المحبة

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

jesus-with-children-0409الروح القدس هو أحد الأقانيم الثلاثة الذي تقوم عليه الذات الإلهية. فالله موجود بذاته (الآب)، ناطق بكلمته (الابن)، حي بروحه (الروح القدس).. ومن هنا يتضح أن الآب أصل الوجود، والابن عقل الله، والروح القدس هو روح الله.

هو واحد مع الآب والابن .. مركزه في الثالوث القدوس يثبت لاهوته لأنه عند إرسال السيد المسيح لتلاميذه قال لهم "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس".
ويقول الكتاب المقدس "والذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الآب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة  هم واحد".
والروح القدس هو الرب المحيي معطي الحياة، فهو روح الحياة "لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت".
وهو يحيي الموتى "فقال لي تنبأ للروح تنبأ يا ابن آدم وقل للروح هكذا قال السيد الرب هلم يا روح من الرياح الأربع وهُب على هؤلاء القتلى ليحييوا. فتنبأت كما أمرني فدخل فيهم الروح فحيوا وقاموا على أقدامهم".

فهو أقنوم الحياة ومصدر الحياة وهو مصدر الوحي لأنه الناطق في الأنبياء "كلكم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس".

الروح القدس يعطي المواهب الروحية كما يشاء "ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسماً لكل واحد  بمفرده كما يشاء".
كما أن الروح القدس يقود أولاد الله "لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله".

مما سبق يتضح على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر عمل الروح القدس. ويوضح مركز الروح القدس بين الأقانيم.

أفضلية الثمار على المواهب

عزيزي القارئ ... تعال نقف عند هاتين الآيتين:

1- "ولكن جدوا للمواهب الحسنى وأيضاً أريكم طريقاً أفضل".
2- "أما الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة. هذه الثلاثة ولكن أعظمهن المحبة".

عندما تحدث القديس بولس الرسول عن المواهب وأنواعها موضحاً وجود أنواع كثيرة من المواهب، ولكن مصدرها واحد هو الروح القدس: "فأنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد".
وفي نهاية الإصحاح 12 من رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس أوضح أنه يوجد ما هو أفضل من المواهب حيث قال "وأيضاً أريكم طريقاً أفضل"..
وفي الإصحاح رم 13 تكلم عن فضل المحبة على المواهب لأن المحبة لا تسقط أبداً..
وقد ختم الإصحاح 13 بالفضائل الثلاثة الكبرى (الإيمان - الرجاء - المحبة) ولكنه قال "أعظمهن المحبة".

من ثمار الروح القدس

أولاً المحبة

المحبة: هي أولى ثمار الروح القدس..
"وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام...".
ولا شك أن الذي يمتلئ بالمحبة لابد أنه سيمتلئ بالفرح، وإذا عاش في حب وفرح سيحيا بالتالي في سلام.

المحبة هي قمة الفضائل

عندما سئل السيد المسيح عن الفضيلة العظمى في الناموس قال "تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل قوتك"..
ولاحظ أنه أكمل وقال "هذه هي الوصية الأولى والعظمى"..
والثانية مثلها "تحب قريبك كنفسك"، ثم يكمل ويقول "بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياء".
أي أن كل الوصايا تتجمع في المحبة..

ويؤكد القديس بولس الرسول على هذا المعنى إذ يقول "وأما غاية الوصية فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح".
المحبة هي آخر وصية أعطاها الرب لتلاميذه وجعلها العلامة التي تميزهم، فقد قال لهم "وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً".
ثم يكمل قائلاً: "بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضاً لبعض".
وقد عاش الآباء الرسل والقديسون الأوائل في روح هذه الوصية وطبقوها في حياتهم العملية، ومن أجمل القصص في هذا الإطار:

قصة عنقود العنب

لم يكن أوان العنب، ولكن الراهب المسئول عن الزراعة بالدير شاهد عنقود عنب يظهر مبكراً في غير أوان الثمر. ففرح الراهب وقرر أن يهديه إلى رئيس الدير أبو مقار..
شكره  أبو مقار وفكر في نفسه أنه ليس الأحق بهذا العنقود لأن هناك راهب مريض هو أحوج إلى هذا العنقود فأخذه وقدمه لهذا الراهب المريض.
تأمل الراهب المريض العنقود وفكر في نفسه أنه ليس الأحق بهذا العنقود لأن هناك راهب حديث الرهبنة أي في بداية حياة الرهبنة لو قدم له هذا العنقود سوف يفرح به ويشجعه. فقام وذهب وقدمه للراهب الشاب..
وهكذا ظل العنقود ينتقل من راهب إلى آخر حتى رجع في نهاية المطاف إلى القديس أبو مقار الذي أمر أن يدق جرس الدير ليجتمع الرهبان ووقف القديس أبو مقار فرحاً فخوراً بأولاده من الرهبان قائلاً لهم (أشكر الله لأنه حيثما توجد المحبة يوجد الله ويسكن المسيح ويتمجد في أولاده الذين تميزوا بهذه المحبة عن غيرهم).

المحبة هي الله.. والله محبة

كما يقول يوحنا الحبيب "الله محبة من يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه".
وبهذا الثبات في المحبة، وفي الله يعمل الإنسان بوصايا الله كمن يريد أن يرضى حبيبه وحباً فيه وبثبات الله في الإنسان يجعل وصاياه سهلة وعلامة محبة.

المحبة الكاملة

هي حصن منيع كالبيت المبني على الصخر لو هبت كل رياح شهوات الجسد والعالم لا يتهدم هذا الحصن، فالمحبة الكاملة:

أ- تطرد الخوف إلى خارج
عبر ذلك القديس يوحنا الرسول قائلاً "لا خوف في المحبة لأن المحبة الكاملة تطرد الخوف إلى خارج".
أي أننا بهذه المحبة نعمل وصايا الله دون خوف من العقوبات، فالله يحبنا ويريدنا أن نحبه بلا خوف.

إذا كانت المحبة الكاملة تطرد الخوف إلى خارج، فهل معنى هذا إننا لا نخاف الله؟!
للإجابة على هذا السؤال نقول:
1- من منا وصل إلى المحبة الكاملة.. هذا مشوار طويل واكبر من طاقتنا، فإذا وصلنا فلا نخاف!!
2- مع محبتنا لله لا ننسى مخافة الله، فيقول المزمور "مثل ارتفاع السماء عن الأرض تكون رحمة الله لخائفيه".
والخوف هنا ليس معناه الفزع ولكن يعني خشية الله وتقديسه لأن الكتاب يقول "رأس الحكمة مخافة الله".
3- يعلمنا داود النبي كيف تكون المخافة "هلم أيها البنون فأعلمكم مخافة الرب.. صن لسانك عن الشر وشفتيك عن التكلم بالغش. حد عن الشر واصنع الخير".
4- يعلمنا معلمنا بطرس الرسول عن المخافة قائلاً "سيروا زمان غربتكم بخوف .. ملاحظين سيرتكم الطاهرة بخوف".
5- إن كنت تريد ألا تخاف اعمل الصلاح، وان كنت لا تريد أن تعمل الصلاح حاف "إن فعلت الشر فخف".
6- المخافة لا تزول لأن المحبة الكاملة تكون مختلطة بالخشية والاحترام وإعطاء المجد لله "خافوا الله وأعطوه مجداً"؟

ب- المحبة الكاملة تطرد الخطية
من يثبت في الله لا يخطئ ولا يستطيع أن يخطئ لأنه مولد من الله "كل من هو مولود من الله لا يفعل خطية لأن زرعه يثبت فيه ولا يستطيع أن يخطئ لأنه مولود من الله".
فهذه المحبة قد رفعت الإنسان فوق مستوى الخطية ومستوى الجسد والعالم.

المحبة القوية

1- قوية..
المحبة الحقيقية لها قوة عظيمة ولا تنهار سريعاً لذلك تحدث الكتاب قائلاً "المحبة قوية كالموت.. مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة والسيول لا تغمرها".

2- عملية
في هذا قال يوحنا الرسول "يا أولادي لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق".
وكان أروع مثال للمحبة العملية ما عبر عنه الكتاب قائلاً "ولكن الله بين محته لنا ونحن بعد خطاة مات لأجلنا".

3- خيرة
المحبة الحقيقية لابد وأن تشمل عمل الخير. فعل الخير وحده لا يكفي لأنه ربما لا يكون فضيلة ، فهناك من يعمل الخير مجبراً ومضطراً أو عن خوف وهناك من يفعل الخير لمجرد أن ينال عنه مديحاً من الناس أو مكافأة. ومن يفعل الخير لمجرد حب المظاهر.
أما من يمتلك المحبة الحقيقية فهو يحب عمل الخير، وإن فعله لا يقصد أن ينال من وراءه مكافأة بل يجد لذة في عمل الخير.
في ذلك يقول القديس باسيليوس الكبير (ماذا ينفع تزيين مائدة المسيح ومذبحه بالذهب إذا كان هو نفسه (أي المسيح = الفقير) يموت جوعاً! أشبعه أولاً حينما يكون جائعاً ثم أنظر في أمر تجميل مائدته).

4- حافظة (لوصايا الله)
محبتنا لله يجب أن تثبت عملياً بحفظ وصايا الله فالكتاب يقول على لسان السيد المسيح "أنتم أبائي إن فعلتم ما أوصيتكم به".. "والذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني".

المحبة والفضائل

  • إن المحبة لابد أن تتخلل كل فضيلة، وكل فضيلة خالية من الحب ليست فضيلة.
  • الله في يوم الحساب سيفحص جميع فضائلنا ويكافئنا فقط على ما فيها من حب.
  • أما الفضائل الخالية من الحب فليست محسوبة لنا "لتصر كل أموركم في محبة".
  • حتى الإيمان قال عنه الكتاب "لأنه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئاً ولا الغرلة بل الإيمان العامل بالمحبة".
  • هذه هي المحبة التي أفضل من جميع المواهب والمعجزات لأنه كما قلب لكم سابقاً أنه بعدما سرد بولس الرسول قائمة بجميع المواهب بعد ذلك قال "وأيضاً أريكم طريقاً أفضل".. وإذا بهذا الطريق الأفضل هو المحبة.

القس طوبيا إسكندر

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم