تداريب روحية - التأمـل الروحى - للقمص ميخائيل جرجس

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

التأمل هو التفكير بتأنى أو النظر بتأنى، وقد تعلمنا التأمل الروحى من أمنا العذراء القديسة مريم التى رأت الملائكة يسبحون طفلها الإلهى .. والرعاة الذين أتوا لينظروا هذا المنظر الإلهى المجيد، ويذكر لنا الإنجيلى لوقا الرسول "وكل الذين سمعوا تعجبوا مما قيل لهم من الرعاة. وأما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به فى قلبها"(1) (أى متأملة به فى قلبها).     
والتأمل ضرورى فى حياتنا الروحية، فهناك أمور يقصدها الله، ونحن نمر عليها مر الكرام ولا نفهمها أو نلاحظ مقاصد الله فيها إلا إذا فكرنا فيها عميقاً وتأملناها تأملاً كبيراً.

فالمسيح له المجد أمرنا أن نتأمل "زنابق الحقل كيف تنمو. لا تتعب ولا تغزل ولكن أقول لكم إنه ولا سليمان فى كل مجده كان يلبس كواحدة منها فإن كان عشب الحقل الذى يوجد اليوم ويطرح غداً فى التنور يلبسه الله هكذا، أفليس بالحرى جداً يلبسكم أنتم يا قليلى الإيمان"(2).
وقال لهم أيضاً "تأملوا الغربان إنها لا تزرع ولا تحصد وليس لها مخدع ولا مخزن والله يقيتها كم أنتم بالحرى أفضل من الطيور"(3).
وهو بهذا يريد أن يعلمنا أن الله يعتنى بنا .. لذلك قال لتلاميذه "من أجل هذا أقول لكم لا تهتموا بحياتكم بما تأكلون ولا للجسد بما تلبسون الحياة أفضل من الطعام والجسد أفضل من اللباس .. فلا تطلبوا أنتم ما تأكلون وما تشربون ولا تقلقوا فإن هذه كلها تطلبها أمم العالم وأما أنتم فأبوكم يعلم ما تحتاجون إلى هذه بل اطلبوا ملكوت الله وهذه كلها تزاد لكم"(4).
لذلك يقول المزمور "هلم فانظروا أعمال الرب التى جعلها آيات على الأرض تأملوا واعلموا إنى أنا هو الله أرتفع بين الأمم واتعال فى الأرض"(5).
 (1)-(لو2: 18، 19).        (2)-(مت6: 28).        (3)-(لو12: 24).
 (4)-(لو12: 22- 31).        (5)-(مز45: 8).    
ويقول سليمان الحكيم "اذهب إلى النملة أيها الكسلان. تأمل طرقها وكن حكيماً التى ليس لها قائد أو عريف أو متسلط، وتعد فى الصيف طعامها وتجمع فى الحصاد أكلها ..."(1).
ويقول داود النبى "تذكرت الأيام الأولى ولهجت فى كل أعمالك. وفى صنائع يديك كنت أتأمـل"(2).   
وهذا يعلمنا أن ننظر صنائع الله فنتأمل فى عجائبه لذلك قال المرنم "السموات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه يوم إلى يوم يبدى قولاً وليل إلى ليل يظهر علماً ..."(3).
ويتكلم أشعياء النبى عن اهتمام الرب بالمساكين فيقول "البائسون والمساكين طالبون ماء ولا يوجد لسانهم من العطش قد يبس أنا الرب استجيب لهم أنا إلـه إسرائيل لا أتركهم. أفتح على الهضاب أنهاراً وفى وسـط البقاع ينابيع أجعـل القفر أجمة ماء والأرض اليابسة مفاجر مياه. أجعل فى البرية الأرز والسـنط والآس وشجرة الزيت أضع فى البادية السـرو والسنديان والشـربين معاً. لكى ينظروا ويعرفوا ويتنبهوا ويتأملوا معاً إن يد الرب فعلت هذا وقدوس إسـرائيل أبدعه"(4).

لذلك لكى تتقن التأمل الروحى جيداً حاول تطبيق التدريبات الآتية :
1- تأمل الله خالق السموات والأرض وكل ما فيها بقدرة فائقة وقوة عجيبة ونظام لا يخيب أبداً فالشمس لها مدارها والقمر أيضاً، والكواكب تسير كلها فى نظام يصعب تخيله ودقيق جداً بحيث لا يصطدم كوكب فى آخر ...إلخ.
وهناك فى مملكة الحيوان والحشرات التى تضم آلاف الأشكال والأصناف والألوان .. كل له فائدة على هذه الأرض .. وكل يستطيع أن يدافع عن نفسه .. وكل يعيش فى انسجام تام عجيب.

 (1)-(أم6: 6).            (2)-(مز142: 5).        (3)-(مز18: 1).
 (4)-(اش41: 17- 20).    
وهكذا فى مملكة النبات التى تعطى للإنسان فوائد كثيرة من غذاء وهواء وألوان تبهر الأنظار ..
والإنسان نفسه يضم مئات الأعضاء الداخلية التى تعمل معاً فى نظام عجيب .. كل عضو يعرف عمله والكل متفان فى خدمـة الإنسان بدون أى شكوى إلا إذا حدث خلل مصدره الإنسان نفسه.
2- تعلم من الأنبياء الذين كانـوا يتأملون كلام الله مثل دانيال النبى الذى كان يقف متأملاً أمام الكـوة عند وقـت الصلاة فيفهه الملاك تفسير الأحلام والرؤى التى يراها الملوك والرؤساء ولا يعرفون لها تفسيراً.
ويقول الكتاب "وأنا متكلم بعد بالصلاة إذا بالرجل جبرائيل الذى رأيته فى الرؤيا فى الابتداء. وفهمنى وتكلم معى وقال يا دانيال انى خرجت الآن لأعلمك الفهم. فى إبتداء تضرعاتك خـرج الأمر وأنا جئت لأخبرك لأنك أنت محبوب فتأمل الكلام وافهم الرؤيا"(1).
3- إقرأ سير القديسين والأنبياء والرسل والشهداء الذين أرضوا الرب بأعمالهم الصالحة واتبع خطواتهم كقول الكتاب "اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم"(2).
4- الهدوء والسكون يهيئان الإنسان للتأمل الروحى، فالتركيز فى الصلاة مثلاً يجعل الإنسان يتابع فهم الكلمات التى يقولها لكن السرعة والشوشرة يشتتان الإنسان فى كل شئ.
5- حاول أن تسمع صوت الله داخلك، فالله يكلمنا فى أحياناً كثيرة، ولكننا لا نسمع صوته لأننا مشغولين بأمور عالمية كثيرة، لذلك يقول الرسول "عظوا أنفسكم كل يوم مادام الوقت يدعى اليوم لكى لا يقسى أحد منكم بغرور الخطية"(3).
ويقول الشيخ الروحانى [ إن أردت أن تسمع صوت الله جيداً فسكت نفسك أولاً فتسمع صوت قلبك، وإن سكت قلبك تسمع صوت الله ].            

 (1)-(دا 9: 21- 23).        (2)-(عب13: 7).        (3)-(عب3: 13).
6- عندما تقرأ الكتاب المقدس فاقرأه بهدوء لتفهم كلماته الجميلة، فالكتاب كنز كبير يحمل بين طياته تأملات روحية جميلة تظل معك العمر كله.
ويمتدح القديس بولس أهل بيرية لأنهم يقرأون الكتاب المقدس كل يوم "فقبلوا الكلمة بكل نشاط فاحصين الكتب كل يوم"(1).
7- إقرأ أقوال الآباء القديسين بتأن فهى كنز عظيم ليس فقط للتفسير بل للتأمل الروحى والحمد لله فإن المكتبة القبطية تقتنى الآن كمية كبيرة من أقوال الآباء القديسين.
8- لا تسرع فى كلمات الصلاة وإعط فرصة للتأملات الروحية أثناء الصلاة، فقد يرشدك الروح القدس إلى تأمل كبير يستحسن أن تكتبه فى نوتة صغيرة لكى لا يضيع منك، ولكى ترجع إليه وقت ما شئت.
9- إن الله – فى بعض الأوقات- يعطينا دروساً روحية نافعة عندما نتأمل فى كل ما يدور حولنا .. فقد يسمح بمرض لقريب لنا لتعرف أن الإنسان ضعيف ويحتاج لمعونة الله، أو بإنتقال شخص قريب لنا لنعرف بأن الموت حق واجب علينا وهو قريب منا لنستعد روحياً لهذا اليوم الذى يجئ فجأة، وهكذا يجب علينا أن نتأمل الحوادث المحيطة بنا لكى نستفيد بها فى حياتنا اليومية.
10- إن التأمل الروحى له فوائد كثيرة خصوصاً فى نمونا الروحى .. فالإنسان يجب أن ينمو فى الروحيات لئلا يرجع إلى الخلف ويرتد إلى حياته الأولى الخاطئة، والقديس بطرس الرسول يقول "فانتم أيها الأحباء إذ قد سبقتم احترسوا من أن تنقادوا بضلال الأردياء فتسقطوا من ثباتكم ولكن انموا فى النعمة وفى معرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح"(2).
والقديس بولس الرسول يقول لأهل كولوسى "من أجل ذلك نحن أيضاً منذ يوم سمعنا لم نزل مصلين وطالبين لأجلكم أن تمتلئوا من معرفة مشيئته فى كل حكمة وفهم روحى. لتسلكوا كما يحق للرب فى كل رضى مثمرين فى كل عمل صالح ونامين فى معرفة الله"(3).
 (1)-(أع17: 11).        (2)-(2بط3: 17، 18).        (3)-(كو1: 9، 10).

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم