"يوم تأكل منها موتًا تموت " (تك 2: 17).
كان الموت هو العقوبة الأساسية للخطية.
والكل قد خضع له، مات آدم وحواء، ومات كل نسلهما، وسيموت النسل الذي يولد فيما بعد. ويظل الموت إلى أن ينتهي هذا العالم.
ويقول الكتاب إن "آخر عدو يبطل هو الموت" (1كو 15: 26). يحدث هذا في نهاية العالم، حينما تتغير طبيعتنا في القيامة العامة ونلبس الحياة، أو كما يقول الرسول "هذا المائت يلبس عدم موت" (1كو 15: 53). عندئذ فقط نقول له "أين شوكتك يا موت؟!".. أما قبل هذه القيامة، فتظل شوكة الموت في أجسادنا جميعًا.. نتيجة لخطيئة آدم وحواء..
* ولكن لم يكن ممكنًا أن يموت أبوانا في التو واللحظة..
وإلا تكون البشرية كلها قد انتهت وزالت، ويكون الشيطان قد أنتصر في المعركة انتصارًا ساحقًا، ولا يكون هناك خلاص، الخلاص الذي أعده الرب لآدم وبنيه..
لذلك تأجل هذا الموت إلى حين، ريثما تلد حواء بنين وتربيهم. لأنه فيما بعد سيأتي من نسل المرأة من يسحق رأس الحية، ويطلب ويخلص ما قد هلك.
* ومع تأجيل هذا الموت الجسدي، كانت هناك أنواع أخرى من الموت، تم بعضها في التو واللحظة
هناك الموت الروحي، وكما قال القديس أوغسطينوس [موت الجسد هو انفصال الروح عن الجسد. أما موت الروح، يفهو انفصال الروح عن الله]..
ولهذا أعتبر الكتاب أن الخطية موت، فقال الأب عن ابنه الضال "ابني كان ميتًا فعاش" (لو 15: 24) . وقال الرب لملاك كنيسة ساردس " إن لك اسمًا إنك حي، وأنت ميت" (رؤ3: 1) . فالخطية موت روحي، لأنها تفصل الإنسان عن الله، لأنه لا شركة للظلمة مع النور..
* وآدم وحواء قد ماتا هذا الموت الروحي يوم أكلا من الشجرة، وماتا أيضًا موتًا آخر أدبيًا:
في هذا الموت الأدبي، ضاعت كرامة هذا الإنسان الأول، وفقد الحالة الفائقة للطبيعة التي خلق عليها كما سنشرح في النقاط المقبلة.. وأكبر تعبير على هذا الموت الأدبي، أن الله طرده من الجنة. وعبارة "طرد" تعنى كثيرًا من جهة الموتين الأدبي والروحي. على أنه من جهة هذين الموتين، ظل الله يعمل عملية إقامة من الأموات بالنسبة إلى آدم وبنيه، لكي يرجعهم إلى رتبهم الأولى، ولكي تتم مصالحة بينهم وبين الله. ولكن الأمر كان يتوقف على مدى الاستجابة الفردية لعمل النعمة في كل إنسان على حدة..
* بقى الموت الأبدي، وهو أخطر ما في حكم الموت: وهو الذي خلصنا منه المسيح بالفداء، حين مات عنا.
ولكن آدم وحواء وبنيهما جميعًا، ظلوا تحت حكم الموت في كل العصور السابقة للفداء. وكان كل الذين يموتون، يذهبون إلى الجحيم. والمؤمنون منهم، الراقدون على الرجاء، يرتلون مع داود "أنك لا تترك نفسي في الجحيم، ولا تدع قدوسك يرى فسادًا" (مز 15: 10)
ولأن الخطية حرمت الإنسان من الحياة، وأوقعته في الموت، لذلك رأينا أمرًا خطيرًا قد صدر من الله "وأقام شرقي جنة عدن الكاروبيم، ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة" (تك 3: 24).