه ) ( 1 كو 6 – 15 الستم تعلمون أن اجسادكم هى اعضاء المسيح )

الطهارة ليست مستحيله ( الفكر – الحواس – السلوك )

فرصة التوبة ( سفينة نوح – احفظ جسدك طاهرا ) ( غلا 6 – 7 لانى حامل فى جسدى سمات الرب يسوع ) .

اغلق المنافذ ( جا 1 – 8 العين لا تشبع من النظر والاذن لا تشبع من السمع ).

التمسك بأ اب الاعتراف طبيب الروح

قتل الفراغ ( عقل الكسلان معمل للشيطان

ممارسة الرياضة

النظافة المستمرة

قلة الطعام

قلة الاسترخاء ( شيطان تحت الصخرة ) غلا 5 – 12 " دعيتم اليه الحرية أيها الاخوه فلا تصيروا الحرية فرحه للجسد "

التدخين

يعتبر من اكثر العادات السلبية انتشارا فى معظم الاعمار والمراحل والجنسيات

 

اضراره

يحوى سموم قاتله كالنيكوتين والقطران والزرنيخ . غاز أول اكسيد الكربون السام

امراض خطيره : الجهاز التنفسى ( السعال الديكى – الربو – السل – السرطان ) الجهاز الدورى ( القلب – تصلب الشرايين ) . - الحواس ( ضعف الحواس ) الشيخوخه المبكرة

( الشباب – يعطل النمو العقلى – قلة النشاط – الارهاق – الانحراف – ضعف الجسم عامه )

شقاء الاسره – كثرة النفقات – ضياع الوقت

متاعب نفسية – الانطواء – النقص – ابتعاد الناس – كل المجتمع ينقده

خطيه كبيرة – فساد الجسد – العبودية ( كل من يعملالخطية هو عبد للخطية )

 

علاجه

الاقتناع بالاضرار

لا تتوهم الراحه

لا تظن الرجوله فى التدخين بل فى الاراده القوية وتحمل المسئولية

ثق فى لانجاح ( 2 تى 1 – 7 الله لم يعطينا روح الفشل بل روح المحبة )

اطلب معونة الله

الاقلال التدريجى

الاقلال السريع ( الحمام الدافئ – تنظيم الوجبات – قلة الطعام – الفاكهه – الفيتامينات المياه الكثيرة – قله الشاى والقهوة – النوم مبكرا )

تجنب الاشخاص المدخنين

لا تجرب التدخين

 

الشرور الإجتماعية

تنتشر الشرور الاجتماعية فى عصرنا الحاضر فى كثير من المجالات مما يهدد بانهيار القيم وانحلال المجتمع , هذه الشرور إنما هى عصيان لله من ناحية , واساءة للمجتمع من ناحية أخرى , ولو كانت العلاقة بالله سليمة ، ما ارتكب الانسان عصيانا لأوامراه , وما أتى ضررا بأخيه

 

ولا تدخر الحكومات وسعا فى علاج المجتمع من مثل هذه الشرور , وهناك محاولات جادة من جانب رجال الاصلاح , لتجنب المجتمع ويلات هذه الشرور , عن طريق دارسة الدوافع التى تؤدى اليها ، وتوفير الوسائل الوقائية التى تمنع حدوثها وانتشارها ، وايجاد الوسائل العلاجية التى تقى المجتمع من مخاطرها وعواقبها

 

وعلى الرغم من برامج الاصلاح المتنوعة , إلا أن هذه الشرور ما تزال تتفشى فى بعض اغلمجتمعات فى عصرنا الحاضر , ومما يدعو للدهشة أن من بين من يرتشون أو يسرقون , من هم فى حالة رغدة ميسورة من العيش , كما أن بعض من يقضون فترة العقوبة , يعودون بعد انتهائها لارتكاب شرورهم ، فالعلاج إذا لا ينحصر فى مجرد سد الحاجات الانسانية , أو فرض القصاص وتوقيعالعقوبات طبقا للاجراءات القانونية

 

وإنما ينبغى أولا وقبل كل شئ توطيد العلاقة وتوثيق الرابطة بين الناس وبين الله ,كأساس للعلاقات والمعاملات بين البشر بعضهم مع البعض

 

واذا كان أهم هدف للمومن المسيحى هو الحياة البدية , فإنه لا يصبح أن يستخدم وسيلة تتعارض مع هذا الهدف الأسمى , لأن الغاية لا تبرر الوسيلة فى الحياة المسيحية , فألفاظ المرونة واللياقة والتكيف كثيرا ما تحمل وراءها معانى اللف والدوران والغش والخداع , وهذه أمور تخزن روح الله

 

وليس معنى هذا أن يكون المسيحى خشنا فظا غليظ القلب , بل على العكس لابد أن يكون لطيفا رقيقا متسامحا , الا أنه ينبغى عليه أن تكون شريفة طاهرة صريحة واضحه فى غير التواء أو محاياه أو تحيز أو مواراة , فاذا أملت ظروف ما عليه أن يستخدم وسيلة من الوسائل الشريرة التى تغضب الله , كالرشوة أو مرددا : كيف أصنع هذا الشر , وأخطئ إلى الله : ويكفى المسيحى أن يحيا المسيح فيه , وينفذ الوصية ، فيسمع الصوت الالهى القاتل

" ... نعما أيها العبد الصالح الأمين ، كنت أمينا فى القليل فأقيمك على الكثير ، أدخل إلى فرح سيدك " . ( انجيل متى 25 : 23 )

والآن نتناول بعض هذه الشرور الاجتماعية , ومجالات استخدامها , وموقف المسيحية من كل منها , ونركز على أربعة منها هى : الغش , الرشوة , والربا , وعدم الأمانة

الغش

الغش شر يجمع عدة شرور

يطوى الغش بين ثناياء الكذب والمكر والرباء ، والظلم والبغضاء ، وغباوة الجهل والكبرياء

وهناك أنواع مختلفة للغش

الغش فى الكلام ، والغش فى المعاملة ، والغش فى تأدية الامتحانات ، وشهادة الزور ، والنفاق والتملق ، والرعود الكاذبة وغيرها

 

والشرير يمتلئ غشا

يفخر به ، ويزداد فيه ، وهو سلاحه فى كل معاملاته ، " كلام فمه اثم وغش ، يتفكر بالاثم ... يقف فى طريق غير صالح ، لا يرفض الشر " ( مزمور 36 : 3 و 4 ) ، الغش فى قلب الذين يفكرون فى الشر ...( أمثال 12 : 20 )

 

وقد وردت فى الكتاب المقدس عدة نصوص فهما يخص أنواع الغش : ونذكر من هذه النصوص

كراهة الرب شفتا كذب ، أما العاملون بالصدق فرضاه ( أمثال 12 : 22 )

موازين غ ش مكرهة الرب والوزن الصحيح رضاه ( أمثال 11 : 1 )

حكمة الذكى فهم طريقة وغبارة الجهال غش ( أمثال 14 : 8 )

من يتفوه بالحق ينتهر العدل والشاهد الكاذب يظهر غشا ( أمثال 12 : 17 )

المسيحية تنهانا عن الغش

الغش شر لا يرضى عنه الله ، بل يضعه جنبا الى جنب وعلى مستوى واحد مع القتل . وقد عبر داود النبى عن ذلك فى المزمور قائلا : " ... رجل الدماء والغش يكرهه الرب " . ( مزمور 5 : 6 )

كانت حياة القديسين خاليه تماما من الغش ، فلم يمارسوه ، بل تجنبوه وقاوموه ، ونهوا عنه وعملوا على منعه ، مثال ذلك أيوب الصديق الذى أرضى الرب ، وصمم أن تكون حياته كلها بعيدة تماما عن أى شر أو اثم . وسجل ذلك فى سفره قائلا : أنه مادامت نسمتى فى ونفخة الله فى أنفى ، لن تتكلم شفتاى أثما ولا يفلظ لسانى بغش " ( سفر أيوب 27 : 3 و لقد وضع أيوب كلا من الصدق وعدم الغش مقياسا لكماله أمام الله ، فهو لم يسلك طريق الكذب ، ولم يقدم على الغش فى أى مجال ، لأنه يوقن أن الله ينظر طرقه، ويحصى جميع خطواته . ( اقرأ سفر ايوب 31 : 4 – 6 ) كذلك النبى داود لم يكن يعامل رجل الغش ، فهو يقول فى المزمور: " لا يسكن وسط بيتى عامل غش ... " ( مزمور 101 : 7 )

أعطانا السيد المسيح بنفسه وبحياته المثل الاعلى ، وقد تنبأ أشعياء النبى عنه قائلا

... أنه لم يعمل ظلما ولم يكن فى فمه غش " . ( أشعياء 53 : 9 ) . وسجل عنه بطرس الرسول : " الذى لم يفعل خطية ولا وجد فى فمه مكر ( رسالة بطرس الرسول الاولى 2: 22 )

لا يمكن للمسيحى المؤمن الذى يحيا المسيح فى قلبه ، أن يرضى لنفسه أو لغيره ، أن يسلك طريق الغش بأى نوع من أنواعه

فيما يخص الغشفى الكلام وهو الكذب بأشكاله المختلفة

أوصانا داود النبى بعدم الكذب ، وحذرنا أن المتكلم به مصيره الهلاك : " صن لسانك عن الشر وشفتيك عن التكلم بالغش " . ( مزمور 34 : 13 )

وتحرم الاديان الكذب بجميع أنواعه ، فالكذب أشد أنواع التضليل والخداع ،وشر الكذب ما كان ظاهره صادقا ، أن من ينطق بالكذب هو أبن أبليس ، فقد لقب السيد المسيح ابليس أنه كذاب وأبو الكذاب . ( اقراء انجيل يوحنا 8 : 44 )

وقد ورد فى الامثال العامة أن حبال ( أرجل ) الكذب قصيرة إذ لابد أن يتكشف أمره ولو بعد حين ، ويكلف الكذب المرء جهدا كبيرا ، إذ يضطره الى سلسلة من الأكاذيب لكى يستر كذبة واحدة صدرت عنه فى النهاية

ومتى التزم الانسان جانب الصدق ، صار من السهل عليه أن يعيش قرير العين هادئ الأعصاب ، ومتى اعتصم الانسان بالصدق فى القول ، كان ذلك درعا واقيا له من ارتكاب شرور تؤدى به الى الهلاك ، فالكذب يدفع الى مزيد من الشرور والخطايا

أما فيما يخص الغش فى المعاملة أو التدليس ، فقد نهانا الله عن الغش فى الكيل والميزان ، لأن هذا النوع من الغش ينظرى على سرقة ما للغير ، وإذا كان الغش فى الكيل والميزان والمقياس مكروها لدى الله ، فإن الوزن الصحيح الحلال موضع رضاء ، وإن التاجر الناجح الذى يحفظ كرامته ، وبرغم الناس على احترامه والتعامل معه يكون شعاره : ( الصدق فى القول ،والأمانه فى المعاملة ) ، فلا يغشى فى وضع ماركة أفضل على بضاعة أردا ، ولا يغش فى الاعلان عن بضاعته ، ولا يغش فى الوزن أو فى أى مجال يتعلق بعمله ومعاملاته

وتعنى الحكومات باصدار تشريعات عدة ، تحد فيها من الغش فى المعاملة ، كمراقبة الموازين والمقاييس واعتمادها ، وتنظيم كتابة البيانات التجارية على بعض السلع وبيان أسعارها ، كما تفرض العقوبات على ارتكاب جريمة الغش والتدليس

والغش فى تأدية الامتحانات ينطوى على خطابا الكذب ، والسرقة ، والادعاء ، مجتمعه معا فى وقت واحد ، مع خداع النفس والغير

إن الله حق ، والذين يرتبطون بالله يجب أن يكونوا صادقين أمناء ، وأشجع الناس وأشرفهم من يضحى بحياته فى سبيل الصدق وعدم الكذب وعدم الغش ، ويروى لنا التاريخ الانجليزى عن موقف سير توماس مور الذى كان وزيرا للملك هنرى الثامن ، فقد أراد الملك أن يقره البرلمان والوزراء ولو ظاهريا فى أمر لا يوافق عليه الدين ، وهدد بالموت من لا يعلن هذا الامر ، لكن توماس مور رضى أن يموت دون أن يعلن شيئا يعتقد أنه غير حق

إن هذا الموقف الذى اتخذه السير توماس مور مثال رائع للشرف وعدم الغش

لذلك فإنه من الأفضل أن يرسب الطالب فى الامتحان من أن يكون نجاحه غشا وزورا ، لأن النجاح الناتج عن الغش دون جهد ، يحتوى على فقدان الاحترام للفات ، كما أنه مصدر للخجل الدائم

 

مهما كان نوع الغش فهو شر يحزن روح الله دائما ، لذلك فإن عواقبه وخيمة فى الدنيا وفى الآخرة .

يقول داود النبى فى المزمور : " ... رجال الدماء والغش لا ينصقون أيامهم .. " ( مزمور 55 : 23 )

ويقول الوحى الالهى على لسان أرميا النبى : " لذلك هكذا قال رب الجنود هأنذا أنقيهم وأمنحتهم ، لأنى ماذا أعمل به أجل ... شعبى ، لسانهم .. يتكلم بالغش ، بفمه يكلم صاحبه بسلام وفى قلبه يضع له كمينا ، أنما أعاقبهم على هذه يقول الرب ( سفر أرميا 9 : 7 – 9 )

وقد ترنم داود النبى مطويا الرجل عديم الغش ، مسجلا أنه يحمل بركة من عند الرب

" طوبى لرجل لا يحسب له الرب خطية ولا فى روحه غش "

( مزمور 32 : 2 )

" الطاهر اليدين والنقى القلب الذى لم يحمل نفسه الى الباطل ولا حلف كذبا ، يحمل بركة من عند الرب ... " ( مزمور 24 : 4 و 5 )

الرشوة

ينظر المجتمع الى الرشوة باعتبارها جريمة كبرى ، يستحق مرتكبها أقصى العقوبات ، بل يفرض المجتمع العقوبة على كل من الرشاى ( الذى يقدم الرشوة ) ، والمرتشى ( الذى تسلم الرشوة ) ، والرشوة أما مبلغ من المال يدفع وصولا الى تحقيق مصلحة خاصة بصورة استثنائية ، أو تكون فى شكل هدايا لنفس الغرض ، وما " خلو الرجل " المعروف إلا صورة من صور الرشوة يعاقب عليها القانون ، وللرشوة صور أدبية أو معنوية بخلاف الصور المادية

 

وقد وردت بالكتاب المقدس مواقف تخص هذا الشر ( وهو الرشوة )

نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر

( أ ) فى العهد القديم

استخدمت الرشوة كوسيلة لإغراء دليلة على تملق شمشون الجبار . وكشف سر قوته وجبروته بقصد إذلاله ( اقرأ سفر قضاه 16 : 5 )

لما شاخ صموئيل , جعل ابنيه ( يوئيل , وأبيا ) قاضيين من قضاة إسرائيل ولم يسلك أبناه على نهج أبيهما , بل ما لا وراء المكسب , وأخذا رشوة وأفسدا القضاء ( اقرأ سفر صموئيل الأول 8 : 1 –3 )

( ب ) فى العهد الجديد

ضرب يهوذا الأشخريوطى أبشع مثال فى استخدام الرشوة كوسيلة من وسائل الشر , فقد أرتضى أن يسلم الرب يسوع بثلاثين من الفضة , مسلما هو نفسه للشيطان . ( أقرأ إنجيل متى 26 : 15 )

وبعد قيامة الرب يسوع من الأموات , أجتمع قوم من الحراس مع شيوخ اليهود , وتشاوروا وأعطوا العسكر فضة كثيرة برشوتهم بها , حتى يدعوا أن تلاميذ السيد المسيح فقد أتوا ايلا وسرقوه . ( اقرأ إنجيل متى 28 : 11 – 15 )

المسيحية تنهى عن الرشوة

تعتبر المسيحية الرشوة شرا يؤدى إلى إفساد المجتمع

" الملك بالعدل يثبت الأرض والقابل الهدايا يدمرها " ( أمثال 29 : 4 )

" الشريرة يأخذ الرشوة لعرج طرق القضاء " ( أمثال 17 : 23 )

يحذرنا الله من تشجيع الرشوة أو تبريرها , فقد جاء على لسان أشعياء النبى : " ويل ل... الذين يبررون الشرير من أجل الرشوة وأما حق الصديقين فينزعونه منهم " . (أشعياء 5 : 22 و 23 )

ينصحنا الرب أن نبتعد عن الرشوة وعن كل شئ : " ابتعد عن كلام الكذب ... ولا تاخذ رشوة لأن الرشوة تعمى المبصرين وتعوج كلام الأبرار " . ( سفر الخروج 23 : 7 و 8 )

المسيحية ترفض الرشوة رفضا تاما حتى ولو كانت فى سبيل الحصول على الحق ، فهى طبعا رشوة بالنسبة لمن يأخذها ، وتعتبر عملا لا يرضى عنه الله وهى ضعف ايمان بالنسبة لمعطيها ، لأنه يساعد الغير على تلقى الحرام ، كما انه ( معطيها ) لا يثق فى الرب أنه يعطية حقه فى الوقت المناسب ، بل أنه يخالف وصايا الله ، فقد أوصانا الوحى الالهى على لسان داود النبى فى المزمور

" لا تتكلوا على الرؤساء ولا على ابن آدم حيث لاخلاص عنده ، تخرج روحه فيعود الى ترابه ، فى ذلك اليوم نفسه تهلك أفكاره ، طوبى لمن ... رجاؤه على الرب الهه " . ( مزمور 146 : 3 – 5 )

" الاحتماء بالرب خير من التوكل على الرؤساء " . ( مزمور 118 : 9 )

الربا

 

الله ينهانا عن الربا

قال النبى داود : " فضته لا يعطيها بالربا ..." . ( مزمور 15 : 5 )

المقصود بالفضة فى هذا المزمور فى هذا المزمور ( النقود ) ، وقد نهى الله الانسان بلسان داود النبى عن اقراضفضته أى نقوده بالربا ، فهو ابتزاز لاموال من تعوزهم الحاجة الى الاقتراض من المرابين

إن تعاليم الكتاب المقدس زاخرة بتحريم الربا

ان أقرضت فضة لشعبى الفقير الذى عندك فلا تكن له كالمرابى ، لا تضعوا عليه ربا ( سفر الخروج 22 : 25 )

لا تاخذ منه ربا ولا مرابحه بل اخشى الهك فيعيش أخرك معك ، فضتك لا تعطه بالربا وطعامك لا تعط بالمرابحة " . ( سفر اللاويين 25 : 36 و 37 )

والانسان الذى كان بارا وفعل حقا وعدلا ... ولم يعط بالربا ولم يأخذ فرابحه وكف يده عن الجور وأجرى العدل الحق بين الانسان والانسان " ( حزقيال 18 : 5 و 8 )

ان المرابى شخص لا يعرف الله ،يعبد المال كاله ، لذلك فهو يقسو فى فرض قيمة الفائدة وشروط السداد ، مع أخذ الضمانات الكافية لأمواله على صورة وهن الممتلكات أو العقارات . لكن الله العادل يقتص من المرابى ويجازيه من نوع عمله . " ... فإن الذى يزرعه الانسان أياه يحصد أيضا . ( رسالة بولس الرسول الى اهل غلاطية 6 : 7 ) . كذلك علمنا السيد المسيح على لسان بولس الرسول قائلا : " لأن محبة المال أصل لكل الشرور الذى إذ ابتغاء قوم ضلوا عن الايمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة " . ( رسالة بولس الرسول الاولى الى تيموثاوس 6 : 10 ) فكما أن محبة الله أساس لكل الفضائل ، كذلك محبة المال أصل لكل الشرور

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم