" وجد كلامك فأكلته فكان كلامك لى للفرح ولبهجة قلبى(1).
تمهيد
أصدقائى بنعمة المسيح سنتابع معاً فى هذا العدد الدراسة الكتابية ثلاثية المحاور :
(شخصية- معجزة - مثل كتابى)
هدفها الرئيسى تقديم فضيلة حياتية كتابية.
وفى هذا العدد سنتابع معاً ..
فن الرجـوع إلى اللـه
من خلال دراستنا لكل من :
1- شخصية داود النبى.
2- معجزة شفاء بارتيماوس الأعمى.
3- مثل الخروف الضال.
ولكننى فى البداية أشير عليكم أن نقرأ الكتاب المقدس من خلال الشواهد المذكورة لكى تأتى الدراسة بثمارها المرجوة ..
شبع بالمسيح .. نمواً فى المعرفة الكتابية .. فرح وبهجة قلبية
كما يسعدنا اشتراكك فى المسابقة التى نعرضها فى النهاية، فهى تطبيق يساعدنا على اكتمال الاستفادة.
أولاً : شــخصية داود
الشاهد الكتابى : (1صم16- 31)، (2صم)، (1مل1، 2).
معنى الاسم : اسم عبرى معناه "محبوب".
الأسـرة :
الأب : يسى.
الإخـوة : سبعة أكبر من داود فلقد كان أصغر إخوته وترتيبه الثامن بينهم.
(1)-(أر15: 16).
محل الميلاد : مدينة بيت لحم.
السبط : يهوذا.
ملامحه الشخصية : أشقر مع حلاوة العينين وحسن المنظر(1) .. جبار بأس ورجل حرب وفصيح ورجل جميل والرب معه(2).
العمـل :
1- راعى غنم. 2- موسيقار. 3- شاعر.
4- نبى. 5- ملك. 6- قائد حرب.
سيامته ملكاً :
داود هو ثانى ملوك إسرائيل، ولكنه أول ملك حسب قلب الله مثلما قال الرب لصموئيل النبى بعد أن رُفض شاول وأراد أن يمسح ملكاً آخر عوضاً عنه "لأنه ليس كما ينظر الإنسان لأن الإنسان ينظر إلى العينين وأما الرب فإنه ينظر إلى القلب"(3).. وقد مُسح داود ملكاً ثلاث مرات :
المرة الأولى : بيد صموئيل النبى فى بيت أبيه يسى، وبين إخوته فى مدينة بيت لحم .. وكان ذلك سراً لأن شاول كان هو الملك.
المرة الثانية : بيد رؤساء يهوذا فى حبرون على سبط يهوذا فقط .. مدة سبع سنوات ونصف السنة.
المرة الثالثة : بيد رؤساء إسرائيل فى حبرون ملكاً على كل أسباط إسرائيل مدة ثلاثة وثلاثون سنة.
فلقد مَلك داود وعمره ثلاثون سنة ومَلك لمدة أربعين سنة.
السمات الرئيسية لداود النبى
كان قلب داود حسب قلب الله، فلقد امتلك داود قلباً قوياً فى الإيمان .. المحبة، والتوبة.
(1)-(1صم16: 12). (2)-(1صم16: 18).
(3)-(1صم16: 7).
أولاً : قلب قوى فى الإيمان
الشاهد الكتابى : (1صم17) ظهرت قوة إيمان قلب داود فى :
1- غيرة على مجد اللـه
إذ ذهب داود بالطعام لإخوته وهم فى الحرب مع الفلسطينيين .. سمع جليات يعيّر الشعب فتكلم داود مع الرجال الواقفين قائلاً "من هو هذا الفلسطينى الأغلف (غير المختون) حتى يعيّر صفوف الله الحى"(1).
2- ثـقـة فى عمـل اللـه
أخبر الرجال شاول الملك بكلام داود فأمر بإحضاره، ورآه شاول غلاماً صغيراً بينما جليات رجل حرب منذ صباه فاعترض عليه لضعفه ورقة شخصه فقص له داود قصة إنقاذه للشاة من فم الأسد وقتله للأسد والدب.
وفى ثقة قال له "الرب الذى أنقذنى من يد الأسد ومن يد الدب هو ينقذنى من يد هذا الفلسطينى"(2).
3- نُصرة باسـم اللـه
لم يرتد داود ملابس ولا أمسك بعدة الحرب التى أعطاها له شاول الملك بل احتفظ برمحه وأعطى الرجال الذين معه خمسة حجارة ملساء اختارها بنفسه من الوادى وتقدم داود أمام جليات الذى سخر منه قائلاً :
"ألعلى كلب حتى أنك تأتى إلى بعصى"، ولعن جليات إله داود ولكن داود أجابه فى شجاعة "أنت تأتى إلىّ بسيف وبرمح وبترس وانا آتى إليك باسم رب الجنود"(3).. وباسم الرب مد داود يده وأخذ حجراً ورماه بالمقلاع فضرب جليات فى جبهته فسقط على وجهه فتقدم منه داود ووقف عليه وأخذ سيفه وقتله به.
وبهذا القلب القوى فى الإيمان خلّص الله شعبه من تعييرات جليات الفلسطينى.. حقاً إن "اسم الرب برج حصين يركض إليه الصديق ويتمنع"(4).
(1)-(1صم17: 26). (2)-(1صم17: 37).
(3)-(1صم17: 45). (4)-(أم18: 10).
داود وجليات الجبار
داود يقطع طرف جبة شاول
ثانياً : قلب قوى فى الحب
الشاهد الكتابى : (1صم24) بعد قتل داود لجليات شعر بالخوف من داود لأن الله معه بينما الله قد فارقه .. فبدأ يطارد داود، وفى إحدى مطارداته لداود فى كهف بمنطقة عين جدى برز قلب داود القوى فى الحب عندما :
1- لم ينتهز فرصة الانتقام
دخل شاول كهفاً ليستريح ولم يكن يعلم أن فى داخله داود ورجاله، فعندما رآه رجال داود قالوا لداود "هوذا اليوم الذى قال لك عنه الرب هأنذا أدفع عدوك ليدك فتفعل به ما يحسن فى عينيك"، فقام داود وقطع طرف جبة شاول سراً. ولكن قلبه الممتلئ حباً أكله لأنه مد يده وقطع طرف جبة شاول مسيح الرب (الممسوح ملكاً بيد صموئيل نبى الله) كذلك وبخ داود الرجال على كلامهم بالانتقام، وظل ساهراً يحرس شاول فى نومه حتى لا ينتقم منه الرجال.
2- انتهز فرصة العتاب
خرج شاول من الكهف وجرى داود وراءه وخر على وجهه وسجد أمامه موضحاً أنه كان بإمكانه التخلص منه لكنه لم يستطع لأن شاول فى نظره مسيح الرب وقال له داود فى اتضاع الحب "وراء من أنت مطارد وراء كلب ميت وراء برغوت واحد"(1).
وحينئذ رفع شاول صوته وبكى متأثراً بمحبة قلب داود، وقال له :
"أنت أبر منى لأنك جازيتنى خيراً وأنا جازيتك شراً .. الرب يجازيك خيراً عما فعلته لى اليوم هذا"(2).
هكذا أحب داود عدوه شاول منفذاً وصية الحب "أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم"(3).
ثالثاً : قلب قوى فى التوبة
الشاهد الكتابى : (2صم11- 12) أرسل رئيـس جيشه وعبيده للحرب ضد
(1)-(1صم24: 14). (2)-(1صم24: 17، 19). (3)-(مت5: 44).
بنى عمون فحاصروا مدينتهم (ربة) أما داود فظل فى أورشليم وسقط داود فى خطية الزنا مع امرأة أوريا الحثى حينما استسلم للكسل والتراخى، ولم يذهب للحرب، فرأى من على سطح بيته امرأة أوريا تستحم، وكانت جميلة المنظر، فأرسل إليها وزنى معها.
خطوات السقوط فى الخطية
1- تبدأ بالكسل والتراخى
لم يسقط داود فى الزنا حين كان شاباً يرعى الغنم ولا حين عمل لدى شاول، ولا حين كان مطارداً منه، ولا حين كان ملكاً على سبط واحد، ولكنه زنى عندما استرخى ولم يذهب للحرب.
يقول ماراسحق السريانى [ تراخى أعضاء الجسد يتبعه هيام الأفكار وتشتيتها ].
داود يرى بتشبع وهى تستحم من قصره
2- استجاب لشهوة الجسد
لقد شلت الشهوة كل داود (نفسه، روحه، عقله)، فلقد نسى أنه مسيح الرب ونبيه .. كما أنه فى وقت حرب وعليه أن يحارب حروب الرب .. كذلك زنى مع امرأة متزوجة كاسراً الشـريعة التى كانت تقضى بقتل الاثنين(1) .. وأيضاً
(1)-(لا10: 20).
خان بطلاً أميناً يدافع عن مجد الله وهو أوريا الحثى.
لذا يقول بولس الرسول لأهل روميه "إذاً لا تملكن الخطية فى جسدكم لكى تطيعوها فى شهواته"(1).. إذ يليق بنا أن نلجم اللذة الجسدية خاصة النابعة عن مصدر غريب غير شرعى ولا نتركها متسيبة لنروضها ولا نتركها تتحكم فينا.
إحذر فهـل أنت أقـوى من داود ؟
3- وقع فى سلسلة من الخطايا
إذ أخبرته بتشبع امرأة أوريا بأنها حملت منه .. بدأ داود يستخدم كل وسيلة بشرية لإخفاء جريمته، فدعا أوريا من الحرب وطلب منه أن يدخل بيته ليستريح، ولعلها وسيلة لممارسة العلاقة الجسدية مع زوجته ولكن أوريا رفض دخول بيته حباً فى الله وداود وشعبه، وتكريماً لإخوته الذين فى الحرب .. وحتى بعدما أسكره داود رفض أن يدخل بيته ..
ثم طلب داود من أوريا أن يحمل رسالة إلى يوآب توصى بأن يضعه فى مقدمة الحرب ليموت على يد الأعداء، وهكذا قادته الشهوة إلى الخداع ثم إلى القتل.
ويوضح لنا القديس يعقوب الرسول مراحل السقوط فى الخطية "ولكن كل واحد يُجرب إذا انجذب وانخدع من شهوته ثم الشهوة إذا حبلت تلد خطية والخطية إذا كملت تنتج موتاً"(2).. وما فعله داود قبح فى عينى الله رغم أن داود جاهد كثيراً لمجد الله، لكن الله لا يتستر على الخطية ولا يقبلها فهو ينتظر توبة داود .. لقد أرسل الله لداود ناثان النبى ليتوّبه ..
(أ)- روى له قصة الرجل الغنى الذى رفض أن يذبح إحدى نعاجه لضيفه واغتصب نعجة جاره الفقير التى اقتناها لنفسه ورباها، فحمى غضب داود قائلاً "حى هو الرب أن يقتل الرجل الفاعل ذلك ويرد النعجة أربعة أضعاف" ..
أجابه ناثان النبى "أنت هو الرجل".
(ب)- أخبره بتأديبات الله له فالسيف لن يفارق بيته ومثلما فعل الزنى سيفعل الزنى علنا فى بيته ومع نسائه.
(1)-(رو6: 12). (2)-(يع1: 14، 15).
وكانت العقوبة قاسية لداود لأنه قائد ويليق به أن يكون مثالاً حياً لشعبه لذا فلقد صارت عقوبته مضاعفة فالعقوبة ليست ثمناً معادلاً للخطية لكنها تأديب لإصلاح المخطئ ومن حوله، وتختلف حسب ظروف كل إنسان.
تـوبة داود
1- لم يقدم مبررات إذ شعر أنه أخطأ بلا عذر.
2- حسب خطيته ضد الله نفسه وليست ضد أوريا أو بثشبع ولم يخجل كملك ونبى أن يعترف لله فى حضرة ناثان النبى "قد أخطأت إلى الرب"، وهكذا شعر بمرارة الخطية داخله كقول ماراسحق السريانى [ تذكر أن كل لذة يتبعها غثيان ومرارة كصديقين متلازمين ].
لذا جاءت إجابة ناثان النبى تعلن حب الله وفرحه بتوبة داود "الرب قد نقل عنك خطيتك لا تموت"، ولأنه جعل أعداء الله يشمتون، فابن الخطية سيموت.
3- فى توبته سجل لنا مزامير التوبة ومن أشهرها (مز51) "ارحمنى يا الله كعظيم رحمتك" وهذا المزمور نصليه مع كل صلاة طالبين مراحم الله بالتوبة القلبية.
ألقابه : 1- النبى. 2- الملك.
3- مرنم إسرائيل الحلو.
كتاباته : سجل لنا الكتاب المقدس 73 مزموراً لذا سُميت المزامير (مزامير داود النبى).
نياحته : تحتفل الكنيسة بتذكار نياحته فى سنكسار 23 كيهك.
ربنا يسـوع جاء من نسـل داود
1- "كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم"(1).
2- فى بشارة رئيس الملائكة جبرائيل للعذراء مريم "هكذا يكون عظيماً وابن العلى يُدعى ويعطيه الرب الإله كرسى داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية"(2).
(1)-(مت1: 1). (2)-(لو1: 32، 33).
شفاء بارتيماوس بن تيماس
الشاهد : (مت20: 29- 34)،(مر10: 46- 52)،(لو18: 35- 43).
"وَجَاءُوا إِلَى أَرِيحَا. وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ مِنْ أَرِيحَا مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَجَمْعٍ غَفِيرٍ كَانَ بَارْتِيمَاوُسُ الأَعْمَى ابْنُ تِيمَاوُسَ جَالِساًعَلَى الطَّرِيقِ يَسْتَعْطِي. فَلَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ ابْتَدَأَ يَصْرُخُ وَيَقُولُ :« يَا يَسُوعُ ابْنَ دَاوُدَ ارْحَمْنِي!». فَانْتَهَرَهُ كَثِيرُونَ لِيَسْكُتَ فَصَرَخَ أَكْثَرَ كَثِيراً : « يَا ابْنَ دَاوُدَ ارْحَمـْنِى». فَوَقَفَ يَسـُوعُ وَأَمـرَ أَنْ يُنَادَى. فَنَادَوُا الأَعْمَى قَائِلِينَ لَهُ: «ثِقْ. قُمْ. هُوَذَا يُنَادِيكَ». فَطَرَحَ رِدَاءَهُ وَقَامَ وَجَاءَ إِلَى يَسُـوعَ. فَسَأَلَهُ يَسُوعُ : « مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ؟» فَقَالَ لَهُ الأَعْمَى: « يَا سَيِّدِي أَنْ أُبْصِرَ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ. إِيمَانُكَ قَدْ شَفَاكَ». فَلِلْوَقْتِ أَبْصَرَ وَتَبِعَ يَسُوعَ فِي الطَّرِيق".
ملحوظة :
شفى ربنا يسوع فى أريحا أعميين إحداهما عند دخوله أريحا والثانى عند خروجه منها.
وقد ذكر البشير متى المعجزتين من غير فصل بينهما، بينما ذكرا البشيران مرقس ولوقا أعمى واحداً يبدو أنه كان هو المتقدم أكثر من الثانى فى الكلام.
مكان وزمان المعجزة
أخر معجزة يعملها ربنا يسوع قبل دخوله أورشليم كملك(1).
الاحتياج الإنسانى
1- كان بارتيماوس الأعمى جالساً على الطريق يطلب صدقة من الناس إذ لم يكن له عمل يتكسب منه فكان يعيش على الإحسان الذى يأخذه من الناس.
يشير بارتيماوس فى جلوسه على الطريق ليستعطى إلى الإنسان الذى يسلك فى ظلمة الخطية حتى أعمت عينيه فجلس على طريق العالم يستعطى الشهوات الباطلة.
2- ظهر اشتياق بارتيماوس لأن يبصر فبمجرد سـماعه عن ربنا يسوع بدأ
(1)-(مت11، مر11، لو19).
يصرخ بحرارة من قلبه "ارحمنا يا سيد يا ابن داود".
شفاء بارتيماوس الأعمى
يا يسوع : لقد طلب باسم ربنا يسوع وقد وعد ربنا يسوع قائلاً "مهما سألتم باسمى بعد فذلك أفعله"(1).. وهكذا علمتنا الكنيسة أن نطلب باسم ربنا يسوع المسيح بعد طلبات الصلاة الربانية، وأيضاً فى كل طلباتنا.
ابن داود : كان يؤمن أن الذى يطلب منه هو المسيا الذى يولد حسب الجسد كابن داود حسب النبوات.
ارحمنا : الرحمة الحقيقية لا يستطيع أن يعطيها غير الله، وطلب الرحمة من الله يعبر عن الإنسحاق أمام الله.
3- يبرز إيمانه بلجاجته ومثابرته وعدم يأسه وصراخه أكثر "ارحمنا يا سيد يا ابن داود" رغم انتهار الجمع له ليسكت.
يمثل هذا الانتهار المقاومة التى يلقاها الإنسان حينما يريد أن يلتقى بالله بالتوبة سواء من الناس مثبطى الهمم أو من الجسد وشهواته المحببة السابقة.
التدخل الإلهى
1- يسمع صراخ بارتيماوس رغم الجمع "وأمر أن يُنادى"، فربنا يسوع يهتم بكل نفس تصرخ إليه ويستجيب لها.
فلقد طرح بارتيماوس رداءه وقام وجاء إلى يسوع .. ويشير ذلك إلى تخطى المعطلات التى تقف فى طريقه إلى الرب ليتمتع بالقيامة معه.
2- يقدس الإرادة البشرية التى كللنا بها إذ سألهما ربنا يسوع "ماذا تريدان أن أفعل بكما ؟" رغم أنه كان يعلم ما يطلبان، ولكنه سألهما ليظهرا احتياجهما للشفاء وأيضاً إيمانهما أما الجميع.
ويقول القديس يوحنا ذهبى الفم [ الله لا يقيد رغباتنا أو إرادتنا بعطاياه لكن ما نكاد نبدأ ونُظهر الاستعداد حتى نجده يعرض علينا فرصاً عديدة للخلاص ].
3- يتحنن ويشفى "فتحنن يسـوع ولمس أعينهما فللوقت أبصرت أعينهما ...". فهـو الطبيب الشافى لأمراضنا الروحية والنفسية والجسدية "فإنى
(1)-(يو14: 13).
أنا الرب شافيك"(1).
رد الفعـل البشـرى
بمجرد أن أبصر تبع ربنا يسوع بإيمان قوى وقلب محب وبصيرة مستنيرة ولسان مسبح.
مناجاة للقديس أغسطينوس
يا إلهى أنت نورى ..
افتح عينى فتعاينا بهاءك الإلهى لأستطيع أن أسير فى طريقى بغير تعثر فى فخاخ العدو ..
حقاً كيف يمكننى أن أتجنب فخاخه ما لم أرها ؟
وكيف أقدر أن أراها إن لم أستنر بنورك ؟
ما هو النور إلا أنت يا إلهى ..
أنت هو النور لأولاد النور
نهارك لا يعرف الغروب
نهارك يضئ لأولادك حتى لا يُعثروا
يا نور نفسى لا تتوقف عن إنارة خطواتى ..
(1)-(خر15: 26).
مثل الخروف الضال
الشاهد : (مت18: 10- 14)،(لو15: 1- 7).
"وَكَانَ جَمِيعُ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ يَدْنُونَ مِنْهُ لِيَسْمَعُوهُ. فَتَذَمَّرَ الْفَرِّيسِـيُّونَ وَالْكَتَبَةُ قَائِلِينَ : «هَذَا يَقْبَلُ خُطَاةً وَيَأْكُلُ مَعَهُمْ». فَكَلَّمَهُمْ بِهَذَا الْمَثَلِ: «أَىُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ لَهُ مِئَةُ خَرُوفٍ وَأَضَاعَ وَاحِداًمِنْهَا أَلاَ يَتْرُكُ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ فِي الْبَرِّيَّةِ وَيَذْهَبَ لأَجْلِ الضَّالِّ حَتَّى يَجِدَهُ؟. وَإِذَا وَجَـدَهُ يَضَعُهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَرِحـاً. وَيَأْتِي إِلَى بَيْتِهِ وَيَدْعُو الأَصْدِقَاءَ وَالْجِيرَانَ قَائِلاًلَهُمُ: افْرَحُوا مَعِي لأَنِّي وَجَدْتُ خَرُوفِي الضَّـالَّ. أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ هَكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارّاً لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ».
القراءة الكنسية
(جزء من آيات قداس 10 بشنس، وتذكار نياحة الفتية الثلاثة حنانيا وعزاريا وميصائيل)..
وقد رتبت الكنيسة قراءة هذه الآيات كلما احتفلت بتذكار بعض أبرار العهد القديم، وأيضاً تقرأ هذه الآيات فى (إنجيل قداس 8 مسرى، وهو تذكار استشهاد القديسين أليعازر وزوجته سالومى وأولادهما السبعة).
مكان إلقاء المثل : بيرية.
المستمعين للمثل : الكتبة والفريسيين، فلقد تذمروا لأن ربنا يسوع سمح للعشارين أن يقتربوا منه ليسمعوا تعليمه التى تشجعهم على التوبة ونعطيهم الرجاء فى غفران خطاياهم، فلقد كان الفريسيون يعتبرون أن اليهود فقط يتمتعون بامتياز التوبة فحولوا الأمر إلى التشهير بربنا يسوع وتعييره بأنه يقبل الخطاة ويأكل معهم، فقال لهم هذا المثل.
هدف المثل ورموزه :
1- الراعى هو ربنا يسوع
(أ)- ترك خرافه التسعة والتسعين وهم الملائكة فى الحظيرة التى هى السماء وتجسد ليبحث عن آدم وبنيه (الخروف الضال).
(ب)- اتخذ طبيعتنا البشرية بخطاياها، وسفك دمه من أجل خلاص العالم كله، وبعدما أتم الفداء وقام من الأموات، صعد السماء فرحاً بعودة الإنسان خروفه الضال إلى السماء.
2- يرمز المئة خروف إلى : الجنس البشرى كله، والخروف الذى ضل ما هو إلا المؤمن الذى ابتعد عن طريق الله، وانفصل عن اخوته من أفراد الكنيسة.
3- يعتنى الله بكل فرد من رعيته سواء الملائكة أو البشر ويهتم بالكل، فإذا ابتعد أحد وضل فإنه يبحث عنه حتى يجده ويعود به إلى بقية القطيع كما يفرح بعودته ويحمله على كتفه بل ويدعو الجيران والأصدقاء ليفرحوا معه.
4- كما حمل المسيح خطايانا على كتفيه عندما علق على الصليب ثم نزل إلى الجحيم وأصعد آدم وبنيه وتهللت الملائكة فى الفردوس برجوع الإنسان لمكانه الأول .. كذلك تفرح الكنيسة كلها برجوع الخاطئ، ويهتم به الخادم أكثر من الكل.
5- تفرح السماء بملائكتها وقديسيها بعودة الخاطئ وتوبته فهذا دليل على محبة ربنا يسوع للخطاة واحتماله الآلام من أجلهم .. كما يظهر عظم العذاب الذى كان ينتظر هذا الخاطئ لو لم يتب.
6- هناك تفسير آخر : أن التسعة والتسعين باراً هم الأبرار فى أعين أنفسهم فيشعرون أنهم غير محتاجين للتوبة، وبالتالى فالسمائيين يفرحون بهذا الخاطئ الواحد لأنه تائب.
الخروف الضال
التطبيق الكنسى
تهتم الكنيسة بكهنتها وخدامها بكل نفس وتفتقدها من خلال خدمة الافتقاد التى تشمل رعاية النفوس التى تحضر للكنيسة، وأيضاً النفوس التى لا تحضر وتبدو مبتعدة من أجل افتقادها لتعود إلى الكنيسة ليفرح قلب الله من أجل كل نفس احتمل الآلام من أجل خلاصها.
الاستفادة الحياتية
كل منا يحتاج إلى توبة يومية إنها حياة التوبة المستمرة ..
1- هكذا نبدأ .. اللهم ارحمنى أنا الخاطئ
زار أحد الأمراء سجناً من السجون وفى أثناء تجوله أعلن أنه سيعفو عن سجين واحد فقط سيختاره بعد أن يستمع بضع دقائق إلى كل واحد منهم.
ماذا حدث ؟ لقد تبارى كل سجين فى إثبات أنه برئ وأنه دخل السجن ظلماً إلا واحد فقط قال فى إنكسار وبلا افتعال [ أنا بالذات لا استحق أن أخرج لأننى مجرم استحق العقاب ] فنظر إليه الأمير، وكانت المفاجأة ؟
سأطلقك .. أنت حراً، فلن أسمح بوجود مجرم مثلك بين الأبرياء ..
حقاً يا أحبائى إنها نقطة البداية ..
شعور حقيقى بجرمى وخطئ وخطيتى .. شعور بالملامة على نفسى فى كل قصور .. شعور ليس كالفريسى بل كالعشار ..
يارب .. أطلق من الحبس نفسى
يارب .. أعن ضعف إيمانى
يارب .. اسمعنى صوتك داخلى قائلاً " ليكن نور"(1).
ليكن نور .. تستنير به حواسى ..
ليكن نور .. تنتهى به ظلمتى ..
ليكن نور .. لأبدأ به خدمتى.
(1)-(تك1: 3).
2- بهذا نستمر .. سنة الرب المقبولة
وقت أن بدأ ربنا يسوع خدمته على الأرض دخل مجمع اليهود كعادته كل سبت فأعطوه سفر أشعياء النبى ليقرأ فيه، ففتح السفر وبدأ يقرأ الكلمات التى كانت تتحدث عنه "روح الرب على لأنه مسحنى لأبشر المساكين أرسلنى لأشفى المنكسرى القلوب لأنادى للمأسورين بالإطلاق وللعمى بالبصر وأرسل المنسحقين فى الحرية وأكرز بسنة الرب المقبولة ثم طوى السفر"(1).
لقد اكتفى ربنا يسوع بقراءة نصف الآية ولم يقرأ نصفها الثانى "وبيوم انتقام إلهنا"(2).
فهو لا يريد أن يحدثنا عن الانتقام الأبدى لمن يتجاهل حبه ..
فهو لا يريد أن يتكلم عن الانتقام الأبدى لأنه لم يفقد بعد الأمل فى رجوعى..
إنه حتى الآن يكرز لى ولك بسنة مقبولة لأعيشها معه ..
سنة للتمتع به ..
لأتمتع به .. شافياً إنكسار قلبى .. شافياً عبودية نفسى، فنحن بهذا نستمر ونحن لا زلنا معاً فى زمن الحب زمن القبول.
3- خطوات عملية فى طريق التوبة
ابتعد عن العثرات (صديق- زيارة- برنامج- موقع - ...)
"اهرب لحياتك"(3).
لا تؤجـل التوبـة :
الأنبا أنطونيوس يقول [ أطلب التوبة فى كل لحظة ولا تدع نفسك للكسل لحظة واحدة ].
لا تيأس من غفران الله.
ماراسحق يقول [ ليست خطية بلا مغفرة إلا التى بلا توبة ].
اجلس مع نفسك واعرف ضعفاتك وأعرضها على الله لتنل منه القوة وصلى "توبنى فأتوب"(4).
(1)-(لو4: 18- 20). (2)-(أش61: 2).
(3)-(تك19: 17). (4)-(أر31: 18).
اقتن محبة الله فى قلبك لتطرد منه محبة الخطية "ويختن الرب إلهك قلبك ومن كل نفسك لتحيا"(1).