تداريب روحية - ضبـط النفـس - للقمص ميخائيل جرجس

تقييم المستخدم: 5 / 5

تفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجوم
 

الإنسان مكوَّن من جسد ونفس وروح، ويروى لنا سفر التكوين عن خلقة الإنسان فقال "وجبل الرب الإله تراباً من الأرض (الجسد)، ونفخ فى أنفه نسمة حياة (نفس وروح) فصار آدم نفساً حية"(1).
ويتكلم الكتاب المقدس أحياناً عن الإنسان كله مستخدماً كلمة النفس بدلاً من الكيان الإنسانى كله كما ذكر فى سفر التكوين عندما قال "ملك سدوم لابرآم أعطنى النفوس وأما الأملاك فخذها لنفسك"(2).
لذلك سنتكلم فى هذا التدريب عن النفس كناية عن الإنسان كله ..

يتكلم الكتاب المقدس عن شهوات للنفس، فسفر الجامعة يقول "كل تعب الإنسان لفمه ومع ذلك فالنفس لا تمتلئ"(3).
ويقول أيضاً "رؤية العيون خير من شهوة النفس هذا أيضاً باطل وقبض الريح"(4).
والقديس يوحنا الرسول جمع كل الشهوات فى ثلاثة فقال "لأن كل ما فى العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ليـس من الآب بل من العالم.
والعالم يمضى وشهوته وأما الذى يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد"(5).
والقديس بطرس الرسول يقول "أيها الأحباء أطلب إليكم كغرباء ونزلاء أن تمتنعوا عن الشهوات الجسدية التى تحارب النفس"(6).
ولهذا أراد المسيح له المجد أن يعلمنا ضبط النفس بالصوم .. وليس المقصود بالصوم الجسدى فقط لكن الصوم عموماً .. صوم الجسد وصوم النفس وصوم الروح أيضاً .. فلكل عنصر له شهواته .. وكل عنصر يجب أن تضبط شهواته .. وهناك أيضاً ضبط الفكر وضبط الأعصاب ...إلخ. وذلك لنكون على شبه الله وصورته كما خلقنا الله، وذكر ذلك فى سفر التكوين حيث قال "فخلق الله الإنسان
 (1)-(تك2: 7).            (2)-(تك14: 21).        (3)-(جا6: 7).
 (4)-(جا6: 9).            (5)-(1يو2: 16).        (6)-(1بط2: 11).
على صورته. على صورة الله خلقه"(1).    
 والشيطان استغل شهات الإنسان الطبيعية ليسقط الإنسان فيها .. فاستخدم شهوتين لدى الإنسان.

أولاً : شهوة الذات  
 وقال لحواء "أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شـجر الجنة. فقالت المرأة للحية من ثمر شجر الجنة نأكل. وأما ثمر الشجرة التى فى وسـط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمسـاه لئلا تموتا. فقالت الحية للمرأة لـن تموتا. بل الله عالم إنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونـان كالله عارفـين الخـير والشر"(2).
فالحية حاولت أن تقنع حواء أنها ستصير كالله ! وهذا نوع من الكبرياء .. كبرياء النفس.

ثانياً : شهوة الطعام
وهى شهوة طبيعية استغلها الشيطان للعصيان على الله، ويقول الكتاب "فرأت المرأة أن الشجرة شهية للنظر أخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضاً معها فأكل"(3)، وبالتالى سقط آدم وحواء فى خطية العصيان بعد أن شوقتها الحية فى أن الشجرة " شهية للنظر" أى (شهوة الطعام).

ولأجل أن تضبط نفسك فى كل شئ حاول تطبيق التدريبات الآتية :
1- ضبط النفس يحتاج إلى جهاد، وبولس الرسول يشبه هذا الجهاد بالذين يركضون فى الألعاب الرياضية فيقول "ألستم تعلمون أن الذين يركضون فى الميدان جميعهم يركضون ولكن واحداً يأخذ الجعالة(4) هكذا اركضوا لكى تنالوا. وكل من يجاهد يضبط نفسه فى كل شئ. أما أولئك فلكى يأخذوا إكليلاً يفنى وأما نحن فإكليلاً لا يفنى .. أقمع جسدى واستعبده حتى بعدما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسى مرفوضاً"(5).
 (1)-(تك1: 27).        (2)-(تك3: 1- 5).        (3)-(تك3: 6).
 (4)-الجائزة.        (5)-(1كو9: 24- 27).        
   2- ضبط النفس يحتاج إلى قوة إرادة وعندنا مثل يوسف الصديق الذى طلبت منه زوجة فوطيفار أن يفعل معها الشر فقال لها "كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله"(1).
   لم يخطئ يوسف مع هذه المرأة لأنه وضع الله أمامه كل حين لكى لا يخطئ إليه، وفى نفس الوقت كانت عنده قوة إرادة فلم يهتم بإغراء المرأة ولا بكثرة إلحاحها ولا بتهديدها !!
   3- من يضبط شفتيه يستطيع أن يضبط نفسه، لذلك قال سليمان الحكيم "كثرة الكلام لا تخلو من معصية أما الضابط شفتيه فعاقل"(2).
   4- اشترط بولس الرسول فى الأسقف أن يكون "باراً ورعاً ضابطاً لنفسه ملازماً للكلمة الصادقة التى بحسب التعليم لكى يكون قادراً أن يعظ بالتعليم الصحيح ويوبخ المناقضين"(3).
   5- يجب على الإنسان أن يضبط أعصابه حتى لا يثور لأتفه الأسباب وحتى لا يقوده ذلك إلى الغضب، والقديس يعقوب الرسول يقول "ليكن كل إنسان مسرعاً فى الاستماع مبطئاً فى التكلم مبطئاً فى الغضب لأن غضب الإنسان لا يصنع بر الله"(4).
   6- ضبط أفكار القلب تجعل الإنسان يضبط نفسه كما يقول سليمان الحكيم "فى قلب الإنسان أفكار كثيرة ولكن مشورة الرب هى تثبت"(5).
   فأفكار القلب قد تكون خطيرة على الإنسان نفسه، كما يقول أرميا النبى "لأننا نسعى وراء أفكارنا وكل واحد يعمل حسب عناد قلبه الردئ"(6).                    
   7- الامتلاء بالروح يضبط الإنسان عن أفكار شريرة كثيرة، لذلك بولس الرسول يقول لأهل أفسس "فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء. مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة. من أجـل ذلك لا تكونـوا أغبياء بل
 (1)-(تك39: 9).            (2)-(أم10: 19).        (3)-(تى1: 8، 9).
 (4)-(يع1: 19، 20).        (5)-(أم19: 21).        (6)-(أر18: 12).
فاهمين ما هى مشيئة الرب. ولا تسكروا بالخمر الذى فيه الخلاعـة بل امتلئوا بالروح. مكلمين بعضكم بعضاً بمزامير وتسـابيح وأغانى روحيـة مترنمـين ومرتلين فى قلوبكم للرب. شاكرين كل حين على كل شئ فى اسـم ربنا يسوع المسيح لله والآب. خاضعين بعضكم لبعض فى خوف الله"(1).
 8- من يأخذ خبرة سليمان الحكيم فى تفاهة شهوات العالم يتعلم منه .. فقد قال "أنا الجامعة كنت ملكاً على إسرائيل فى أورشـليم. ووجهت قلبى للسـؤال والتفتيش بالحكمة عن كل ما عمل تحت السموات هـو عناء ردئ جعلها الله لبنى البشر ليعنوا فيه. رأيت كل الاعمال التى عملت تحت الشـمس فإذا الكـل باطل وقبض الريح"(2).
ويقول أيضاً "عظمت عملى بنيت لنفسى بيوتاً غرست لنفسى كروماً. عملت لنفسى جنات وفراديس وغرست فيها أشجاراً من كل نـوع ثمر. ومهما اشتهته عيناى لم أمسكه عنهما لم أمنع قلبى من كل فرح لأن قلبى فرح بكل تعبى وهذا كان نصيبى من كل تعبى. ثم ألتفت أنا إلى كل أعمالى التى عملتها يـداى وإلى التعب الذى تعبته فى عمله فإذا الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس"(3).
9- إن انحراف الشهوات الطبيعية فى الإنسان تقوده إلى الهلاك، فمحبة المال "أصل لكل الشرور الذى إذا ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة"(4).
10- يقول القديس يعقوب الرسول "محبة العالم عداوة لله فمن أراد أن يكون محباً للعالم فقد صار عدواً لله .. قاوموا إبليـس فيهرب منكم اقتربوا إلى الله فيقترب إليكم اتضعوا قدام الرب فيرفعكم"(5).

 (1)-(أف5: 15- 21).        (2)-(جا1: 12- 14).    (3)-(جا2: 4- 11).
 (4)-(1تى6: 10).            (5)-(يع4: 4- 10).

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم