فالصليب هو موضع الحب الإلهي للبشرية جمعاء
، حيث أظهر الله قمة محبته لنا فبذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية (يو 3 : 16).
العيد الثاني للصليب فيأتي يوم 10 برمهات وهو تذكار عودة الصليب المقدس على يد الإمبراطور هرقل في سنة 627 ميلادية.
وقصة هذا العيد تعود إلى وقت انتصار هرقل على الفرس في مصر وتسببه في هروبهم إلى بلادهم، وفي هذا الطريق مروا بالقدس فرأى أحد أمراءهم ضوءاً ساطعاً يشع من قطعة خشبية موضوعة على مكان محلى بالذهب في كنيسة القيامة التي شيدتها الملكة هيلانة. وحينما حاول هذا الأمير أن يمد يده ليأخذ هذه الخشبة خرجت منها نار وأحرقت أصابعه. وحينما سأل عن قصة هذه الخشبة أخبره المسيحيين أنها من الصليب المقدس، وحكوا له عن أمر اكتشافها، وأخبروه أنه لا يستطيع أحد أن يمسها إلا إن كان مسيحياً. فقام بإعطاء بعض الأموال للشماسين القائمين بحراستها، فوضعوها في صندوق، وحملوها له، وذهبا بها معه إلى بلاده.
وحينما سمع هرقل ملك الروم بذلك ، ذهب بجيشه إلي بلاد الفرس وحاربهم وخذلهم وقتل منهم كثيرين. وجعل يطوف في تلك البلاد يبحث عن هذه القطعة فلم يعثر عليها. لأن الأمير كان قد حفر في بستانه حفرة وأمر الشماسين بوضع هذا الصندوق فيها وردمها ثم قتلهما. ورأت ذلك إحدى سباياه وهي ابنة أحد الكهنة، وكانت تتطلع من طاقة بطريق الصدفة فأسرعت إلى هرقل الملك وأعلمته بما كانت قد رأته فقصد ومعه الأساقفة والكهنة والعسكر إلى ذلك الموضع. وحفروا فعثروا علي الصندوق بما فيه فأخرجوا القطعة المقدسة في سنة 628 م ولفوها في ثياب فاخرة وأخذها هرقل إلى مدينة القسطنطينية وأودعها هناك.
آه أيها المصلوب ، ما أروعك؟! لقد صار صليبك لنا قوة : ليحول مرارة حياتنا إلى عذوبة ، ليحول فساد طبيعتنا إلى طبيعة جديدة مقدسة ، ليحول نتن أجسادنا إلى أجساد نورانية خالدة.
آه أيها المصلوب، ما أعظمك؟! لقد صار صليبك لنا نصرة : ننتصر بها على إبليس بمكائده ، ننتصر بها على العالم بشهوته ، ننتصر بها على الخطية بقسوتها وأوجاعها.
آه أيها المصلوب ، ما أرحمك؟! لقد صار صليبك لنا عبرة : نتعلم منه الحب ، فقد انسكبت منه قمة الحب، منك لنا، لقد أحببت الجميع حتى صاليبك ، علمت شهدائك أن يحبوا قاتليهم ، ونحن أن نحب حتى أعدائنا.