إنجيل يهوذا الزعوم لنيافة الأنبا موسى

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

يتحدث العالم فى هذه الأيام حول أمرين هما: "إنجيل يهوذا" (المزعوم)، وكذلك رواية "شفرة دافنشى" (Da Vinci Code)... ونبدأ اليوم بفكرة مبسطة ومختصرة حول هذا الإنجيل المزعوم...

1- قصة المخطوطة :
تبدأ القصة حين تم اكتشاف مخطوطة باللغة القبطية لهذا الإنجيل المزعوم، أوائل السبعينيات (1972)، ضمن مخطوطات نجع حمادى. وهذه المخطوطة كانت على ورق البردى، بطريقة الكشكولCodex ، وهذا معناه أنها ترجع إلى القرن الثالث الميلادى، حيث كانت الكتابة على البردى بطريقة ال Roll فى القرون السابقة لذلك، بينما بدأت طريقة الكشكول (مجموعة أوراق مجمعة معاً) فى القرن الثالث.
ومعروف أن البردى كان نباتاً ينمو على شاطئ النيل، وكانت تعالج سيقانه بطريقة خاصة، فيتحول إلى ورق للكتابة... لهذا يدعى البردى Papyrus، ومنه جاءت كلمة paper الانجليزية، مما يظهر أن قدماء المصريين هم أول من اخترعوا الورق والكتابة عليه.
وبعد العثور على المخطوطة من قبل بعض الفلاحين باعوها إلى تجار آثار، أخذوا يتحركون بها من مكان إلى آخر بحثاً عن أعلى سعر. وفى هذة الرحلة تم حفظ البردية فى خزينة أحد البنوك لسنوات طويلة، فبدأت تتهرأ وتتآكل... (لاحظ أن البردى هو مجرد نبات يخضع لعوامل التعرية). وفى النهاية وصلت المخطوطة إلى يد العلماء، الذين بدوأ فى تجميعها بمجهود شاق، ليعرفوا فى النهاية أنها "إنجيل يهوذا" (المزعوم).
2- قصة إنجيل يهوذا:
فى القرن الثانى الميلادى كتبت مجموعة من "الغنوسيين" (هراطقة هاجموا المسيحية وحاولوا إفسادها)، وكلمة "غنوس" أى "عارف"... كتبت هذة المجموعة من أدعياء المعرفة ما سمته "أناجيل" مثل إنجيل المجدلية، وإنجيل فيلبس، وإنجيل توما، وإنجيل يهوذا هذا. وتمت الكتابة باليونانية حوالى سنة150م، ثم جاءت الترجمة إلى القبطية حوالى سنة300م، وهى هذه المخطوطة التى تم العثور عليها فى السبعينيات.
وقد رفضت الكنيسة المقدسة منذ البداية هذه الأناجيل المزيفة والمدسوسة، والمؤلفة بواسطة الهراطقة الغنوسيين، ولم تضعها فى كتابنا المقدس القانونى، الذى سلمته لنا الكنيسة جيلاً بعد جيل، منذ قائمة موراتورى سنة150م إلى قانون القديس أثناسيوس فى نيقية.
والغنوسيون آمنوا بتعدد الآلهة بدرجات متفاوتة، كما آضت شنيعة منهم تدعى القاينيين (نسبة إلى قايين قاتل أخيه)، والتى تعتبر إله اليهود إلهاً شريراً عاقب أبرار كثيرين مثل قايين، وسدوم وعمورة، وبنى قرح.ولهذا فقد كتب كل من القديس ايريناوس أسقف ليون (القرن الثانى) والقديس أثناسيوس الرسولى (القرن الرابع)، عن إنجيل يهوذا المزيف، ورفضاه مقررين أنه مزعوم وكله أكاذيب!!
القصة إذن حسمها الآباء منذ القرون الأولى. واستمرت المخطوطة مخبأة فى باطن الأرض إلى أن عثر عليها أوائل السبعينيات.
3- أهم ما فى المخطوطة:
أن السيد المسيح أخذ يهوذا (الخائن) جانباً، وقال له أنه سيعرفه بأسرار الملكوت دون باقى التلاميذ (لماذا؟!!)... وأن هذا السر هو أن يقوم يهوذا بتسليم السيد المسيح ليصلبوه، وهكذا ينزع المسيح عنه "الإنسان الذى يلتحق به، وتتحرر روحه منه".... (وهذا فكر نسطورى) وقال المسيح ليهوذا - حسب زعم هذه المخطوطة - أنه سيجعل يهوذا فوق كل الرسل (exceeding all)... وأن الأجيال ستلعن يهوذا كخائن، لكن "معلهش" فهو يتمم اتفاقاً أساسياً لخلاصنا بأن يسلم المسيح لليهود!!
4- زيف ما فى المخطوطة:
نستطيع أن نثبت زيف هذا الإدعاء (إدعاء اتفاق السيد المسيح مع يهوذا على تسليمه)، من خلال المنطق والعهدين القديم والجديد...
أولاً: منطقياً...
أ- كيف نقتنع بأن السيد المسيح سيختار واحداً فقط من تلاميذه، ليشرح له أسرار الملكوت، ويبقى الباقون فى جهل وعمى؟! وما الحكمة من ذلك؟!
ب- كيف يترك السيد المسيح البشرية والكنيسة فى أوهام أن يهوذا خائن، بينما كان تسليمه للسيد المسيح بموجب اتفاق مع المسيح؟! وهل يخدع الله أولاده لقرون طويلة؟! وما الحكمة من ذلك أيضاً؟!
ج- لماذا شنق يهوذا نفسه بعد تسليمه للسيد المسيح، بينما كان قد نفذ اتفاقه مع الرب، وبمنتهى الأمانة، حسب زعم هذة المخطوطة؟! كان المفروض أن يفرح بتنفيذ اتفاقه مع المسيح، وينتظر مكافأة المسيح له بأنه "سيكون فوق الجميع"!!
ثانياً: من العهد الجديد...
واضح من أحاديث السيد المسيح عن يهوذا أنه كان سيسلمه كعملية خيانة، وأنه حذره من ذلك مراراً حتى لحظة التسليم، وأنه سيهلك بسبب هذه الخيانه هلاكاً أبدياً... وهذه بعض الشواهد:
1- "أنتم طاهرون، ولكن ليس كلكم، لأنه عرف مسلمه، لذلك قال لستم كلكم طاهرين" (يو10:13-11).
2- "غمس اللقمة وأعطاها ليهوذا سمعان الاسخريوطى، فبعد اللقمة دخله الشيطان!! فقال له يسوع: ما أنت تعمله (أى عملية الخيانة التى بدأت الاربعاء)، فأعمله بأكثر سرعة!! (يو26:13-27).
3- "ألقى الشيطان فى قلب يهوذا سمعان الاسخريوطى أن يسلمه...." (يو3:13).
4- "كان يهوذا مسلمه يعرف الموضع (بستان جسيمانى)... فأخذ يهوذا الجند،وخداماً من عند رؤساء الكهنة والفريسيين، وجاء إلى هناك بمشاعل ومصابيح وسلاح. فخرج يسوع وهوعالم بكل ما يأتى عليه وقال لهم: "من تطلبون"؟ أجابوه: "يسوع الناصرى"... وكان يهوذا مسلمه أيضاً واقفاً معهم" (يو2:18-5).
5- قال المسيح للتلاميذ: "أليس إني أنا اخترتكم الاثني عشر، وواحد منكم شيطان؟! (يو70:6).
6- "حينئذ ذهب واحد من الاثنى عشر الذى يدعى يهوذا الاسخريوطى إلى رؤساء الكهنة، وقال لهم:"ماذا تريدون أن تعطونى، وأنا أسلمه لكم؟"، فجعلوا له ثلاين من الفضة، ومن ذلك الوقت، كان يطلب فرصة ليسلمه" (مت26 :14-16).
7- قال الرب يسوع للتلاميذ: "أن واحداً منكم يسلمنى! "فحزنوا جداً وابتدأ كل واحد منهم يقول له: "هل أنا هو يارب"؟ فأجاب وقال: "الذى يغمس يده معى فى الصحفة هو يسلمنى"، إن ابن الانسان ماض كما هو مكتوب عنه، لكن ويل لذلك الرجل الذى به يسلم ابن الانسان. كان خيراً لذلك الرجل لو لم يولد (إشارة إلى هلاك يهوذا الأبدى)... فأجاب يهوذا مسلمه وقال "هل أنا هو ياسيدى؟" قال له "أنت قلت" (مت21:26-25).
8- "وفيما هو يتكلم إذا يهوذا واحد من الاثنى عشر، قد جاء ومعه جمع كثير بسيوف وعصى، من عند رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب. والذى أسلمه أعطاهم علامة قائلاً: "الذى أقبله هو هو، أمسكوه" فللوقت تقدم إلى يسوع وقال: "السلام ياسيدى، وقبَّله". فقال ليسوع " ياصاحب لماذا جئت؟!!" (مت26: 47-50) راجع أيضاً (مر17:14- 21، 43-46).
9- "حينئذ لما رأى يهوذا الذى أسلمه أنه قد دين، ندم، وردّ الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ قائلاً: "قد أخطأت إذ سلمت دما برئياً" فقالوا: "ماذا علينا، أنت أبصر". فطرح الفضة فى الهيكل وانصرف، ثم مضى وخنق نفسه. فأخذ رؤساء الكهنة الفضة وقالوا: "لا يحل أن نلقيها فى الخزانه، لأنها ثمن دم"، فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخارى، مقبرة للفقراء. فدعى ذلك الحقل حقل الدم إلى هذا اليوم! حينئذ تم ماقيل بأرميا النبى القائل "وأخذوا الثلاثين من الفضة، ثمن المثمن الذى ثمنوه من بنى اسرائيل، وأعطوها عن حقل الفخارى، كما أمرنى الرب. (مت3:27-10).
10- "دنا (يهوذا) من يسوع ليقبله، فقال له يسوع: "يايهوذا أبقبله تسلم ابن الانسان"( لو48:22).
11- "الذين أعطيتنى حفظتهم ولم يهلك منهم أحد إلا ابن الهلاك، لكى يتم الكتاب" ( يو12:17).
12- "الذى أسلمنى إليك له خطية أعظم....." (يو11:19).
13- بعد القيامة والصعود وقف بطرس وسط التلاميذ وقال لهم: "كان ينبغى أن يتم هذا المكتوب الذى سبق الروح القدس فقال بفم داود، عن يهوذا الذى صار دليلاً للذين قبضوا علي يسوع، إذ كان معدوداً بيننا، وصار له نصيب فى هذه الخدمة، فإن هذا اقتنى حقلاً من أجرة الظلم، واذ سقط على وجهه انشق من الوسط، فانسكبت أحشاؤه كلها. وصار ذلك معلوماً عند جميع سكان أورشليم، حتى دعى هذا الحقل فى لغتهم "حقل دما" أى حقل دم، لأنه مكتوب فى سفر المزامير: لتصر داره خراباً، ولا يكن فيها ساكن، وليأخذ وظيقة آخر" ( أع1: 15-20).
+++
وهكذا يتضح من أسفار العهد الجديد أن يهوذا قصد أن يخون المسيح ويسلمه بثمن بخس، وأن الرب يسوع حذره كثيراً من ذلك، ولامه عليه لحظة القبض على الرب. كما أنه من الواضح أن الرب يسوع دعاه "شيطان"، "وابن الهلاك"، وأنه كان "خيراً له لو لم يولد"، فكيف نقبل هذا الاتفاق المزعوم بين السيد المسيح ويهوذا أن يسلمه، وأن يختصه الرب بأن يعرف أسرار الملكوت، ويصير فوق جميع الرسل؟!.
ثالثاً: فى العهد القديم...
هناك نبوات كثيرة عن تسليم يهوذا للسيد المسيح، فى روح الخيانة، ومقابل فضة، وأنه سيهلك هلاكاً أبدياً... وهذه بعضها:
أ‌- مزمور41:
+ "إن دخل ليرانى يتكلم بالكذب، قلبه يجمع لنفسه إثماً. يخرج، فى الخارج يتكلم...
رجل سلامتى الذى وثقت به، آكل خبزى، رفع على عقبه" (مز6:41-9).
ب- مزمور55:
+ "إنسان عديلى، ألفى وصديقى، الذى معه كانت تحلو لنا العشره... ألقى يديه على مسالميه،
نقض عهده... أنعم من الزبدة فمه، وقلبه قتال! ألين من الزيت كلماته، وهى سيوف مسلولة..." (مز13:55 ،14، 20 ،21).
ج- مزمور109:
+ "فأقم أنت عليه شريراً، وليقف شيطان عن يمينه، إذا حوكم (يهوذا) فليخرج مذنباً، وصلاته فلتكن خطية. لتكن أيامه قليلة ووظيفته ليأخذها آخر. ليكن بنوه أيتاماً وامرأته أرملة... لا يكن له باسط رحمة... لتنقرض ذريه... أحب اللعنة فأتته، ولم يسّر بالبركة فتباعدت عنه، ولبس اللغة مثل ثوبه فدخلت كمياه فى حشاه، وكزيت فى عظامه. لتكن له كثوب يتعطف به، وكمنطقة يتنطق بها دائما" (مزمور6:109-20).
د- زكريا11:
+ "قلت لهم إن حسن فى أعينكم فاعطونى أجرتى، وإلا فامتنعوا. فوزنوا أجرتى ثلاثين من الفضة. فقال لى الرب: ألقها إلى الفخارى، الثمن الكريم الذى ثمنونى به. فأخذت الثلاثين من الفضة، وألقيتها إلى الفخارى فى بيت الرب" (زكريا11: 12-13).
ملحوظة1: أورد معلمنا متى هذه النبوة فى إنجيله، وإن كان قد نسبها إلى أرميا، فذلك لأن الكتاب الكبير الذى يضم كتب الانبياء كان يسمى كتاب أرميا، أما فى الداخل فهو يحوى الكثير من كتب الأنبياء ومنهم زكريا. تماماً كما نقول عن المزامير أنها مزامير داود، بينما هناك الكثير من المزامير لآخرين غير داود. مزامير داود إذن هو اسم غلاف الكتاب، وفى الداخل مزامير داود وآخرين، حيث كتب داود غالبية المزامير.وبنفس الطريقة نقول: كتاب أرميا ( من حيث الغلاف) وفى الداخل نجد نبوات أرميا وزكريا وآخرين.
ملحوظة 2: حين قال معلمنا متى "أن يهوذا خنق نفسه"، بينما ذكر معلمنا لوقا فى سفر الأعمال أن يهوذا "سقط واسكبت أحشاؤه كلها"... فذلك لأنه حينما خنق نفسه معلقاً جسمه فى شجرة، فلما انقطع الحبل وسقط انسكبت أحشاؤه.
+++
هذة كانت نهاية يهوذا الخائن الذى اختار لنفسه هذا المصير المحزن، بينما لو تاب لكان المسيح قد قبله ولكنه هلك يائساً من محبة المسيح وغفرانه، مع أنه صاحبه فى الكرازة والمعجزات، وتعرّف على محبته الالهية. لقد فعل هذه الخطيئة بمحض إرادته، ولم يستجب لكل الدعوات والتحذيرات، فصار مسئولاً عن هلاكه الأبدى، الذى أكده لنا السيد المسيح.
+++
فليحفظنا الرب من هذه الخطية المدمرة، فكم من يهوذا جديد باع المسيح بمال أو مركز أو شهوة رديئة!!! ليت الجميع يتوبون قبل فوات الاوان. ونعمة الرب تشملنا جميعاً،،،

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم