+ صارت أجسادهم هياكل للروح,
وعقولهم دشنت كنائس.
صلواتهم صارت مجامر بخور,
ودموعهم عطرًا ذكيًا.
+ تنهداتهم تقدمات,
وتسبيحهم فرح ومسرة.
مراثيهم جواهر ثمينة,
وطهارتهم حجر كريم.
+ أنسكبت الدموع من عيونهم.
فردوا المخاطر عن الأرض.
ولما صعدت تضرعاتهم إلى فوق
فاضت الأرض بالبركات.
+ ليس منهم من يفكر في قوت أو غذاء
فهم دائمًا يحيون بالرجاء
وليس من يطلب الكساء
فقد صار لهم الإيمان رداء.
+ ولا من يستهويه مال العالم
فقد صار كنزهم في السماء.
لم يوجد بينهم من يفكر في قنية,
فرجاؤهم وحده هو الفردوس.
ولأنهم تجردوا من حطام الدنيا,
لم يذهب منهم أحد للقضاء.
+ ليس بينهم تطاحن ولا عراك,
لأنهم ملكوا المحبة فسكنت بينهم.
ليس من يكره قريبه أو يبغضه,
لأن ألفة القلوب وحدت بينهم.
+ طردوا الحسد من وسطهم
لأنهم لم يطمعوا في ثراء
ليس من يحنق على قريبه
لأن جهدهم انصب على الباقيات
ولا من يغضب على أخيه
لأنهم تخلوا عن الأرضيات.
فقد صاروا خلائق روحانية,
وإن وجدوا بين الأرضيين.
وشابهوا الملائكة السماوية,
وإن عاشوا بين البشريين.
+ لم يثقلوا أنفسهم بمحبة العالم وقنيانه,
ولا سمحوا لمحبة المال أن تخنق إرادتهم.
فالذهب عندهم كالروث,
والثروات حسبوها كالتراب.
+ لقد طرحوا عنهم كل الشهوات,
وقمعوا أجسادهم تحت نير الأصوام.
داسوا على رأس الشيطان,
فلم يقدر أن يمسكهم في شباكه.
حطموا قيود الخطية,
ففقدت سلطانها عليهم.
+ بات الشيطان تحت أرجلهم مذبوحًا,
لأنه لم يقدر أن يصرعهم بأسلحته.
ربطوه وطاروا أحرارًا,
ولم يقدر أن يصطاد أرجلهم بحبائله.
ولشدة تعذيبهم له، صرخ مغلوبًا
لأنهم أفلتوا من فخاخه.
صار يزعق مولولًا تحت أمشاط جهادهم الحديدية,
لأنهم أذلوه بأتعاب كدهم ونسكهم.
+ لازمه الخوف والرعب على الدوام,
لأنهم قيدوا حركته بطول أسهارهم.
أضعفوه وصاروا هم أشداء,
وصلواتهم صارت له كسياط الجلادين.