مـعـطلات العمل الرعوى - للأنبا باخوميوس

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

" فَيَجِبُ أن يَكُونَ الأُسْقُفُ بِلاَ لَوْمٍ، بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، صَاحِياً، عَاقِلاً، مُحْتَشِماً، مُضِيفاً ًلِلْغُرَبَاءِ، صَالِحاً لِلتَّعْلِيمِ،. غَيْرَ مُدْمِنِ الْخَمْرِ، وَلاَ ضَرَّابٍ، وَلاَ طَامِعٍ بِالرِّبْحِ الْقَبِيحِ، بَلْ حَلِيماً، غَيْرَ مُخَاصِمٍ، وَلاَ مُحِبٍّ لِلْمَالِ. يُدَبِّرُ بَيْتَهُ حَسَناً، لَهُ أوْلاَدٌ فِي الْخُضُوعِ بِكُلِّ وَقَارٍ. وَإِنَّمَا إن كَانَ أحَدٌ لاَ يَعْرِفُ أنْ يُدَبِّرَ بَيْتَهُ، فَكَيْفَ يَعْتَنِي بِكَنِيسَةِ اللهِ؟. غَيْرَ حَدِيثِ الإِيمَانِ لِئَلاَّ يَتَصَلَّفَ فَيَسْقُطَ فِي دَيْنُونَةِ إبْلِيسَ"(1).
لقد أوضح بولس الرسول خلال هذه الآيات سمات للأسقف والكاهن مع الاختلافات خلال تاريخ الكنيسة ونشأة الرهبنة.  
أولاً : معطلات العمل الرعوى بسبب الخدمة

   يجب أن نضع أمامنا المبدأ "لأن الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح"(2)، ونجد ثمر متزايد فى الخدمة، فنفرح ونتعزى وأيضاً السماء تفرح وتتعزى، والله يتمجد ويحقق الهدف.

   1- عدم وضوح الهدف فى الخدمة     
   لو أردنا خدمة ناجحة تتخطى معوقات النجاح فلابد أن يكون هدف الخدمة واضح وهو خلاص النفس.
   وتنقسم الأهـداف إلى :
   أ- هدف أساسى (كسب النفوس).    
   ب- هدف معين (رسامات – مشروعات - ...).
   ج- هدف تفصيلى (جمع التبرعات - ...).

 (1)-(1تى3: 2- 6).            (2)-(2تى1: 7).
حتى لو الخدمة أخذت طابع اجتماعى لكن عملها روحى أى خدمة روحية تأخذ شكلاً اجتماعياً أو طبياً أو تعليمياً أو ....

    2- عدم وجود منهج متكامل للخدمة
سواء فى قرية أو مدينة لابد من وضع منهج متكامل لكل خدمة، ونبدأ بما نقدر عليه، فمثلاً ضع خطة للافتقاد [ كم أسرة سوف تفتقدها بنعمة المسيح خلال أسبوع ؟ بمن تبدأ ؟ ما القراءات الكتابية خلال الافتقاد ؟ لا يوجد ما يسمى الصدفة فى الافتقاد أو فى أى خدمة ].
    3- عدم وجـود رؤيـة مسـتقبلية
العائلة التى لا تُفتقد ما مستقبلها ؟!
   المشروع الذى لا يُهتم به ما مستقبله ؟!
   من الضرورى التفكير فى المستقبل إيجابياً وسلبياً، ولابد لأى عمل خدمى أن تكون له مقومات النمو المستقبلى.

    4- تفاوت المناطق فى الثقافة، فى المستوى الاجتماعى، والمستوى الاقتصادى
فى مناهج الخدمة نضع فى الاعتبار المتغيرات المختلفة التى تتناسب مع كل منطقة مخدومة .. توجد سبع ميادين للخدمة، وهى : القرية – الحضر- العشوائيات – البدو – المهجر – السجون – الكرازة، وكل منطقة لها طريقة خدمة تختلف عن الأخرى. فخدمة المهجر تختلف عن الخدمة فى مصر، والخدمة فى مطروح تختلف عن الخدمة فى دمنهور ..
الخدمة الناجحة ترتبط بطبيعة البيئة – الثقافة – الحضارة، ومعايشة للرعية.       

    5- الاحتياجات المتداخلة
فى خدمة الرعية بفروعها المختلفة نجد احتياجات كثيرة ومتداخلة، فلابد من تحديد الأولويات ثم ما يليها. ومن يدبر بيته حسناً يدبر الخدمة حسناً.

ثانياً : معطلات العمل الرعوى بسبب حياة الخادم
أساس الخدمة هو الحب والإحساس بالمسئولية مهما كانت مواهب الخادم، فالخادم ممكن يكون موهوب لكن يُغضب الرعية ويتعالى عليهم فى أبسط الأمور مثل السلام .. ومجتمعنا مع بساطته وطيبته مجتمع ناقد، ولو رصدنا تصرف كل فرد سنخسر كل الرعية، فالمحبة تحتمل كل شئ ..
وكثير من مشكلات العمل الرعوى ترجع إلى نقص المحبة سواء للعمل الرعوى أو لبعضنا البعض .. المحبة رأس مال الخادم فى نجاحه مثل ما يحدثنا عنه بولس الرسول "الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ وَلاَ تَنْتَفِخُ.وَلاَ تُقَبِّحُ وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا وَلاَ تَحْتَدُّ وَلاَ تَظُنُّ السُّؤَ. وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ.وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَداً .."(1).
   والراعى المحب من ملامح محبته :

     1- التخلى عـن الــذات      
الذات لابد أن ندوسها تحت أرجلنا "أنتم مكرمون وأما نحن فبلا كرامة"(2)، التخلى عن الذات يجعلنى أكسب الناس، ولا أهتم بما يقدم لى من احترام "إذا أراد أحد أن يكون أولاً فيكون آخر الكل وخادماً للكل"(3).
مشكلات الكنيسة فى أكبر أو أصغر صورها بسبب الذات، فمثلاً فى بداية الخمسينات من القرن الماضى نشأ فى الكنيسة رأيين هل الرهبان يخدموا أم لا ؟ وانقسمت الآراء بين فريقين، وكل فريق تمسك برأيه وعضده بكتابات، ومن خلال مقالات ..

    2- بلا لـوم (قـدوة)
"كن قدوة للمؤمنين فى الكلام فى التصرف فى المحبة فى الروح فى الإيمان فى الطهارة"(4).. من الضرورى أن يتسم الراعى بثلاث سـمات رئيسية :

 (1)-(1كو13: 4- 8).        (2)-(1كو4: 10).        (3)-(مر9: 35).
 (4)-(1تى4: 12).

الراعى الصالح
[ تائب – مواظب على وسائط النعمة – قدوة حسنة ] حتى لا تقع عليه ملامة من الناس أو من الله ..
القدوة تجعل الراعى محتشماً كما نؤمن بما يسمى (قيود الإنجيل) ليس مع الرعية فقط بل أيضاً فى منزله وسط أولاده بالجسد هم نموذج وقدوة لهم.
أحياناً بيت الكاهن لا يعبر عن البيت المسيحى .. إذا كان الكاهن بلا لوم فزوجته وأولاده أيضاً يجب أن يكونوا هم أيضاً بلا لوم سواء فى السلوك – المظهر– قيود الإنجيل.

    3- بـاذلاً
بذل ربنا يسوع ذاته من أجل الآخرين، ومن الخطايا التى تزحف إلينا خطية محبة الراحة تحت مسمى (الظروف الصحية – كبر السن) .. عدم الاهتمام بالبذل يسبب عدم نجاح الخدمة فى الافتقاد مثلاً لو لم يؤمن الكاهن بالبذل سوف تظهر له ظروف خاصة تعطله خلال الأيام التى خصصها للافتقاد مثل مشكلات الرعية (ارتداد – انحراف - ...)، وأيضاً أنشطة الخدمة (كورال – مهرجان - ...) ينبغى أن يخرج الكاهن من الكنيسة، ويفتقد الرعية، ولا يكتفى بحضورهم فقط إلى الكنيسة.
موسى النبى ترك قصر فرعون ونزل ليتفقد سلامة إخوته(1)، ويوسف الصديق حمل الطعام لإخوته بينما هم يدبرون له مكيدة ليتخلصوا منه، وربنا يسوع كان نموذجاً لنا فى البذل "لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً فى شبه الناس"(2).

    4- صالحاً للتعليم
الكاهن متعلم وأيضاً صالح للتعليم .. يوصل المفاهيم الروحية بطريقة محبة للمسيح، ولازم يهتم بتعليم رعيته من خلال عظة القداس – الاجتماعات المتخصصة – الافتقاد – الخدمة الفردية .. "بل قدسوا الرب الإله فى قلوبكم مستعدين دائماً لمجاوبة كل من يسألكم عن سـبب الرجاء الذى فيكم بوداعة
 (1)-(خر2).                (2)-(فى2: 7).
وخوف"(1).
ومن خلال التعليم تحب الرعية ربنا يسوع – السماء – القديسين، وسيرهم، وكثيراً ما يرتبط الناس برينا عن طريق سير القديسين. ومن الضرورى أن ينظر الكاهن إلى موقع التعليم فى كل خدمة للرعية .. التعليم الذى يثّبت إيمان الرعية، ويفرحهم، ويتوبهم.

    5- الاهتمام بحياته الروحية
من الضرورى أن يهتم الكاهن بصلواته – تأملاته – فترات الخلوة – الأصوام – القراءات ..
من العار أن ينصح الكاهن أبناءه بأن مشاكلهم تُحل بالصلاة وهو لا يصلى .. ليكن المذبح ملجأ للصلاة، كذلك الأمانة مع آباء اعترافنا مهما كبرنا لابد أن نكون أمناء معهم.

    6- حكيماً
طلب سليمان من الله أن يعطيه قلباً فهيماً حكيماً ليحكم بين الشعب .. من المهم أن نطلب المشورة .. نرجع للأكبر منا ونأخذ مشورته .. إنه إحساس عميق بقيمة النفس البشرية.

ثالثاً : معطلات العمل الرعوى بسبب علاقته بإخوته الكهنة
يتحلى الكاهن فى تعامله مع إخوته الكهنة بالحب والتخلى عن الذات، ونشترى السلام فى الخدمة وعدم العثرة بأى ثمن، والعثرة مسئوليتها خطيرة "وَمَنْ أَعْثَرَ أَحَـدَ هَؤُلاَءِ الصِّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ الرَّحَى وَيُغْرَقَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ. وَيْلٌ لِلْعَالَمِ مِـنَ الْعَثَرَاتِ. فَلاَبُدَّ أَنْ تَأْتِيَ الْعَثَرَاتُ وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي بِهِ تَأْتِي الْعَثْرَةُ"(2).
الكاهن مع إخوته الكهنة قلباً واحداً .. لا تنام لو شعرت أن الكاهن معك غير متفق معك .. حفظ وحدانية الخدمة أهم بكثير من المشروعات.
كهنة الكنيسة لهم قلب واحد وفكر واحد ومنهج واحد .. كل واحد عنده موهبة لبنيان جسـد المسـيح والكهنة بمواهبهـم يكملوا بعضهم " هكذا نحن
 (1)-(1بط3: 15).                (2)-(مت18: 6، 7).
الكثيرين جسد واحد فى المسيح وأعضاء بعضاً لبعض كل واحد للآخر ولكن لنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا"(1).
أيضاً علاقة أسرة الكهنة مع بعضهم .. الزوجات والأبناء يعلنوا للرعية صورة المسيح المفرحة من خلال علاقات المحبة الأسرية مع أسر الكهنة .. وإحساس الكاهن أن نجاحه هو نجاح لإخوته ونجاح إخوته الكهنة هو نجاح له .. كذلك علاقة الكاهن بالأب الأسقف علاقة حب وخضوع وتفاهم وطاعة، والرعية ترى مظاهر العلاقة وتتأثر بها.
لا تنخدع بعلمانى يظهر لك إنه يحبك أكثر من الأسقف، ولا تضع سلامك فى أفواه أحد الناس. والأب الأسقف يحفظ للكاهن كرامته أمام الرعية، والأب الكاهن يحفظ كرامة أبيه الأسقف أمام الرعية وإن حدث أمر يحتاج إلى تفاهم يتم الأمر فى سرية تامة حتى لا يُعثر أحد من الرعية.

رابعاً : معطلات العمل الرعوى بسبب الرعية
1-    التفرقة فى المعاملة .. لذلك ينبغى أن تكون محبتك للجميع بلا تفرقة [ لا يكن لك جماعة مختارة حسب وصية يوم الرسامة ].
2-    اليأس من خلاص النفوس .. لذلك ضع هدف خلاص النفوس أمام عينيك ولا تيأس من خلاص إنسان مهما كان عنيداً "لم أفتر عن أن أنذر بدموع كل واحد"(2)، ولا تسمح بأن تُفرط فى أى نفس مهما كانت الأسباب.
3-    الحديث عن الآباء الكهنة أمام الرعية .. لذلك يجب أن تحذر من أن تتكلم عن أحد من إخوتك الكهنة أمام الرعية.  
4-    عدم الصلاة من أجل الرعية.
5-    العثرة وعدم السلام.
6-    التعالى فى التعامل مع الرعية، فالقديس أغسطينوس يقول [ أذكر يارب عبيدك سادتى ].    

 (1)-(رو12: 5، 6).            (2)-(أع20: 31).

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم