ظَاهِرَةُ الانْتِحَارِ وَ"نَحْنُ"

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

سلام لحضراتكم جميعًا..
برجاء نشر هذه المقالة المتواضعة..
لكم مني كل شكر وتقدير..

ظَاهِرَةُ الانْتِحَارِ وَ"نَحْنُ"

أوردت وسائل الإعلام أخبارًا متكررة عن حالات انتحار Suicide دامية ومحزنة، وهي مدخلي في البحث حول النهاية التي انتهت إليها هذه النفوس، حيث أن مجد الله في خليقته ولذَّته في بني آدم، وحيث أن حياة الإنسان هي لرؤية الله ونوال هباته المجانية الممنوحة من عند محب البشر الصالح؛ الذي أوصى كل حي، كي يختار الحياة ليحيا بالروح والحق؛ متجليًا بالجمال الإلهي.

 

أما الانتحار فهو قتل الإنسان لنفسه عمدًا وذاتيًا ليُنهي حياته بإختياره، من حيث يدري أو لا يدري. وهي عملية تدمير متعمد للحياة التي هي هبة من الله وآتية من عنده، والتي تقع في فَلَك ومدار قدرته، كونها عطيته، وقد صار الإنسان وكيلاً لها، يتحمل مسئولية الحفاظ عليها؛ لأنها ليست ملكًا له؛ بل لله الخالق الذي أعطاه إياها، وجبله على غير فساد، على صورته ومثاله الإلهي الأقدس.

مسيحنا هو سيد الحياة والموت، ومعه وحده مفاتيح الدهور والهاوية والأزمنة، وله وحده؛ وليس لملكه انقضاء. لذلك إهلاك الكيان المخلوق بواسطة الانتحار، هو تمرد في وجه الله الخالق المخلص، وهو ينمّ عن انعدام الإيمان بالعناية الربانية ، لهذا يُعد الانتحار تعبيرًا صارخًا عن التجديف وجحد الإيمان ومرارة اليأس المشابهة لموت يهوذا. ويقول أحد اللاهوتيين عن المنتحر بأنه "يهوذا الخائن الذي رفض الله والله رفضه"، لكنني في هذا الخصوص لا أقصد أبدًا أن استدعي مرارة الحدث وجسامة الفعل وبشاعته، بقدر ما أتجه نحو التوعية اللاهوتية الواجبة، والتي مُفادها أن الله يرفض كل من يقضي على حياته بنفسه، لأن "مَنْ خطئ إلى نفسه فمن يزكيه"؟!، وكل "من أساء إلى نفسه فإلى من يُحسن؟!" (بن سيراخ ١٠ : ٣٢ ، ١٤ : ٥).

ووسط هذه الأجواء المشحونة عاطفيًا بالمشاهد الصعبة التي تكررت وتداولها الإعلام. أقول أين نحن من هؤلاء؟!! هل سيصبح الانتحار ظاهرة عندنا؟!! وكيف لم نصل إلي هؤلاء؟!! إنهم انتحروا لأنهم مرفوضون ومحتقَرون مهمَلون ومتروكون ومكروبون.. إنهم انتحروا لأننا لم نخبرهم بمعنى بشارة الحياة الأبدية، وبمسيح الخلاص والرجاء والشبع والسرور. انتحروا لأنهم لم يتعرفوا عمليًا على مُريح التعابى الذي يعطينا النجاح وينزع الغمّ من قلبنا والشر عن لحمنا (جا ١١ : ١٠) ويخلص إلى التمام... ما الذي أوصل هؤلاء إلى خيار الموت وإلى عدوَى وباء الانتحار الذي يستحوذ على الأدمغة؟!!

ليتنا لا نكتفي بالتحسرات والتمنيات؛ بينما يبقى الظل معتمًا يخيم بعيدًا عن المعالجة الروحية والاجتماعية والنفسية والمادية. ليتنا ندين أنفسنا أولًا؛ لأن التشخيص هو طريقنا إلى العلاج الحق، فلا نقف في خانة القائل "أَحَارِسٌ أنا لأخي"؟! ومهما تعددت أسباب الانتحار التي يسمونها علميًا الآن ب "الانتحار الواعي"؛ سواء كانت أنانيات أو تشويش أو اكتئاب أو اعتلال النوافل العصبية أو الإحباطات والصدمات والعوارض، إلا أنه لا بُد أن يكون لدينا رعاية رحيمة وتعليم لاهوتي مشبع ووقائي، حتى لا يكون دور السامري الصالح غائبًا عن الحدث.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم