الطاعة فضيلة عظيمة نفذها رب المجد على نفسه قبل أن يطالبنا بها، ووصل بالطاعة إلى أقصى درجاتها، فيقول بولس الرسول "فليكن فيكم هذا الفكر الذى فى المسيح يسوع أيضاً. الذى إذ كان فى صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله . لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً فى شـبه الناس.
وإذ وجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب"(1).
ويقول بولس الرسول أيضاً "كذلك المسيح .. الذى فى أيام جسده إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت وسمع له من أجل تقواه. مع كونه إبنا تعلم الطاعة مما تألم به . وإذ كمـل صـار لجميع الذين يطيعونه سبب خلاص أبدى"(2).
ويقول أيضاً لأهل رومية "لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد (آدم) جُعل الكثيرون خطاة هكذا أيضاً بإطاعة الواحد (المسيح) سيجعل الكثيرون أبراراً"(3).
وقيل عن المسيح وهو فى سن الاثنتى عشر سنة أنه خاضعاً ليوسف النجار ومريم أمه "ثم نزل معهما وجاء إلى الناصرة وكان خاضعاً لهما"(4).
لذلك المطلوب منا أن نطيع الوصية ونطيع كلام الإنجيل لذلك يقول بولس الرسول "لأننا وإن كنا نسلك فى الجسد لسنا حسب الجسد نحارب إذ أسلحة محاربتنا ليستنا جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون هادمين ظنوناً وكل علو يرتفع ضد معرفة الله، ومستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح"(5).
ويقول بطرس الرسول "كأولاد للطاعة لا تشاكلوا شهواتكم السابقة فى جهالاتكم بل نظير القدوس الذى دعاكم كونوا أنتم أيضاً قديسين فى كل سيرة"(6).
ويقول أيضاً "طهروا نفوسكم فى طاعة الحق بالروح للمحبة الأخوية العديمة
(1)- (فى2: 5-8). (2)-(عب5: 5-9). (3)-(رو5: 19).
(4)-(لو2: 52). (5)-(2كو10: 3- 5). (6)-(1بط1: 14).
الرياء"(1).
لذلك إن أردت أن تقتنى فضيلة الطاعة حاول تطبيق التدريبات الآتية :
1- يجب أن تضع هذا المبدأ أمام عينيك دائماً وهو طاعة الله قبل طاعة الناس .. كما كان يفعل الآباء الرسـل "فأجاب بطرس والرسل وقالوا ينبغى أن يُطاع الله أكثر من الناس"(2).
ويفرح بولس الرسول بأهل رومية لأن طاعتهم للوصية كانت كاملة فيقول "لأن طاعتكم ذاعت إلى الجميع فأفرح أنا بكم وأريد أن تكونوا حكماء للخير وبسطاء للشر"(3).
2- يجب أن تسأل نفسك سـؤالاً هاماً .. هل أنت طائع فى كل شئ فى وصية الله ؟
لذلك يسأل بولس الرسول أهل كورنثوس قائلاً لهم "لأنى لهذا كتبت لكى أعرف تزكيتكم هل أنتم طائعون فى كل شئ ؟! والذى تسامحونه بشئ فأنا أيضاً(4)وإن كنت قد سامحت بشئ فمن أجلكم بحضرة المسيح"(5).
3- هل الطاعة ظاهرية أم من القلب ؟ إن بولس الرسول يقول لأهل رومية "فشكراً لله أنكم كنتم عبيداً للخطية ولكنكم أطعتم من القلب صورة التعليم التى تسلمتموها. وإذ أعتقتم من الخطية صرتم عبيداً للبر"(6).
4- وفى مجال الأسرة يقول بولس الرسول "أيها الأولاد أطيعوا والديكم فى الرب لأن هذا حق. إكرم أباك وأمك التى هى أول وصية بوعد. لكى يكون لكم خير وتكونوا طوال الأعمار على الأرض"(7).
وبالنسبة للمرأة يقول "أيتها النساء إخضعن لرجالكن كما يليق فى الرب"(8).
ويقول بطرس الرسول "فإنه هكذا كانت قديماً النساء القديسات أيضاً المتوكلات على اللـــــه يزيـــــــن أنفسـهم خاضعات لرجالـهن . كما كانت ســــارة تطـيـــع
(1)-(1بط1: 22). (2)-(أع5: 29). (3)-(رو16: 19).
(4)- بخصوص خاطئ كورنثوس. (5)-(2كو2: 9، 10). (6)-(رو6: 17، 18).
(7)-(أف1: 1- 3). (8)-(كو3: 18).
إبراهيم داعية إياه سيدها"(1).
وينصح أيضاً الشباب أن يخضع للكبار فيقول لهم "كذلك أيها الأحداث اخضعوا للشيوخ وكونوا جميعاً خاضعين بعضكم لبعض وتسربلوا بالتواضع لأن الله يقاوم المستكبرين أما المتواضعون فيعيطهم نعمة"(2).
5- ويحذر بولس الرسول تلميذه تيموثاوس من الذين لا يطيعون الوالدين طالباً منه أن يعرض عنهم قائلاً له "ولكن أعلم أنه فى الأيام الأخيرة ستأتى أزمنة صعبة يكونون محبين لأنفسهم. محبين للمال. متعظمين. مستكبرين. مجدفين. غير طائعين لوالديهم. غير شاكرين. دنسين.. فاعرض عن هؤلاء"(3).
6- ينصح القديس بطرس الرسول الخدام أن يخضعوا ويطيعوا الرؤساء قائلاً لهم "أيها الخدام كونوا خاضعين بكل هيبة للسادة ليس للصالحين المترفقين فقط بل للعنفاء أيضاً. لأن هذا فضل إن كان أحد من أجل ضمير نحو الله يحتمل أحزانا متألماً بالظلم. لأنه أى مجد هو إن كنتم تلطمون مخطئين فتصبرون بل إن كنتم تتألمون عاملين الخير فتصبرون فهذا فضل عند الله. لأنكم لهـذا دعيتم فإن المسيح أيضاً تألم لأجلنا تاركاً لنا مثالا لكى تتبعوا خطواته"(4).
يطوب داود النبى الملائكة الذين يخدمون الرب قائلاً "باركوا الرب يا ملائكته المقتدرين قوة. الفاعلين أمره عند سماع صوت كلامه. باركوا الرب يا جميع جنوده وخدامه العاملين مرضاته"(5).
7- ينصح بولس الرسول بإطاعة المرشدين الروحيين لنا قائلاً "أطيعوا مرشديكم واخضعوا لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم كأنهم سوف يعطون حساباً لكى يفعلوا ذلك بفرح لا أنين لأن هذا غير نافع لكم"(6).
8- ينصح بطرس الرسول أن نخضع للملوك والرؤساء لأنهم مقامون من الرب فيقول "فاخضعوا لكل ترتيب بشـــــــــرى من أجــــــــــل الـرب إن كان للملك فكمن
(1)-(1بط3: 5، 6). (2)-(1بط5: 1- 5). (3)- (2تى3: 1- 5).
(4)-(1بط2: 18- 21). (5)-(مز103: 20، 21). (6)-(عب13: 17).
هو فوق الكل. أو للولاة فكمرسلين منه للإنتقام من فاعلى الشـر وللمدح لفاعلى الخير. لأن هكذا هى مشـيئة الله أن تفعلوا الخـير فتسكتوا جهالة الناس الأغبياء. كأحرار وليس كالذين الحرية عندهم سترة للشر بل كعبيد الله"(1).
9- تحذير للذين لم يطيعوا الإيمان لن يدخلوا ملكوت السموات "لذلك كما يقول الروح القدس اليوم إن سـمعتم صوته. فلا تقسوا قلوبكم كما فى الأسخاط يوم التجربة فى القفر. حيث جربنى آباؤكم اختبرونى وأبصروا أعمالى أربعين سنة. لذلك مقت ذلك الجيل وقلت إنهم دائماً يضلون فى قلوبهم ولكنهم لم يعرفوا سـبلى. حتى أقسمت فى غضبى لن يدخلوا راحتى. أنظـروا أيها الإخوة أن لا يكون فى أحدكم قلب شـرير بعـدم إيمان فى الإرتداد عن الله الحى. بل عظوا أنفسكم كل يوم ما دام الوقت يدعى اليوم لكى لا يقسى أحد منكم بغرور الخطية. لأننا قد صرنا شـركاء المسـيح إن تمسكنا ببداءة الثقة ثابتة إلى النهاية. إذ قيل اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسـوا قلوبكم كما فى الاسـخاط. فمن هم الذين إذ سمعوا اسخطوا أليس جميع الذين خرجوا من مصر بواسطة موسى. ومن مقت أربعين سنة أليس الذين أخطاوا الذين جثثهم سـقطت فى القفر. ولمن أقسـم لن يدخلوا راحته إلا للذين لم يطيعوا"(2).
10- يقول سليمان الحكيم "العين المستهزئة بأبيها والمحتقرة إطاعة أمها تقورها غربان الوادى وتأكلها فراخ النسور"(3).
(1)-(1بط2: 13- 16). (2)-(عب3: 7- 18). (3)-(أم30: 17).