نِعْمَةُ القُمُّصِيَّةِ

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

القمص أثناسيوس فهمي جورج

كلمة إيغومانوس Ηγούμενουςتعني مدبراً ؛ أو كما يسميها كِتاب الرسامات ”الهادي“ و ”المرشد“، وهاتان صفتان لقائد السفينة ودليلها الذي ينال روح سلطة المعرفة بوداعة؛ والمحبة بصبر ؛ ليُرضي الله في كل عمل صالح ، ويكون مثلاً للذين تحت طاعته:-

١- ينذر الذين بلا ترتيب.

٢- يشجع صغار النفوس.
٣- يسند الضعفاء.

٤- يتأنى على الجميع.
٥- لا يجازي أحدًا.

٦- يتبع الخير مع الجميع.
٧- يصلي بلا انقطاع.

٨- يشكر على كل شيء.
٩- لا يطفئ الروح.

١٠- لا يحتقر النبوات.
١١ - يتمسك بالحسن.

١٢- يمتحن كل شيء.
١٣ - يمتنع عن كل شر.

١٤- يحمل أثقال الجميع.
١٥ - يكرز بالتعليم الصحيح.

١٦- يرتب العطايا والتدابير

لذلك لا تأتي نعمة التدبير إلا بتعضيد الروح الرئاسي ”بروح رئاسي عضدني“ ، هذا الروح يعضد فقط المساكين بالروح الخاضعين لمشيئة إلههم ، بجحدهم مشيئتهم الذاتية وإنكارها ، فيظهر فيهم وبهم تدبير المدبر الذي حمل الرئاسة على كتفيه بالصليب... وكل مَن يصير قمصًا ”إيغومانوسًا“ أي مدبرًا ، يرفض الراحة والرخاوة في عمل الملكوت ؛ وعندئذٍ يكون قد صار إيغومانوسًا عند القديسين والملائكة ، مكملاً خدمته بضبط النفس وانسحاق الخادم المريح لرعيته وأبنائه ، ليكون بذلك قد صار شريكًا في نصيب الابن الوحيد؛ رئيس آباء مثل رؤساء الآباء.

نَعَمْ إنها درجة من درجات المجد الحقيقي ؛ لذلك قال معلمنا بولس ”المُدَبِّرُونَ حَسَنًا فَلْيُحْسَبوا أَهْلاً لِكَرَامَةٍ مُضَاعَفَةٍ“ (١تي ٥ : ١٧) ، وهي معطاة لكل من لا يرفع عقله وفكره فوق تدابير الله ، محترساً من لدغات الحية ؛ والتذمر ومن أصوات الغرباء المقلقة للروح ؛ حتى لا يفقد اختياره الحر في طقس الذبيحة وخدمة الفقر المجيد ، مكملاً مع الابن الوحيد طقس طاعته ؛ كما سُر هو بالحزن ليأتي بأبناء كثيرين إلى المجد ، ملتزمًا بشكل خدمته ؛ ليكون طقسها مثل جوهرها كما تسلمناه ، استرضاءًا للروح القدس الفاعل في سِرّنا وكهنوتنا ؛ لأنه هو عزاؤنا الوحيد بالفهم والمشورة والمعرفة والنصح والتبكيت والحرية ، التي ترنّ في حياتنا كأرغن سماوي ينقل أصداء ليتورجيا الرؤيا السماوية وغسل الأرجل منذ تأسيس سر خميس العهد .

صلواتنا الشخصية والسرية هي طقس الطريق وقوته ؛ التي تُلهمنا لندقق ونفتش ونراجع أنفسنا حتى لا ننساها ، ونرصد حركاتها ليكون خلاصنا نُصْبَ عيوننا فوق كل اعتبار ، فتكون عملنا قبل كل عمل ، إذ أن تقديسنا الشخصي هو أيقونتنا ، وبه نخدم أكثر من كل برهان كلام ؛ لأن دعوتنا الذبيحية للعبور مفتوحة كل حين بإستعدادنا لخدمة المذبح. ونحن مطالبون بدخول بستان معصرتنا في جثسيماني وجلجثة قسمتنا الشرطونية ؛ القادرة أن تغير المجازاة والمقادير وقضاء المحاكمة. فلهذا فقط رُسِمْنا كهنة عنده ، ولهذا فقط نحن موضوعون برسم الحمل السالم ولا بديل... محاصَرين للعمل الذي وُضعت علينا الأيادي من أجله ، وهو مدينة ملجأنا ومعصرتنا ؛ حتى يشفق الله على شعبه وعلى خدام المذبح المقامين كحراس لأسوار أورشليم ، حارسينها في نوبات السواعي الليلية والنهارية من دون انشغال ولا غفلة كالأجراء .

المسيح أولنا وآخرنا ؛ وهو لنا الأول والآخر ، ولحظات عزائه تساوي أتعاب هذا الدهر كله.. لذلك لا ننشغل بكرامات رخيصة مغرورة ، ولا بالآلام والمضايقات ؛ لأنها هي عُمْلةُ التعامل هنا ، وهي التي تضفر لنا الإكليل لبلوغ القصد السعيد ، الذي من أجله تم تكريسنا وتعهدنا به. أما جرس الكنيسة فهو منذرنا ؛ وكأنه صاحب الديْن ؛ ينادينا لندفع ما علينا ونُوفِي نذورنا بلا عثرة ولا توانٍ ، متجهين إلى ما هو قدام ”لا تردّنا إلى خلف“ حيث ربنا هو قسمتنا ونصيب حظنا مع كل سبط لاوي الذي بدأ ولن ينتهي.

تمسُّكنا بكرامة الدعوة الكهنوتية التي أدخلنا فيها المسيح مجانًا ، تستلزم أن نقدم له مشورات حريتنا ؛ وأن نكتب أعمالنا تبعًا لأقواله ”أقوالنا مطابقة لأفعالنا“ ، وهو الذي أعطانا خدمة عظيمة ومملوءة سرًا ، كل من يستهزئ بها ولا يعيشها ؛ يصير مثل عيسو الذي باع بكوريته بأكلةٍ... هكذا من يتثقل أو يتباطأ أو يعمل عمل الله بيدٍ مرتخية أو يسعَى لأي ربح قبيح ؛ متسلطًا على الأنصبة ، يكون مخالفًا لطقس وقانون الكنيسة ، الذي كل من يلتزمها ؛ تحل عليه بركتها وهباتها الغنية.

كهنوتنا معمول ليكون إكرامًا ومجدًا للثالوث القدوس ؛ ولبنيان كنيسة الله الواحدة، وليس لإرضاء أحد ؛ لكنه مفتوح على السيد الرب الإله الضابط الكل لا على الناس ، ولا لإسترضاء اللحم والدم ؛ بل لاسترضاء وجه رئيس كهنة الخيرات العتيدة ، الذي يدخر أعمال السيرة كعُملات سماوية ورصيد محفوظ في سجل التذكرة مع كل الفعلة الأمناء. أمّا من يهمل ؛ فمصيره أن يشرب من عُكارة كأس الاعتداد بالذات ؛ وخسارة الزيغان لمسافة طويلة في محظورات الخطايا.
والكاهن الحق لا يرخي النظر عن كاهننا الأوحد ؛ ليجدد ويغيِّر صورتنا كصورته؛ لأنه هو فاحص الخفايا وحده ؛ ولا شيء غير ظاهر قدامه. وإن كان كاهنه يخدمه وهو غير مستعد ولا مستحق ولا مستوجب لهذه الخدمة ، وليس له وجه أن يقف أمام جلاله ، فمِنْ عنده معونة الخيرات الكاملة. كهنته يُعِيروه أياديهم ليحملوا كنوز أدويته ، بمقام حضوره ؛ طالبين منه أن لا يمقتهم ولا يصرف وجهه عنهم ، بل لتهرب عنهم سيئاتهم في هذه الساعة ؛ وكل ساعات حياتهم ، غاسلهم من الدنس ومطهرهم بالكمال ؛ بقوة يمينه غير المرئية ، فلا يخدموا أسراره للدينونة بل بقوته العليا؛ ليكملوها ذكية سمائية ، منعمًا عليهم بعقل وقوة وفهم ليهربوا إلى التمام من كل أمر رديء ومُضاد ، ومن كل ملاقاة الهراطقة والأشرار ، صانعين مرضاته كل حين.

ويذكر كتاب التقليد الرسولي أن محتوى صلوات الرسامات تختمنا ، عندما يطَّلع الله على عبيده ويملأهم من روح نعمة المشورة ومن حكمته ؛ ليخدموا في وحدانية القلب ، ويملأهم من أعمال الشفاء ؛ مكملين أعمال الكهنوت على الشعب ، كخدام للمذبح ، ويصيروا في قُمُّصية الأبوّة والتدبير الحسن ، مَرْكَبًا روحيًا يحمل البركات إلى ميناء الخلاص ، معلمين روحانيين نورانيين ، يرفعون المتعلمين إلى درجات الاختصاص ؛ ويستحقوا الأجر المتضاعف ؛ ويسبُغ عليهم الرب الخير المترادف.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

تم التطوير بواسطة شركة ايجى مى دوت كوم
تصميم مواقع مصر - ايجى مى دوت كوم